خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد محاولاته إبتزازهم وإجبارهم على النزول لرغباته، أعلن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، عن عقد قمة “تركية-أوروبية” في “إسطنبول”، لبحث مسألة المهاجرين وطالبي اللجوء، مشددًا على أن “تركيا” لن تُغلق أبوابها أمام الراغبين في التوجه إلى حدود “أوروبا”، وأن على “اليونان” فتح أبوابها.. في الوقت الذي طالب فيه وزير الخارجية، “مولود غاويش أوغلو”، بتحديث اتفاق الهجرة مع “أوروبا”؛ الموقع عام 2016.
وقال “إردوغان”، إنه سيستضيف قمة في “إسطنبول”، الثلاثاء المقبل، تضم قادة “فرنسا وألمانيا”، وربما “بريطانيا”، لمناقشة قضية المهاجرين؛ بعدما بدأت “تركيا” السماح لهم بالعبور إلى “أوروبا”، مشيرًا إلى أن “تركيا” لا تُفكر حاليًا في إغلاق معابرها الحدودية مع “أوروبا”، وأنه على “اليونان” فتح معابرها. وتابع؛ أن مسألة اللاجئين و”سوريا” و”إدلب” تُعد اختبار إرادة وقيادة لـ”الاتحاد الأوروبي” أكثر من “تركيا”، وعلى الاتحاد القيام بمسؤولياته، مضيفًا: “القادة الأوروبيون يقرّون بأن تركيا قامت بواجباتها حيال اللاجئين بعد اتفاق 18 آذار/مارس 2016؛ بشأن الهجرة وإعادة قبول اللاجئين، وأنهم تحركوا ببطء حيال هذا الأمر”.
مشيرًا إلى وجود عمل “تركي-أوروبي” مشترك لتجاوز حالة البطء في تطبيق إلتزامات اتفاقية المهاجرين بين الجانبين، تحت إشراف وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، والممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد، “جوزيب بوريل”، قائلاً: “نحن في انتظار قطف أولى ثمار العمل المشترك مع حلول القمة الأوروبية، بتاريخ 26 آذار/مارس الحالي”.
جريمة سنُحاسبهم عليها !
ووصف تعامل “اليونان” مع طالبي اللجوء المحتشدين على حدودها؛ بأنه “جريمة” و”سنُحاسبها على ذلك”، ودعا رئيس الوزراء اليوناني، “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، لتعلّم القانون الدولي وقراءة البيان العالمي لحقوق الإنسان، قائلاً: “هؤلاء (الأمن اليوناني) قتلوا 4 أو 5 لاجئين، كما أنهم قاموا بتعريتهم. سنُحاسبهم على ذلك، وسنعرض كل ذلك أمامهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وأشار “إردوغان” إلى أنهم بحثوا سُبل تعزيز علاقات “تركيا” مع “الاتحاد الأوروبي” و”حلف شمال الأطلسي”، (ناتو)، قائلاً: “في 28 شباط/فبراير الماضي، دعونا إلى اجتماع طاريء لـ (الناتو) بشكل رسمي، ونتمنى أن يخلص اجتماع (الناتو)، (اليوم الأربعاء)، إلى نتيجة إيجابية”.
وكان “إردوغان” قد التقى في “بروكسل”، أول من أمس، أمين عام (الناتو)، “ينس ستولتنبرغ”، لبحث التطورات المتعلقة بأزمة اللاجئين والمهاجرين والتطورات في “سوريا”. واتفقت “تركيا” و”الاتحاد الأوروبي”، خلال لقاء “إردوغان” مع مسؤولي الاتحاد؛ على مراجعة “اتفاقية الهجرة”، الموقعة في 18 آذار/مارس 2016.
وعقد رئيس المجلس الأوروبي، “شارل ميشيل”، ورئيسة المفوضية الأوروبية “أورزولا فون دير لاين”، مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا في “بروكسل” عقب اجتماعهما مع الرئيس “إردوغان”.
وقال “ميشيل”، إنهم بحثوا معه اتفاقية 18 آذار/مارس، ومواضيع أخرى، وأكدوا أنهم يعتبرون هذا اللقاء خطوة أولى من أجل حوار سياسي قوي مع “تركيا” على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
ولفت “ميشيل” إلى أن الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، “جوزيب بوريل”، سيبدأ مع وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، العمل حول “اتفاقية الهجرة”، الموقعة في 2016.
بدورها؛ أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، ضرورة إعادة فتح قنوات الحوار مع “تركيا”، مضيفة أن اللقاءات هي من الشروط الأساسية لحل الأزمة على الحدود اليونانية. وأشارت أن طالبي اللجوء و”اليونان” و”تركيا” جميعهم في حاجة إلى المساعدة.
وذكرت؛ أن المباحثات مع “إردوغان” تمحورت حول التوصل إلى خريطة طريق تحمي مصالح “الاتحاد الأوروبي” و”تركيا”، مشيرة إلى أن “اتفاق الهجرة” في 2016؛ لا يزال ساري المفعول، وأنهم بحثوا كيفية استكمال النواقص المتعلقة بالاتفاق.
ضغط بدوافع سياسية..
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، قبل المحادثات مع “إردوغان”؛ إن: “الأحداث على الحدود (اليونانية-التركية) تُشير بوضوح إلى ضغط بدوافع سياسية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي”.
وأضافت في مؤتمر صحافي إن: “التوصل إلى حل لهذا الموقف يتطلب تخفيف الضغط الموجود على الحدود”.
الإنتقال إلى مرحلة جديدة من الحوار..
في السياق ذاته؛ قال وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، إن “تركيا” انتقلت إلى مرحلة جديدة من الحوار مع “الاتحاد الأوروبي”، لافتًا إلى أن “اتفاقية الهجرة”، الموقعة مع الاتحاد في 2016، في حاجة إلى التحديث في ضوء الأزمة في شمال “سوريا”؛ مع استمرار تصاعد حدة الموقف على الحدود “التركية-اليونانية” بعد أن أعلنت “أنقرة” أنها ستُكف عن منع المهاجرين من العبور.
مضيفًا، في مقابلة مع وكالة (الأناضول) التركية، أمس، أنه ينبغي تطبيق تحرير تأشيرة السفر لـ”الاتحاد الأوروبي” بالنسبة للمواطنين الأتراك؛ وتحديث “الاتحاد الجمركي” بين “تركيا” والاتحاد للمساعدة في حل مسألة الهجرة.
واعتبر “غاويش أوغلو”، أن حدود “الاتحاد الأوروبي” تبدأ من حدود “تركيا” الجنوبية والشرقية وليست من الحدود “التركية-اليونانية”، قائلاً إن عهد المماطلة انتهى، وسيتم رسم خريطة طريق مع “الاتحاد الأوروبي” بشأن اللاجئين، ويجب أن يتعامل “الاتحاد الأوروبي” بصدق مع “تركيا” لحل هذه المسألة.
ينتقد الاتحاد بعدم تقديمه الدعم..
وأشار إلى أن الاتحاد لم يُقدم الدعم من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وأن احتياجات طالبي اللجوء اليوم تختلف عما كانت عليه، عام 2016، (تاريخ توقيع اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي)، مضيفًا: “وسنتحدث مع الأوروبيين حول ما يمكن فعله في ظل الظروف الحالية”.
وانتقد الأوروبيين قائلاً: “من جانب تقولون لا نُريد موجة هجرة من إدلب، ومن جانب آخر لا تُقدمون أي دعم من أجل أن يعيش الناس هناك”.
كما انتقد تعامل “اليونان” مع طالبي اللجوء على الحدود مع “تركيا”، قائلاً: “نخجل من إنسانيتنا عندما نرى معاملة اليونان للاجئين على الحدود … نشاهد ما يفعله دعاة الحضارة بالمهاجرين، لقد رشوهم بالماء المغلي”.
وأشار إلى أنه كما فتحت “تركيا” أبوابها لطالبي اللجوء، على الدول الأخرى إتخاذ إجراءات في إطار القانون الدولي بهذا الصدد.
وحول عملية إنضمام “تركيا”، لـ”الاتحاد الأوروبي”، اعتبر “غاويش أوغلو” أن العوائق التي تواجهها “تركيا” ليست تقنية، مشيرًا إلى أن “اتفاقية الهجرة” الموقعة بين “تركيا” والاتحاد في 18 آذار/مارس 2016، تشمل الكثير من القضايا، منها إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول لدول الاتحاد، وضمان عودة طالبي اللجوء طواعية، ومكافحة الإرهاب وتسريع عملية إنضمام “تركيا” للاتحاد، وليست مُقتصرة على فكرة: “فليقدم الاتحاد الأوروبي النقود لتركيا، مقابل إحتجاز الأخيرة للمهاجرين”. وشدد على أن “الاتحاد الأوروبي” لم يفِ بوعوده حتى اليوم بهذا الخصوص.
إنعدام فرصة إنضمام تركيا للاتحاد الأوروبي..
وكان “ألكسندر شالينبرغ”، وزير الخارجية النمساوي، قد اعتبر أن التطورات الأخيرة التي تسببت فيها السياسات التركية، من دفع اللاجئين إلى الحدود اليونانية، وإبتزاز “الاتحاد الأوروبي”، جعلت فرص إنضمام “تركيا” للاتحاد معدومة وأن المفاوضات انتهت للأبد.
وقال وزير الخارجية النمساوي، في تصريح له، مساء الأربعاء، إن هذه هي الخطوة الصحيحة والمنطقية التي يجب أن يُعلنها “الاتحاد الأوروبي” صراحة الآن.
ودعا “ألكسندر شالينبرغ”، “بروكسل”، إلى سرعة إعلان إنهاء مفاوضات الإنضمام إلى “الاتحاد الأوروبي” مع “تركيا”.
وأضاف الوزير أن جميع دول “الاتحاد الأوروبي” تُدرك فداحة هذا السلوك التركي العدواني الأخير، مشيرًا إلى أن “النمسا” تعتقد، منذ فترة طويلة، أن مفاوضات إنضمام “تركيا” إلى الاتحاد نوعًا من النفاق.
عرضت تقديم الدعم المالي..
وكان “الاتحاد الأوروبي” قد أعلن رفضه بقوة استغلال “تركيا” للمهاجرين لأغراض سياسية.
وأشار “الاتحاد الأوروبي”، حسب ما نقلته قناة (العربية)، في بيان لها؛ أن “الاتحاد الأوروبي” يعرض أموالًا لإحتواء أزمة الهجرة وسط خلاف حول “تركيا”.
وكانت قد عرضت دول “الاتحاد الأوروبي”، الأسبوع الماضي، تقديم المزيد من الأموال إلى “اليونان” لحماية حدودها ولصالح المساعدات الإنسانية في محافظة “إدلب” السورية؛ في مسعى لتجنب تدفق موجة من المهاجرين وسط خلاف حول كيفية التعامل مع “تركيا”.
لن تتخلى عن ورقة أزمة اللاجئين..
تعليقًا على دفع “تركيا” اللاجئين للهجرة نحو “أوروبا” من أجل الضغط على “الاتحاد الأوروبي” لتوفير مساعدات مالية وعسكرية؛ نشرت وكالة (بلومبرغ) الأميركية مقالًا حول الأزمة، أوضحت فيه أن “تركيا” لا توجد لديها أي نية لترك اللعب بورقة أزمة المهاجرين التي تستخدمها في مواجهة “الاتحاد الأوروبي”، مؤكدة أن العلاقات بين “تركيا” و”الاتحاد الأوروبي” تراجعت بنسبة كبيرة، بسبب تهديدات “إردوغان”، لـ”اليونان”، خاصة وأن “الاتحاد الأوروبي” مشغول، في الوقت الحالي، بمواجهة فيروس “كورونا” المستجد.
وأشارت الوكالة إلى أن الأزمة والتوترات بين “تركيا” و”الاتحاد الأوروبي” إزدادت سوءًا وتصعيدًا بعد سماح “إردوغان”، للاجئين، بالعبور إلى الأراضي الأوروبية، مشيرة إلى أن قوات الأمن اليونانية تصرفت بعنف مع المهاجرين غير الشرعيين، الأمر الذي دفع الأحزاب السياسية اليمينية في دول “الاتحاد الأوروبي” للتعاطف معهم وتقديم الدعم لهم.
اتفاق على اتفاقية 2016..
من جانبها؛ قالت الكاتبة، “وردة غانم”، الصحافية المعتمدة لدى “الاتحاد الأوروبي”؛ إن “الاتحاد الأوروبي” يتمسك باتفاق 2016، بينه وبين “تركيا”، ويُصر على تنفيذه، مشيرة إلى أن “بروكسل” تلقي بالمسؤولية الكاملة على الرئيس التركي فيما يتعلق بخرق هذا الاتفاق، وفيما يحدث على الحدود بين “تركيا” و”اليونان”.
وأشارت “غانم” إلى أن ما حدث في “بروكسل” هو اتفاق على مراجعة اتفاق 2016 ليس إلا؛ واستماع للسيد “إردوغان”، ولم يكن اتفاقًا جديدًا بأي حال، ومن هنا فإن الرئيس التركي لم يُحقق ما يُصبو إليه خلال زيارته لـ”بروكسل”.
ولفتت “وردة غانم” إلى أن المطالب التركية، التي لم تتحقق في “بروكسل”، هو مزيد من الأموال وتنازلات أوروبية و”منطقة آمنة” في الشمال السوري، وهو ما لم يتحقق خلال زيارة “إردوغان” لـ”بروكسل”.
للحصول على دعم أوروبي يُثبت أقدامه في إدلب..
وقال الدكتور “بشير عبدالفتاح”، الباحث المتخصص في الشأن التركي؛ إن فتح “تركيا” الحدود للمهاجرين واللاجئين؛ هي محاولة لإبتزاز “الاتحاد الأوروبي” للحصول على دعم أوروبي لتثبيت أقدامه في “إدلب” السورية.
وأوضح أن الدولة الأوروبية تدعم “اليونان” في مواجهة سياسات “إردوغان” التصعيدية فيما يُخص أزمة اللاجئين.
وذكر أن أزمة “إردوغان” ليست اقتصادية فقط؛ بل أن لديه أزمة عسكرية وسياسية مع دول الجوار، موضحًا أن الرئيس التركي يُحاول تغيير عقيدة الجيش التركي التي تقوم على عدم التدخل العسكري في الخارج، مضيفًا: “إردوغان يُقحم الجيش التركي في صراعات خارجية في سوريا وليبيا، يموت على إثرها مئات الجنود الأتراك، بالإضافة إلى أنه يُكبد الميزانية التركية أموال طائلة في الوقت الذي يُعاني فيه الاقتصاد التركي”.
وأوضح أن الرئيس التركي يتحدى الأوروبيين والمجتمع الدولي، لأن هناك اتفاق وقع في عام 2016؛ يُجبر “إردوغان” على إعادة اللاجئين والمهاجرين لـ”تركيا”، ومن ثم فإنه يحاول الخروج من هذا الاتفاق وهو مسؤولية عليه.
تقديم المساعدات الإنسانية وليس الدعم العسكري..
يُذكر أنه لا يوجد لدى “الاتحاد الأوروبي” ما يُقدمه فيما يتعلق بالدعم العسكري في “سوريا”، التي ندد بتورط “تركيا” فيها. ولوح التكتل، المؤلف من 27 دولة، حيث معظم الدول حلفاء لـ”أنقرة” في “حلف شمال الأطلسي”، بخيار تقديم المزيد من المساعدات، لكن في الوقت المناسب وبشروط.
ويُحاول “الاتحاد الأوروبي” دعم “اليونان”، حيث يقول إن 42 ألف مهاجر تقطعت بهم السُبل على الجزر، بينهم نحو 5500 طفل دون مرافقين.
وعرضت “فرنسا والبرتغال وفنلندا وألمانيا ولوكسمبورغ”؛ استقبال بعضهم، وقالت “برلين” إن بوسعها استقبال ما يصل إلى 1500 قاصر في المجمل.
ويحرص “الاتحاد الأوروبي” على تجنب تكرار أزمة المهاجرين، التي وقعت في عامي 2015 و2016، وشهدت دخول أكثر من مليون لاجيء، أغلبهم من الشرق الأوسط وآسيا، إلى دول “الاتحاد الأوروبي” عبر “تركيا” و”اليونان”.
وأوقف الاتفاق الذي أبرمه التكتل مع “تركيا”، في 2016، هذا التدفق إلى حد كبير، وهو اتفاق يأمل “الاتحاد الأوروبي” في إنقاذه، على الرغم من أن “تركيا” تخشى الآن وصول موجة لاجئين جديدة إليها بسبب تصاعد القتال في “سوريا”.
ويقول “الاتحاد الأوروبي” إنه دفع، حتى الآن، نحو نصف المبلغ الذي تعهد به وهو ستة مليارات يورو لمساعدة “تركيا” على توفير مساكن ومدارس ومراكز طبية للاجئين على أراضيها. ولوح التكتل باحتمال تقديم مزيد من المساعدات.
ويُنص اتفاق عام 2016؛ أيضًا على استقبال “الاتحاد الأوروبي” آلاف اللاجئين السوريين بشكل مباشر من “تركيا” ومنح الأتراك حق دخول التكتل دون تأشيرات وتحقيق تقدم أسرع في محادثات إنضمام “تركيا” للاتحاد.
لكن العلاقات بين الجانبين توترت بعد محاولة انقلاب في “تركيا”، في تموز/يوليو 2016. وانتقد “الاتحاد الأوروبي” نطاق الحملة الأمنية التي نفذها “إردوغان” ضد المعارضة بعد الانقلاب الفاشل؛ وجمد فعليًا محاولة “تركيا” الإنضمام لعضويته.