8 أبريل، 2024 4:05 م
Search
Close this search box.

إسرائيل ما بعد “الفيتو” .. هل تسّير بمفردها دون حاجتها لأميركا ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

تتوالى التحليلات يومًا بعد يوم على الوضع الحالي لـ”إسرائيل” في ظل مأزقها بعد رفض “واشنطن” استخدام (الفيتو) ضد قرار وقف إطلاق النار على “غزة”.

فيقول الكاتب الإسرائيلي؛ “يعقوب بيري”، إن القيادة الإسرائيلية، أوصلت البلاد إلى الوضع الحالي، مشّددًا على ضرورة التعمق أكثر ودراسة الأسباب الحقيقة التي تسّببت في الفشل الذي أصاب جزءًا كبيرًا من المؤسسات الحكومية.

وقال “بيري”؛ في مقال (معاريف) الإسرائيلية؛ بعنوان: “بين قانون التجنيد والخلاف مع الولايات المتحدة.. إسرائيل تسّير في طريق مسّدود”، إنه لا يعرف أي الأزمات أخطر على “إسرائيل”، أزمة قانون التجنيّد، أم الخلاف مع الصديقة الكبرى، “الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” تعيش في فوضى، ولا مخرج أو حلاً حقيقيًا في المستقبل القريب.

عجز سياسي واجتماع..

وقال “بيري”؛ وهو وزير إسرائيلي سابق، إن “إسرائيل” لم تشهد منذ زمن طويل مثل هذا العجز السياسي والاجتماعي دون أفق واضح، مشيرًا إلى أن هناك كثيرين يأملون أن يؤدي الوضع الحالي إلى انتخابات جديدة وتغييّر القيادة.

وشدّد الكاتب على أن القيادة الحالية للبلاد هي التي أوصلتها إلى الوضع الحالي، وأن من المهم التعمق أكثر ودراسة الأسباب الحقيقية التي تسببت بالفشل الذي استشرى في المؤسسات الحكومية، وسبب شلل الأنظمة والخلل المروع في كثير من المؤسسات الأخرى.

أزمة قانون التجنيد..

وكما هي العادة دائمًا؛ انتظر قادة “إسرائيل” حتى اللحظة الأخيرة، ولم يُكلفوا أنفسهم عناء مناقشة قانون التجنيد، موضحًا أن نص مشروع القانون يبدو مثل مهّزلة، رُغم التعديلات لانتزاع موافقة الفصائل الحريدية بما يجعلها توافق حتى لا تُسبب الفوضى، وفقًا للكاتب.

أزمة عميقة مع “واشنطن”..

وفي نفس الوقت الذي يوضع فيه قانون التجنيد؛ تعيش “إسرائيل” في خضم أزمة عميقة وخلاف جوهري مع “الولايات المتحدة الأميركية”، وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها “إسرائيل” أزمة في العلاقة مع “واشنطن”، ولكن هذه المرة تتزامن مع حرب في “قطاع غزة”، بالإضافة إلى التوترات في شمال “إسرائيل” مع تنظيم (حزب الله) اللبناني.

وتابع: “يمكن في هذه الأزمة لوم رئيس وزرائنا الذي يدعي منذ سنوات أن خبرته وعلاقته مع “الولايات المتحدة” ممتازة ومثبّتة، ولا شك أن “بنيامين نتانياهو” لم يُّدر العلاقة مع الأميركيين بشكلٍ صحيح، وبالحكمة الصحيحة والحسّاسية، وكان من الواضح أننا نسّير في مسّار تصادمي مع الأميركيين”.

أسباب الخلاف..

ووفقًا للكاتب؛ فإن مسألة المساعدات الإنسانية لسُّكان “قطاع غزة” برمتّها، وحجم القتال ووضع السكان المدنيين، والنقاش حول اليوم التالي، لم يتماش مع وجهة النظر الأميركية، وأدى إلى الخلاف على خلفية استمرار الحملة الإسرائيلية في “رفح”.

وأضاف أن من الواضح أن “الولايات المتحدة الأميركية” ستأخذ في الاعتبار وجهة النظر المصرية، وتُعارض استمرار الحملة كما خططت “إسرائيل”، مسّتطردًا: “كان علينا أن نُّجهز الولايات المتحدة لخطط القتال في رفح، على الحدود مع مصر، مع التركيز على معركة محور (فيلادلفيا)، ولأننا لم نفعل، انضمت الولايات المتحدة إلى الدول الأخرى في الأمم المتحدة، التي دعت إسرائيل إلى وقف إطلاق النار”.

تعّقد محاولات التسّوية..

ويرى “بيري” أن من الصعب إعادة العلاقة مع “الولايات المتحدة الأميركية” إلى مسّار الصداقة والتحالف التقليدي، لافتًا إلى أن الحملة الانتخابية في “الولايات المتحدة” ستُّعقد بشكلٍ كبير محاولات التسّوية.

ويبدو أنه لن يكون هناك خيار سوى الدخول إلى “رفح”، وإنهاء الحملة ضد (حماس)، مسّتطردًا: “أيام معُّقدة تنتظرنا في مواجهة الولايات المتحدة، دعونا لا نُعاني من ضرر قاتل للمساعدات العسكرية التي تُّقدمها لنا الولايات المتحدة، وأن نتمكن من تفسّير مسّارنا أمام إدارة غاضبة”.

ضغط أميركي لتغييّر المسّار الدبلوماسي..

وفي السيّاق؛ قال الكاتب والمحلل السياسي الأميركي؛ الدكتور “ليون هادار”، في تقرير بمجلة (ناشونال إنتريست) الأميركية: “لفترة طويلة، كنت أجري نقاشًا مع أصدقائي في معسكر السلام الإسرائيلي. ومع شعورهم بالإحباط بعد (أوسلو)، بسبب فشلهم في تغيّير التشّكك السّائد بين الإسرائيليين في فرص السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإنهم يعتقدون أن ضغط المجتمع الدولي سيُّساعد في تحول التوازن السياسي في إسرائيل وتعزيز موقف الذين يؤيدن إقامة دولة فلسطينية مستقلة”.

وأضاف “هادار”؛ أنه في هذا السيّاق، يُنظر إلى إمكانية أن تقود “الولايات المتحدة”، القوة العظمى الحليفة لـ”إسرائيل”، الجهود لدفع “إسرائيل” لقبول “حل الدولتين”، على أنها سيناريو واقعي. وبعبارة أخرى، يسّتطيع الأميركيون مساعدة “إسرائيل” على إنقاذ نفسها.

واعتبر “هادار” أنه وفق هذه الفرضية، لا يفهم الإسرائيليون مصالحهم الحقيقية وينتهجون سياسات يمكن أن تؤدي إلى دمار الدولة اليهودية. ويُصبح دور “واشنطن”، الصديق، أن تضغط على “تل أبيب” لتغيّير مسّارها الدبلوماسي، ما سيؤدي إلى التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ينص على انسّحاب من معظم “الضفة الغربية” وإقامة “دولة فلسطينية” وعاصمتها “القدس الشرقية”.

وكان “جورج بول”؛ أحد “حكماء” واشنطن هو الذي نشر مقالاً في 1977، في مجلة (فورين آفيرز) بعنوان مثير للاستفزاز هو: “كيف يمكن إنقاذ إسرائيل رغمًا عنها”. وسرعان ما أصبح  المقال جزءًا من القاموس الدبلوماسي الأميركي، إلى أن أصبح مقالاً مبتذلاً.

إفشال خطة السوفيات..

وقال “هادار”؛ الزميل البارز بمعهد أبحاث السياسة الخارجية بـ”فيلادلفيا”، إن “بول” نشر المقال بعد انتخاب الرئيس الأميركي الأسبق؛ “جيمي كارتر”، الذي خطط مع مستشاره للأمن القومي؛ “زبيغنيو بريغنسكي”، لفرض اتفاق سلام على “إسرائيل” تحت رعاية مؤتمر دولي يُعقد برئاسة “الولايات المتحدة” و”الاتحاد السوفياتي”.

ويرى “هادار”؛ أن الإسرائيليين والمصريين أفشلوا الخطة، حيث منعوا السوفيات من المشاركة في العملية الدبلوماسية وتفاوضوا بشكلٍ مباشر بوسّاطة أميركية، الأمر الذي أدى إلى اتفاقية السلام “المصرية-الإسرائيلية”، والتي دعمها معظم الإسرائيليين.

وقال “هادار”؛ إن من هذا المنظور، فإن فكرة أن على “الولايات المتحدة” أن تُنقذ “إسرائيل” من نفسها لتسّعى إلى سلام “عربي-إسرائيلي”، هي ممارسّة فكرية لا معنى لها.

وقّعت “إسرائيل” اتفاقية السلام؛ التي حققت احتياجات أمنها القومي في ظل التعاون مع “البيت الأبيض”. وبطريقةٍ ما، ساعدت الخطوات الإسرائيلية والمصرية المفاجئة في إنقاذ المبادرة الدبلوماسية الأميركية.

لاعب مستقل يتحرك وفق مصالحه..

من ناحية أخرى؛ نتّجت عملية (أوسلو) للسلام عن مبادرة إسرائيلية بتدخل محدود للغاية من الأميركيين. وأدت إلى اتفاق مع الفلسطينيين، يُبرهن على أن “إسرائيل” لاعب دبلوماسي مسّتقل يتحرك وفق مصالحه ويستطيع تحقيق السلام مع العرب دون “منُّقذ” أميركي.

وقال “هادار”؛ إن هذا قد يبدو فصلاً في العلوم السياسية. ومع ذلك، من حيث المبدأ، ينتخب الرئيس الأميركي لخدمة وتأمين المصالح الأميركية، لا مصالح أي دولة أجنبية أخرى، مثل “إسرائيل”. ولم ينتخبه المواطنون الإسرائيليون رئيسًا لهم، الأمر الذي يوحّى بأن ليس لديه التزام بإنقاذهم، وبالتأكيد ليس عليه اتخاذ قرارات الحرب والسلام باسمهم. وتتحمل الحكومة المنتخبة من المواطنين الإسرائيليين هذه المسؤولية.

تغيّير السياسة الإسرائيلية..

وأوضح “هادار”؛ أن “الولايات المتحدة” استخدمت في بعض الأحيان قوتها الدبلوماسية والاقتصادية للضغط على “إسرائيل” لتغييّر سياساتها – على سبيل المثال عندما طالب الرئيس؛ “دوايت آيزنهاور”؛ “إسرائيل”، بسّحب قواتها من “سيناء” في 1956، ولكن هذه الخطوة كانت تهدف لتعزيز المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وليس إنقاذ “إسرائيل” من نفسها.

وهدد الرئيسان “جيرالد فورد” و”جورج بوش”؛ بخفض المساعدات العسكرية والاقتصادية لـ”إسرائيل” في إطار تحركات تكتيكية لدفع “إسرائيل” لتغييّر سياسات محددة. ولكنهما لم ينظرا إلى هذه الخطوات على أنها وسيلة لإجبار “إسرائيل” على تقديم تنازلات عن مصالح الأمن القومي الأساسية، مثل الموافقة على إقامة “دولة فلسطيينة”. وكان من المفترض أن تُظهر هذه التنازلات نتيجة لمفاوضات مباشرة مع الجانب العربي.

ومن هذا المنطلق؛ كان الدافع الرئيس لتأييد الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، لـ”إسرائيل” في أعقاب هجوم (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي، هو اعتبارات استراتيجية لمنع “إيران”، راعية (حماس)، من توسّيع نطاق قوتها في الشرق الأوسط وتهديد المصالح الأميركية هناك.

ورأى “هادار” أنه شك في أن “بايدن” كان يُفضل هزيمة (حماس) في حرب بلا دماء ودون مشاهد الدمار والرُّضع القتلى في “غزة”، والتي تضّر بمصداقية الإدارة الأميركية في العالم العربي وبين الناخبين الأميركيين العرب.

ويهدف الانتقاد من “واشنطن”، من “البيت الأبيض” أو أعضاء “مجلس الشيوخ” الديمقراطيين، إلى التوضيح للمنتقدين في الداخل والخارج أن الحكومة الأميركية: “تفعل شيئًا” لكبح جماح “إسرائيل” دون اتخاذ خطوات أكثر صرامة، مثل تقليص المساعدات العسكرية.

ويرى “هادار”؛ أن فكرة تقديم “بايدن” المساعدة للذين يسّعون إلى الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، من السلطة وتحديد موعد لإجراء انتخابات في “إسرائيل”؛ هي مجرد أمان من السياسيين والخبراء الإسرائيليين.

واختتم “هادار” تحليله بالقول؛ إن على الخبراء الإسرائيليين أن يفهموا أنهم إذا فشلوا في إقناع غالبية الإسرائيليين بأن “دولة فلسطينية” مستقلة لن تُشكل خطرًا على “إسرائيل”، فلن تُقام هذه الدولة. وإذا كانوا يُريدون إنقاذ “إسرائيل”، فعليهم فعل ذلك بأنفسهم، لأن الأميركيين لن يفعلوا ذلك بدلاً عنهم.

عُّزلة “إسرائيل” بعد “الفيتو”..

أما صحيفة (يسرائيل هيوم)؛ فتقول أنه على غرار ما حصل في: 1948، و1967، و1976، و1981، ترى “إسرائيل” في عُّزلة هذا العام أيضًا، بعد رفض “الولايات المتحدة الأميركية” استخدام (فيتو)، ضد قرار وقف إطلاق النار في “غزة”؛ بـ”مجلس الأمن”.

وقالت (يسرائيل هيوم)؛ تحت عنوان: “لن يكون أمامنا خيار سوى خوض هذا الصراع الوجودي بمفردنا”، أن القرار الأميركي لا يُساعد “إسرائيل” في مفاوضات إعادة الرهائن الإسرائيليين، واصفة تلك الخطوة: بـ”التاريخية” التي تُعزز موقف (حماس) وتُّعرقل استسلامها.

ولفتت إلى أن هذا ما أرادته (حماس) لأسابيع، صراع بين “إسرائيل” و”الولايات المتحدة”، ومن المدهش أنه بعد الهجوم الضخم الذي شهدته “موسكو”، يقدم الأميركيون هذه الهدية لتنظيم مُسلح تصاعد مستوى تهديده حتى نفذ هجمات 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.

غطاء جيد لـ”إسرائيل” في “رفح”..

وتُشير الصحيفة إلى أن تفاقم الأزمة مع الإدارة الأميركية يُشكل غطاءً جيدًا للعمل الإسرائيلي في “رفح”. وبالنظر إلى الماضي، عاشت “إسرائيل” في حالات عُزلة، وكانت بمثابة أزمات قاتلة ولكنها تجاوزتها، مثل الحرب الإسرائيلية عام 1948 تحت الحظر الأميركي، وفي عام 1967 حاول الرئيس الأميركي؛ “ليندون جونسون”، إيقاف “إسرائيل” عندما نقل رسالة مفادها: “إذا ذهبت وحدك، ستبقى وحدك”.

وعام 1981؛ خرجت “إسرائيل” بمفردها دون مشاركة الأميركيين في الهجوم على المنشأة النووية في “بغداد”، وبعد القصف، أوقف الأميركيون توريد الأسلحة لفترة معينة، ونفس الأمر حدث في “عنتيبي”؛ في تموز/يوليو 1976.

وحذرت نائبة الرئيس؛ “كمالا هاريس”، من أنه ستكون هناك نتائج للتحرك الإسرائيلي للقضاء على كتائب (حماس)؛ في “رفح”؛ ومن دون الخوض في تخمينات حول ما إذا كان سيحصل انقطاع في إمدادات الذخيرة أم لا، فمن المحتمل جدًا أن تتفاقم الأزمة مع الأميركيين، وسيتّعين على الحكومة الإسرائيلية أن تجلس وتُناقش مدى أهمية دخولها إلى “رفح” واتخاذ قرار في المعركة مع (حماس).

نفاد وسائل إقناع الأميركيين..

ولفتت إلى أنه من الواضح أن وسائل إقناع الأميركيين بعملية “رفح” قد نفُّدت، لأن “الولايات المتحدة” تُركز على السكان المدنييّن، مسّتطردة: “يبدو أن الحزب (الديمقراطي)؛ اليوم يُفضل الفلسطينييين على إسرائيل، حتى لو كانوا تنظيمات مسلحة”، وأشارت الصحيفة إلى أنه في حرب (الجرف الصامد)، التي شّنتها “إسرائيل” على “غزة” عام 2014، أوقف الرئيس الأسبق؛ “باراك أوباما”، إمداد المروحيات القتالية الإسرائيلية بالأسلحة.

ورأت الصحيفة أن هناك فارقًا كبيرًا بين حرب تنتهي دون القضاء على (حماس)، وحرب تنتهي بتدمير الحركة، ولذلك فإن لا خيار أمام “إسرائيل” في هذا: “الصراع الوجودي” غير تطبيق مقولة “جونسون”، أن تسّير “إسرائيل” وحدها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب