خاص : ترجمة – محمد بناية :
“العراق” موطن للعرقيات والمذاهب المختلفة، ولطالما تعرض هذا البلد، بسبب التنوع العرقي والسياسي والاجتماعي والديني والإيديولوجي، لمشاكل جمة تهدد فسيفساء هذا البلد.
جدير بالذكر أن وجود الأقلية السُنية على رأس السلطة، سابقًا، كان سببًا في تنامي الضغوط على الطائفة الشيعية. إلى أن هاجمت “الولايات المتحدة الأميركية” دولة “العراق” ونجحت في الإطاحة بنظام “البعث”، وقادت بدورها يقظة المنافسات الدينية والسياسية والإيديولوجية العراقية الجديدة.
وتسبب سقوط المستبد، “صدام حسين”، عن السلطة؛ في الاهتمام بدور ومكانة المرجعية الشيعية باعتبارها فاعل سياسي. علمًا أن المرجعية طوت قرن كامل من حياتها (السياسية-الاجتماعية) في “العراق”، تساند باستمرار المقاومة ضد الاستعمار البريطاني، والأميركي، والتدخل الأجنبي بشكل عام. بحسب “مهرداد علي پور”؛ خبير شؤون الشرق الأوسط، في مقاله التحليلي الذي نشره (مركز دراسات السلام الدولي) الإيراني.
أهمية دور القيادة المرجعية التاريخي..
لكن؛ وفي ظل الأوضاع الجديدة التي تلت سقوط نظام “البعث”، بدأت حركة المجتمع العراقي بإتجاه الأهداف الإسلامية في ضوء توجيهات المرجعية الشيعية، لأن الإخفاق السياسي الشديد الذي ساد المجتمع السياسي العراقي، طوال العقود الأخيرة، سلب المرجعية فرصة التعبير عن المعتقدات.
وبالبحث وإستنادًا للأدلة والشواهد يمكن القول: لطالما حظي دور القيادة والمرجعية التاريخي على الصعيد (السياسي-الاجتماعي) العراقي، سواءً في فترة الاحتلال البريطاني، (بعد سقوط الدولة العثمانية)، أو الاحتلال الأميركي، أو المرحلة الراهنة بالأهمية.
وفي هذا الصدد؛ سعى العلماء، (ضمن قوالب حركات “سياسية-وطنية”)، أوائل القرن العشرين، حيث “العراق” تحت الاحتلال البريطاني، لإنقاذ الإسلام والمسلمين من المسارات المنحرفة التي أوجدها المستعمر.
أقوى قطب سياسي في العراق..
وتأسيسًا على ما سبق؛ يمكن القول: تلعب على الساحة السياسية العراقية، حاليًا، أطياف كبيرة من مختلف القوى في الداخل والخارج، منها التيارات الداخلية المؤثرة، أو بعبارة أفضل المرجعية؛ والمراجع هي القوى المؤثرة على مسار التطورات العراقية.
فلطالما كانت المرجعية الشيعية بـ”العراق” أحد مصادر التأثير الداخلية. وفيما يتعلق بأهمية المرجعية الشيعية في “العراق” هي ورقة المرجعية الرابحة الممثلة في القدرة على الحشد، ولذا فالمرجعية هي أقوى قطب سياسي في “العراق” على الإطلاق.
ويعتقد بعض المفكرين أن بمقدور شيعة “العراق” والمراجع الدينية القيام بدور مهم باعتبارها أهم الأطراف في غرب آسيا الحديثة.
جدير بالذكر في المسألة العراقية، تقع معظم إمكانيات التطوير السياسي للمجتمع الشيعي تحت سلطة علماء الحوزة؛ أمثال، آية الله “السيستاني”، و”عبدالعزيز الحكيم”، و”مقتدى الصدر”. هؤلاء العلماء وغيرهم ممن يحظون بشعبية أقل؛ هم بمثابة أداة لتمثيل عناصر المجتمع الشيعي واستعراض القدرات السياسية لذلكم الفصيل.
وقد إزداد دور المرجعية في القاموس الديمقراطي “العراق”، بعد “صدام”، ولم ينتهي بلورة مجتمع مدني إلى قيام حكومة دينية وديمقراطية علمانية ليبرالية؛ وإنما في المقابل نظام ديمقراطي وآلية تتناغم والأسس الإسلامية وتتطابق مع الحكومة الديمقراطية، وأعني السيادة الشعبية.
وبنظرة عامة على وظائف المرجعية المهمة وتعاملهم مع التنوع القومي والمذهبي للهيكل العراقي، دون طرح موضوع الشيعة والسُنة، (باعتباره مشكلة عميقة ومتجذرة)، تثبتأن قضيتهم الرئيسة هي المحافظة على الوحدة والحوار بين الفصائل العراقية المختلفة. فلطالما أكدت المرجعية الشيعية العراقية، رغم وجود مكونات عراقية أخرى، ومن بينها العرب السُنة الذين يفضلون أساليب العنف، على الاستفادة من وسائل وسياسات ديمقراطية وعدم اللجوء مطلقًا للأساليب غير السلمية.
وأبرز نموذج على ذلك، مطالبة المراجع الشيعية بالتهدئة في إطار المحافظة على وحدة المجتمع العراقي بعد هجوم عناصر إرهابية سُنية على حرم الإمامين العسكريين في ضوء فتوى عدد من المتطرفين السُنة بتخريب الأماكن المقدسة. والحديث عن نوعية إستراتيجيات المراجع، فيما يتعلق بمكافحة المحتل، يحتاج إلى مقالة أخرى.
لكن وفي هذه الصدد؛ لم يستنكف المراجع رغم عقيدتهم في ضرورة خروج المحتل وسيطرة العراقيين على مقدرات بلادهم، عن تقديم أمثولة في المواجهة المباشرة ضد الاحتلال ثم التعامل بمرونة.. وعليه وطبقًا للأوضاع فقد نهضت المرجعية لوهلة من الزمن للوقوف في الصف الأول للتنظيمات الجهادية ضد الاحتلال، ثم ركنت بموجب الأجواء الزمكانية لإتباع إستراتيجية أخرى تخدم مصالح الأمة.