خاص : كتبت – نشوى الحفني :
استكمالاً لـ”الثورة التونسية” على الفساد، وبعد إجراءات فتح التحقيق مع الأحزاب والشخصيات المتورطة في الفساد، قال الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، ليلة الخميس، إن: (460) شخصًا نهبوا أموالاً تونسية، وعرض تسوية جزائية إذا ردوا هذه الأموال إلى خزينة الدولة.
وأضاف الرئيس التونسي، في كلمة له خلال لقائه رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، “سمير ماجول”، أن: 13.5 مليار دينار تونسي، (4.8 مليارات دولار)، سُرقت من الشعب التونسي.
وأكد “سعيد”، في كلمته المسجلة؛ أن الاختيارات الاقتصادية الخاطئة تسببت في ضغوط مالية كبيرة على البلاد.
ودعا التجار إلى خفض الأسعار، محذرًا، في الوقت نفسه من التخزين أو المضاربة، ومتوعدًا المخالفين بالمحاسبة أمام القانون.
وتابع: “نحن دولة لا نتسول. هناك ضغوط مالية نتيجة لجملة من الاختيارات الاقتصادية. لماذا أنت تدفع الضرائب والضمان الاجتماعي والآخر لا يدفع الضرائب ؟.. فضلاً على القروض التي تحصل عليها من البنوك ولم يدفعها. يجب أن تعود إلى الشعب التونسي لأنها أمواله”.
وكان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد؛ تجميد عمل “البرلمان التونسي” ورفع الحصانة عن النواب، وإعفاء رئيس الحكومة، “هشام المشيشي”، من منصبه، على خلفية احتجاجات عمت “تونس”، تنديدًا بما آلت إليه الأوضاع على جميع الأصعدة، جراء سياسات حركة (النهضة) الإخوانية.
وجاءت قرارات “سعيد” استجابة لدعوات بالشارع؛ طالبت بتفعيل الفصل (80) من دستور البلاد، الذي يخول للرئيس: “اتخاذ تدابير استثنائية في حال وجود خطر داهم”.
ويعمل الرئيس التونسي على فتح ملفات الفساد المالي المتعلقة بالأحزاب السياسية، بعد تورطها في انتهاكات عدة.
فتح تحقيقات ضد أحزاب بينها “النهضة”..
وأمس، كشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بـ”تونس”؛ والقطب القضائي الاقتصادي والمالي، “محسن الدالي”، أنه تم اتخاذ قرارات في عدد من الملفات، تشمل أحزابًا وسياسيين وشخصيات معروفة، من بينها ملفات: “عقود مجموعات الضغط”، الذي تمت إحالته مؤخرًا للنيابة العمومية، موضحًا أنه بعد دراسته؛ قررت النيابة فتح تحقيقات ضد كل من حركة (النهضة) وحزب (قلب تونس) وجمعية “عيش تونسي”.
وستتناول التحقيقات حصول هذه الأحزاب على تمويلات أجنبية، غير مشروعة؛ طبقًا لأحكام القانون الأساس المتعلق بالانتخابات، والقانون للأحزاب السياسية، إلى جانب ملفات أخرى خطيرة مثل شبهات الفساد المتعلقة بالرئيس السابق لـ”هيئة مكافحة الفساد” و”هيئة الحقيقة والكرامة”.
يعطي دفعة جديدة للقضاء التونسي..
تعليقًا على تلك الخطوة، قال الصحافي، “محمد صالح العبيدي”؛ بأن: “إعادة فتح هذه الملفات القضائية الكبرى، في هذا الوقت بالذات؛ سيعطي دفعًا جديدًا للقضاة والقضاء التونسي الذي عاش العديد من الضغوطات، وأقترن بالعديد من الأسماء السياسية التي سعت إلى فرض نفوذ واسع على القضاء وسير القضايا”.
وأضاف: “إثر ما اتخذه رئيس الجمهورية، يوم 25 تموز/يوليو، من قرارات مهمة واستثنائية، فإن القضاء سيشهد تحررًا نسبيًا من عملية وضع اليد التي كان يمارسها عليه عدد من الأحزاب السياسية وحركة (النهضة) بالأساس”.
موضحًا “العبيدي”؛ أن الأمر جاء أيضًا في: “سياق سياسي كامل وضغط شعبي، يُطالب بضرورة كشف تمويلات الأحزاب، وخاصة التمويلات الخارجية، كما أن القضاء التونسي عرف مؤخرًا معركة تحرر داخلي من أجل ضمان استقلاليته الكاملة، حتى لا تكون هناك أي تقاطعات بين المال والسياسة في مختلف المواعيد الانتخابية المرتقبة”.
الفساد أدى للانفجار ضد الطبقة الحاكمة..
من جانبه، قال رئيس مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة، “العربي الباجي”، إن: “العديد من المكونات السياسية من أحزاب وشخصيات تعلقت بهم قضايا فساد خطيرة، وكنا قد حذرنا طويلاً من أن استشراء الفساد في عدة مجالات مست الإدارة وكل مفاصل أجهزة الدولة، قد سبب احتقانًا عميقًا لدى التونسيين، مما سيؤدي حتمًا إلى الانفجار ضد الطبقة الحاكمة؛ وفي مقدمتها حركة (النهضة)”.
وأسترسل قائلاً: “لقد تمكنوا من كل أجهزة الدولة، وبات أخطبوط الفساد ينخر كل الإدارات والهياكل وأهمها القضاء، الذي لم يسلم من سيطرة عدد من السياسيين ورغبتهم في بسط نفوذهم عليه والتحكم في مصير العديد من الملفات والقضايا، ثم جاءت اللحظة التي توفرت فيها الإرادة من أعلى هرم السلطة لإيقاف النزيف، ورافقها دعم شعبي كبير”.
ويأمل “العربي الباجي”؛ في أن يتم: “تحريك ملفات الفساد الراكدة والبت فيها”.
وأضاف: “نحن كمنظمة رقابية؛ سنسعى إلى أن يُعاد فتح الكثير من القضايا التي رفعناها سابقًا، وكانت دائمًا تواجه عثرة تتمثل في أياد سياسية تعطلها، وتتحكم في مدى تقدم البحث”.
وكان “مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة”؛ قد رفع شكوى ضد الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، “شوقي الطبيب”، لدى القطب القضائي الاقتصادي والمالي من أجل شبهات فساد، وتعهدت النيابة العمومية بالملف وأحالته على الفرقة المختصة لإجراء كافة الأبحاث اللازمة.
ملفات فساد منذ 2019..
تُجدر الإشارة إلى أن قضية تورط كل من حركة (النهضة) وحزب (قلب تونس) ومبادرة “عيش تونسي”، في الفساد المالي؛ تعود أطوارها إلى فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية 2019، حيث نشرت وثائق تعلقت بعقود بين سياسيين وأحزاب مع شركات: “اللوبيينغ” العالمية؛ من أجل تقديم خدمات تهدف إلى الحصول على الدعم والمساندة والدعاية خلال الانتخابات، وهو ما يمنعه القانون التونسي.
وقد تعهدت، حينها، النيابة العمومية؛ بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي بالملف، وأذنت للفرقة المركزية الأولى للأبحاث، التابعة لـ (الحرس الوطني)؛ بإجراء التحريات وأحيل الملف على القطب المالي، علمًا أن العقوبات في مثل هذه الحالات تصل إلى منع السفر والتوقيف وتجميد الأموال.