أقل من 20 يوماً تفصلنا عن كارثة محققة إن لم تسارع الجهات المختصة بوقف القتال والسماح للفنيين والمتخصصين بالوصول إلى السد للعمل على تشغيل بواباته وإيجاد حل عاجل لتصريف المياه.. أهم ما جاء في تقرير سابع خلال الثامن والعشرين من نيسان/ابريل عن مصير “سد الفرات” المتوقف عن العمل نتيجة استهدافه من قبل قوات التحالف الدولي الأميركي بغارات عنيفة لإخراجه من سيطرة داعش في منطقة الطبقة قرب الرقة بسوريا، يؤكد خطورة الموقف وقرب تحقق كارثة بحق ملايين المواطنين نتيجة ارتفاع منسوب المياه 4 سم في اليوم الواحد !
طوفان بارتفاع 10 أمتار يهدد 67 منطقة..
طوفان وفيضانات بارتفاع 10 أمتار وربما أكثر تهدد 67 منطقة، نحو ثلث سوريا وحتى الرمادي في العراق، إذ تشير أغلب التقارير الواردة من سوريا أن الأمر لم يعد مجرد تهديد من داعش يوظفه لتقليل الضغط عليه من قبل قوت التحالف “الستيني” الدولي، بل هو نص التقرير الصادر عن مجموعة مهندسي سد الفرات حول وضع السد.
اندفاع المياه سيعصف بكل ما في طريقه في خلال ساعات قليلة حتى 108 كيلو متر غرب العاصمة العراقية بغداد حيث الرمادي مركز محافظة الأنبار والتي يعيش بها نحو 900 ألف عراقي !
أحياء الرمادي هدفاً لفيضانات الفرات..
نعم ستصل المياه بسرعة.. إلى أحياء الرمادي وهي: الشركة، الورار، المهندسين، الضباط الأولى، الضباط الثانية، 7 نيسان، الجمعية، الحوز، الثيلة، البوجليب، المخابرات، الملعب، الشرطة، العمارات السكنية في الورار، البو جابر، الجمهوري، الأندلس، المعلمين، البكر، العادل، الإسكان الأولى، الإسكان الثانية، العزيزية، القطانة، التأميم، 8 شباط، 30 تموز، الدواجن، العمارات السكنية اليابانية، القادسية الأولى، القادسية الثانية، حي الاكراد، الحي السكني في جامعة الأنبار، العمارات السكنية الروسية، دور الضباط، دور نواب الضباط، دور السكك، منطقة الخمسة كيلو، المرور.
وكأن الرمادي التي تحتاج إلى أكثر من 5 مليارات دولار لإصلاح ما خلفته الحرب على داعش – بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة -، كان ينقصها خراب ودمار غير ذلك الذي طالها في العام 2015 – والذي تسبب في تدمير نحو 80% من بنيتها التحتية وأكثر من 3 آلاف منزل و58 مسجد و85 مدرسة، وفق ما ذكرت مصادر حكومية عراقية.
السد يتحمل هزة أرضية بقوة 7 درجات..
لقد صمم سد الفرات المعروف بسد “الطبقة” – الواقع على نهر الفرات في مدينة الطبقة 50 كلم غرب مدينة الرقة، لتحمل هزة أرضية بقوة 7 درجات، ويبلغ طوله 4.5 كلم، وعرضه من الأعلى 20 متراً وعند القاعدة 60 متراً.
يحتوي السد على محركات لتوليد الطاقة، ويعد جسراً برياً يصل بين ضفتي نهر الفرات الشمالية والجنوبية في المنطقة، محتجزاً خلفه أكثر من عشرة مليارات متر مكعب من المياه، كما أن له ثماني بوابات تصريف مياه مزودة بعنفات توليد الطاقة الكهربائية، وتلحق بالسد محطة التحويل التي تتفرع منها خطوط التوتر العالي نحو مناطق عدة في سوريا.
فقد الثروة الزراعية والسمكية وقطع الكهرباء وتدمير مناطق أثرية..
يولد سد الفرات، الذي سيتسبب انهياره في كارثة إهدار كميات كبيرة من الأراضي الزراعية وقطع الكهرباء عن مناطق عدة، 880 ميغاواط بالساعة إذا عملت مجموعاته الثماني التي تبلغ طاقة كل واحدة منها نحو110 ميغاواط.. وهي أول محطة كهرمائية في سوريا.
يحتجز السد خلفه بحيرة تبلغ طاقتها التخزينية 14 مليار متر مكعب من المياه، ويبلغ طولها 80 كلم، ويصل عرضها إلى 5 كلم، وهي إحدى أهم موارد الثروة السمكية في سوريا، ومن أهم المناطق الأثرية التي ستتأثر في سوريا إذا ما تعرض للانهيار: “قلعة جعبر” الأثرية و”برج عليا”، ومئذنة “أبو هريرة”، فضلاً عن مناطق أثرية في العراق.
داعش يسيطر عليه ويعتبره شريانه الأخير..
سقط “سد الفرات” في يد تنظيم داعش بنهاية 2013 بعد سيطرته على كامل محافظة الرقة إثر معارك مع المعارضة المسلحة، ويشهد محيطه منذ 2016 اشتباكات عنيفة من الجهة الشمالية بين قوات سوريا الديمقراطية – المدعومة من أميركا – وتنظيم داعش, في مسعى من القوات الكردية والأميركية لبسط السيطرة على السد ثم مدينة الطبقة، من أجل نقل المعارك لاحقاً إلى الجزء الغربي من مدينة الرقة التي تعد أبرز معاقل داعش في سوريا.
ليست حرباً نفسية.. واقع كارثي يمكن أن يتحقق..
لقد قطع البيان السابع لمهندسي الفرات بأن خطراً حقيقياً وليست حرباً إعلامية نفسية يتلاعب فيها داعش بالسوريين والعراقيين، في انتظار سد الفرات، بل إنهم وضعوا “العالم والجهات المسؤولة والمنظمات الدولية أمام مسؤولياتها تجاه الحفاظ على سد الفرات، ومنع وقوع الكارثة” التي قالوا إنهم حذروا منها “لإنقاذ ملايين الأرواح التي لا زالت تحت خطر وقوع الكارثة التي بدأ شبحها يظهر من خلال عدم اتخاذ أية إجراءات فعلية لوقف الكارثة من خلال تنفيذ التوصيات التي طالبوا بها في بياناتهم السابقة، منذ احتراق غرفة العمليات والتحكم في سد الفرات بتاريخ 26 آذار/مارس 2017، وخروج تجهيزات السد عن الخدمة وارتفاع منسوب المياه في بحيرة الفرات، ما أضحى يشكل خطراً يوماً بعد يوم.
القصف وانقطاع الاتصالات يُعَجِز المهندسين..
لقد بين مهندسو الفرات أن حديثهم انطلاقاً من متابعاتهم اليومية وتواصلهم مع الزملاء في السدود السورية الأخرى، إذ كشفت المعلومات المائية الواردة ارتفاع منسوب المياه بشكل يومي بنحو 3 إلى 4 سم، ومع ما تتعرض له مدينة الطبقة من قصف ووجود معارك ضمن أحياء المدينة وانقطاع كامل للاتصالات، يعجز الفنيون من الوصول إلى المحطة وجسم السد لمتابعة الوضع ومحاولة العمل لإنقاذه، مطالبين بضرورة العمل على إتاحة الظروف المناسبة للتعامل الجدي لإيقاف الخطر الوشيك، كما طالبوا بوقف القتال الفوري والسماح للفنيين بالوصول إلى المحطة مع تقديم ما يلزم من معدات وتجهيزات لفتح بوابات المفيض وتمرير المياه من البحيرة.
تشكيك.. واجهة لصالح الوجود الكردي في المنطقة..
لكن على الجانب الآخر هناك من يشكك من السياسيين السوريين في احتمالية انهيار السد وأنه مصمم لمواجهة أي عدوان عسكري خارجي، وأن هذه التهديدات بانهياره والدعوة لنزوح سكان الرقة الأصليين هي إشارة إلى إعادة إنتاج المنطقة سكانياً لصالح الوجود الكردي الممتد الآن بين سوريا والعراق.
إن المسلحين ليسوا بحاجة إلى تفجير السد، إذ يكفي فتح بوابات السد الثماني، ليخلقوا موجة عالية كبيرة يمكنها إغراق “الرقة ودير الزور والبوكمال” في سوريا و”القائم والرمادي” في العراق، ما سيؤدي إلى تشريد مئات الآلاف من المواطنين في البلدين.
14 يوماً من الطوفان تسمح بهروب عناصر داعش..
لفترة قريبة استخدم تنظيم داعش سد الفرات مكاناً يلجأ إليه قادته، لعلمه أن طائرات التحالف، أو الطائرات الروسية لن تهاجمه خشية انهياره، رغم ذلك هدد التنظيم طوال عام 2016 بتفجير السد إذا شعر بأن عاصمته “الرقة” سوف تنهار، كما يعلم التنظيم أن الفيضانات ستستمر لنحو 14 يوماً إذا ما انهار السد ما يساعده على سحب مسلحيه من الرقة من دون أن تتمكن “قوات سوريا الديمقراطية” من ملاحقتهم بسبب المياه، ونقلهم إلى دير الزور، التي ينوون تحويلها إلى عاصمتهم الجديدة، بحسب بعض المتابعين للشأن السوري !