23 ديسمبر، 2024 6:26 م

إستراتيجية “العودة التدريجية” .. “فارس” تتساءل : إحياء للاتفاق النووي أم تشكيل إزدواجية انتخابية ؟

إستراتيجية “العودة التدريجية” .. “فارس” تتساءل : إحياء للاتفاق النووي أم تشكيل إزدواجية انتخابية ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

يُعتبر “الاتفاق النووي” من أطرف موضوعات الدراسة والبحث بالنسبة لطلاب العلاقات الدولية. ذلكم الاتفاق الذي لم يتبق منه تقريبًا سوى الاسم؛ بينما يتصارع الجميع على أمور هامشية تتعلق بالاتفاق.

وترى “الجمهورية الإيرانية”، باعتبارها المستفيد الرئيس، أن “الاتفاق النووي” قد مات منذ مدة. لم تحقق “إيران”، عمليًا، أبسط فائدة من إلغاء العقوبات، وتصارع عقوبات متعددة الطبقات، والتي تأسست في عهد الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”.

مع هذا؛ فقد تسببت عودة إدارة “جو بايدن”، المحتملة، لـ”الاتفاق النووي”، في سعي بعض التيارات والأحزاب الإيرانية للاستفادة من المكاسب السياسية لتلكم الخطوة، على نحو ساهم في تبديل العودة لـ”الاتفاق النووي”، من قرار منطقي إلى قطبية ثنائية سياسية، وسوف يتسبب في أضرار بالغة لـ”إيران”.

والمؤكد أن عوائد الاستفادة من هذه القطبية الثنائية، إنما يرتبط أيضًا بالمناقشات السياسية، لأن الدولة لم تحقق أبسط استفادة من “الاتفاق النووي”. بحسب “مهدي بورصفا”، في وكالة الأنباء الإيرانية (فارس).

الصراع “الإيراني-الأميركي” على خلفية رؤية خاطئة !

أكدت إدارة “جو بايدن”، حتى قبل أن تباشر أعمالها، بتاريخ 20 كانون ثان/يناير 2021م، ومنذ الفوز في الانتخابات الرئاسية، على ضرورة العودة لـ”الاتفاق النووي”.

مع هذا، ووفق المثل الانكليزي: “الشيطان يكمن في التفاصيل”، يبدو أن نظرة إدارة “بايدن” تختلف بشكل أساس على نظرة “إيران”، للعودة لـ”الاتفاق النووي”.

وأساس الفهم الأميركي، للأوضاع الداخلية في “إيران”، يتناسب وأجواء، ما قبل 2019م، حيث بداية إنطلاق الاضطرابات بسبب ارتفاع أسعار البنزين. أي دولة تعاني ضغوط اقتصادية، بسبب “العقوبات” ووباء (كورونا)، وسوف تتعاطى، (وفق الزعم الأميركي)، وأي إمتيازات لا تُذكر مثل الإقتراض من “صندوق النقد الدولي” أو فك تجميد بعض المصادر الإيرانية المجمدة، باعتبارها إمتيازات حقيقة.

وفكرة العودة التدريجية لـ”الاتفاق النووي”، هو نتاج هذه الرؤية للأوضاع الإيرانية الداخلية، والتي يبدو أنها كانت محل اهتمام فريق سياسات “بايدن” الخارجية، منذ البداية.

في المقابل؛ سعت “إيران” إلى تغيير هذه الحسابات، وقامت بأهم خطوة إسترايتجية لمكافحة العقوبات استهدفت تخفيض الإلتزامات النووية سريعًا بغرض تغييز الموازنة في هذا الملف.

وبعد مرور شهرين تقريبًا على مباشرة إدارة “بايدن” العمل؛ يبدو أن الإستراتيجية الإيرانية كانت مؤثرة نسبيًا في إجبار “واشنطن” على إعادة النظر في موضوع “الاتفاق النووي”، لكن في الطرف المقابل يبدو أن بعض المواقف تبعث بإشارات خاطئة للطرف المقابل.

فكرة العودة التدريجية..

رغم وجود إجماع قوي، بين جميع المحللين والمؤسسات المهتمة بالملف النووي الإيراني؛ على الاستمرار في هذه الإستراتيجية، لكن الضغط الانتخابي تسبب في سعي بعض التيارات خلف حلول وسطية للعودة مجددًا لـ”الاتفاق النووي”.

بعبارة أخرى؛ قبول العودة التدريجية وفق المنظور الغربي والقضاء عمليًا على كل الإنجازات الإيرانية، خلال الأشهر الأخيرة.

وهذه العودة التدريجية؛ تحيي آمال بعض التيارات في إستثارة ميل الطرف الأميركي للعودة سريعًا لـ”الاتفاق النووي”.

والطبيعى أن العودة الأميركية السريعة للاتفاق، وفق أطروحة العودة التدريجية، يختلف عن العودة الموحدة لـ”الاتفاق النووي”.

وطرح هكذا مقترح؛ يبعث نوعًا ما بإشارات للطرف المقابل توحي بوجود قطبية ثنائية سياسية في “إيران”. وهذه القطبية لن تسهم فقط في تأخير العودة الأميركية، لـ”الاتفاق النووي”، وإنما سوف يفتح شهية “واشنطن”، لكسب المزيد من الإمتيازات كما حدث سابقًا.

وقد أعلنت “إيران”، رسميًا، وجود المزيد من المطالب بخلاف العودة لـ”الاتفاق النووي”، من مثل الحصول على تعويض بسبب استمرار العقوبات.

إمكانية تبلور أجواء القطبية الثنائية في المجتمع بالتوازي مع مشروع العودة التدريجية !

لطالما أدعى، الطرف الأميركي، استعداده للجلوس إلى طاولة المفاوضات ومناقشات مقترحات الطرف الإيراني.

وبغض النظر عن الإشتياق الأميركي الكاذب للتفاوض مع “إيران”، فإن تفعيل مقترح العودة التدريجية لا يعني تراجع “إيران” عن مواقفها الأساسية تجاه مسألة العودة لـ”الاتفاق النووي”. لأن هكذا حدث؛ قد يفكك بشكل كامل الديناميكية السياسية بخصوص “الاتفاق النووي” ويفضي إلى تشكيل فجوة عميقة أو استقطاب ثنائي.

وهذا الأمر يُغير من مناقشات “الاتفاق النووي”، باعتبارها مسألة خارجية إلى صراع داخلي ويُخرج “الولايات المتحدة” من موضع المتهم. وتشكيل هذه القطبية الثنائية؛ سوف يؤثر بالتأكيد على السلوكيات الأميركية.

ويطرح أنصار فكرة العودة التدريجية الكثير من التحليلات المختلفة، لكن وبالنظر إلى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، تلعب الدوافع السياسية دورًا أساسيًا في تقديم هكذا مقترح.

و”الاتفاق النووي”، حتى الآن، يمثل أحد المتغيرات الأساسية في كيفية تعاطي المجتمع الإيراني، ولا يمكن توقع تجاوزها بهذه السرعة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة