“إردوغان” يغوص في المستنقع السوري .. ولن يُنقذه طوق اللاجئين !

“إردوغان” يغوص في المستنقع السوري .. ولن يُنقذه طوق اللاجئين !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

إذا كان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، يظن أن بإمكانه تهديد زعماء دول “أوروبا” من خلال العودة لإشعال أزمة اللاجئين السوريين، فربما ينبغي عليه أن يُراجع نفسه، لأن الدول الأوروبية لن ترضخ له كما رضخت من قبل، بحسب الكاتب والمحلل السياسي، “كون كوفلين”، في مقال له نشره موقع (ميدا) العبري.

إقناع أوروبا لدعم “إردوغان” !

أوضح “كوفلين” أن الهدف من تهديد “تركيا” الأخير – بشأن فتح حدودها من أجل السماح لملايين اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية السورية لدخول “أوروبا” – هو إقناع زعماء القارة العجوز بتقديم الدعم للرئيس، “إردوغان”، الذي يواجه موقفًا مُحرجًا وصعبًا للغاية، بعد أن أقحم جيشه في “سوريا”.

مُضيفًا أن “إردوغان”؛ بعدما شن عملية عسكرية جديدة ضد نظام “بشار الأسد” في شمال “سوريا”، بات يواجه تداعيات خطيرة، لا سيما  بعد الإجراءات المتهورة التي أقدم عليها، وكذلك بعد نجاح قوات “بشار الأسد” – بدعم روسي وإيراني – في التصدي للجيش التركي وإلحاق خسائر فادحة في صفوفه.

موجة جديدة من اللاجئين..

بالإضافة إلى ذلك، فإن القرار التركي بتجميع آلاف المحاربين في منطقة “إدلب” الواقعة في شمال “سوريا”، قد أدى في نهاية المطاف إلى موجة جديدة من اللاجئين الذين فروا عبر الحدود إلى جنوب “تركيا”، مما جعل حكومة “إردوغان” تواجه صعوبات فعلية في تحمل أعباء قرابة أربعة ملايين لاجيء سوري ممن باتوا يقيمون في معسكرات مؤقتة داخل الأراضي التركية.

“إردوغان” والتقييم الخاطيء !

يرى “كوفلين” أن أحد أهم الأسباب التي جعلت “إردوغان” يواجه تلك الأزمة المعقدة هي تقييمه الخاطيء للعلاقات التي تربطه بالرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”.

فعندما أقدمت “تركيا”، العام الماضي، على شراء المنظومة الدفاعية الروسية المتطورة من طراز (إس-400)، أعتقد الرئيس “إردوغان” أن تلك الخطوة ستكون بمثابة بداية عهد جديد من التعاون والصداقة بين “موسكو” و”أنقرة”، بعد سنوات طويلة من العداء والتوتر بينهما. ومن أجل ذلك الهدف المنشود، قرر “إردوغان” أن يُغامر بإبرام تلك الصفقة العسكرية مع “موسكو”، رغم كونها تُهدد العلاقات بين “تركيا” وأعضاء “حلف شمال الأطلسي”، الذين رفضوا بشدة قرار “أنقرة” شراء تلك المنظومة من الصواريخ الروسية.

الأولوية القصوى لدى الروس..

يُشير “كوفلين” إلى أن آمال “أنقرة” كانت تتمثل في أن العلاقات المتطورة مع “موسكو” ستؤدي حتمًا إلى مزيد من التعاون بين الدولتين، فيما يتعلق بالأوضاع داخل “سوريا” بعد انتهاء الحرب الأهلية، لا سيما فيما يتعلق برغبة الأتراك في إقامة “منطقة عازلة” في شمال “سوريا”.

ولكن التصعيد العسكري الأخير، أظهر أن الأولوية القصوى لدى الروس تتمثل في مساندة نظام “الأسد” ودعم مساعيه لاستعادة السيطرة على آخر معاقل المتمردين في المنطقة الشمالية. ولذا فإن الروس يُجدون أنفسهم الآن في صدام مباشر مع القوات التركية في “إدلب”، حيث يُحاول “إردوغان” حماية عدد من المليشيات الإسلامية المسلحة التي تُصر على إسقاط نظام “الأسد”.

أوروبا والموقف الجديد !

إن الأزمة التي تواجهها “تركيا” في “سوريا” هي من صُنع “إردوغان”، لكن تلك الحقيقة لا تمنعه من محاولة صرف الأنظار عن فشله العسكري في “سوريا”، عبر إعادة استفزاز الأوروبيين من خلال طرح قضية اللاجئين.

وكان “إردوغان” قد استخدم تلك الحيلة بنجاح كبير قبل قرابة خمس سنوات، حيث قرر “الاتحاد الأوروبي”، وقتها، منح “تركيا” ستة ملايين يورو؛ بعدما هددت بالسماح للاجئين السوريين بالعبور إلى “أوروبا”.

لكن ردود أفعال زعماء القارة الأوروبية على محاولة الإبتزاز الجديدة من جانب “إردوغان”؛ تُثبت أن محاولته الحالية لن تؤدي إلى النتائج التي يتمناها، نظرًا لأن كثيرًا من الدول الأوروبية أصبحت تتبنى مواقف متشددة من قضية اللاجئين. حيث بدا الموقف الأوروبي الجديد يتكشف شيئًا فشيئًا بعد لقاء سفراء حلف (الناتو)، الذي إنعقد قبل حوال أسبوعين لمناقشة الوضع التركي الحرج في “سوريا”. إذ أن كل ما تمخض عنه اللقاء هو مجرد إبداء التعاطف مع “إردوغان”، لأن بعض الدول في حلف (الناتو) لا تريد التدخل في ذلك الصراع الذي قد يؤدي إلى صدام عسكري مباشر مع “روسيا”.

وفي لقاء آخر عقده سفراء دول “الاتحاد الأوروبي” لمناقشة أزمة اللاجئين، أعرب بعض المشاركين عن غضبهم من الموقف التركي.

لن تقع في الفخ !

ختامًا يؤكد “كوفلين”؛ أن: “إردوغان لا ينبغي أن يتوقع أي دعم من ألمانيا، لأن قرار المستشارة، ميركل، استقبال قرابة مليون لاجيء، أصبح يُهدد موقفها ومكانتها السياسية، لا سيما في ظل وجود معارضة شديدة من جانب مسؤولين في حزبها لاستقبال مزيد من المهاجرين”. مضيفًا أن “أوروبا” ربما وقعت في الماضي فريسة للإبتزاز التركي، لكنها لن تقع في ذلك الفخ مرة أخرى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة