وكالات – كتابات :
في انتقادٍ لافت؛ اتهم الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، مؤخرًا؛ “إيران”، بأنها هي التي تُعرقل إنشاء، “ممر زنغزور”؛ الذي يربط بلاده بـ”أذربيجان”، وبالتالي يربط بين “آسيا” و”أوروبا”، ويأتي ذلك في ظل توترات بين “باكو” و”طهران”، وصلت لتلويح ضمني للأخيرة بالحرب، فيما ردت “باكو” بمناورات مع “أنقرة”.
وخلال عودته من “أذربيجان”؛ يوم 14 حزيران/يونيو الجاري، والتي كانت أول دولة زارها بعد إعادة انتخابه، انتقد “إردوغان”، في تصريحات للصحافيين على متن طائرته، موقف “إيران”: “السلبي” الرافض: لـ”ممر زنغزور”، قائلاً: “إن المشكلة في مشروع الممر لا تتعلق بأرمينيا، وإنما بإيران”.
واعتبر أن موافقة “طهران” على فتح “ممر زنغزور” ستُسّهم في التكامل بين “إيران وتركيا وأذربيجان”، بل قد تُمهّد لتدشّين طريق “بكين-لندن”.
ما هو “ممر زنغزور” الذي اتفقت على فتحه أرمينيا وأذربيجان ؟
وقبل حوالي شهر؛ أعلن رئيس أذربيجان؛ “إلهام علييف”، الاتفاق مع رئيس وزراء أرمينيا؛ “نيكول باشنيان”، على فتح “ممر زنغزور”، عقب لقائهما مع رئيس المجلس الأوروبي؛ “شارل ميشيل”، في “بروكسل”.
وتفصل الأراضي الأرمينية بين “أذربيجان” و”إقليم ناختشيفا”ن الأذري؛ المتمتع بالحكم الذاتي، ولكنه ملاصق لـ”تركيا”.
ويعني الوضع الحالي أنه لا يوجد اتصال بري مباشر بين “أذربيجان” و”تركيا”، ولا بين “باكو” و”إقليم ناختشيفان” الأذري؛ (جمهورية أذربيجانية ذات حكم ذاتي).
لكنّ انتصار “أذربيجان” في حربها ضد “أرمينيا”؛ عام 2020، سّاهم في استعادتها من “أرمينيا” ما يزيد عن: 130 كيلومترًا من أراضيها الحدودية مع “إيران”، وعليه بدأت “باكو” الضغط لفتح “ممر زنغزور” الأرميني؛ الرابط بينها وبين “ناختشيفان” عبر شريط يبلغ طوله: 40 كيلومترًا يمر بمنطقة أرمينية تُدعى: “زانغيزور”، حسّبما ورد في تقرير لمركز (أسباب) للدارسات السياسية والاستراتيجية.
اتفاق وقف إطلاق النار نص على ضرورة سماح أرمينيا بالربط بين أذربيجان وإقليم ناختشيفان..
وفي نهاية حرب “قره باغ”؛ التي استمرت 44 يومًا، عام 2020، والتي توجت بانتصار “أذربيجان”، وقّع البلدان اتفاقية وقف إطلاق النار الثلاثية التي تضم “روسيا”؛ كضامن، والتي تتألف من أقسّام تتعلق بفتح طرق النقل.
ما هو موقف روسيا من “ممر زنغزور” ؟
لموقف “روسيا”؛ القوة الأهم في المنطقة، أهمية بالغة في تحديد مستقبل “ممر زنغزور”، فهي حليف وثيق لـ”أرمينيا”، كما ما زالت تحتفظ بعلاقة جيدة مع “أذربيجان”، وهي الضامن لوقف إطلاق النار، إضافة لعلاقتها القوية المتقلبة مع “تركيا”، وتحالفها المتنامي مع “طهران”.
وبينما كانت تؤيد “روسيا” الربط بين “أذربيجان” و”جمهورية ناختشيفان”، فإنها لا تُشير إلى الطريق على أنه “ممر زنغزور”، ولا على أنه: “ممر”، إلا أنها تدعم افتتاحه.
تلوح بالحرب لوقف الممر.. لماذا ترفض “إيران” المشروع بهذه الحدة ؟
“إيران”؛ التي تتمتع بعلاقات قوية مع “أرمينيا”، لا تُريد أن ترى “ممر زنغزور” يعمل، وفقًا للخبراء، حيث تشعر “طهران” بالقلق من التقارب المحتمل بين “أرمينيا وأذربيجان وتركيا”، والذي تعتقد “إيران” أنه سيُضّعف مواقفها السياسية ومصالحها، كما أنه سيقوي صلات “تركيا” بمنطقة “آسيا الوسطى”؛ وهي الدولة التي تتحدث لغات مشابهة للتركية والأذربيجانية.
إذ تتصل جمهوريات آسيا الوسطى بـ”أذربيجان”؛ عبر “بحر قزوين”، وإذا أصبح هناك اتصال بري مباشر بين “أذربيجان وتركيا”، فهذا يعني فتح الطريق بين “آسيا الوسطى” و”أوروبا”؛ دون المرور بـ”روسيا” أو “إيران”.
كما أن “طهران” تنظر بتوجسّ دومًا لـ”أذربيجان”؛ رغم أن الأخيرة دولة ذات غالبية شيعية مثل “إيران”، ويرجع ذلك إلى أن الأذربيجانيين يُمثلون نحو: 16% من سكان “إيران”، ويُمثلون ثاني أهم قومية في “إيران” بعد الفرس، (يُمثلون نحو: 55% من السكان).
ونجاح “أذربيجان” العلمانية؛ القريبة من الغرب، التي تتبنى القومية الأذربيجانية ذات المضمون التركي، يُمثل خطرًا، بالنسّبة لـ”طهران”، قد يؤدي لصعود المشاعر القومية لدى الأذربيجانيين الذين هم أكثر عددًا من سكان “جمهوري أذربيجان” نفسها، وظهر ذلك واضحًا عندما نفت “طهران” دعمها لـ”أرمينيا” ضد “أذربيجان”؛ في حرب عام 2020، بعد أن تصاعد الاستياء من هذا الدعم لدى أذربيجانيي “إيران”، ووصل لخروج مظاهرات نادرة تدعم سّيادة “أذربيجان” على “إقليم ناغورنو قره باغ”؛ الذي تحتله “يريفان”، وقامت بسببه الحروب بين البلدين.
تنفيذ “ممر زنغزور”؛ يعني من وجهة نظر “إيران” أيضًا، وصول “حلف شمال الأطلسي”؛ الـ (ناتو) إلى “بحر قزوين”؛ عبر “تركيا وأذربيجان”، ما يؤدي إلى تطويق “إيران” و”روسيا”.
مناورات واغتيالات..
في هذا الصّدد؛ سبق أن قال مسؤول أمني إيراني رفيع المستوى، في تصريح سابق لموقع (عربي بوست)، إن “ممر زنغزور” من شأنه أن يقطع الطريق الوحيد أمام “إيران” للعبور إلى “جنوب القوقاز”؛ ومنه إلى “روسيا وأوروبا”، “ستخسّر إيران الكثير بإنشاء هذا الممر، لذلك تعتبره طهران تهديًدً لأمنها القومي”، على حد قوله.