13 أبريل، 2024 5:54 م
Search
Close this search box.

إثيوبيا لن تتنازل عن “حلم السد” حتى لو خسرت واشنطن .. “ترامب” يتعامل مع المفاوضات كـ”صفقة” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس الشرقاوي :

أعلنت “إثيوبيا” مؤخرًا وقف مشاركتها في مفاوضات “سد النهضة”، في 26 شباط/فبراير الماضي، مما يؤزم وضع أزمة السد التي تتدخل فيها “واشنطن” كوسيط، حيث أصبح ينبغي على “الولايات المتحدة” عدم التحيز لأي طرف من الطرفين وعدم إملاء أي شروط على “إثيوبيا” وضرورة إقناع الطرفين بتقديم التنازلات؛ لأن وقت التوصل إلى اتفاق يوشك على النفاد مع إكتمال السد بنسبة 70 في المئة وتوقعات ببداية ملؤه في نموز/يوليو القادم، بحسب ما ذكرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية.

شرحت المجلة في تقريرها؛ أن “مصر” هي دولة صحراوية يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، منشأ “نهر النيل”، وهي تعتمد على النهر بنسبة 90% كمورد أساس للمياه العذبة.

تُساهم “إثيوبيا”، وهي دولة في شرق إفريقيا يبلغ عدد سكانها 112 مليون نسمة، بحصة الأسد في مياه “النيل”، بروافده الثلاثة – “النيل الأزرق، والسوبات، وعطبرة” – والتي تحمل حوالي 84% من إجمالي الجريان السطحي في “النيل”. ومع وجود اقتصاد متنامي، ولكن فقير الموارد، تحرص “إثيوبيا” على تطوير إمكاناتها الهائلة لتوليد الطاقة الكهرومائية في حوض النيل لتُصبح مركزًا إقليميًا لصادرات الطاقة الكهربائية.

يُعد مشروع “سد النهضة”، وهو مشروع بقيمة 5 مليارات دولار، أكبر سد للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، جزءًا من هذا الطموح. ويقع السد على جانب “إثيوبيا” من “النيل الأزرق”، على بُعد 12 ميلاً فقط من حدودها مع “السودان”.

سوف يُخزن السد الضخم في 74 مليار متر مكعب من الماء، أي ما يُعادل تقريبًا عام ونصف من تدفق “النيل الأزرق”، والذي سيتم ملؤه تدريجيًا عند إكتمال من تموز/يوليو إلى تشرين أول/أكتوبر 2020؛ خلال موسم الأمطار القصير في “إثيوبيا”.

وسوف يتمتع “السودان”، الذي لا يوجد به سد كبير على “النيل”، بمعظم فوائد هذا السد، وهو ما يُفسر قراره بالإنحياز إلى “إثيوبيا”، لأول مرة في تاريخ سياسات “النيل”، بينما “مصر” لن تُجني خيرًا من وراء هذه التغييرات، حيث تخشى أن سد منبع النيل على “النيل الأزرق”، والذي يُساهم بنحو 60 في المئة من تدفق “النيل”، سيؤدي إلى تقليل إمدادات المياه وتوليد الطاقة في “أسوان”.

كمشروع للطاقة الكهرومائية؛ لن يستهلك السد الماء مباشرة بمجرد ملء خزانه. ومع ذلك، يمكن أن يقلل من كمية المياه التي تحصل عليها “مصر” إذا ارتفع نصيب “السودان” المستخدم في الري، مما يُزيد من قلق “مصر”.

لحماية خزانها في “أسوان”، تُريد “مصر” الحصول على اتفاقية تُلزم “إثيوبيا” بتحديد كمية ثابتة من تدفق النهر وآليات لرصد إمتثال “إثيوبيا”. من ناحية أخرى، تسعى “إثيوبيا” إلى تجنب الإلتزام الدائم بسحب حصة مائية معينة وتطالب باتفاقية مرنة مع بند للمراجعات الدورية. وبينما تُريد “إثيوبيا” تجنب اتفاقية تُقيد قدراتها من الطاقة الكهرومائية التي تهدف للوصول نحو 45.000 ميغاوات، “مصر” تُريد تقيُد “إثيوبيا” بهذه الضوابط.

لماذا تتحيز واشنطن لمصر ؟

تقول المجلة الأميركية أن “مصر”؛ بعدما طلبت من “الولايات المتحدة” القيام بدور الوسيط، بدا أن دور الرئيس، “دونالد ترامب”، الذي التقى بنظيره المصري، “عبدالفتاح السيسي”، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، وسط مفاوضات واسعة، لم يُكن إلا للحصول على صفقة، ولكن ليس مدفوعًا بمصالح السياسة الخارجية.

وفي إحدى خطابات “ترامب” مؤخرًا، حول دوره في المفاوضات، قال أنه يستحق جائزة “نوبل” عن وساطته. كما أن تنسيق المفاوضات من قِبل “وزارة الخزانة”، وتهميش “وزارة الخارجية” الأميركية، التي تمتلك الخبرة المناسبة لهذا النوع من المفاوضات؛ كان دليلاً على ميل “ترامب” للتعامل مع الأزمة كـ”صفقة”.

وخصصت كل من “وزارة الخزانة” الأميركية و”البنك الدولي” موارد كبيرة لمساعدة جهود الإصلاح الإثيوبية في عهد رئيس الوزراء، “أبي أحمد”. وبالتالي؛ يبدو أن تدخل “وزارة الخزانة” و”البنك الدولي” في تصعيد الضغط على “إثيوبيا” هدفه التلميح لتكاليف التمرد أثناء المفاوضات.

تؤكد (فورين بوليسي) على أن انسحاب “إثيوبيا” من المفاوضات جاء في وقت حرج. وأعربت “وزارة الخارجية” الإثيوبية عن رفضها لمسودة الاتفاقية، واصفة إياها بأنها: “غير مقبولة وحزبية للغاية”، في حين أشارت “مصر” إلى أنها وقعت الاتفاقية في اجتماع لم تكن “إثيوبيا” حاضرة فيه. وبدلاً من المساعدة في حل هذه الاختلافات، أصدرت “وزارة الخزانة” الأميركية بيانًا زعمت فيه أن مسودة الاتفاقية: “تُعالج جميع القضايا بطريقة متوازنة وعادلة”، وحذرت “إثيوبيا” من أن: “الاختبار النهائي وملء السد لا يجب أن يتم بدون اتفاق”.

بالنسبة لـ”إثيوبيا”، يبدو أن هذا يؤكد الخوف الطويل الأمد من أن “الولايات المتحدة” وسيط مُنحاز. يقول “ديفيد شين”، سفير الولايات المتحدة السابق في “إثيوبيا”، إن: “الولايات المتحدة تبدو أنها تتحيز لصالح مصر”.

يُفسر محللون إثيوبيون تدخل “الولايات المتحدة” في مفاوضات “النيل” على أنه استرضاءً لـ”مصر” في سياق خطة “ترامب” للسلام في الشرق الأوسط، والتي رفضتها الدول العربية بشكل قاطع. على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على هذا، فإن صفقة من هذا النوع في الغرف متوقعة بالنظر إلى تقارب “ترامب” من “السيسي”، حيث يُزعم أن “ترامب” أجرى مكالمة هاتفية لطمأنة “السيسي” بأنه سيواصل جهود الوساطة بعد انسحاب “إثيوبيا”.

من خلال وساطتها، بددت الحكومة الأميركية قوتها الناعمة التي حصلت عليها بشق الأنفس في “إثيوبيا”، حيث كانت حليفة أمنية قوية لعقود. من ناحية “إثيوبيا”، فهي لن تُغامر بالتنازل عن مشروع السد، خاصة أنه سيُحرم “أبي” من الفوز في الانتخابات الوطنية، في آب/أغسطس القادم، حتى لو كان ذلك مقابل خسارة “واشنطن” كحليف.

من غير المُرجح أن تنجح سياسة العصي والجزر من “واشنطن” في حمل “إثيوبيا” على الدخول في معاهدة من المفترض أنها تؤثر على حقها في استخدام مياه “النيل”.

ولذلك، يتعين على “واشنطن” إيجاد مخرج من هذا اللغز ويعتمد نجاحها، في التوسط، في النزاع على قدرتها على إيجاد حل وسط مقبول لكل من “إثيوبيا” و”مصر”، وهو أمر مُعقد لأنها استثمرت كثيرًا في مشروع اتفاق ترفضه “”إثيوبيا”.

دور البنك الدولي والدول الحلفاء..

وفي حالة إذا تعرقلت جهود الوساطة الأميركية، فستكون الخطوة التالية هي أن تنقل الدول الثلاث الأمر إلى رؤساء حكوماتها، على النحو المنصوص عليه في “إعلان المباديء” لعام 2015. ويمكن للحلفاء الرئيسيين من البلدان المتفاوضة، ولا سيما “الاتحاد الأوروبي”، أن يلعبوا دورًا بناءًا في تسهيل التوصل إلى اتفاقية.

كما يمكن لـ”البنك الدولي”، الذي كان يحضر مفاوضات “واشنطن” بصفته مراقب، أن يُقدم خبرته الفنية لصياغة اتفاق. ويتمتع البنك بخبرة غنية في هذا المجال، حيث لعب دورًا رئيسًا في مساعدة “الهند” و”باكستان” على تنفيذ معاهدة “إندوس ووترز”.

وجه تقرير المجلة الأميركية أن اتفاقية السد يجب أن تقوم على أساس من إطار تعاوني لتحقيق تكامل إقليمي واقتصادي أكبر؛ نظرًا لأن تغير المناخ يخلق نقاط ضعف جديدة مثل عدم انتظام هطول الأمطار، حيث سيُصبح من الضروري التنسيق الفعال لاستخدام المياه عبر “نهر النيل”.

وأضاف التقرير؛ أنه يمكن للدول الثلاث الموقعة استخدام الحوافز التجارية والاستثمارية لتحسين استخدام المياه، على سبيل المثال من خلال توكيل إنتاج المياه إلى البلدان ذات موارد مائية وفيرة. ويمكن أيضًا لدول المنبع التي لديها إمكانات الطاقة الكهرومائية أن تُفكر في التنمية المشتركة للسدود لتعزيز الثقة وتسهيل التنسيق عبر الحدود. وبالمقابل، سيوفر التكامل الاقتصادي حماية ضد القوى السياسية المستقطبة التي تُحرض الدول على بعضها البعض في حالة النقص الحاد في المياه.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب