أوروبا تُهادن إيران .. لا تملك رفض قرارات “ترامب” وإلإذعان مسألة وقت !

أوروبا تُهادن إيران .. لا تملك رفض قرارات “ترامب” وإلإذعان مسألة وقت !

خاص – كتابات :

سياسة لا يملك الكثيرون تحديد غايتها على وجه الدقة؛ تلك التي يتبعها “الاتحاد الأوروبي” حيال “إيران”، مع إعلان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، فرض عقوبات وصفها بالأشرس تجاه طهران، يبدأ مفعولها في السريان بشكل أكبر مع حلول تشرين ثان/نوفمبر 2018..

الأفعال عكس أحاديث الدبلوماسية..

فدول أوروبا، ورغم تأكيدها وحرصها الدائم على التصريح عبر مسؤوليها أنها لن تتخلى عن “الاتفاق النووي” الموقع مع “إيران”، تتخذ خطوات من شأنها إظهار تبعيتها لواشنطن وتنفيذ إرادة “ترامب” بوقف تسيير الملاحة الجوية من عدد من الدول كـ”بريطانيا وفرنسا” إلى “طهران”؛ وكذلك انسحاب شركات نفطية كبرى من العمل في “إيران” تنفيذًا للعقوبات، وكأنها تنفذ سياسة “نقول شيء ونفعل أشياء أخرى”..

أغلب التقارير تتحدث عن العلاقات بين “الاتحاد الأوروبي” و”إيران”، فهي في نظر المحللين والمتابعين تمثل “دعمًا” ومحاولات لإنقاذ الاتفاق النووي، رغم عقوبات “ترامب” وتهديدات مستشاره، “بولتون”، مؤخرًا !

لنجد هنا “الاتحاد الأوروبي” يوافق – رغم عدم موافقة “ترامب” – على تقديم أكثر من نحو 20 مليون دولار مساعدة لطهران؛ وعنوانها “مواجهة آثار العقوبات الأميركية على إيران”، وهي التي بدأت مطلع شهر آب/أغسطس 2018.

كسب مزيد من الوقت..

المعونة الأوروبية؛ وإن كانت لا تمثل أي مبالغ مالية ضخمة، فإنها تمثل دلالة ذات أهمية؛ فهي مناسبة استغلتها منسقة السياسة الخارجية، “فيدريكا موغريني”، لتشديد إلتزام الأوربيين بالتعاون مع “إيران” لكسب مزيد من الوقت في إخضاع “إيران” ومحاولة إبتزازها سياسيًا.

حديث منسقة السياسة الخارجية في “الاتحاد الأوروبي” جاء ردًا على ما طرحه “جون بولتون”، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، على الأوروبيين، يوم الأربعاء 22 آب/أغسطس 2018، إذ أكد “بولتون”، في ختام زيارته إلى “إسرائيل”، على إن على “أوروبا” أن تختار بين العمل مع “واشنطن” أو التعاون مع “طهران”، لافتًا إلى أن “الولايات المتحدة” تتوقع أن يدرك الأوروبيون، مثلما تدرك الشركات في كل أنحاء أوروبا، أن الاختيار واضح بين التعامل مع “إيران” أو التعامل مع “الولايات المتحدة”.

تنازلات قد تضطر إليها أوروبا وطهران لا تطمئن..

وهنا تتسائل الدوائر السياسية؛ إلى أي مدى يمكن أن تصدق توقعات وكلمات مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، فهل تُقبل “أوروبا” على تحدي “أميركا” وتواصل علاقتها مع “إيران”، أم أن هناك تنازلات ستقدم في نهاية الأمر من أي من الأطراف ؟

اللافت أن “إيران”، بينها ونفسها، لا تطمئن للأوربيين، وإن وصف وزير خارجيتها، “محمد جواد ظريف”، نهاية تموز/يوليو 2018، ما يحدث في المشهد السياسي بأنه شرخ بين “أوروبا” و”الولايات المتحدة” على “إيران” استغلاله، لكنه في الوقت نفسه قال إن “إيران” ليست ساذجة لتتصور بأن بإمكانها خلق صراع بين “أوروبا” و”أميركا”.

ورغم الخطابات المطمئنة لإيران، منذ قرار الرئيس الأميركي الذي رأى فيه البعض صدمة بشأن الانسحاب الأحادي من “الاتفاق النووي”، لا تبدو الأمور يسيرة تلك التي تنتظر طهران قريبًا، إذ أعرب المسؤولون الإيرانيون، أكثر من مرة، عن عدم رضاهم عن الأداء الأوروبي الذي يقل كثيرًا عن مستوى التصريحات الصادرة من “بروكسل”..

الواقع على الأرض مختلف !

فعمليًا، وكما ذكرنا من قبل، أوقفت شركات فرنسية وألمانية كبرى نشاطاتها في إيران خشية العقوبات والبطش الأميركي بها، آخر المنسحبين من السوق الإيراني، إلى لحظة كتابة هذه السطور، شركة الخطوط الجوية الفرنسية والبريطانية؛ وإن بررتا وقف رحلاتهما إلى طهران بانخفاض العائد المادي..

وهنا وضع يفترض أن يوقع “الاتحاد الأوروبي” في مأزق؛ إذ إنه من ناحية مُصر على الحفاظ على “الاتفاق النووي”، الذي إنتزع بصعوبة، وأكد مفتشو “الأمم المتحدة” إلتزام الإيرانيين ببنوده، ومن ناحية أخرى يواجه محاولات “واشنطن” فرض كلمتها بالقوة، دون أي اعتبارات لموقف أوروبا، الذي يراهن “ترامب” على استيعابه بمرور الوقت !

إمساك العصا من المنتصف..

إلى لحظة كتابة هذه السطور؛ تؤكد المؤشرات السياسية أن الأوروبيين يحاولون إمساك العصا من المنتصف، فهم يحافظون على وعدهم للإيرانيين من جانب، ومن جانب آخر لا يمكنهم خسارة الحليف الأميركي وإن أظهر غضبًا تجاههم !

ويبقى الرهان على عامل الوقت.. هل تستمر “أوروبا” في مهادنة “إيران” واستيعابها، أم يفرض “ترامب” كلمته على الجميع ولا تملك ساعتها الدولة الأوروبية إلا الإذعان طمعًا في مكاسب اقتصادية لم يحن موعد الإعلان عنها بعد ؟!

أوروبا يستحيل أن تقف في وجه الولايات المتحدة..

فثمة رأي يقول إن “أوروبا” أبدًا لم تكن في يوم من الأيام ضد “الولايات المتحدة”، وما بينهما ليس إلا اختلاف على الوسائل فيما يتعلق بالقضايا الهامة الخاصة بالقارة العجوز نفسها، لكن في قضية “إيران” فإن “أوروبا” تحاول توظيف الضغوط الأميركية على “طهران” لصالحها وتحويلها إلى صفقات تجارية، مثلما حدث في عهد الرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”.

لكن في ظل رئيس كـ”ترامب”، يحرص ومن أوصله إلى عرش الولايات المتحدة من الجمهوريين وغيرهم من بارونات المال والأعمال على إبعاد إيران تمامًا عن الساحة الدولية تمهيدًا لتغيير النظام داخل إيران، وهو الاتفاق الذي تتلاقى عليه مصالح بعض الدول الخليجية كـ”السعودية وإلإمارات” ومعهما “إسرائيل” و”أميركا”، وأي تلكؤ فيه من قبل “ترامب” قد يهدد مكانته السياسية نفسها في أميركا !

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة