27 ديسمبر، 2024 7:19 ص

إثر إلغاء الحكم الذاتي .. هل يصل الوضع بين باكستان والهند إلى اشتعال الحرب ؟

إثر إلغاء الحكم الذاتي .. هل يصل الوضع بين باكستان والهند إلى اشتعال الحرب ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أجج قرار “الهند”، إلغاء الحكم الذاتي الدستوري في الجزء الخاضع لسيطرتها في “كشمير”، الوضع مع “باكستان”، واستنفار الجهود الإقليمية والدولية لتفادي التصعيد العسكري في منطقة حدودية مدججة بالأسلحة النووية.

وكانت الحكومة الهندية قد ألغت، الإثنين، الوضع الخاص لـ”إقليم كشمير”، في مسعى لدمج منطقتها الوحيدة، ذات الأغلبية المسلمة، مع بقية أجزاء البلاد، في أكبر تحرك بشأن الإقليم المتنازع عليه؛ الواقع في “جبال الهيمالايا”.

وكان وزير الداخلية الهندي، “أميت شاه”، قد قال أمام البرلمان إن الحكومة الاتحادية ستلغي المادة (370) من الدستور التي تمنح وضعًا خاصًا لمنطقة “كشمير” المتنازع عليها، وتتيح لولاية “غامو” و”كشمير” الخاضعة لسيطرة “الهند”، وضع قوانينها الخاصة، مضيفًا: “سيتم تطبيق الدستور بأكمله على ولاية غامو وكشمير”، مما ينهي حقوق الولاية في وضع قوانين خاصة بها، وأقر الرئيس الهندي التغييرات التي أجرتها الحكومة.

خطوة غير شرعية..

ردًا على القرار؛ أعلنت “إسلام آباد” أنها تعتبر قرار “نيودلهي”، إلغاء وضع الحكم الذاتي الدستوري لـ”إقليم كشمير” الهندي، خطوة “غير شرعية”، وأكدت أن هناك إعترافًا دوليًا بكون المنطقة، التي تشهد تمردًا انفصاليًا؛ وتطالب “إسلام آباد” بالسيادة عليها، أرض متنازع عليها.

وشدد بيان “الخارجية الباكستانية” على أن؛ إسلام آباد “تندد بشدة وترفض الإعلان” الصادر من “نيودلهي”.

وأضافت: “لا يمكن لأي إجراء أحادي الجانب من الحكومة الهندية أن يغير الوضع المتنازع عليه … وكجزء من هذا النزاع الدولي، ستفعل باكستان كل ما بوسعها للتصدي للإجراءات غير الشرعية”.

ورأت أن الخطوة، التي “ترفضها” إسلام آباد “بشدة وتندد بها”، لن تكون “مقبولة أبدًا لشعب غامو وكشمير وباكستان”.

وتابع البيان: “تُعيد باكستان تأكيدها على إلتزامها الثابت بقضية كشمير، ودعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي لشعب غامو وكشمير المحتلة من أجل التوصل لحقه الثابت في تقرير المصير”.

خفض التمثيل الدبلوماسي ووقف التبادل التجاري..

كما أعلنت الحكومة الباكستانية خفض التمثيل الدبلوماسي بينها وبين “الهند” إلى أقل مستوى، ووقف التجارة كليًا مع “الهند”، إضافة إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى في القوات المسلحة الباكستانية.

كما طلبت “إسلام آباد”، عقد اجتماع طاريء لـ”مجلس الأمن” للنظر في “الإنتهاكات الخطيرة” لقراراته من جانب “الهند” في “غامو” و”كشمير”، متهمة “نيودلهي” ببناء “جدار فولاذي” للتعتيم على “حملة القمع الضخمة” في المنطقة المتنازع عليها.

وعقدت “لجنة الأمن القومي الباكستاني”، المسؤولة عن إتخاذ القرارات الاستراتيجية الرئيسة، اجتماعًا، أمس الأول، في “إسلام آباد”، برئاسة رئيس الوزراء، “عمران خان”، لبحث الوضع. وأمرت “باكستان”، السفير الهندي، بمغادرة البلاد على الفور، واستدعت سفيرها من “الهند”، حسبما قال وزير الخارجية، “شاه محمود قرشي”.

مظاهرات معادية للهند..

وتزامن مع ذلك قيام مظاهرات معادية لـ”الهند” في الشطر الهندي من “كشمير”، قُتِل جراءها 6 أشخاص، وجُرِح عدد آخر.

وكانت شوارع “سريناغار”، أهم مدن الولاية شبه مهجورة لليوم الثالث على التوالي، في ظل إغلاق جميع المتاجر لأبوابها تقريبًا، باستثناء بعض الصيادلة.

وأقامت الشرطة الاتحادية نقاط تفتيش متنقلة في جميع أنحاء المدينة، ما حدّ من حركة الناس. وقالت الشرطة وأحد الشهود إن مجموعات صغيرة من المتظاهرين الشباب كانت ترشق القوات بالحجارة، في ظل غضب من قطع الاتصالات، الذي بدأ يوم الأحد.

استنفار أمني من الجانب الباكستاني..

وفي القسم الذي تديره “باكستان” من “كشمير”؛ عمّت المظاهرات للضغط على الحكومة الباكستانية وإجبارها على إتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه “الهند”.

وكان الجيش الباكستاني قد أعلن أن قادة الفيالق سيعقدون اجتماعًا آخر بعد اجتماعين سابقين، يومي الأحد والإثنين، لمناقشة الوضع في “كشمير”، وخطورة الخطوة الهندية في ضمّ “كشمير” نهائيًا لـ”الهند”.

وأعلن قائد الجيش الباكستاني، الجنرال “قمر غاويد باغوا”، والناطق باسم الجيش، اللواء “آصف غفور”، أن القوات المسلحة الباكستانية ستقف إلى آخر مدى مع الشعب الكشميري، مهما كلفها ذلك، وأن القوات الباكستانية قادرة على التصدي لأي مغامرة عسكرية هندية ضد “باكستان”، أو الجزء الذي تديره “باكستان” من “كشمير” المتنازع عليها.

لن ينزلقا لحرب شاملة..

وبحسب موقع (الشرق الأوسط)؛ فإنه رغم التوتر المتصاعد بين البلدين النوويين، فإنه يُستبعد إنزلاقهما إلى حرب شاملة، لكن مسؤولون عسكريون باكستانيون لم يستبعدوا إندلاع اشتباكات متقطعة أو قصف مدفعي متبادل بين قوات البلدين عبر الخط الفاصل بينهما في “كشمير”.

تشعل نزاعًا وتؤجج التمرد..

فيما توقع محللون أن تشعل الخطوة نزاعًا مع “باكستان”؛ التي تتنازع مع “الهند” السيادة على المنطقة ذات الغالبية المسلمة، وأن تؤجج التمرّد الذي أوقع حتى الآن عشرات آلاف القتلى.

وعد انتخابي..

ولفت مدير مركز “الباب” للدراسات، “جاسم التقي”، إلى “وجود تقصير باكستاني في فهم عقلية رئيس الوزراء الهندي الجديد، الذي وعد الأغلبية الهندوسية خلال حملته الانتخابية بإلغاء البند الذي يعطي الكشميريين حق الاستقلال الذاتي”.

لكنه استبعد مع ذلك أن “تلجأ باكستان لخيار الحرب، لأنها تعيش أزمة اقتصادية خانقة، فضلاً عن رجوح كفة القوة العسكرية عدديًا ونوعيًا لصالح الهند”.

رسالة لمجلس الأمن اعتراضًا على الإنتهاكات من الجانب الهندي..

وأكدت المندوبة الباكستانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، “مليحة لودهي”، أن بلادها طلبت عقد اجتماع طاريء لـ”مجلس الأمن” للنظر في “الإنتهاكات الخطيرة” لقراراته من جانب “الهند” في “غامو” و”كشمير”، متهمة “نيودلهي” ببناء “جدار فولاذي” للتعتيم على “حملة القمع الضخمة” في المنطقة المتنازع عليها.

وأجرت رئيسة “مجلس الأمن” للشهر الجاري، المندوبة البولونية، “غوانا فرونيكا”، اجتماعات ثنائية منفصلة مع كل من المندوبة الباكستانية، ونظيرها الهندي، “سيد أكبر الدين”، وكثير من ممثلي الدول الـ 15 الأعضاء في “مجلس الأمن”، للبحث في الطلب الباكستاني الذي ورد في رسالة رسمية وجّهتها المندوبة الباكستانية إلى رئيسة مجلس الأمن والأمين العام للمنظمة الدولية، “أنطونيو غوتيريش”، بشأن إلغاء “الهند” مادة في الدستور الهندي تعترف عمليًا بالنزاع الكشميري منذ 70 عامًا.

في رسالتها؛ أوضحت أن الحكومة الهندية قامت، في 5 آب/أغسطس 2019، بالتخلص من المادة (370) من الدستور الهندي والبند (35 أ)، “ما يعادل ضمّها غير القانوني”.

ولاحظت أن هذا القرار سبقته “حملة قمع أمنية ضخمة في كشمير”، مشيرًة إلى نشر 38 ألفًا من القوات شبه العسكرية الإضافية، ليصير عددها الإجمالي 180 ألفًا، فضلاً عن “فرض حظر التجول والاعتقال المنزلي للزعماء الكشميريين والقطع التام للاتصالات”.

ورأت أن ذلك يرقى إلى “وضع جدار فولاذي على كشمير المحتلة بغية دفع الأعمال غير القانونية”، قائلة إن هذه الأعمال “رفعت الإحساس العميق بالخوف وإنعدام الأمان لدى السكان الكشميريين”.

اتهامات محاولة تغيير ديموغرافيا كشمير..

واتهمت “لودهي”، “الهند”، بأنها “تحاول تغيير ديموغرافيا كشمير المحتلة، بهدف واضح هو تقويض استفتاء الأمم المتحدة، وفقًا لتصور قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

وذكرت بأنه: “منذ عام 1989؛ هناك نحو 100 ألف كشميري استشهدوا، وأكثر من 22 ألف امرأة ترملت، و108 آلاف طفل تيتموا، وأكثر من 12 ألف امرأة اغتصبت من القوات المحتلة الهندية في كشمير”.

وأكدت أن الهند “تحاول تحويل إنتباه المجتمع الدولي عن تردي حقوق الإنسان والوضع الإنساني في كشمير، عبر تصعيد التوترات عبر خط المراقبة، (الحدود العملانية)، بما في ذلك من خلال استخدامها أخيرًا الذخائر العنقودية لاستهداف المدنيين”، منبهة إلى أن هذه الأعمال “تمثل تهديدًا بالغًا ومزعزعًا لاستقرار الوضع الهش أصلاً في جنوب آسيا”.

وأشارت إلى أن “غامو وكشمير لا تزال نزاعًا معترفًا به دوليًا، معلقًا على جدول أعمال مجلس الأمن”، الذي يفيد في قراراته أن “الترتيب النهائي” للنزاع في المنطقة سيحصل “طبقًا لإرادة الشعب المعبر عنها بطريقة ديمقراطية في استفتاء حرّ ونزيه برعاية الأمم المتحدة”.

وقالت “لودهي” إنه: “طبقًا لقرار مجلس الأمن، رقم 38 لعام 1948، والذي يدعو الهند وباكستان إلى إبلاغ المجلس فورًا بأي تغيير مادي في الوضع”، مضيفًة: “أطلب اهتمامكم العاجل بالأعمال الهندية”. وأكدت أن: “لدى مجلس الأمن مسؤولية ضمان عدم إنتهاك جوهر وروح قراراته من أي من أطراف النزاع”.

وأفادت أن باكستان “تندد وترفض هذه الأعمال غير القانونية، بما فيها محاولات الهند المتعمدة تقويض الوضع المتنازع عليه والمعترف به دوليًا لغامو وكشمير، وحرمان الشعب الكشميري من حقّه غير القابل للتصرف بتقرير المصير”.

باكستان مستعدة لإجراء استفتاء..

وكررت أن بلادها “لا تزال مستعدة لإجراء استفتاء عادل وحر وشفاف (…) لضمان تطلعات الشعب الكشميري”، متهمًة، “الهند”، بـ”العناد” وبأنها “تأخذ رهينة السلام والتنمية لأكثر من مليار ونصف مليار إنسان في جنوب آسيا”.

وشددت على أن بلادها “ستواصل الدعم المعنوي والدبلوماسي والسياسي للنضال الكشميري المشروع والأصلي، من أجل تحقيق تقرير المصير الذي ضمنه لهم مجلس الأمن”.

وإذ حذرت من “عواقب خطيرة على الأمن والسلم في جنوب آسيا”؛ بسبب الخطوات الهندية، حضّت “مجلس الأمن” على بحث هذه “التطورات”، باعتباره “المسؤول مبدئيًا عن صون الأمن والسلم الدوليين”، فضلاً عن “إتخاذ الخطوات الضرورية (…) لضمان أن تعود الهند إلى الإمتثال التام لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، من خلال عكس كل الخطوات التي تتعارض مع تسوية نزاع غامو وكشمير”.

واشنطن تدعم الحوار المباشر..

من جانبها؛ قالت “الولايات المتحدة”، أمس الأربعاء، إنها تدعم الحوار المباشر بين “الهند” و”باكستان” بشأن “إقليم كشمير”، المتنازع عليه، ودعت إلى الهدوء وضبط النفس مع تصاعد النزاع.

وقالت متحدثة باسم “وزارة الخارجية الأميركية”، في بيان: “ما زلنا ندعم الحوار المباشر بين الهند وباكستان؛ بخصوص كشمير والقضايا الأخرى محل الاهتمام”.

تاريخ الصراع..

ويُعتبر صراع “الهند” و”باكستان”، على “كشمير”، من أطول النزاعات الدولية، وبدأ قبل سبعين عامًا، بعد إعلان استقلال “الهند” عن الاحتلال البريطاني، في حين لعبت “الصين” دورًا ثانويًا في بعض الأوقات.

وفي كانون ثان/يناير عام 1949؛ تدخلت “الأمم المتحدة” في النزاع المسلح بين البلدين على الإقليم، وتم تحديد خط لوقف إطلاق النار، وبموجبه وضع ثلثي مساحة “كشمير” تحت السيطرة الهندية، والباقي تحت السيطرة الباكستانية.

ولم تمنع المعاهدة خوض الدولتين حربين، في 1965 و1971، إلى جانب تلك التي اندلعت قبل إبرام الاتفاقية ،وكانت في العام 1948، مما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين.

ويُعتبر الإقليم استراتيجيًا لـ”الهند”، كونه يرتبط بتوازن القوى في جنوب آسيا، وبين “الهند” و”الصين”.

أما أهميته لـ”باكستان” فجغرافية وسكانية وحيوية، حيث تنبع أنهار “باكستان” الثلاثة منه.

ووفقًا للرواية الهندية؛ فإن ولاية “غامو” و”كشمير” كلها ملك لها، وفعليًا تحكم “الهند” نحو 43 في المئة من المنطقة، وتتنازع مع “باكستان”، التي تحكم نحو 37 في المئة من الولاية.

أما “الصين” فتحكم حاليًا ثلاثة مناطق في الإقليم وتنازعها عليها “الهند”، منذ إستيلائها على (أكساي تشين-Aksai Chin)، خلال الحرب “الهندية-الصينية”، عام 1962.

وحافظت “الهند” و”باكستان” على وقفٍ هش لإطلاق النار، منذ عام 2003، رغم تبادل لإطلاق النار بإنتظام عبر الحدود.

وعام 2006؛ إتخذ البلدان خطوات نحو الحوار وتعزيز العلاقات الثنائية، ولكنها لم تكلل بالنجاح.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة