أميركا تعرض خدماتها .. أوضاع “الصحة العامة” تهدد بعودة داعش مجدداً إلى العراق

أميركا تعرض خدماتها .. أوضاع “الصحة العامة” تهدد بعودة داعش مجدداً إلى العراق

كتبت – لميس السيد :

يرى الباحث المشارك بمشروع “برنامج أمن الشرق الأوسط”، في مركز الأمن الأميركي الجديد، “عمر مخلص”، أن فعالية حكومة العراق لتحقيق الإستقرار تعتمد على مساعدة الولايات المتحدة والدول في إعادة بناء وإدماج السكان السنيين المنبوذين سابقاً، وسلط الضوء  بوجه خاص على “حالة نظام الصحة العامة العراقية”، والتي يتم إغفالها غالباً، بالرغم من فعاليتها في الحفاظ على توازن البلاد عقب خروج تنظيم “داعش” الإرهابي، والحفاظ على المكاسب العسكرية ومنع حالة الفوضى.

الحاجة إلى معالجة نظام الصحة العامة..

يعتقد “مخلص”، عبر مقاله المنشور بمجلة “ناشونال انترست” الأميركية، أنه لا ينبغي إعتبارإعادة بناء نظم الصحة العامة مسألة ثانوية مقارنة بالظروف السائدة في الأراضي التي سيطر عليها تنظيم “داعش” سابقاً، كما أن جزءاً كبيراً من الشرق الأوسط ينذر بقابلية لإكتساب الأوبئة. وتعاني المنطقة بأسرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها وتضخم أعداد المشردين وإنخفاض نفقات الدولة على الرعاية الصحية وانتشار مرتقب لمرض “الإيبولا” في منطقة الشرق الأوسط.

وسيكون أي وباء يضرب العراق بمثابة نقطة الانهيار، وأي شئ أقل من استجابة منسقة وفورية من قبل الحكومة العراقية، في ظل البيئة الحالية من الطائفية، من شأنه أن يشعل مشاعر الاغتراب والإهمال بين المواطنين. وإذا كانت الحكومة العراقية غير راغبة أو غير قادرة على تقديم الخدمات اللازمة، فإن مجموعات أخرى بإمكانها أن تتدخل لملء هذا الفراغ. وقد استخدمت المنظمات الإرهابية والجهات الفاعلة غير الحكومية على السواء توفير الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك الرعاية الصحية، لتعزيز شرعيتها بين السكان.

خطر الوباء..

“الموصل في خراب تام بعد خروج داعش”. وقد دمرت البنية التحتية للمدينة بسبب الإهمال وإستمرار الصراع من تدمير  للمستشفيات والمدارس، ومنازل مليئة بالأجهزة المتفجرة، وسكانها باتوا يعانون من الجوع والضعف والتشرد. وعلى الرغم من أن تنظيم “داعش” قد زعم أنه يوفر “للمسلمين رعاية صحية واسعة”، إلا أن الوضع الصحي لم يكن موجوداً بالنسبة لمعظم السكان. وبالرغم من قيام  الحكومة العراقية ومفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى، بتوفير الخدمات الصحية لهؤلاء العراقيين المحرومين، ولكن هذه الإصلاحات قصيرة الأجل فقط، إذ يجب إعادة بناء البنية الأساسية الصحية لغرس الأمن الصحي على المدى الطويل.

وتظهر مشكلة “الكوليرا” المستوطنة عجز العراق عن التخفيف من خطر الإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها بسهولة، وعلى الرغم من أن وزارة الصحة العراقية – بمساعدة من صندوق الطوارئ التابع للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية – تمكنت من وقف تفشي المرض عن طريق حملة التطعيم عن طريق الفم، إلا أنها أخفقت في معالجة المسببات التي أدت إلى تفشي المرض في المقام الأول.

ومقارنة بالوضع المتدهور في سوريا، يجد العراق نفسه متماسكاً، حيث شهدت سوريا استنفاذ نظام الرعاية الصحية على مدى الحرب الأهلية المستعصية، في ظل  استهداف العاملين الصحيين والخدمات في المدن السورية من قبل عدد لا يحصى من الجهات الفاعلة، ما جعل خدمات الرعاية الأساسية غير موجودة. ويرى الكاتب أن  الإضطراب في سوريا سيعبر الحدود إلى العراق في شكل لاجئين وإرهابيين وأمراض.

ما الذي ينبغي فعله..

من أجل استقرار العراق في المستقبل، فإن إعادة إعمار المناطق السنية وإعادة إدماجها، هو أمر حيوي. وهذا لا يقوض أهمية التعاون الأمني طويل الأمد بين العراق والولايات المتحدة بعد استعادة الموصل بالكامل، بل ينبغي أن يكون هذا التعمير جانباً أساسياً من العلاقة الاستراتيجية المستمرة. ويتعين على الولايات المتحدة أن تكون شريكاً نشطاً في إعادة بناء الموصل، سواء مباشرة من خلال المساهمة بالأموال بل أيضاً من خلال جمع الدعم من الشركاء الدوليين، بمن فيهم الشركاء الخليجيون. وبالرغم من أنه مسعى طويل الأجل، ولكن في مواجهة هذه العواقب الوخيمة يتعين القيام به ضرورياً.

وبينما تتطلع الحكومة العراقية إلى تجاوز مرحلة بناء دولة سليمة بعد “داعش”، ستحتاج إلى حماية العراقيين الذين كانوا يقيمون في الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم سابقاً، ولكن بدون الأمن، لا يمكن إعادة بناء النظام الصحي، وبدون النظام الصحي، فإن سلامة العراق مهددة بالكامل، حيث أن  التخفيف من خطر الوباء أمراً ضرورياً ليس فقط لتحقيق الاستقرار السياسي في العراق على المدى الطويل، بل أيضاً لمنع حدوث تفشي واسع النطاق يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرع ما يمكن.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة