كتب وائل نعمة : “بسطال عسكري” أمام مجموعة من الصحفيين، خلال مؤتمر عقده قبل أيام في بغداد، قال انه مستورد من الصين وتم بيعه للجيش بوصفه صناعة محلية وبضعف سعره الحقيقي.
وزارة الصناعة بدورها نفت تجهيز المؤسسات العراقية الرسمية ببضاعة اجنبية. وكشفت عن فتح تحقيق في عقود توريد الستر الواقية، وخوذ عسكرية، قيل انها “غير مطابقة” للمواصفات.
وتقول وزارة الصناعة ان كل العقود الحالية جرت في عهد الوزارة والحكومة السابقتين. علاوة على ذلك تستعد الوزارة لاعادة احياء الصناعات العسكرية بالاستعانة بمجموعة شركات كانت تعمل ضمن مؤسسة التصنيع العكسري السابقة التي ذاع صيتها في تسعينيات القرن الماضي.
وتقدر لجنة الاقتصاد البرلمانية ان تقل كلف استيراد العتاد لصالح وزارتي الدفاع والداخلية، البالغة 3 مليارات دولار سنويا، بنسبة 50%، اذا ما تم تصنيعها محليا.
إحياء التصنيع العسكري
وقرر مجلس الوزراء، في آب الماضي، تشكيل هيئة الصناعات الحربية في وزارة الصناعة والمعادن. ويقول عبدالواحد الشمري، الناطق باسم الوزارة، انه تم “الاستعانة بـ 7 شركات محلية كانت ضمن هيئة التصنيع العسكري السابقة وستبدأ قريبا بانتاج أسلحة خفيفة ومتوسطة”.
الشمري يؤكد لـ(المدى) ان “وزارة الصناعة ستوفر للحكومة مليارات الدولارات كانت تنفق على الاسلحة المستوردة، في حال بدأت الوزارات والحشد الشعبي بشراء إنتاج الصناعات الحربية المحلية”.
وأجبرت الحكومة العراقية، مؤخرا، الوزارات التابعة لها بالتعاقد مع وزارة الصناعة لشراء منتجاتها. ويلفت الشمري الى ان وزارته “بدأت بتأهيل المصانع القديمة للسلاح التي خربت ونهبت بعد الاطاحة بنظام صدام”.
صاروخ بـ45 الف دولار
من جهته قدر جواد البولاني، وزير الداخلية الاسبق، ورئيس لجنة الاقتصاد البرلمانية، انخفاض تكاليف شراء العتاد الى أقل من مليار دولار سنويا في حال تصنيعه محليا.
وأضاف البولاني في حديث مع (المدى)، بالقول “لن نصنع دبابات او آليات ثقيلة، بل سنكتفي بصناعة الذخيرة التي تكلفنا سنويا نحو 3 مليارات دولار”.
وتقول وزارة الدفاع ان الإنفاق على العتاد في 2015 لم يتجاوز 600 مليون دولار.
ولفت رئيس لجنة الاقتصاد البرلمانية الى ان “أصغر الدول التي تجاور العراق تنتج اسلحة محلية وعلينا ان نفعل مثلها”، مؤكدا أهمية الاحتفاظ بموازنة الامن للانفاق على الدفاع والطيران الجوي وأسلحة ثقيلة اخرى بدلا من هدرها على العتاد.
وتخصص الميزانية السنوية نحو 20 % من مجموع الإيرادات الى قطاع الامن. ويقول البولاني ان “العراق ينفق يوميا من مختلف أصناف العتاد بنحو 10 ملايين دولار في أوقات المعارك”، مشيرا الى ان “بعض الصواريخ المستخدمة لمعالجة العجلات المفخخة يصل سعر الواحد منها الى 45 الف دولار”.
الدفاع: نشتري ولكن بشروط
لكن نصير نوري، المتحدث باسم وزارة الدفاع، يقول ان وزارته “لن تشتري انتاج وزارة الصناعة إلا اذا كان ضمن المواصفات العالمية والمطلوبة في الوزارة”.
بالمقابل استطاعت وزارة الدفاع إحياء عدد من الآليات والدبابات القديمة وأعادتها الى العمل، وعرضت قبل شهرين نحو 400 عجلة مدرعة أعيد تصنيعها في معرض ببغداد.
ويقول نوري لـ(المدى) “وفرنا نحو 200 مليار دينار في إحدى حملات إعادة تأهيل مدافع ودبابات (ام بي 4) وآليات عسكرية قديمة أخرى كانت تكلف أكثر من 400 مليار دينار”.
من جهة اخرى يقول المتحدث باسم وزارة الدفاع ان “التصنيع العسكري كان مجموعة شركات تابع لوزارة الدفاع، ووزارتنا كانت تفكر بإعادة هيكلتها لكن الحكومة قررت تحويلها الى وزارة الصناعة”.
وأعلن وزير الدفاع خالد العبيدي، في مؤتمر صحفي، انه أوقف صفقة احذية عسكرية مع وزارة الصناعة بعد إكتشاف ان المواد مستوردة من الصين، وانها بيعت للدفاع بمبلغ اغلى من سعره في الاسواق المحلية.
وأوضح العبيدي ان وزارته كادت ان تخسر 350 مليون دينار بسبب فارق السعر، لانها كانت قد قررت شراء 150 الف حذاء عسكري.
وعرض مسؤول الميرة في وزارة الدفاع، خلال المؤتمر مجموعة من “الستر الواقية” و”الخوذ العسكرية” وقد خرقتها رصاصات المسدس.
واكد المسؤول ووزير الدفاع ان “تلك المعدات من انتاج وزارة الصناعة ولم تصمد امام المسدس وهو سلاح غير مستخدم في المعارك حاليا، حيث أقل سلاح يواجه الجندي العراقي هو الكلاشينكوف”.
وكان وزير الداخلية محمد الغبان كشف ايضا، مطلع كانون الاول الحالي، عن تجهيز وزارة الصناعة بدروع واقية غير صالحة للاستخدام وتم توزيعها على قوات الشرطة والحشد الشعبي.
وأشار الغبان الى أن هذه الدروع كانت بحدود 100 ألف قطعة وبسعر 250 ألف دينار للقطعة الواحدة، مشيرا الى ان قيمتها الحقيقية لاتتعدى 25 الف دينار لانها “صفائح حديدية”.
وأكد وزير الداخلية انه بحث عن أوليات هذا العقد، لكنها اختفت بصورة مفاجئة.
عقود حكومة المالكي
بدوره يقول المتحدث باسم وزارة الصناعة ان “الوزارة فتحت تحقيقا بهذه الصفقة”، مشيرا الى ان “كل الصفقات الاخرى كانت قد أبرمت في زمن الحكومة والوزارة السابقة”.
ونفى الشمري ان تكون “الصناعة قد جهزت الوزارات بمنتجات صينية على انها محلية”، مشيرا الى ان وزارة الداخلية “أخذت 5 الاف درع واقي فقط وأوقفت الـ95 الف الباقية”.
وكان وزير الصناعة محمد الدراجي قال ان “استيراد رصاصة الكلاشنيكوف يكلف العراق 20 سنتاً بينما يمكن تصنيعها بكلفة 7 سنتات فقط”، واضاف “لدينا نحو 34 مدفعاً صنعت محلياً، يمكن إصلاحها بنحو مليوني دولار، بينما يكلف استيراد المدفع الواحد مليوني دولار”.
وأضاف الدراجي، في مؤتمر صحفي عقده في تشرين الاول الماضي، ان “الشركات ذاتها التي زودت العراق بالمصانع الحربية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، مستعدة لإعادة تأهيلها”، لكنه أشار الى ان “المشكلة تتمثل في حاجة المــستثمرين لضمانات قانونية لتصريف منتجاتهم، أي شرائها من قبل وزارتي الدفــاع والداخلية”.