خاص : كتبت – هانم التمساح :
استمرار الخلافات بين الكتل السياسية الشيعية في “العراق” والعجز الواضح عن حلها، دفع إلى الحديث مجددًا عن إعادة إحياء “التحالف الوطني”، الذي كان يضم القوى والأحزاب الشيعية من أجل الخروج من مأزق تكليف رئيسًا للحكومة.. خاصة وأن القوى الأخرى، ومنها السُنية، لم تعترض من حيث المبدأ على أي مرشح تختاره الكتل الشيعية، لكن وفق إشتراطات ومطالب “مغلفة” بالكفاءة والمهنية..
فشل محاولات التوافق وسط سلسلة أزماتّ..
وبعد محاولات عدة واجتماعات سرية ومعلنة؛ أقرت القوى الشيعية المختلفة، بصعوبة التوافق على مرشح جديد لرئاسة الوزراء في المرحلة الانتقالية المقبلة، وبالتالي إخفاقها في حل الأزمة السياسية الخانقة التي وضعت نفسها فيها.
يأتي ذلك بالتزامن مع الأزمة المالية الكبيرة التي تُهدد الاقتصاد العراقي بالإنهيار بسبب الهبوط المفاجيء لأسعار “النفط”، والأزمة النفسية والقلق في الشارع العراقي بسبب انتشار فيروس “كورونا” وإنعدام الثقة بين الحكومة والمواطنين بصدد الإجراءات المُتخذة حيال ذلك.
بالإضافة إلى الأزمة الجديدة الناشئة عن إنفلات السلاح؛ وتحول “العراق” إلى ساحة حرب حقيقية بين “الولايات المتحدة” والميليشيات الموالية لـ”إيران”.
وعزت هذه القوى ذلك الإخفاق إلى تمسك كل الأطراف بمطالبها وإملاءاتها وبحثها عن رئيس وزراء وفق مقاساتها الخاصة.. رغم الظروف الصعبة الناجمة عن الأزمة الاقتصادية؛ نتيجة إنهيار أسعار “النفط”، وكذلك الأزمة الصحية بسبب مرض “كورونا”.
توقف المباحثات.. ولجنة سباعية..
وفي وقت كنا ننتظر فيه تقديم تنازلات من مختلف القوى، لكننا وجدنا على العكس عنادًا من أجل الحصول على المناصب والمنافع، ويبدو أن الاجتماعات والمباحثات بين الكتل أصبحت شبه معطّلة بسبب المأزق السياسي الذي وضعت الكتل نفسها فيه، رغم أن عملية تشكيل الحكومة قد تأخرت كثيرًا.
وربما ستكون الأيام المقبلة عصيبة على العراقيين، على مختلف الأصعدة، لا سيما الموقف السياسي، فإن عدنا إلى المحاصصة مجددًا سنبقى على نفس المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتفشي ظاهرة الفساد وهدر المال العام.
وقال النائب، “عامر الفايز”، في تصريحات صحافية: “إن الاختلاف في وجهات النظر بين القوى التي وصلت إلى مرحلة العناد على خلفية عدم تأييد حكومة، محمد توفيق علاوي، هو ما دفعها إلى تشكيل لجنة سباعية لحسم كل هذه الخلافات”، مبينًا: أن “التدخل الإيراني كان له دورًا كبيرًا في لملمة البيت الشيعي”.
إعادة التحالف الوطني..
إنغلاق الأفق وحالة الإنسداد السياسي مع العناد والبحث عن المصالح الخاصة؛ جعلت القوى السياسية تُعيد التفكير في استعادة “التحالف الوطني” من خزينة ذكرياتها القديمة.
فقد أكد النائب عن تحالف (الفتح)، “حنين قدو”: أن “من الضروري جدًا إعادة إحياء التحالف الوطني مرة أخرى من أجل تمشية بعض المواقف والقرارات والمشاريع المهمة”، مبينًا: “أن التشدد والتمزق قد أضعفا الكتل الشيعية خلال الفترات الماضية”.
وأشار بهذا الخصوص إلى: “إن كل التحالفات السابقة؛ تحالفات هشة مصلحية سعت للحصول على مكاسب سياسية، ولم تكن مبنية على رؤى وأهداف إستراتيجية”.
القوى السُنية : الكرة في ملعب القوى الشيعية !
وعلى الجانب الآخر؛ تتنصل القوى السُنية من الأزمة السياسية الحالية، التي وصل إليها “العراق”، ملقية كامل المسؤولية على الكتل الشيعية. فقد حدد تحالف (القوى العراقية)، بزعامة رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، موقفه إزاء مباحثات الكتل لاختيار رئيس وزراء، مؤكدًا دعمه لأية شخصية تُرشح لرئاسة الحكومة؛ شرط أن تتصف بالنزاهة والمهنية.
وأكد عضو التحالف، “صباح الكربولي”: “أن موضوع حسم رئاسة الوزراء راجع للقوى الشيعية، وليس للكتل الأخرى دخل بذلك لكون هذا المنصب من حصة المكون الشيعي”.
وأضاف: “أن المرحلة القادمة تتطلب اختيار رئيس وزراء نزيه وعملي وقوي يستطيع أن يقود البلد في ظل الأزمات الراهنة”، مشيرًا إلى أن: “تحالف القوى سيدعم أي مرشح يتصف بالمهنية والنزاهة ولديه تجارب سياسية ناجحة”.
وبطبيعة الحال ليس لتحالف “الحلبوسي” أن يُقر بأن رئيس الوزراء من حصة الشيعة، دون أن تكون له مطالب مقابل ذلك لا تتعلق بالنزاهة والمهنية.. وهذه هي “المحاصصة” بعينها، التي تُقر جميع الكتل، ومن ضمنها الشيعية والسُنية، بأنها سبب البلاء والخراب، والتي ترفضها التظاهرات الشعبية التي إنطلقت في شوارع “العراق”؛ وكان شرارتها الشيعة أنفسهم، ضد فساد الحكومة وكافة مؤسسات الدولة بما فيها البرلمان.
ما هو “التحالف الوطني” العراقي ؟
و”التحالف الوطني” الشيعي؛ أو ما يطلق عليه أيضًا “الائتلاف الوطني العراقي”، هو تحالف سياسي عراقي أعلن عن تشكيله رئيس الوزراء الأسبق، “إبراهيم الجعفري”، في 24 آب/أغسطس 2009، وخاض الانتخابات البرلمانية العراقية، 2010 و2014.
ويُعتبر “التحالف الوطني” مكملًا لـ”الائتلاف العراقي الموحد”، الذي كان يضم معظم التيارات الشيعية في البلاد. ويضم كلًا من (ائتلاف دولة القانون)، بزعامة “نوري المالكي”، و(تيار الحكمة)، بزعامة “عمار الحكيم”، و(المجلس الإسلامي الأعلى)، بزعامة “همام حمودي”، وحزب (الإصلاح)، بزعامة “الجعفري”، و(التيار الصدري)، بزعامة “مقتدى الصدر”، و(منظمة بدر)، بزعامة “هادي العامري”، وحزب (الفضيلة) وكتلة مستقلون، بالإضافة إلى شخصيات أخرى.
وأعلن “الجعفري”، خلال مؤتمره الصحافي، حينها، أن التجمع الجديد ينبذ الطائفية، مع أن الغالبية العظمى من أعضائه “شيعة” !
ولا يتوقع الشارع العراقي أي إنجاز من عودة التحالف، خاصة وأن مكونات هذا التحالف هي ذاتها الكتل والأحزاب التي أفسدت الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بـ”العراق”، وهي ذاتها التي خرجت ضدها التظاهرات الشعبية؛ وهي ذاتها التي فشلت في التوافق على تسمية رئيسًا للوزراء، ما يعني أن مجموع الأصفار لا يساوي إلا “صفر”، وما يحدث ما هو إلا تغيير للمسميات فقط.