تصاعدت نبرة الخطاب المعادي للولايات المتحدة في الصحف ووسائل الإعلام السعودية منذ الإفراج عن التقرير الأخير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حول قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ويوما بعد يوم تروج وسائل الإعلام التي تقع تحت قبضة حكومية صارمة في المملكة بأن هناك مؤامرة وجودية تصل لحد المعركة الصفرية بين المملكة وبين اليسار الأمريكي وليس بين أمريكا، في استخدام لنفس وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمنافسه جو بايدن والفريق المعاون له، وحيث دأب ترامب على وصف مرشح الحزب الديمقراطي بأنه يساري متطرف.
هذه النبرة المعادية عبر عنها خالد المالك، رئيس هيئة الصحفيين السعوديين، بقوله : “هذه ليست أميركا التي نعرفها”. وفي إطار ردود الأفعال العصبية على اللهجة القاسية من جو بايدن تجاه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأمير نجح كل من تركي الفيصل، المدير السابق للمخابرات السعودية والسفير السابق للمملكة لدى الولايات المتحدة، والأمير بندر بن سلطان، أشهر السفراء السعوديين لدى واشنطن، في إبراز مواقف تعبر بكل وضوح عن النفاق الأميركي في القضايا الدولية وخاصة تجاه العالم العربي، وبذلك فقد نجح الرجلان في حشد الرأي العام الداخلي في السعودية خلف ولي العهد الأمريكيين.
وفي تعليقها على هذا الموقف الشائك قالت ياسمين فاروق الباحثة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن الخيارات التي لدى الولايات المتحدة للتعامل مع الملف السعودي لا تزال محدودة، بالنظر إلى أن واشنطن لن تجد أى طريقة للتعامل مباشرة مع قطاعات من الشعب السعودي، وفي نفس الوقت فإن بايدن قال إنه لن يتصل بمحمد بن سلمان، لكن مع ذلك فإن هناك فرصة للتأثير في الداخل السعودي من خلال التواصل مع عشرات الالاف من المبعوثين السعوديين في الجامعات الأمريكية الذين من الممكن أن يعودوا لبلادهم بأفكار مختلفة، ولكن حتى هؤلاء لن يستطيعوا التأثير في صناعة القرار في بلادهم التي تحكم بقبضة حديدية من ولي العهد السعودي ومجموعة قليلة من المحيطين به، وهو ما يبرز المأزق الذي تجد نفسها فيه إدارة بايدن التي سوف تضطر آجلا أو عاجلا للتعامل مع محمد بن سلمان، أو أن محمد بن سلمان يبدي مرونة في ملف الحريات وحقوق الإنسان.