خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في محاولة لتهدئة الاحتجاجات العراقية، أصدر “مجلس النواب”، مساء أمس الأول؛ قانونًا لإلغاء إمتيازات جميع المسؤولين في الدولة، إبتداءً من منصب “مدير عام” وحتى “رئيس الجمهورية”، وسط اعتراض عدد من النواب على القانون، على أن يبدأ تطبيقه مع بداية العام الجديد، 2020.
حول القانون؛ قال “الجبوري”، في مؤتمر صحافي؛ إنه سيتم إلغاء القانون الخاص بالمنح المالية وبأثر رجعي، مبينًا أنه: “استجابة لتوجيهات المرجعية ومطالب المتظاهرين، عكفت اللجنة المالية بالتعاون مع اللجان الأخرى على تقييم مشروع قانون إلغاء الإمتيازات للمسؤولين”.
وأوضح أن: “مقترح القانون تضمن إلغاء بدلات الإيجار للنواب وإلغاء تخصيصات العلاج الطبي في الرئاسات الثلاث وجميع مؤسسات الدولة، كما تم تقليل عدد السيارات المخصصة للرئاسات والوزراء بشكل كبير”.
وأشار إلى أن: “عملية التعاقد مع حمايات النواب كان النائب هو من يتولاها، لكنها الآن أصبحت من قِبل الدائرة القانونية لكل رئاسة وبشكل مباشر، والتي تتولى متابعة شؤونهم المالية والإدارية”.
إيقاف استئجار الطائرات .. إلغاء حماية الرئاسات الثلاثة..
وبيَن أن: “مشروع القانون تضمن إيقاف استئجار الطائرات لأي سبب كان، وفي حال استخدامها يتحمل المستأجر تكاليف الإيجار، كما تم تخفيض مخصصات الإيفادات”، لافتًا إلى أن: “صرف الوقود لجميع من يمتلك سيارة في جميع مؤسسات الدولة أصبح يسلم بوصل رسمي وليس بأموال عينية، كما تمت التوصية بإلغاء جميع الحمايات للرئاسات الثلاث السابقة، ومنذ 2003 وحتى الآن، مع الوزراء ومن بدرجتهم والمستشارين جميعًا، وتم تكليف القائد العام للقوات المسلحة بسحب تلك الحمايات”.
التعديلات لا تتناسب مع مطالب المتظاهرين..
في المقابل، عبر عدد من النواب من كتل سياسية مختلفة، في مؤتمر صحافي عقدوه بعد تصويت البرلمان على القانون، عن عدم رضاهم، حيث لفتوا إلى أن الصيغة الحالية لهذا القانون أبقت على إمتيازات بعض المسؤولين، منها الرئاسات الثلاث والوزراء والمدراء العامون والوكلاء والمستشارون، منوّهين بأن التعديلات لا تتناسب مع مطالب المتظاهرين والشارع العراقي، كما أن القانون بصيغته الحالية لم ينص على استعادة السيارات والدور من المسؤولين منذ فترة “مجلس الحكم الانتقالي” وحتى اليوم، بحسب تأكيدهم.
وأضاف النواب في مؤتمرهم، أن بعض المسؤولين في الدولة، منذ 2003 وحتى الآن، يتنعمون بالإمتيازات والدور الفارهة وعدد كبير من السيارات والحمايات، ولم ينص القانون الجديد على سحب هذه الإمتيازات من أولئك المسؤولين وحماياتهم.
وقف المشروع وتعديل فقراته..
كما أشاروا إلى أن: “النواب ممثلي الشعب أوقفوا المشروع، وطلبوا من اللجنة المالية تعديل فقراته وإعادة قراءته ليتناسب مع المطالب الشعبية ورؤية المرجعية الرشيدة”، بحسب تعبيرهم.
ويأتي هذا القرار في الوقت الذي ينتظر المراقبون والشارع تعديلات وزارية إصلاحية يقدمها رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”. حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم مكتب رئيس الوزراء، أنه سيقدم قائمة بعدد من الوزراء للوزارات الخدمية والاقتصادية والمعنية في ملف الإصلاحات والاستجابة لمطالب المتظاهرين على المستوى المعيشي والخدمي.
قرار منصف..
تعليقًا على القرار، قال عضو مجلس النواب العراقي، “عبدالسلام المالكي”، إن: “قانون إلغاء الإمتيازات للمسؤولين العراقيين يدلل على أن هناك تفاوت طبقي بين الرواتب العليا التي يتقاضها المسؤولون وبقية الشعب العراقي؛ لذلك كان هذا الإجراء من ضمن طلبات المحتجين في محافظات العراق”.
وأكد على أن: “القرار الذي إتخذه البرلمان العراقي كان منصفًا باعتبار أنه جاء متماشيًا مع رغبات المتظاهرين وتلبية لطلباتهم”.
إجراء ترقيعي..
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور “عزيز جبر”، إن قرار إلغاء الإمتيازات المالية للمسؤولين العراقيين إجراء “ترقيعي”، مشيرًا إلى أن إلغاء الإمتيازات وتعديل قانون الانتخابات كان من مطالب المحتجين، لكنها لن تؤدي إلى تخفيف حدة التظاهرات، والنخبة السياسية العراقية يتعاملون مع الأمر في إتجاه تخفيف الغضب الشعبي العراقي وليس بإتجاه الإصلاح أو إتجاه حل المشاكل، معلقًا هكذا يفهمها المتظاهرون في “العراق”.
مضيفًا أن أي إجراء سواء كان من السلطة التنفيذية أو التشريعية، لا يُلمس منه جدية، يكون مرفوضًا من قِبل الشارع العراقي، لافتًا إلى أن القانون الذي أقرَّه أعضاء البرلمان العراقي بإلغاء الإمتيازات المالية ليس هو المطلوب.
ويشهد “العراق”، منذ بداية تشرين أول/أكتوبر الماضي، تظاهرات طالبت بالإصلاحات العامة توفيرًا للخدمات، وتأمين فرص العمل، ومحاربة الفساد المستشري في مفاصل الدولة العراقية، وضد التدخل الإيراني في شؤون البلاد وسرعان ما توسعت بإنضمام حشود هائلة من مختلف الأطياف العراقية تواجهها القوات الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع التي تخترق الجمجمة والرصاص المطاطي مباشرة، ما أدى إلى مصرع حوالي 400 شخص منهم وإصابة 16 ألفًا آخرين حتى الآن، وقد تحولت بعد استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين إلى الدعوة إلى استقالة الحكومة وحل “مجلس النواب”.