أمام الصين وروسيا وكوريا الشمالية .. دراسات علمية تكشف ضعف أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية !

أمام الصين وروسيا وكوريا الشمالية .. دراسات علمية تكشف ضعف أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية !

وكالات – كتابات :

نشرت مجلة (ريسبونسبل ستيت كرافت)؛ التابعة لمعهد “كوينسي” لفن الحكم الرشيد، تقريرًا أعدَّه؛ “جو سيرينسيون”، الزميل البارز في المعهد، عن دراسة استعرضت قدرات أنظمة الدفاع الأميركية. وخلُصَت الدراسة إلى أن أنظمة الصواريخ الأميركية لن تكون فعَّالة أمام هجوم كوري شمالي محدود على “واشنطن”، ناهيك عن شنِّ هجوم روسي أو صيني أكثر تطوُّرًا.

جهود وتمويل في مهبِّ الريح..

يستهل الكاتب تقريره بالقول: خلُصَت دراسة جديدة أجرتها “الجمعية الفيزيائية الأميركية”، وهي منظمة رائدة لعلماء الفيزياء في “الولايات المتحدة”، إلى أنه على الرغم من بذل جهود ضخمة وإنفاق أكثر من: 350 مليار دولار على مدار 65 عامًا، “لم يُثبِت أي نظام من أنظمة الدفاع الصاروخي المتطورة حتى الآن؛ فعاليته ضد التهديدات الفعلية التي تُمثِّلها الصواريخ (الباليستية) العابرة للقارات”. وتعجز الأنظمة الحالية والمستقبلية المُخطَّط لها عن الدفاع عن “الولايات المتحدة” حتى ضد هجوم كوري شمالي محدود، بل تقل قدرتها على مواجهة الأسلحة الأكثر تطورًا التي تنشرها “الصين” و”روسيا”.

كما تُشير الدراسة إلى أن: “انفجار رأس نووي واحد فوق مدينة أميركية كبيرة قد يُمثِّل كارثة فادحة، ومن المحتمل أن يُسفر الانفجار عن مقتل مليون شخص وتحويل مئة ميل مربع إلى ركام”. ولن يتمكَّن أي نظام دفاعي من الأنظمة التي تُنتجها “الولايات المتحدة” أو تنشرها من تفادي وقوع هذه الكارثة.

وقد تتمخض عن هذه الدراسة تداعيات وخيمة في “الكونغرس”؛ الذي يوافق على تخصيص نحو: 20 مليار دولار سنويًّا لبرامج “الدفاع الصاروخي”، في ظل التصوُّر الخاطيء الذي يُفيد أن هذه الأسلحة تتصدى أو يمكن أن تتصدى قريبًا للصواريخ (الباليستية) العابرة للقارات المُسلَّحة نوويًّا.

نجاح باهر..

وينوِّه “سيرينسيون” إلى أن الأسلحة المُصمَّمة لاعتراض الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، مثل منظومتي (باتسريوت) و(إيغيس)، حقَّقت نجاحًا أثناء اختبارهما. ويقال إن أنظمة الدفاع القصيرة المدى للغاية، مثل نظام (القبة الحديدية) الذي تنشره “إسرائيل”، حقَّقت نجاحًا باهرًا في اعتراض الصواريخ التي تقطع عشرات الأميال، على الرغم من عدم وجود تحقُّق مستقل من هذه الإدِّعاءات. ومع ذلك تُمثِّل الصواريخ البعيدة المدى تحديًا أصعب.

وتسير الصواريخ التي تُحلِّق في مسافة تزيد عن: 03 آلاف كيلومتر؛ (1860 ميلًا)، خارج الغلاف الجوي في كثير من مسارها ثم تدخل مرةً أخرى بسرعة عالية، وتكون أسرع من سرعة الصوت في كثير من الأحيان. وتُشير الدراسة إلى أن الصواريخ (الباليستية) العابرة للقارات التي تنشرها “الصين” و”روسيا”، وهي الصواريخ التي تُحلِّق لأكثر من: 5500 كيلومتر؛ (3400 ميل)، متطورة للغاية ويمكن أن تستخدم: “تكنولوجيات مُصمَّمة خصيصًا لهزيمة الدفاعات الأميركية الحالية والمستقبلية أمام الصواريخ (الباليستية)، مثل الرءوس الحربية المناورة، والرءوس الحربية المتعددة المستهدفة بصورة مستقلة، وأسلحة الانزلاق التي تفوق سرعتها سرعة الصوت”.

وقد تنشر هاتان الدولتان قريبًا أسلحة يمكن أن تهزم أي أنظمة دفاعية معروفة: “مثل الصواريخ (الباليستية) القصيرة المدى التي تطلقها السفن الموجودة قبالة سواحل الولايات المتحدة، أو الأسلحة النووية التي تُطلَق في مسارات مدارية جزئية، أو المركبات الغاطسة غير المأهولة والمسلَّحة نوويًّا، أو الصواريخ الإنسيابية المُسلَّحة نوويًّا”.

محور التركيز..

ويستدرك التقرير: بيد أن الدراسة التفصيلية بحثت في كيفية الدفاع ضد إطلاق “كوريا الشمالية” صاروخًا باليستيًّا واحدًا عابرًا للقارات أو مجموعة من: 10 صواريخ من هذا النوع. ويُمثِّل هذا الأمر محور تركيز برامج الدفاع الصاروخي الأميركية الحالية. وبعد إجراء تحليل شامل لقدرات القوات الكورية الشمالية، بما في ذلك التدابير المضادة التي من المُرجَّح أن تكون “كوريا الشمالية” طوَّرتها، خلُص مؤلفو الدراسة إلى أن الدفاع الأميركي ضد هذا التهديد المحدود ليس فعَّالًا؛ ومن المُرجح ألا يكون فعَّالًا على مدار السنوات الخمس عشرة المقبلة.

وفحص العلماء على وجه التحديد نظام الدفاع الأرضي في منتصف المسار الذي تبلغ تكلفته: 90 مليار دولار، والذي يتألف من: 44 صاروخًا مُعترِضًا ويقع مقره في ولايتي: “آلاسكا” و”كاليفورنيا”. وقد صُمِّم هذا النظام: “للرد بالمِثل؛ الرد برصاصة على رصاصة مِثلها”، وتدمير الرأس الحربي في منتصف رحلته أثناء سيره خلال برد الفضاء وظلامه.

وعلى الرغم من ظهور هذه القدرات أثناء إجراء الاختبارات ضد أهداف بسيطة، إلا أن نظام الدفاع المُستخدَم يُعاني من مشكلات خطيرة فيما يتعلق بالموثوقية، ويمكن تعطيله من خلال شنِّ هجمات على الرادارات الخاصة به، كما أنه عُرضة للهزيمة بسبب التدابير المضادة البسيطة، مثل الأساليب الخداعية، بحيث إنه: “لا يمكن توقع أن يقدم هذا النظام دفاعًا قويًّا وموثوقًا ضد الهجمات التي تتجاوز كونها بسيطة من خلال عدد صغير من الصواريخ غير المتطورة نسبيًّا”، مثل صاروخ (هواسونغ-15).

ويُشير العلماء إلى أن: “قُدرة أي نظام دفاع صاروخي على التصدي لهذا النوع من الهجمات لم تتضح بعد، بحيث يمكن التعويل عليه”، إذ لم يُختبَر أي نظام على الإطلاق ضد التدابير المضادة الحقيقية، بما في ذلك الأساليب الخداعية أو المواد العاكسة للرادار أو الطلاءات التي تمتص أشعة الرادار.

فكرتان جديدتان..

ووفقًا للتقرير، تتجاوز “كوريا الشمالية” هذا التهديد الأساس؛ حسبما أظهرت الاختبارات الأخيرة. وتُشير الدراسة إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تُقدِّر أن “كوريا الشمالية”: “قادرة بالفعل على الأرجح على شنِّ هجوم أكثر تطوُّرًا”. ولذلك نظر العلماء أيضًا في فكرتين جديدتين لإضافتهما إلى الأنظمة المنشورة.

تتمثل الفكرة الأولى في صواريخ اعتراضية مُصمَّمة لضرب صاروخ معادٍ في مرحلة الإنطلاق، وهي المدة الأولية للرحلة بمجرد تشغيل محركات الصاروخ، ما يؤدي إلى إطلاق الرأس الحربي النووي في الفضاء. ومن الناحية النظرية، قد تحل هذه الفكرة المشكلات التي تتعلق بالاعتراض في منتصف المسار؛ لأن الصاروخ قد يُقصَف عندما يكون بطيئًا وساخنًا ومكشوفًا وليس سريعًا وباردًا ومتخفيًّا. وخلُص العلماء إلى أن أي نظام من الأنظمة المقترحَة التي تستخدم صواريخ اعتراضية تُطلق من السفن أو الطائرات أو من الأرض تواجه: “تحديات تكنولوجية صعبة للغاية” تجعلها: “غير قادرة على الدفاع عن الولايات المتحدة القارية بأكملها”.

ويؤكد التقرير أن النظم الفضائية، التي صُمِّمَت أيضًا لاعتراض صواريخ العدو في مرحلة الإنطلاق، لن تُحقِّق نجاحًا أفضل؛ وآية ذلك أن هذا النوع من الدفاع: “سيتطلب عدَّة مئات من الأسلحة التي تدور في منصَّات فضائية حتى تتصدى نظريًّا لصاروخ (باليستي) كوري شمالي واحد عابر للقارات، كما سيتطلَّب هذا النوع الآلاف من الأسلحة للدفاع ضد خمس صواريخ (باليستية) عابرة للقارات تُطلَق خلال وقت قصير”. وسوف تكون تكلفة استخدام هذه الأسلحة باهظة؛ وقد تكون: “عُرضَة للتعطُّل بسبب الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية”.

وتُعد هذه الدراسة العلمية أول تقرير مستقل عن الدفاعات الصاروخية تصدره “الجمعية الفيزيائية الأميركية”؛ منذ أن درس علماء الفيزياء دفاعات مرحلة الإنطلاق؛ عام 2003؛ ووجَّهوا أسلحة الطاقة عام 1987. وخلُصت الدراستان إلى أن هذه الأنظمة الدفاعية غير مُجدية في المستقبل القريب، وقد عزَّز فشلها منذ ذلك الحين النتائج التي توصلت إليها الدراستان.

تحدٍ كبير !

ويخلص التقرير الحالي إلى أن صناعة دفاع موثوق وفعَّال ضد التهديد الذي يُشكِّلَه حتى عدد صغير من الصواريخ (الباليستية) العابرة للقارات والمسلَّحة نوويًّا غير المتطورة نسبيًّا: “لا يزال يُمثِّل تحديًا كبيرًا”، لا سيما في ظِل وجود: “صعوبات كثيرة، تتراوح بين عدم حل مشكلة التدابير المضادة المتعلقة باعتراض الصواريخ منتصف المسار والتحدي الشديد للوصول مقابل الوقت المتعلق باعتراض مرحلة الإنطلاق”.

وعلى الرغم من أن الجنرال “جون هيتن”؛ أدلى بشهادته أمام “الكونغرس” عندما كان مسؤولًا عن هذه البرامج؛ في عام 2020، موضحًا أنه: “يثق تمامًا في تلك القدرات الدفاعية ضد كوريا الشمالية”، فإن العلماء خلُصوا إلى أن السلطات الأميركية: “تصدَّت لعدد قليل من التحديات الرئيسة، وأنه من المُرجَّح عدم وجود حل لكثير من المشكلات الصعبة خلال الأفُق الزمني الذي تبلغ مدته: 15 عامًا ونظرت فيه الدراسة، بل ربما أبعد من ذلك”.

وانتهى الكاتب في ختام تقريره؛ إلى أن العلم أعلنها بوضوح: سيظل دفاع “الولايات المتحدة” الفعَّال ضد الصواريخ (الباليستية) في المستقبل القريب ضربًا من الخيال.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة