خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
عملية اغتيال “إسماعيل هنية” الخسّيسة؛ في قلب “طهران”، تُمثل منعطفًا في الحرب الصهيونية المركبة ضد “إيران” و(جبهة المقاومة). ولم تكن هذه العملية مصادفة؛ وإنما تخدم الأهداف الاستراتيجية للعدو الصهيوني ضد المقاومة بقيادة “الجمهورية الإيرانية”. بحسّب “نوید کمالی”؛ الخبير الاستراتيجي، بمقاله التحليلي المنشور على موقع (الدبلوماسية الإيرانية).
وكما ثبتت دراسة مواقف مراكز البحوث والدراسات الغربية والصهيونية، فإن أحد أهم أهداف هذه العملية الإرهابية، توريط الحكومة الإيرانية الجديدة في تحديات سياسية وأمنية معدة سلفًا؛ بحيث يختل تركيز هذه الحكومة وتولي أهمية للفصل في الأولويات السياسية والاقتصادية، ومن ثم تعجز عن تحقيق وعودها.
لذلك تنطوي هذه العملية على أبعاد واسعة، تستدعي رد فعل ذكي ومدروس يُراعي الإمكانيات المختلفة للمقاومة.
توقيت التشوش الأمني..
ولتحليل أبعاد هذه العملية لابد من الاهتمام أولًا بالتوقيت، حيث وقع الحادث عشّية تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، وهو ما يمنح “الكيان الصهيوني” إمكانية الاستفادة من حالة التشّوش الأمنية والسياسية المحتملة.
مع هذا؛ فإن رد الفعل المدروس من جانب “إيران” على الحادث؛ لا سيما رسائل مقام المرشد الحكيمة، والدكتور “مسعود بزشكيان”؛ تؤكد أن انتظار التشّوش بلا طائل، وأن السلطة الإيرانية الذكية حالت دون اندلاع حالة من التشّوش الأمني وسوف ترد سريعًا على هذه الجريمة.
مع هذا لا يجب أن نستبعد الهدف الرئيس لتلك العملية؛ وهو اشغال الرئيس الجديد وحكومته بتداعيات هذه العملية، وبالتالي الحيلولة دون تركيزها على القضايا الحيوية الأخرى. وهذا الأمر سيؤدي إلى استمرار التحديات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وتهيئة مجالات بلورة حالة من الاستياء العام.
ولا يُخفى على أحد أن الصهاينة وحلفائهم عازمون على الحيلولة دون نجاح الحكومة الجديدة، ويعتبرون أن فرض أي فشل للحكومة في الوفاء بوعودها بمثابة إنجازٍ قيم.
زج إيران بحرب غزة..
علاوة على ذلك؛ يضرب الرهان الإسرائيلي الجديد بجذوره في هزيمة هذا الكيان بـ”غزة”؛ إذ تسعى الحكومة الصهيونية التي تخوض حربًا طويلة الأمد إلى زج “إيران” في هذه الحرب بشكلٍ مباشر والاستفادة من المنابر الدولية في كسّب الدعم الأوروبي والأميركي، والتخلص من عزلتها السياسية.
والصهاينة يعلمون جيدًا أن “الجمهورية الإيرانية” لن تسمح بتنفيذ عملية إرهابية ضد مسؤول أجنبي على أراضيها دون رد، لأن هذه العملية تعتبر انتهاكًا للسّيادة الإيرانية.
كذلك تجدر الإشارة إلى الأبعاد الدولية للعملية الإرهابية وارتباطها بالانتخابات الأميركية. ذلك أن “كامالا هاريس”؛ التي تتخذ حتى الآن مواقف مناهضة للحكومة الصهيونية الحالية، لكن قد تُضطر تحت تأثير اللوبي الصهيوني، إلى دعم سياسات “نتانياهو” الحربية، لأن عدم الدعم الحاسم للصهاينة في حربها ضد قوى مثل “إيران” قد يضعف مكانتها السياسية في مقابل منافسها الجمهوري.
من ثم فإن اغتيال “هنية” بمثابة مناورة استراتيجية من “نتانياهو”، للحصول على الدعم الداخلي والدولي وتجاوز هزيمته في الفضاء السياسي الصهيوني.
لا وقت للدبلوماسية..
لذلك يتعين على الحكومة الإيرانية الجديدة؛ الاستفادة من قدراتها الميدانية، ومن الضروري ألا يتعلل الرئيس باختيار الوزراء وأن يُعجل بتشكيل الحكومة.
وبعد ذلك تستطيع “الجمهورية الإيرانية”؛ مدعومة بقواتها المسلحة، من المواجهة الكاملة مع هذا التهديد.
وكما أعلن مقام المرشد، فالرد الإيراني على هذه العملية محسّوم، ومن الواضح أن الرد لن يكون دبلوماسيًا وسوف يستفيد بذكاء من الإمكانيات المركبة لـ”الجمهورية الإيرانية”، لأن الرد الدبلوماسي على هذه الجريمة الإرهابية قد يُهدد قدرات الردع الإيرانية.
لذلك يجب أن تتسم استراتيحية “إيران” في الرد بالدقة وأن تشمل القدرات العسكرية والاستخبارتية والدبلوماسية. هذه الرؤية قد تشتمل على تنفيذ عمليات موجهة ضد مصادر ومصالح قيمة بالنسبة للعدو، بالتوازي مع حملات إعلامية ودبلوماسية تسُّلط الضوء على جريمة “الكيان الصهيوني” وتُسّاهم في تشديد عزلته على الصعيد الدولي.