24 ديسمبر، 2024 2:36 ص

أميركا .. هل تصبح “مخلب قط” لغرس أقدام إسرائيل في العراق ؟

أميركا .. هل تصبح “مخلب قط” لغرس أقدام إسرائيل في العراق ؟

خاص : كتبت – هانم التمساح :

فتح استهداف “إسرائيل” لمناطق حيوية في “العراق”؛ من جديد مسألة تغلغل “الكيان الصهيوني” في “العراق” عقب الغزو الأميركي وسقوط “بغداد”، وكان “العراق” من بين البلدان العربية القلائل التي  حافظت على سياسة متشددة تجاه “إسرائيل”، فلم يحاول تطبيع علاقاته مع الدولة العبرية، وأبقى رسميًا على حالة الحرب القائمة بين الدولتين، والمعلنة منذ عام 1948م، ودعم بقوة نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، واعتبر “القضية الفلسطينية” حجر الزاوية في سياسته الخارجية، ولم تجرؤ أية حكومة عراقية، حتى الرجعية منها، أن تحيد عن هذه السياسة خوفًا من هيجان الشارع العراقي وغضبه الذي كان يرى في “إسرائيل” العدو الذي اغتصب الأرض العربية وشرد سكانها الفلسطينيين، ومن هذا المنطلق شارك “العراق” في جميع الحروب العربية ضد “إسرائيل”، بدءًا بحرب عام 1948م، ومرورًاً بحرب 1967م، وإنتهاءً بحرب 1973م.

ومع ذلك لاتزال “إسرائيل” تحلم بعلاقات طبيعية مع “العراق”؛ باعتباره أحد اهم الدول المحورية في المنطقة، حيث أسقطت “العراق” من قوائم الأعداء، مع مطلع العام الجاري 2019.

الخارجية الصهيونية تدشن صفحات للتطبيع..

ودشنت “وزارة الخارجية الإسرائيلية” عدة صفحات على موقع التواصل الاجتماعي، (فيس بوك)، أبرزها: “إسرائيل باللهجة العراقية”؛ وصفحة “العراق وإسرائيل يد واحدة”، كل ذلك دون جدوى.

الدعم الأميركي لإسرائيل..

ومع سقوط “بغداد”، ودخول قوات الاحتلال الأجنبي لـ”العراق”، عام 2003م، بدأ الموقف يتغير تدريجيًا، حيث بدأت قوات الاحتلال تستجلب التغلغل الصهيوني داخل “العراق”، ومن المعروف أن “الولايات المتحدة” هي الداعم الرئيس لسياسة الاحتلال الإسرائيلي في الأرض العربية، منذ بدأ اغتصاب الأرض الفلسطينية، لذا كان من الطبيعي أن تشجع الإدارة الأميركية أية نزعة تتجه نحو مد الجسور نحو الدولة العبرية وكسر الجليد بين الطرفين، ووجدت المخابرات الأميركية في تحمس بعض الشخصيات، التي ترفع شعار المعارضة، لتحقيق هذا الهدف؛ الفرصة المثالية لتشجيع مثل هذه المبادرة ورعايتها.. واستغلت الدولة العبرية ظروف “العراق” فسارعت بدون تأخير إلى محاولة تأسيس وجود سري لها في العديد من فصائل الحياة الاقتصادية والتجارية والأمنية في “العراق”، رغم النفي الرسمي المتكرر على لسان عدة مسؤولين عراقيين من وجود إسرائيلي في “العراق”، لكن ذلك لا ينفي أن النشاط الإسرائيلي موجود بقوة في السوق العراقية، وأنه يتخذ طابع السرية والحذر الشديد من مغبة رد الفعل الإنعكاسي المعادي له من قِبل الشارع العراقي الذي ما زال في غالبيته معاديًا لـ”إسرائيل”، حيث أظهرت نتائج الاستفتاء الواسع الذي قامت به جامعة “بغداد” أن غالبية العراقيون مازالوا يعتقدون أن “إسرائيل” هي العدو الأول للعراقيين، بينما جاءت “أميركا” في المرتبة الثانية من هذا التصنيف.

الاختراق الاقتصادي..

لكن مسؤولون إسرائيليون عديدون لم يترددوا في الحديث عن نشاط المؤسسات الإسرائيلية المختلفة، كما كشفت الصحافة الإسرائيلية، في مرات متعددة وبين مدة وأخرى، عن جزء من مظاهر النشاط الاقتصادي والتجاري الإسرائيلي في “العراق”، فاستنادًا إلى ما كشفته صحيفة (معاريف) من أن الشركات التجارية الإسرائيلية اخترقت “العراق” اختراقًا كبيرًا جدًا، قائلة: إن “أكثر من 70 شركة إسرائيلية، من جميع فروع التجارة والصناعة، تعمل في العراق بشكل شبه علني، وتقوم بتسويق منتجاتها للعراقيين”. وتابعت الصحيفة الإسرائيلية: أن “أرباح الشركات الإسرائيلية من التجارة مع العراق وصلت إلى مئات الملايين من الدولارات، وأن هذه الشركات تتوقع أن تزداد أرباحها بشكل كبير في الأشهر القليلة القادمة”.. وكانت الشركات الإسرائيلية قد بدأت بالعمل في “العراق” بعد أن أعلن (وزير المالية الإسرائيلي)، “بنيامين نتانياهو”، في 21 من شهر تموز/يوليو 2003، بقوله: “من الآن فصاعدًا ألغي الحظر الإسرائيلي الذي كان مفروضًا منذ إقامة الدولة العبرية على الشركات الإسرائيلية بالتعامل مع العراقيين”، وذكر “نتانياهو” أن التجارة مع “العراق” مهمة للإسرائيليين ومن شأنها أن تنعش الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يشهد أصعب أزمة منذ إقامة الدولة العبرية عام 1948م.

وكشفت صحيفة إسرائيلية أخرى النقاب عن تحقيق قامت به لمدة ثلاثة أشهر؛ أظهر أن (70 – 100) شركة إسرائيلية تعمل في “العراق” بوتيرة عالية جدًا، مشددة على أن السوق العراقية مربح جدًا وملائم للإسرائيليين، ومن بين الشركات الإسرائيلية التي ذكرتها الصحيفة، شركة الحافلات (دان)، التي تبيع الحافلات المستعملة، وشركة (ربينتكس)؛ لبيع الصداري الواقية من الرصاص، وشركة (سول)، وهي من كبريات الشركات الإسرائيلية لبيع الوقود، والتي حصلت على مناقصة لتجهيز الوقود للجيش الإسرائيلي بملايين اللترات شهريًا، وشركة (دلتا)؛ لصنع ملابس النسيج، وشركات أخرى لإنتاج العدد واللوازم الكهربائية ومواد البناء وأنابيب الري، وشركة (طمبور) للدهانات، وشركة (ثامي) لأجهزة تنقية المياه، وغيرها بعد أن تقوم هذه الشركات بإزالة الدمغة على منتجاتها بأنها صنعت في “إسرائيل” ووضع ملصقات أخرى تشير إلى أنها صناعة أوروبية أو عربية، وخصوصًا “صناعة أردنية”؛ خشية عزوف العراقيين عن شرائها.

إن العديد من رجال الأعمال الإسرائيليون يعملون في “العراق” بصفة مقاولين ثانويين لشركات أميركية ودولية تعمل في نطاق مشروع إعادة إعمار العراق، وقسم آخر يعمل كمصدرين للمستهلكين في الأسواق العراقية.

جواسيس ورجال حماية..

ويعمل كذلك المئات من الإسرائيليين كرجال حماية وأمن للعديد من الشخصيات الأميركية الرسمية والتجارية ومديري الشركات العاملة في “العراق”، وتستخدم شركات الحماية الإسرائيلية الرجال الذين توظفهم ممن سبق وخدموا في الجيش الإسرائيلي في وحدات مثل: “الكوماندوز” و”المخابرات”، وأصبح من المناظر المألوفة في شوارع “بغداد” مشاهدة عشرات السيارات المارة التي يستقلها مسؤولون أميركان ترافقهم سيارات تحمل رجال حماية وهي تضايق سيارات العراقيين لإفساح المجال لمرور سيارات الشخصيات التي يحمونها، وقد تعرضت العديد من هذه السيارات إلى حوادث تفجير وإطلاق نار مختلفة…

وبالرغم من نفي وزير التجارة العراقي، “محمد الجبوري”، وجود تعامل رسمي مع “إسرائيل”، لكنه إعترف بوجود بضائع إسرائيلية مسربة إلى “العراق”، وألقى باللائمة على القطاع الخاص الذي يستورد مثل هذه البضائع من دول الجوار، مشيرًا إلى أن “العراق” ما زال ملتزمًا بالمقاطعة العربية للبضائع الإسرائيلية، كما أن مسؤولون عراقيون نفوا علمهم بوجود إسرائيلي في “العراق”، كما أن سلطات الجمارك السورية حجزت، في حزيران/يونيو الماضي، خمس شاحنات أردنية كانت محملة ببضائع إسرائيلية؛ هي عبارة عن مواد كهربائية كانت مصدرة من إحدى الشركات الإسرائيلية إلى شركات في شمال “العراق”، وكانت هذه الشاحنات في طريقها من “الأردن” إلى “العراق”، لكنها اختارت المرور عبر “سوريا” لسلامة الطريق.

إن إقامة روابط أو علاقات مع الدولة العبرية يمكن أن يساهم في زيادة غضب الشارع العراقي على الحكومة وإنعكاس ذلك على الحالة الأمنية المتدهورة أصلاً، ولم يكن اللقاء بين “إياد علاوي” و”شالوم” مصادفة؛ بل كان مرتبًا ومخططًا له، وهي أول مصافحة تتم بين مسؤول عراقي رفيع بهذا المستوى وشخصية إسرائيلية رسمية، منذ إعلان الدولة العبرية.

العراق ساحة صراع..

من جانبه؛ حذر رئيس ائتلاف (دولة القانون)، “نوري المالكي”، أمس الأول الجمعة، من أن تكون البلاد ساحة صراع لأكثر من دولة، ومنها “إيران”، إذا استمرت “إسرائيل” باستهداف “العراق”، فيما هدد بالرد بقوة في حال ثبت ضلوع “إسرائيل” بعمليات القصف.

ونقل مدير مكتبه، في تغريدة نشرها عبر (تويتر)، عن رئيس ائتلاف (دولة القانون) قوله: “إذا استمرت إسرائيل باستهداف العراق؛ فسيكون العراق ساحة صراع تشترك فيه أكثر من دولة ومنها إيران”.

وأضاف رئيس ائتلاف (دولة القانون)؛ أن: “العراق سيرد بالقوة في حال ثبت ضلوع إسرائيل بعمليات القصف”. وأوضح “المالكي”، أن أمن المنطقه الإقليمية، التي يشكل “العراق” محورًا أساسيًا فيه، هو أمن مشترك وحمايته مسؤولية دوله كافة، مضيفًا إن ثبت استهداف “إسرائيل” لسيادة “العراق” فإنها تُعرض أمن المنطقة إلى خطر وستخلط الأوراق.

ونقلت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، في وقت سابق، عن “مسؤولين أميركيين إثنين كبار” قولهما إن “إسرائيل” قد نفذت عدة ضربات في “العراق”، خلال الأيام الماضية، على مخازن ذخيرة في “العراق”، فيما قال مسؤول استخباراتي في الشرق الأوسط، إنها شنت غارة جوية على مخزن أسلحة، الشهر الماضي.

الحشد الشعبي يُحمل أميركا المسؤولية..

وكان نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، “أبومهدي المهندس”، قد اتهم، الأربعاء الماضي، القوات الأميركية، بأنها “المسؤول الأول والأخير” عن الهجمات التي جرت “عن طريق عملاء أو بعمليات نوعية بطائرات حديثة”.

واتهم “المهندس”، الأميركيين؛ “بإدخال أربع طائرات مُسيرة إسرائيلية” إلى “العراق” لتنفيذ “طلعات جوية تستهدف مقرات عسكرية عراقية”، كما هدد بأن يتعامل “الحشد الشعبي” مع أي طائرات أجنبية تُحلق فوق مواقعه من دون علم الحكومة العراقية على أنها “طائرات مُعادية”.

وخفف رئيس هيئة الحشد الشعبي، “فالح الفياض”، في بيان صُدر عقب بيان “المهندس”، من حدة هذه الاتهامات التي أطلقها الأخير، وقال إن “التحقيقات الأولية” كشفت أن الحوادث كانت “بعمل خارجي مدبّر”، كما أكد أن: “التحقيقات ستستمر للوقوف بشكل دقيق على الجهات المسؤولة؛ من أجل إتخاذ المواقف المناسبة بحقها”.

ونشرت “هيئة الحشد الشعبي”، الخميس، مقطع فيديو يظهر فيه قيام الدفاعات الجوية التابعة لقوات “الحشد” بالتصدي لطائرة مُسيرة “مُعادية” حاولت استطلاع مقر “لواء 12” في حزام “بغداد”.

وأمر رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، الأسبوع الماضي، بنقل جميع مخازن الذخيرة التابعة للقوات المسلحة أو الفصائل المسلحة خارج المدن.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، في أول تصريح علني له بعد الانفجارات التي استهدفت معسكرات تابعة لميليشيات “الحشد الشعبي” في “العراق”، إن “إيران” تقيم قواعد ضد “إسرائيل” في “العراق واليمن وسوريا ولبنان”.

وأشار “نتانياهو” إلى أن “إسرائيل” تعمل ضد “إيران” في “العراق” والعديد من الجبهات الأخرى.

في سياق متصل؛ وفي مقابلة مع تليفزيون (القناة التاسعة) الإسرائيلية الناطقة بالروسية، سُئل “نتانياهو” عما إذا كانت “إسرائيل” ستضرب أهدافًا إيرانية في “العراق”؛ إذا لزم الأمر ؟.. فقال: “نعمل، ليس فقط إذا لزم الأمر، وإنما نعمل في مناطق كثيرة ضد دولة تريد إبادتنا. بالطبع أطلقت يد قوات الأمن وأصدرت توجيهاتي لها بفعل أي شيء ضروري لإحباط خطط إيران”. ولم يذكر “نتانياهو”، “العراق”، بالاسم كأحد هذه المناطق.

يأتي تصريح “نتانياهو” بعد اتهام فصائل في ميليشيات “الحشد الشعبي”، المدعومة من “إيران”، لـ”إسرائيل”؛ باستهداف معسكراتها في “العراق”، من دون أن تتبنى هذا الاتهام، الحكومة العراقية.

ومع توالي التفجيرات في مواقع تسيطر عليها ميليشيات “الحشد الشعبي” بـ”العراق”، آخرها الانفجار الذي وقع في مخزن عتاد لـ”حزب الله” العراقي، (فصيل من الحشد الشعبي)، في “قاعدة بلد الجوية” بمحافظة “صلاح الدين”، شمال “بغداد”، يتخبط قادة “الحشد” فيما بينهم.

بدوره؛ نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، “شون روبرتسون”، لـ (العربية)، أي صلة لـ”الولايات المتحدة” بتفجيرات المخازن؛ التي وقعت في الآونة الأخيرة، مؤكدًا على أن “الوجود الأميركي في العراق هو لدعم جهود محاربة (داعش)، مع احترام سيادة العراق، والتقيد بتوجيهات الحكومة العراقية، بشأن استخدام مجالها الجوي”.

وتقول “إسرائيل” إنها نفذت مئات الضربات في “سوريا”، أصاب بعضها أهدافًا إيرانية، لمنع “طهران” من ترسيخ وجود عسكري لها هناك ولمنع وصول الأسلحة المتطورة إلى وكلائها في المنطقة.

وأشار مسؤولون إسرائيليون، في الآونة الأخيرة، إلى أنهم يعتبرون أن “العراق” بات تهديدًا أكثر مما كان عليه في السنوات القليلة الماضية، لكن لم يعلقوا بشكل مباشر على الانفجارات الأخيرة في مواقع “الحشد الشعبي” بـ”العراق”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة