خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في الوقت الذي أعلنت فيه “إيران” عن نظام صاروخي جديد محلي الصنع، أعلن وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، استعداد بلاده للعمل على المقترح الفرنسي، بشأن “الاتفاق النووي”، الأمر الذي يكشف إزدواجية المواقف والمعايير تجاه أزمتها الخاصة بـ”الاتفاق النووي” وتصاعد التوتر المستمر بينها وبين “واشنطن”.
وقال “ظريف”، في تصريحات صحافية: “هناك مقترحات على الطاولة … وسنعمل عليها”، مشيرًا إلى حديث الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، وفق (رويترز).
كما حذر “ظريف” من جهود “الولايات المتحدة” لتشكيل مهمة أمنية، أنضمت إليها، حتى الآن، “بريطانيا” و”أستراليا” و”البحرين”، لحراسة سفن الشحن في “مضيق هرمز”؛ وهو ممر حيوي لإمدادات “النفط” العالمية.
وقال: “من الواضح أن هدف الولايات المتحدة.. (من أن يكون لها) وجود بحري في الخليج الفارسي؛ هو التصدي لإيران.. لا تنتظروا منا أن نبقى مكتوفي الأيدي حينما يدخل أحد مياهنا ويهددنا”.
وتعرضت عدة سفن تجارية دولية لهجمات في الخليج، في الشهور الماضية، في حوادث هزت تجارة السلع الأولية العالمية. وألقت “الولايات المتحدة” باللوم على “إيران”، التي تنفي هذه الاتهامات.
وزاد من توتر الأجواء المشحونة؛ إحتجاز القوات البريطانية ناقلة إيرانية قُبالة “جبل طارق”، في تموز/يوليو 2019، ثم قام “الحرس الثوري” الإيراني بإحتجاز سفينة بريطانية في الخليج.
وفي كلمته، في “أوسلو”، قال “ظريف” إن “إيران” لن تبدأ حربًا في الخليج، لكنها ستدافع عن نفسها.
مقترح فرنسي من نقطتين..
وكان “ماكرون” قد عرض، أمس الأول، مقترحًا من نقطتين؛ إما تخفيف العقوبات على “إيران” أو توفير “آلية تعويض لتمكين الشعب الإيراني من العيش بشكل أفضل”، في مقابل الإمتثال التام للاتفاق الذي انسحبت منه “الولايات المتحدة”، العام الماضي.
ولم تصدر عن “الولايات المتحدة” أي إشارة إلى تخفيف العقوبات، ولا يعرف المقصود بآلية التعويض، التي أشار إليها “ماكرون”.
وقال “ماكرون” إنه سيلتقي بمسؤولين إيرانيين قبل “قمة الدول السبع”، خلال نهاية الأسبوع، مضيفًا أن مقترحاته تهدف إلى خفض التوتر بين “واشنطن” و”طهران”.
وقال “ماكرون” إنه يسعى، والاتفاق الآن على وشك الإنهيار، إلى أن تضع القمة استراتيجية أكثر وضوحًا لتجنب أي تدهور آخر في المنطقة.
وقال “ماكرون”، للصحافيين: “سوف أقابل، خلال الساعات القادمة قبل قمة السبع، الإيرانيين وأقدم مقترحات”.
الكشف عن صاروخ إيراني محلي الصنع..
بالتزامن مع هذا الحديث الدبلوماسي، أظهرت “إيران” إستفزازًا جديدًا تجاه العالم، بعدما كشفت، أمس، عن منظومة للدفاع الصاروخي؛ قالت إنها محلية الصنع، وأطلقت عليها اسم (باور 373).
وكشف النقاب عن هذه المنظومة، الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، وقال خلال حفل بمناسبة اليوم الوطني للصناعة الدفاعية الإيرانية: “عندما يستخدم العدو القوة، فعليك أن تستغل كل قوتك ضده. ولا طائل من المحادثات في هذه الحالة”.
مضيفًا، في لهجة طغى عليها التباهي: “يجب أن نؤمن بقوتنا العسكرية، وهذا هو المكان الذي نحتاج فيه إلى صاروخ (باور 373)”.
ويزعم الرئيس الإيراني أن المنظومة لديها القدرة على التعرف على ما يصل إلى مئة هدف في الوقت نفسه، وبإمكانها مواجهة الأهداف بستة أسلحة مختلفة.
استعراض قوة.. ورسائل تصعيدية !
يتضح من خلال خطاب “روحاني” أنه يستعرض عضلات “إيران” العسكرية، أمام الشعب الإيراني المُنهك جدًا، بأزمة بلاده الاقتصادية، كما أنه يبعث برسائله التصعيدية للخصوم، في تناقض مع حديث وزير خارجيته عن مساعٍ لدراسة مقترحات التهدئة مع “واشنطن”.
في بداية هذا الشهر؛ أعلن وزير الدفاع الإيراني، “أمير حاتمي”، تدشين المنظومة الصاروخية الدفاعية من طراز (بافر 373) البعيدة المدى، وذلك بمناسبة يوم “التصنيع العسكري”، ولكن لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها تدشين هذه المنظومة، حيث سبق أن دشنت مرتين من قبل، حيث تم الإعلان في 19 كانون أول/ديسمبر 2011، عن تصنيع (بافر 373)، بدلاً عن منظومة (إس-300)؛ التي تأخرت “موسكو” في تسليمها لـ”إيران”.
ونقلت وكالة (فارس) للأنباء، حينها، نقلاً عن قائد مقر “خاتم الأنبياء” للدفاعات الجوية السابق، اللواء “فرزاد إسماعيلي”، قوله إن “إيران” تصنع المنظومة (بافر 373) بدلًا عن (إس-300) الروسية.
وفي 21 آب/أغسطس 2016؛ قام الرئيس الإيراني، “روحاني”، بزيارة معرض لتدشين (بافر 373)، وزعمت وسائل الإعلام الإيرانية أن هذه المنظومة الدفاعية الصاروخية من الصنع المحلي بواسطة “منظمة الجوفضائية” لوزارة الدفاع الإيرانية، وأكد وزير الدفاع السابق، “حسین دهقان”، أن المنظومة تدخل العمل في نهاية 2016.
ويأتي الكشف عن المنظومة في “اليوم الوطني للصناعة الدفاعية الإيرانية”. وطورت “طهران” صناعة دفاعية كبيرة في مواجهة العقوبات الدولية التي تحظر عليها استيراد الكثير من الأسلحة.
تبالغ في قدرات أسلحتها..
الخبراء العسكريون الغربيون دائمًا ما يرون إن “إيران” كثيرًا ما تبالغ في قدرات أسلحتها، لكن المخاوف بشأن برنامجها للصواريخ (الباليستية) بعيدة المدى؛ ساهمت في دفع “واشنطن”، العام الماضي، للانسحاب من الاتفاق الذي أبرمته “إيران” مع القوى العالمية، في عام 2015، لكبح طموحاتها النووية في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
لتظهر حريصة على السلام والأمن الدولي..
ويرى مراقبون أن إزدواجية الخطاب في النظام الإيراني، التي تتمثل في شخصية تهديء وأخرى تُصعد، تأتي لتحقيق أهداف عدة، فعلى الصعيد الدولي تحاول إظهار نفسها بمظهر الحريص على السلام والأمن الدوليين.
أما على الصعيد الداخلي، فيحاول النظام الإيراني صرف نظر مواطنيه عن أوضاعهم الاقتصادية المتردية، وتصوير نفسه بأنه الحريص على أمنهم في مواجهة “الأخطار الخارجية”.
وأرتفع منسوب التوتر بين “طهران” و”واشنطن”، منذ آيار/مايو الماضي، بعد أن شددت “أميركا” العقوبات المفروضة على “إيران”، التي بدأت موجة تصعيد في المنطقة.
وقد كافح القادة الأوربيون لتهدئة المواجهة المتواصلة بين البلدين، في أعقاب انسحاب “ترامب” من الاتفاق، وإعادة فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني.
وردت “طهران” على ذلك بسلسلة خطوات، من بينها تراجعها عن بعض إلتزاماتها بتقليص أنشطتها النووية التي نص عليها الاتفاق.
وسوف يلتقي قادة “الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وكندا، واليابان، والاتحاد الأوروبي”، في اجتماع المجموعة، الذي يُعقد في منتجع “بياريتس”، جنوب غربي “فرنسا”.
وتطالب “إيران”، القوى الأوروبية، التي وقعت الاتفاق معها، مع إزدياد شعور الإيرانيين بتأثير “العقوبات الأميركية” على اقتصادها، ببذل المزيد من الجهد لحماية المكاسب المالية التي حققتها “إيران” بعد توقيع الاتفاق.
وحاولت القوى الأوروبية تأسيس قناة تجارية لتمرير المواد الإنسانية والطبية مع “إيران”، لكنها لاتزال غير مفعلة، ولن تعوض تلك القناة، “طهران”، عن المليارات من عوائد “النفط” التي ستفقدها البلاد بعد العقوبات الأخيرة.