25 أبريل، 2024 7:38 ص
Search
Close this search box.

إطلاق سراح القس الأميركي .. “صفقة” صبت في المصلحة الأميركية فماذا ستأخذ “تركيا” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد مرور أكثر من عامين على احتجازه في “تركيا”، على خلفية اتهامات بممارسة أنشطة مرتبطة بالإرهاب، عاد القس الأميركي، “أندرو برانسون”، إلى بلاده؛ حيث استقبله الرئيس، “دونالد ترامب”، الذي أشار إلى إنفراجة في الأزمة الدبلوماسية مع “أنقرة” على خلفية هذه القضية.

وحكمت محكمة تركية على القس المحتجز بثلاث سنوات وشهر واحد، لكن مع احتساب المدة التي قضاها بالسجن والإقامة الجبرية خلال محاكمته، قررت المحكمة إطلاق سراحه.

جلسة المحاكمة، الجمعة الماضي، شهدت تغيير بعض الشهود في القضية ضد القس الأميركي لشهادتهم، وقبل ذلك شهدت المحاكمة أيضًا تغيير المدعي العام الذي كان مسؤولًا عن التحقيق مع القس الأميركي.

ولم تتوقف الشكوك والتساؤلات حول كيفية الإفراج عن القس الأميركي، ولم يتوقف الطرفان عن نفي  وجود أي صفقات تمت بينهما بسبب ما يتداول في وسائل الإعلام، فنفى “ترامب”، في تغريدة، وجود صفقة مع “تركيا” من أجل إطلاق سراح “برانسون” وعودته، مشددًا على أنه “لا يبرم الصفقات من أجل الرهائن”. بيد أنه في المقابل أشاد بقرار القضاء التركي الإفراج عن “برانسون”، قائلاً: إنه “سيؤدي إلى قيام علاقات جيدة؛ وحتى ممتازة بين الولايات المتحدة وتركيا”.

القرار اتخذ من قضاء مستقل..

ومن جهته؛ قال الرئيس التركي لـ”ترامب” إن قرار المحكمة إطلاق سراح القس الأميركي اتخذ “باستقلالية”.

وكتب “إردوغان”، على (تويتر): “السيد الرئيس دونالد ترامب، تماشيًا مع ما قلته على الدوام، لقد اتُّخذ القرار القضائي التركي باستقلالية”.

وتابع “إردوغان”؛ قائلاً: “آمل أن يتواصل التعاون بين الولايات المتحدة وتركيا بما يليق بحليفين”. كذلك دعا إلى “نضال مشترك” ضد الجماعات الإرهابية. وقال “إردوغان” إن من بين هذه الجماعات “حزب العمال الكُردستاني” و”تنظيم الدولة الإسلامية” وجماعة الداعية التركي، “فتح الله غولن”.

صفقة “أميركية-تركية”..

وكانت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ قد نشرت، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، عن وجود صفقة تُعقد بين “واشنطن” و”أنقرة” قد تسمح بالإفراج عن القس الأميركي المعتقل في تركيا، “أندرو برونسون”، خلال أيام قليلة قادمة.

وحسب المعلومات التي توفرت لدى الصحيفة الأميركية؛ تشمل الصفقة رفع “العقوبات الأميركية” المفروضة على “تركيا”، مقابل أن يتضمن الحكم على القس بالحبس فترة عقوبة تساوي المدة التي قضاها في السجن، أو السماح بأن يقضي جزءًا من مدة العقوبة بموجب الحكم في “الولايات المتحدة”.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن “الصفقة” تمت مناقشتها بين زعيمي البلدين، رئيس الولايات المتحدة، “دونالد ترامب”، والرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، وذلك على هامش أعمال “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، الشهر الماضي، وبموجب هذه الصفقة يُسمح بـ”الإفراج عن برونسون، الجمعة، أو في الأيام القريبة المقبلة”، حسب مسؤولين أميركيين طلبوا عدم الإفصاح عن أسمائهم.

ورسميًّا صرّحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، “هيذر ناورت”، عن عدم علمها بأي “صفقة” بشأن الإفراج عن القس “برونسون”، ومن جانب آخر أبدى المسؤولون تفاؤلاً حذرًا بشأن “الصفقة”، وجدير بالذكر أن “الصفقة” السابقة لم تنجح وانهارت، الصيف الماضي، وتبادل على إثرها الطرفان الاتهامات بخطوات غير مناسبة.

ويُذكر أن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، قد أعرب في وقت سابق، عن أمله بالإفراج عن القسّ، “برونسون”، قريبًا، المحتجز في “تركيا” منذ عامين بتهمة الإرهاب ودعم محاولة الانقلاب العسكري عام 2016 في “تركيا”، معتبرًا أن ذلك سيسهم في تطبيع العلاقات بين البلدين.

تركيا تنتظر رد المقابل..

و ردًا على إفراج “تركيا” عن القس، “أندرو برانسون”، رجحت صحيفة (نيويورك تايمز) احتمال إطلاق السلطات الأميركية سراح “هاكان أتيلا”، النائب السابق لمدير مصرف (خلق بنك) التركي.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أنه، في حزيران/يوليو الماضي، كانت “واشنطن” و”أنقرة” قاب قوسين أو أدنى من عقد صفقة إطلاق سراح متبادلة ومتزامنة لـ”برانسون” و”أتيلا”، لكن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أفشلها عندما طالب بضمانات بعدم تعرض “تركيا” مستقبلاً لأي ملاحقة بسبب إنتهاك “العقوبات الأميركية” المفروضة على “إيران”.

ويبدو أن الإفراج عن “أتيلا”، الذي اعتقل في “الولايات المتحدة” عام 2017؛ وأدين بتهمة إنتهاك الحظر الأميركي ضد “إيران”، يمثل سقفًا لما يمكن أن تتوقعه “أنقرة” مقابل إطلاق سراح “برانسون”، بعد أن رفضت “واشنطن” الاستجابة لاقتراحات تركية استبدال الأخير برجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة، “فتح الله غولن”، الذي يعتبره “إردوغان” أخطر خصم له.

كما تأمل “أنقرة” في رفع الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في آب/أغسطس 2018، وسط تفاقم الأزمة بين البلدين على خلفية قضية القس.

تغيير موقف واشنطن في سوريا..

إضافة إلى ذلك، ربما تعوّل “تركيا” على أن يزيد الإفراج عن “برانسون” موقف “واشنطن” ليونة في ما يتعلق باللعبة التركية في الشمال السوري، ومنطقة “منبج” بالتحديد، ولاسيما في ظل تقارب حذر شهدته العلاقات بين الطرفين مؤخرًا، عززه اختفاء الصحافي السعودي، “جمال خاشقجي”، في قنصلية بلاده في “إسطنبول”؛ بعد أن دخل بابها في الثاني من الشهر الحالي.

زيادة الأطماع الأميركية..

وبعد الإفراج عن القس الأميركي؛ زادت الأطماع الأميركية، فطالب “بومبيو”، أنقرة، بـ”الإفراج سريعًا” عن بقيّة الأميركيين المحتجزين لديها، وكذلك أيضًا عن أتراك يعملون في بعثات دبلوماسية أميركية في “تركيا”.

وأضاف الوزير الأميركي: “هذا يوم عظيم لأميركا !.. مواطن آخر يتم الإفراج عنه. ينبغي على العالم أن يعي أن رئيس الولايات المتحدة ووزارة الخارجية الأميركية سيواصلان العمل بكدّ في سبيل أن يعود إلى ديارهم كل الرهائن الأميركيين وأولئك المسجونين والمعتقلين بغير وجه حق”.

وتطالب “واشنطن”، أنقرة، بالإفراج خصوصًا عن “سركان غولغ”، الذي يحمل الجنسيتين التركية والأميركية، ويعمل عالمًا في وكالة الفضاء الأميركية، (ناسا)، الذي حكمت عليه محكمة تركية في شباط/فبراير الماضي؛ بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف بتهمة الإرهاب قبل أن يتم تخفيض العقوبة في أيلول/سبتمبر الماضي إلى السجن لمدة خمس سنوات.

وتحتجز السلطات التركية موظفين تركيّين يعملان في بعثتين دبلوماسيتين أميركيتين في “تركيا”، أحدهما موظف في القنصلية الأميركية في “أضنة” يدعى، “حكزة أولوكاي”، وقد رفضت محكمة، الجمعة، طلبًا تقدّم به لإطلاق سراحه.

القضاء ليس مستقلاً..

وانتقد رئيس “حزب السعادة الإسلامي” في تركيا، “تمل قره مولا أغلو”، إطلاق سراح القس الأميركي، “أندرو برونسون”، رغم زعم الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أن له علاقة بانقلاب 2016 الفاشل.

وقال رئيس “حزب السعادة”، في تغريدة على (تويتر): “إذا كان هناك شهود يغيرون تصريحاتهم لأسباب واهية في حق قِس أميركي؛ ساوم إردوغان بشأنه قائلاً لأميركا: (سلموا لنا القس نعطكم القس)، ويتم إطلاق سراحه، فهذا يعني أن القضاء ليس مستقلاً”. مضيفًا: “رغم ذلك فإن إردوغان سوف يقدم ذلك على الرأي العام؛ على أنه نجاح من نجاحاته بواسطة إعلامه”.

وأضاف “قره مولا أوغلو” قائلاً: “كان إردوغان يذكر الرأي العام بين الفينة والأخرى على مدار شهور بواسطة إعلامه، أن القس الأميركي – أندرو برونسون – هو العقل المدبر للانقلاب، بالإضافة إلى تقديمه على أنه هو السبب في تقلب الأوضاع الاقتصادية للبلاد، أما في نهاية المطاف لقد أركبتم القس طائرته وشيعتموه إلى بلده”.

فقدت كل أوراق الضغط..

من جانبه؛ يرى “كرم سعيد”، الباحث في الشؤون التركية بـ”مركز الأهرام للدراسات السياسية”، إن “تركيا” فقدت كل أوراق الضغط التي لديها على “أميركا”، موضحًا أن ما حدث هو إفراج سياسي بإمتياز ولا دخل للقضاء التركي فيه، وأن القضاء التركي أخذ المظهر القانوني حتى لا يظهر بمظهر لا يليق.

وأكد أن الإفراج كان سيتم عاجلًا أم آجلًا؛ لأن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، مارس العديد من الضغوط على “تركيا”.

انتصار دبلوماسي لـ”ترامب”..

من جانبها؛ قالت وكالة (الأسوشيتد برس) إن الإفراج عن القس الأميركي، انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا لـ”ترامب”، الذي يعول على دعم المسيحيين الإنجلييين للمرشحين الجمهوريين في “انتخابات الكونغرس”، تشرين ثان/نوفمبر المقبل.

وأشارت الوكالة الأميركية إلى أن آلاف المؤيدين لـ”ترامب” تجمعوا، مساء الجمعة الماضي، مهللين له عندما أعلن إطلاق سراح “برانسون”، وقال “ترامب” في حشد انتخابي في “أوهايو”: “فخورًا أن أعلن أننا استطعنا، صباح اليوم، تأمين إطلاق سراح القس أندرو برانسون من تركيا”.

وفرض الرئيس الأميركي عقوبات اقتصادية على “تركيا” خلال الأشهر الماضية بسبب احتجازها القس “برانسون”، على إثر مزاعم بالتآمر مع رجل الدين المعارض، “فتح الله غولن”، للإطاحة بـ”إردوغان” من الحكم في حزيران/يوليو 2016، وشهدت العملة التركية إنهيارًا منذ أن فرضت “واشنطن” تعريفات جمركية كبيرة على بضائعها.

واستغل “ترامب” الإفراج عن “برانسون” لتذكير الحشد بالأميركيين المعتقلين الآخرين الذين استعادوا حريتهم تحت قيادته، ومن بين هؤلاء ثلاثة أميركيين أطلق سراحهم هذا العام من قِبل “كوريا الشمالية”، قبل اجتماعه التاريخي مع الزعيم الكوري الشمالي، “كيم جونغ-أون”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب