إسرائيل وإيران .. هل ينجح الشعبان فيما فشلت فيه القيادتان !

إسرائيل وإيران .. هل ينجح الشعبان فيما فشلت فيه القيادتان !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

نشر موقع (دافار ريشون) العبري مقالاً للكاتبين، “غبرئيل ميتشل” و”ألكس فتنكا”، تناولا فيه إمكانية إجراء حوار بين جهات إسرائيلية وإيرانية غير رسمية؛ بهدف إزالة التوتر بين البلدين.

ورأى الكاتبان أنه لا مانع أن تخطب “إسرائيل” ود الشعب الإيراني، لكن يُستحسن أن يكون ذلك عبر جهات غير رسمية، إذ يُمكن لمواطني البلدين أخذ زمام المبادرة لإقامة حوار بينهما.

قنوات للحوار..

يقول الكاتبان الإسرائيليان إنه منذ “الثورة الإيرانية”، عام 1979، كانت “الولايات المتحدة” و”إسرائيل”، ولا تزالان، من ألد أعداء النظام الإيراني. ولكن من المفاجيء والمثير للدهشة – رغم ما تشهده السنوات الأخيرة، من عداء متزايد بلغ حد الصدام العسكري بين “إسرائيل” و”إيران” – أن هناك قنوات جديدة للتواصل بدأت تنفتح على مصراعيها بين الإسرائيليين والإيرانيين، مما يتيح لأطراف غير رسمية من كلا البلدين التحاور والتعارف فيما بينهما، والبحث عن سُبل للتفاهم.

أساليب الضغط على إيران..

لقد إزدادت احتمالات نشوب مواجهة عسكرية بين “إسرائيل” و”إيران”، منذ بدء الحرب في “سوريا”، واعتبرت “إسرائيل” أن ترسيخ الوجود الإيراني في “سوريا” يُعد أمرًا مرفوضًا تمامًا بالنسبة لها، لذا فإنها تتخذ إجراءات عسكرية للتأكيد على ذلك.

لكن “إسرائيل”، في الوقت نفسه، لا تريد توسيع المواجهة العسكرية، وحتى لا يحدث ذلك فإنها تتبع تكتيكين غير عسكريين للضغط على “إيران”.

التفاوض مع روسيا..

التكتيك الأول يتمثل في إجراء مفاوضات سياسية مع “روسيا”، حيث لم يعُد لإسرائيل مُتسع من الخيارات، فبعد أن قامت روسيا بنشر أنظمة الدفاع الجوي من طراز (S-300) في سوريا، اضطرت الدولة العبرية للبحث عن آلية تُتيح لطائرتها مواصلة التحليق فوق المجال الجوي السوري دون الإضرار بمصالح موسكو. ويبدو أن التوترات بين إسرائيل وإيران لم تضر كثيرًا بتلك الآلية. والدليل على ذلك هو التقدُم الذي تشهده المفاوضات بين إسرائيل وروسيا؛ حول ضرورة انسحاب القوات الموالية لإيران من جنوب سوريا.

توجيه الرسائل للشعب الإيراني..

أما التكتيك الثاني، والأكثر إثارة للدهشة، فيتمثل في المساعي الإسرائيلية لخطب ود الشعب الإيراني. وهناك العديد من مقاطع الفيديو المُوجهة للشعب الإيراني، تم بثها مؤخرًا على شبكات التواصل الاجتماعي، وفيها طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، من الإيرانيين أن يفكروا  في الاستعانة بالتكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية للحد من آثار الجفاف وتداعياته، كما عبر عن أمله في أن يأتي اليوم الذي يمكن أن يتنافس فيه منتخبا “إيران” و”إسرائيل” لكرة القدم، ووجه “نتانياهو” التحية للمتظاهرين الإيرانيين الذين انتقدوا قرار قيادتهم بتخصيص جزء من أموال الدولة للإنفاق على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط.

اللعب على وتر الشعب الإيراني..

يبدو من خلال مقاطع الفيديو المذكورة أن الحكومة الإسرائيلية قد أدركت أن أفضل وسيلة لممارسة الضغط على الحكام في طهران هي إثارة الشعب الإيراني. والفكرة بسيطة للغاية؛ وهي إجبار النظام على أن يبرر للشعب الهدف من سياسته التي يتبعها لإشعال الفتن والحروب في المنطقة، وكذلك إجبار الإيرانيين على السؤال عن الثمن الذي عليهم أن يدفعوه لتحقيق ذلك الهدف الإيديولوجي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لم يسبق لأي زعيم إسرائيلي أن سلك هذا النهج، لكن “نتانياهو” بات يدرك بالتأكيد حساسية هذه الخطوة.

توقيت حرج !

بحسب المقال العبري، فإن توقيت توجيه الرسائل للشعب الإيراني لم يكن من قبيل الصدفة، لأن إيران لا تتعرض فقط لضغوط دولية لإعادة النظر في أجندتها الإقليمية، بل هناك أيضًا غضب متزايد داخل إيران حول الفصل المطلق بين أولويات النظام وبين الوضع الاقتصادي للشعب. وهناك هتاف أصبح يتردد باستمرار في الآونة الأخيرة على ألسنة المتظاهرين في المدن الإيرانية؛ وهو “دعك من الفلسطينيين، واهتم بأمر الإيرانيين”.

أهمية الحوار الشعبي..

يرى الكاتبان أن الرسالة التي يوجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي للشعب الإيراني لا يمكن أن تكون أكثر دقة، ومن ناحية أخرى فإن “نتانياهو” ليس هو الشخصية الجديرة بتوجيه تلك الرسالة. فبدلاً من ترك الساحة لـ”نتانياهو”، الذي لا يحظى بالقبول لدى الشعب الإيراني، ينبغي على الإسرائيليين إغتنام الفرصة لبدء إجراء حوار مباشر وغير رسمي مع الشعب الإيراني.

ويجب على الإيرانيين كذلك؛ أن يكونوا مستعدين للإستجابة لنظرائهم الإسرائيليين من أجل إجراء حوار جاد حول كيفية رؤيتهم للمستقبل.

ولقد حدث مثل هذا الحوار المباشر مؤخرًا في واشنطن، وضم مجموعة من الباحثين الإسرائيليين والإيرانيين – (بما فيهم كاتبي هذا المقال) – المقيمين في الولايات المتحدة.

وبحث المتحاورون ما إذا كان الاتفاق النووي مع إيران قد أتاح الفرصة لتخفيف حدة التوترات بين إسرائيل وإيران، وما هي الآليات التي يمكن أن تخدم هذا الغرض في المستقبل. وعلى الرغم من أن المشاركين في الحوار قد استبعدوا إمكانية إجراء مفاوضات مباشرة بين المسؤولين الإسرائيليين والإيرانيين في الوقت القريب، إلا أن كثيرين منهم يرون أن الاتفاقية النووية قد خلقت فرصة جيدة للحوار بين الشعبين، خاصة إذا جرى ذلك الحوار بالتنسيق بين الجاليات الإسرائيلية والإيرانية في الشتات.

السياسة الإسرائيلية خلقت مشاعر سلبية..

أوضح الإيرانيون، الذين شاركوا في الحوار، أنه على الرغم من معارضة أبناء شعبهم لما تقوم به حكومتهم في “سوريا” و”قطاع غزة”، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود مشاعر قوية لمعاداة “إسرائيل” والسامية بين أبناء شعبهم. فسياسة “إسرائيل” تجاه الفلسطينيين، خلال العقود الأخيرة، عززت لدى الإيرانيين مشاعر سلبية تجاه إسرائيل.

وصحيح أن هناك أيضًا أصوات معتدلة داخل إيران، تدرك أن العداء لإسرائيل لا يخدم المصالح الإيرانية، لكن أصحاب تلك الأصوات لا يقودون حراكًا شعبيًا لتوضيح تلك الفكرة.

لا أمل في حُكام البلدين..

يرى الكاتبان وجوب مراعاة العلاقات الثقافية والمدنية بين الشعبين، رغم عدم قدرتها في المرحلة الحالية على رأب الصدع الناجم عن الخلافات السياسية بين الحكومتين. فتلك العلاقات الثقافية والمدنية كفيلة بزيادة التعارف والتفاهم بين الأطراف من الجانبين.

كذلك؛ فإن النشاط عبر شبكات التواصل الاجتماعي – على غرار حملة “إسرائيل تحب إيران”، التي تنطلق باللغة العبرية والإنكليزية والفارسية – يمكن أن يصل إلى الجماهير العريضة فيُحيي لديهم آمال وأحلام الشعبين. وبمثل تلك المساعي، يمكن للجاليات الإيرانية والإسرائيلية أن تلعب دورًا هامًا في إقامة علاقات مهمة للتواصل، تكاد تكون غير موجودة اليوم.

وقبل كل شيء؛ يجب على الإسرائيليين والإيرانيين أن يكونوا مدركين لخطر التدهور العسكري نتيجة لسلوك قياداتهم. وطالما ظل المرشد الأعلى في إيران، “علي خامنئي”، في السلطة، فلن يكون هناك أي تحول ملموس في العلاقات الإيرانية الإسرائيلية. كما أنه من غير الوارد أن تتوقّف إيران عن دعم أنظمة مثل “حزب الله”، خلال السنوات القليلة القادمة.

وعلى الجانب الآخر؛ فلن تشهد إسرائيل قريبًا أي تحول سياسي. لذا فبدلاً من انتظار أن يتحرك قادة البلدين تجاه بعضهما البعض بشكل أكثر عقلانية، يمكن للمواطنين الإسرائيليين والإيرانيين أخذ زمام المبادرة، والسعي قدر الإمكان لتعزيز الحوار بينهما، من أجل إبعاد شبح الحرب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة