25 ديسمبر، 2024 9:00 ص

أكراد سوريا .. بين الخذلان الأميركي و”غصن الزيتون” التركي !

أكراد سوريا .. بين الخذلان الأميركي و”غصن الزيتون” التركي !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالاً تحليلياً للكاتب الإسرائيلي، “إيال زيسر”، تناول فيه وضع أكراد سوريا بعدما تخلت عنهم واشنطن وتركتهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم. مؤكداً على أنه لا مكان للضعفاء في منطقة الشرق الأوسط، لأن البقاء فيه للأقوى دائماً.

يقول “زيسر”: “التقى قبل عدة أيام رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو, وخلال اللقاء، وضع الزعيمان أساساً إضافياً لتدعيم منظومة العلاقات الوثيقة بين البلدين. وبفضل الحوار والتفاهم بينهما تمكنت إسرائيل من تعزيز مصالحها الأمنية تجاه الجبهة الشمالية، رغم (التحالف الثلاثي) في سوريا، والذي يجمع بين روسيا وإيران وحزب الله”.

“غصن الزيتون” يبدد آمال الأكراد..

بينما كانت موسكو تستضيف لقاء “نتنياهو – بوتين”, كانت مدينة “سوتشي” تستضيف “مؤتمر الحوار الوطني السوري” كمسمار آخر في نعش الثورة السورية. ومن المعلوم أن معسكر المتمردين السوريين قد قاطع المؤتمر، لكن ذلك لم يُغير حسابات الروس, حيث تم الاتفاق في ختام المؤتمر على تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا، وكأن عدم وجود دستور هو سبب المشاكل التي تعيشها البلاد. ولكن لا داعي للقلق، فـ”بشار الأسد” يمكنه أن يختار نفسه لمنصب الرئيس، حتى في ظل الدستور السوري الجديد. وسيبقى الحال كما كان عليه، لأن التصريحات شيء والواقع على الأرض شيء آخر.

ففي سوريا نفسها إشتعلت جبهة جديدة للإقتتال، وهذه المرة بين تركيا والأكراد. حيث أطلق الجيش التركي عملية “غصن الزيتون”، التي تهدف للقضاء على آمال الأكراد في الحصول على حكم ذاتي بالجزء الشمالي من سوريا. وهنا يثبت “إردوغان”، مرة أخرى، أنه يستقوي على الضعفاء، وفي كل الأحوال لا تعنيه تطلعات الأكراد في شيء. وهو لا يتعاطف إلا مع الفلسطينيين، ففي حين يعتبر الأكراد إرهابيين، نجده يدعم “حركة حماس” بحرارة.

واشنطن استغلت الأكراد ثم تخلصت منهم..

يشير “زيسر” إلى أن الأكراد في سوريا خاضوا، بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية, حرباً طاحنة خلال السنوات الثلاث الأخيرة ضد تنظيم “داعش”. وتمكن الأكراد من الإستيلاء على مدينة “الرقة” عاصمة التنظيم, وأسقطوا – بمشاركة أشقائهم في العراق – دولة الخلافة التي أسسها “داعش” في المنطقة.

ولا شك أن الدعم الجوي للأكراد، والأسلحة التي حصلوا عليها من الأميركيين، كانت مهمة لتحقيق النصر, ولكن المقاتلين الأكراد، على الأرض، كانوا هم الذين ألحقوا الهزيمة بالجهاديين المنتمين لتنظيم “داعش”. وعندما حان الوقت الآن لتناول وجبة النصر، أكتشف الأكراد أنهم دُعوا للمؤتمر ليس للمشاركة كمُحتفلين, بل كأحد الأطباق ضمن قائمة الطعام.

لقد كان الأكراد جيدين بما فيه الكفاية، حتى وكلتهم واشنطن بمهمة محاربة تنظيم “داعش”، ولكن بمجرد إنتهاء الحرب وتحقيق النصر أصبح الأكراد بلا قيمة، بل أصبحوا يشكلون عبئاً، وعليه كانت الرغبة في التخلص منهم أو ببساطة تجاهلهم وتركهم يواجهون مصيرهم.

ترامب” يتخلى عن الأكراد كما تخلى “أوباما” عن “مبارك”..

يضيف “زيسر”؛ أنه ما من شك في أن الأكراد يبدون وكأنهم الحلقة الأضعف في لعبة الشرق الأوسط ، ولا  أحد يرغب في مساعدتهم. وفي واقع الأمر فإن الولايات المتحدة الأميركية تقف وراءهم، لكنها تبدو كنمر من ورق ولا يحركها سوى حساب الربح والخسارة, ولذا لا تتردد واشنطن في التخلص من الأكراد بمجرد تراجع أهميتهم. هكذا فعل الرئيس الأميركي، “باراك أوباما”، من قبل مع “حسني مبارك” في كانون ثان/يناير 2011، وهذا ما يفعله “دونالد ترامب” الآن مع الأكراد.

البقاء للأقوى في الشرق الأوسط..

يبدو أن الرئيس، “بشار الأسد”، هو الرابح الأكبر من الفوضى المستشرية في شمال سوريا, لأن المواجهات بين تركيا والأكراد تتيح لـ”الأسد”، الزحف شيئاً فشيئاً، على المناطق الآمنة التي أعلن عنها الروس والأميركان قبل بضعة أشهر. وكان من المفترض أن تنعم تلك المناطق بالحماية من جيش “الأسد”، ولكن الاتفاقيات شيء والواقع في سوريا شيء آخر تماماً.

وعلى أي حال، فبالنسبة لكل من موسكو و”الأسد”، يجب عليهما إحترام الاتفاقيات طالما أنها تخدم مصالحهما؛ فالاتفاقيات تُخدر الخصم وتتيح الفرصة لتوجيه الضربة الحاسمة لتحقيق النصر.

في الختام يؤكد “زيسر” على أن الأكراد سوف يكتشفون بأن الأقوياء فقط هم الذين يُكتب لهم البقاء في منطقة الشرق الأوسط, وأن القوي هو الذي يمكنه الدفاع عن نفسه، هو من يتلقى المساعدات الخارجية. فإذا  إستطاع الأكراد الصمود وتمكنوا من صد العدوان التركي؛ فربما حينئذ ستزداد مكانتهم وهيبتهم في نظر الأميركيين، بل وحتى في نظر الروس، وربما سيحدث ما نستبعده وهو أن تستفيق أوروبا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة