18 أبريل، 2024 4:37 م
Search
Close this search box.

“إسرائيل اليوم” : ولي العهد السعودي يقوم بالإصلاحات لكنه يُصفي الخصوم !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالاً تحليليًا تناولت فيه التحديات التي تواجه ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، لا سيما بعد قضية اختفاء الصحافي، “جمال خاشقجي”.

ورأت الصحيفة أن “بن سلمان” يمارس لعبة مزدوجة، فهو من ناحية؛ يقوم بإصلاحات غير مسبوقة في بلاده، لكنه من ناحية أخرى، يقوم بتصفية خصومه. وتساءلت الصحيفة عن الدوافع التي تحرك “ابن سلمان” الذي يبدو أنه أمر بقتل “خاشقجي” ؟

حقوق منقوصة للنساء..

تقول (إسرائيل اليوم): في بداية شهر حزيران/يونيو من العام الجاري، شهدت عاصمة “المملكة العربية السعودية”، حدثًا تاريخيًا عندما توجهت عشرات النساء السعوديات لإدارات المرور في “الرياض” للحصول على رخصة قيادة، للمرة الأولى في تاريخ المملكة.

وبينما احتفلت بنات النخبة المثقفة، في “الرياض”، بالنصر الكبير على شبكات التواصل الاجتماعي – بعد إنتهاء أطول فترة نضال في تاريخ المملكة المحافظة من أجل حقوق المرأة – تم في نفس اليوم اعتقال العشرات من النساء الأخريات بأوامر من رجال الدين، لأنهن تقدمن للحصول على رُخص القيادة من دون موافقة عائلاتهن.

“ابن سلمان” على نهج أسلافه..

ترى الصحيفة الإسرائيلية أن تلك الواقعة، بشأن أحد أهم الإصلاحات التي قادها ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، تُعد مثالاً مُعبرًا عن السياسة الجديدة المتألقة التي يتبناها ولي العهد بعد تعيينه العام الماضي في ذلك المنصب.

فهو من ناحية؛ قام بسلسلة إصلاحات ثورية في المملكة الدينية المحافظة، بما في ذلك الحد من سلطات “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، والنهوض بمكانة المرأة، وتعيين النساء في المناصب الحكومية وكذلك في الجيش، بل وتبنيه خطة طموحة لإنشاء منطقة سياحية في “السعودية” تسري عليها قوانين أقل صرامة.

لكن “ابن سلمان”، من ناحية أخرى، لا يخشى مواصلة القمع السياسي والديني وإهدار حقوق المرأة، بنفس القدر الذي كانت تشهده المملكة تحت حكم أسلافه.

دولة بوليسية..

تزعم الصحيفة العبرية أنه إذا كان هناك أحد يريد أن يعلم ما إذا كانت “المملكة العربية السعودية” هي دولة بوليسية إسلامية أم لا، فإن النهاية المأساوية للصحافي السعودي، الذي كان ينتقد النظام الحاكم في “الرياض”، وقتله على ما يبدو داخل قنصلية بلاده في “إسطنبول”، هي نموذج مروع للقسوة والدهاء والحد الذي يمكن للنظام في “الرياض” أن يصل إليه كي يحافظ على بقائه.

إن “بن سلمان”، الذي هو في الثلاثينات من عمره، والذي بحسب كل الشواهد والأدلة يتولى مقاليد السلطة بدلاً من والده المُسن المريض، ربما يكون زعيمًا شابًا ومبتسمًا ومُثقفا ويتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة،  لكنه رغم ذلك ملتزم بالمشروع الذي بدأه أجداده عندما أسسوا مملكة تقوم على الحُكم المُطلق في شبه الجزيرة العربية في ثلاثينيات القرن الماضي.

تدخل كارثي في اليمن..

أشارت الصحيفة العبرية إلى أن أحد أهم الصراعات التي يخوضها “بن سلمان” لضمان مستقبل “المملكة السعودية”؛ هو شن حرب لا هوادة فيها ضد “النفوذ الإيراني” في المنطقة. ومنذ أن شغل منصب وزير الدفاع، أمر “بن سلمان” بالتدخل العسكري الكارثي – بمشاركة بعض الدول السُنية الأخرى – في الحرب الأهلية التي تدور رحاها بـ”اليمن”، وهو ما أدى إلى سفك شلالات من الدماء، وتدمير البنية التحتية، وإحداث مجاعة شديدة.

وفي ظل الدمار والقتل في “اليمن”، فقد عجزت الحملة العسكرية السعودية عن تحقيق أهدافها وغاياتها. وبدلاً من إقامة نظام سُني صديق في “صنعاء”، أصبح السعوديون يتعرضون لصواريخ (باليستية) إيرانية يُطلقها المتمردون “الحوثيون” من المناطق التي يسيطرون عليها بإتجاه العاصمة، “الرياض”.

قمع الشيعة في السعودية..

لكن “بن سلمان” لم يكتف فقط بإظهار القوة والقسوة ضد “إيران” والتنظيمات الموالية لها، بل زاد من قمعه للأقلية الشيعية المتواجدة داخل “المملكة العربية السعودية”. علمًا بأن هناك ثلاثة ملايين شيعي يعيشون في “المملكة العربية السعودية”، يتركز معظمهم في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.

وتُظهر تقارير منظمات حقوق الإنسان أن إجراءات القمع ضد الطائفة الشيعية قد شهدت تصعيدًا منذ تولي “بن سلمان” زمام السلطة، إضافة إلى السماح بمزيد من التحريض المؤسسي ضد الشيعة.

عربة يجرها ثلاثة جياد..

بحسب (إسرائيل اليوم)؛ في حين أن الإصلاحات التي أعلنها ولي العهد السعودي بعثت برسائل مُطمئنة لكثير من المسؤولين الغربيين، إلا أن هناك حالة من عدم التفاؤل حيال إمكانية تحقيق السلام والتقدم في “المملكة العربية السعودية”، بسبب إجراءات “بن سلمان” القمعية، وخطاباته النارية ضد العالم الشيعي، واستعداده لإفساد العلاقات مع قوى إقليمية أخرى مثل “تركيا”.

وحتى يمكن فهم الواقع الحقيقي، بعيدًا عن ذلك المشهد المعقد يتعين على المرء أن يتذكر الهيكل السياسي الذي مكن عائلة “آل سعود” من إرساء نظام حكمهم المُستقر لأكثر من ثمانين عامًا. وهنا يُمكن أن نُشبه النظام السياسي السعودي بعربة يجرها ثلاثة جياد. الجواد الأول؛ وهو أفضلها على الإطلاق، يتمثل في الأسرة المالكة، لأن ضمان مصالح مئات الأمراء وأفراد عائلاتهم يأتي دومًا على رأس أولويات نظام الحكم، نظرًا لدعم تلك الفئة لاستمرار الشكل الحالي للسلطة.

والجواد الثاني، يتمثل في رجال الدين. حيث كانت عائلة “آل سعود” قد أبرمت تحالفًا مع التيار الوهابي السُني، الذي يحرص بشدة على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وعدم الخروج عليها. ويحظى رجال الدين في “السعودية” بقدر كبير من المكانة والاحترام والنفوذ؛ كما يحصلون على ميزانيات كبيرة. وقد يؤدي إلحاق الضرر بهم، إلى قيام المؤسسة الدينية بما لها من نفوذ على المواطنين بالخروج على العائلة المالكة.

أما الجواد الثالث فيتمثل في جموع الشعب نفسه. وكانت الطبقات الدنيا في المجتمع السعودي، تتمتع في السابق بالكثير من خدمات الرفاه الاجتماعي، التي كانت متاحة للجميع، بفضل الأموال الهائلة التي كانت تتدفق من حقول النفط. لكن حاليًا – عندما لا تكفي أموال النفط لإعالة 33 مليون سعودي، وعندما تتراجع باقي المؤسسات الاقتصادية المحلية – يتعين على “بن سلمان” القيام بإصلاحات اقتصادية، وهي بطبيعة الحال ستكون على حساب الإمتيازات الاقتصادية التي كانت تنعم بها الجماهير.

“بن سلمان” بين الحاضر والماضي..

ختامًا تؤكد الصحيفة الإسرائيلية أنه في ظل تلك الصعوبات، يتعين على “بن سلمان” أن يقود مسيرة العائلة المالكة، إن أراد لنظامه البقاء، وأن يحافظ على الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط المُلتهب، الذي يُعد الاستقرار فيه غير مألوف. ومن الصعب معرفة كيف يرى “بن سلمان” مستقبل بلاده، لكنه أولاً وقبل كل شيء ملتزم بالحاضر كما أنه ملتزم بالماضي الذي صنعه أسلافه، وكل من يتوقع من “بن سلمان” أن يقوم بالمعجزات والخوارق فسوف يُصاب بخيبة أمل شديدة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب