خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوات تكشف ما هو مستور وما يدور خلف الكواليس، إذ دائمًا ما يهاجم الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، إسرائيل، ويصفها بالمحتل؛ مبينًا نفسه المدافع عن “القضية الفلسطينية” وحقوق الفلسطينيين ليظهر قائدًا للأمة الإسلامية، حيث ظهرت المساعي التركية مؤخرًا بشكل علني للعمل على استعادة العلاقات مع “إسرائيل”، فقد أكد الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أمس الجمعة، أن بلاده ترغب في إقامة علاقات أفضل مع “تل أبيب”، مضيفًا أن المحادثات على المستوى الاستخباراتي مستمرة بين الجانبين.
وقال للصحافيين في “إسطنبول”، بعد صلاة الجمعة: “التعاون مع إسرائيل مستمر في المجال المخابراتي”.
كما أضاف: “لدينا مشاكل مع أشخاص في المستويات العليا. لو لم تكن هناك قضايا على أعلى المستويات لكانت علاقاتنا مختلفة تمامًا”.
تريد التقارب مع إسرائيل وإدارة “بايدن”..
حول تصريحات “إردوغان”، قال المحلل التركي، “طه عودة أوغلو”، إن العلاقات “التركية-الإسرائيلية” لم تتوقف يومًا، مؤكدًا أن “إردوغان” قالها صراحة، اليوم، أنه يريد علاقات مع الاحتلال وعلى أعلى مستوى.
وعن أسباب الهرولة لتحسين العلاقات مع “تل أبيب”، أوضح المحلل التركي أن “أنقرة” تريد التقارب مع “إسرائيل” والإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب، “جو بايدن”.
تدهور علاقات مسبقة وطرد سفراء..
يُذكر أن العلاقات بين “أنقرة” و”تل أبيب” كانت قد تدهورت بشكل حاد، خلال السنوات الأخيرة، إثر مقتل 10 مدنيين أتراك على أيدي عناصر من قوة (كوماندوز) إسرائيلية، في عام 2010، عندما داهمت الأخيرة أسطولاً تركيًا للإغاثة الإنسانية متجهًا إلى “قطاع غزة”.
وإثر الهجوم، طردت “تركيا”، سفير إسرائيل، واستدعت سفيرها، وانسحبت من مناورات حربية مشتركة مع “تل أبيب”.
وقام الرئيس، “باراك أوباما”، في ذلك الوقت؛ بتسهيل مكالمة هاتفية ثلاثية مع “نتانياهو” و”إردوغان”، في عام 2013، لمحاولة تعزيز اتفاق المصالحة بين الجانبين.
مؤشرات لإعادة التواصل..
وظهرت مؤشرات عدة، في الأشهر الأخيرة؛ تدلل على أن “تركيا” تريد إعادة التواصل مع “إسرائيل”، لا سيما فيما يتعلق بنزاعها مع “اليونان” و”قبرص” بشأن التنقيب عن الغاز الطبيعي في “شرق البحر المتوسط”.
لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم سيكونون حذرين للغاية، بالنظر إلى شكوكهم بشأن نوايا “إردوغان” الحقيقية، ويقولون إن “إسرائيل” لن تخاطر بعلاقاتها مع “اليونان” و”قبرص” من أجل إصلاح العلاقات مع “تركيا”.
تعيين سفير جديد لأنقرة في تل أبيب..
ومنذ أسبوعين، ذكر موقع (المونيتور)؛ أن تركيا عينت سفيرًا جديدًا لها في “إسرائيل”؛ بإطار الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين “أنقرة” و”إسرائيل” وتجميع النقاط في حساب الإدارة الأميركية الجديدة.
وقال الموقع؛ إن السفير الجديد هو، “أوفوك أولوتاس”، (40 عامًا)، رئيس مركز البحوث الإستراتيجية في “وزارة الخارجية” التركية.
وعمل “أولوتاس” رئيسًا لمؤسسة (SETA)، وهي مؤسسة فكرية مؤيدة للحكومة، وكتب عددًا من الأوراق البحثية عن السياسة في الشرق الأوسط والتاريخ اليهودي، كما أنه يُعتبر خبيرًا في الشؤون الإيرانية.
ونقل الموقع عن مصادر مقربة من “أولوتاس”؛ قولها إنه: “مؤيد جدًا للفلسطينيين”.
ومنذ آيار/مايو 2018، لا تتبادل “تركيا” و”إسرائيل” السفراء، بعد الأزمة السياسية حول نقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى “القدس”.
استعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة في آذار..
وسبق تلك الخطوة تصريحات لمستشار الرئيس التركي للشؤون الخارجية، “مسعود كاسين”، في إشارة إلى المحادثات الجارية مع إسرائيل، قال فيها: “إذا خطت إسرائيل خطوة واحدة، فربما يمكن أن تتخذ تركيا خطوتين، وإذا رأينا ضوءًا أخضر ستفتح تركيا السفارة مرة أخرى ونعيد سفيرنا. وربما في آذار/مارس يمكننا استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مرة أخرى. لم لا”.
وأكد “كاسين” التقارير التي تحدثت عن محادثات بين الطرفين لتعزيز العلاقات الدبلوماسية، يجريها مدير المخابرات التركية، “هاكان فيدان”، مع مسؤولين إسرائيليين.
وأضاف “كاسين”: “إن إحلال السلام والأمن مهم جدًا لإسرائيل وتركيا. وبعد حادثة مرمرة لا نريد حادثًا آخر مع إسرائيل”.
وأقر “كاسين” بانتخاب، “جو بايدن”، لرئاسة الولايات المتحدة؛ باعتباره دفعة لجهود إصلاح العلاقات، قائلاً: “هناك آفاق جديدة مع، بايدن، والكثير من الأشياء ستتغير”.
وأضاف المستشار الرئاسي التركي، “كاسين”، أن إسرائيل لديها الكثير لتكسبه من التطبيع، وتابع: “اشترت تركيا الكثير من الأسلحة من إسرائيل؛ يمكننا ترتيب ذلك مرة أخرى، يمكن للصناعات الدفاعية التركية والإسرائيلية المضي قدمًا معًا”.
وقال: “ثانيًا موارد الطاقة.. إنهم [إسرائيل] يكتشفون النفط والغاز حسنًا ! إسرائيل 8 ملايين شخص، أين يمكنهم بيع هذا النفط والغاز ؟ أكبر سوق هو تركيا، وستكون تركيا الممر إلى سوق الاتحاد الأوروبي”.
لتحسين صورتها التصالحية على الساحة الدولية..
وعلقت المحللة في الشؤون التركية الإسرائيلية، “سيلين ناسي”، على تصريحات مستشار الرئيس التركي بالقول: “من المتوقع أن تدخل العلاقات (التركية-الأميركية) فترة صعبة، على الأقل في المدى القصير بالنظر إلى حساسية إدارة بايدن تجاه قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
مضيفة أنه: “بالنظر إلى الرأي المعادي لتركيا، السائد في الكونغرس الأميركي، ربما تأمل تركيا أن تتمكن إسرائيل من تحييد المعارضة ومساعدة تركيا على كسب أذن واشنطن مرة أخرى”.
وقالت “ناسي”، لإذاعة (صوت أميركا): “من الصعب قراءة دوافع إسرائيل، (في تحسين العلاقات مع تركيا)، رغم أنه من الصحيح أن تركيا وإسرائيل لديهما مصالح متقاربة في الشرق الأوسط، لاسيما فيما يتعلق بدحر قوة إيران ونفوذها”.
وأضافت: “في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بتطبيع علاقاتها مع العديد من الدول الإسلامية، فإن إضافة تركيا إلى القائمة ستحسن صورتها التصالحية على الساحة الدولية”.
دور أذربيجاني في تحسين العلاقات..
وكانت تقارير سابقة ذكرت أن “أذربيجان” تعمل على تحسين العلاقة بين “إسرائيل” و”تركيا”، وذلك بعد أن وفر البلدان الدعم العسكري لـ”باكو” في حربها بمنطقة “ناغورنو قره باغ” ضد “أرمينيا”.
وكان الرئيس الأذربيجاني، “إلهام علييف”، قد هاتف “إردوغان”، هذا الأسبوع، واقترح عدة طرق لتحسين العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل.
وبحسب موقع (والا) الإسرائيلي، فإن “إردوغان” قد تفاعل بشكل إيجابي على المبادرة، فيما أفاد مسؤولون أذربيجانيون لنظرائهم الإسرائيليين.
وخلال الأسبوع الماضي، اتصل وزير الخارجية الأذربيجاني، “جيهون بيراموف”، بوزير الخارجية الإسرائيلي، “غابي أشكنازي”، لمناقشة ملف العلاقات “الإسرائيلية-التركية”، لافتًا إلى أن بلاده ستكون مهتمة برؤية كلا الحليفين يتمتعان بعلاقات أفضل.