4 مايو، 2024 1:40 م
Search
Close this search box.

أكثر من 11 مليون دولار ضاعت على أميركا .. تفاصيل مشروع تجسس سري “عن بُعد” خدع واشنطن !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

أبحاث سرية أجرتها أجهزة الاستخبارات الأميركية، تهدف إلى استخدام العقل البشري للتجسس ومشاهدة الأشياء عن بُعد، وحتى محاولة التحكم بها، فيما يُعرف باسم “ظاهرة المشاهدة عن بُعد” التي تُثير جدلاً بين العلماء بشأن حقيقتها العلمية، في ظل السرية التي تُحيط بها “الاستخبارات المركزية الأميركية” التجارب التي استهدف بعضها دولاً عربية.

إذ نفذت “وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية و”وكالة استخبارات الدفاع”؛ التابعة لـ”وزارة الدفاع” الأميركية؛ (البنتاغون)، أبحاثًا ومهامًا سرية تضمنت استخدام التحكم بالعقل البشري للتجسس على “الاتحاد السوفياتي” ودولة عربية، خلال ذروة الحرب الباردة، حسّب ما ورد في تقرير لمجلة (Popular Mechanics).

وفي عام 1995، كُشف للعلن أن الجيش الأميركي اختبر في قاعدة عسكرية بولاية “ماريلاند” قُدرات (03) مواطنين يشُّتبه في أنهم يتمتعون بقوى خارقة للطبيعة، حسّب ما نقل تقرير لصحيفة (الواشنطن بوست-The Washington Post) عن مسؤولين أميركيين في ذلك الوقت.

ومؤخرًا أعيد تسّليط الضوء على مسألة المشاهدة عن بُعد، حيث نشرت مجلة (Popular Mechanics) تقريرًا تُشير فيه إلى وجود دلائل على أن: “المشاهدة عن بُعد ظاهرة حقيقية، ويسّتغرب وقف الأبحاث العلمية بشأنها، ملمحًا إلى أن هناك تساؤلات بشأن ما إذا كانت هذه التجارب أوقفت أم أصبحت طي الكتمان”.

البداية مع قيام وسيط روحاني أميركي !

في عام 1972؛ قام الفنان والوسيّط الروحي الأميركي؛ “إنغو سوان”، بتغيير المجال المغناطيسي داخل حاوية مفرغة محميّة بشكلٍ سميك وموجودة تحت الأرض لعدة ثوانٍ، بمجرد التفكير في الأمر.

عندما شهد “هارولد بوتهوف”، عالم الفيزياء في معهد (ستانفورد) للأبحاث، تغيّر ناتج مقياس المغناطيسية الخاص به، أصيب بالذهول. ولم يكن هناك تفسّير مادي لتغييّر القراءة بالطريقة التي حدثت بها. وبمجرد أن طلب “بوتهوف” من “إنغو سوان” التوقف عن التفكير في الجهاز، توقفت التغيّيرات غير المبررة في المجال المغناطيسي فجأة. بحسب مزاعم التقرير الأميركي.

“هذه الظواهر حقيقية”، حسّب ما يدعي الدكتور “دين رادين”؛ كبير العلماء في معهد (العلوم العقلية) غير الربحي ومقره “كاليفورنيا”، لمجلة (popular mechanics)، حيث كان يُّدرس علم التخاطر، أو دراسة الأحداث النفسية، على مدى العقود الأربعة الماضية.

“المخابرات المركزية” تتبنى الأبحاث..

بحلول الوقت الذي قدم فيه “بوتوف”؛ وزميله “راسل تارغ”، وهو فيزيائي آخر في معهد (ستانفورد) للأبحاث؛ (المعروف الآن باسم SRI International)، نتائجهما في اجتماع دولي حول فيزياء الكم وعلم التخاطر.

كانت “وكالة المخابرات المركزية” قد بدأت بالفعل العمل مع (SRI) لأداء أبحاث سرية حول الظواهر الخارقة – في المقام الأول “المشاهدة عن بُعد” – لجمع المعلومات الاستخبارية. تُشير المشاهدة عن بُعد إلى نوع من الإدراك خارج الحواس يتضمن استخدام العقل “لرؤية” أو التعامل مع الأشياء البعيدة أو الأشخاص أو الأحداث أو غيرها من المعلومات المخفية عن الرؤية المادية.

انتقلت لاستخبارات “البنتاغون”..

وبحلول منتصف الثمانينيات، تولت “وكالة الاستخبارات الدفاعية”؛ (DIA)، التابعة لـ”وزارة الدفاع” الأميركية؛ (البنتاغون)، مسؤولية البرنامج، وأطلقت عليه اسم: (Stargate).

كان لدى “وكالة الاستخبارات الدفاعية” ثلاثة أهداف رئيسة لأبحاثها؛ منها تحديد كيفية تطبيق المراقبة عن بُعد على جمع المعلومات الاستخبارية ضد الأهداف الأجنبية.

واكتشفت كيف يمكن لدول أخرى أن تفعل الشيء نفسه وتستخدمه ضد “الولايات المتحدة”؛ وإجراء تجارب معملية لإيجاد طرق لتحسيّن المشاهدة عن بُعد لاستخدامها في مجال الاستخبارات.

كان البرنامج سريًا، حسّب ما يقول “رادين”، الذي عمل كعالم زائر في برنامج (ستارغيت)، وأضاف قائلإً إن أفراد الأمن كانوا يُطلعونه وزملاءه على الحسّاسية المذهلة لعملهم شديد السرية كل أسبوعين، ويسألونهم عما إذا كان لديهم أي سبب للاعتقاد بأن أي شخص خارج المُّصرح لهم يعرف شيئًا عن الأمر.

 

“كان عليك أن تُصبح مصابًا بجنون العظمة بشكلٍ أساس”، وفقًا لـ”رادين” الذي أردف قائلاً: “لقد كان الأمر غير مُّريح للغاية بالنسبة ليّ”.

ويتذكر أنه سأل أحد المشرفين عليه عما يمكن أن يحدث إذا حققوا اختراقًا في هذا المجال، على سبيل المثال، التوصل إلى عقار لجعل شخص ما يتمتع بقدرات نفسية خارقة.

ويتذكر “رادين” قائلاً إن الرد كان فوريًا: “سوف تختفي الأبحاث ولن تتمكن أبدًا من التحدث عنها مرة أخرى، وهو أمر يتناقض مع العملية برُمتها، لكنني فهمت أيضًا السبب”.

من المفترض أن يكون أي سلاح أو أداة استخباراتية تم تطويرها في إطار (Stargate) ذات قيمة كبيرة وخطيرة جدًا؛ بحيث لا يمكن نشرها للعامة.

البنتاغون” استخدمتهم للكشف عن مواقع رهائن أميركيين..

في تقرير صحيفة (واشنطن بوست)؛ الذي نُشر في عام 1995، عن الثلاثة الأميركيين الذين جرى اختبارهم بشأن قدرات خارقة محتملة، ذُكر أنه جرى طرح أسئلة صعبة عليهم بين عامي 1975 و1979 بشأن التجارب النووية في “الصين” و”الاتحاد السوفياتي”.

كما سئلوا عن أمور مثل موقع الرهائن الأميركيين الذين يحتجزهم خاطفون أجانب، أجابوا بالتركيز بشكلٍ مكثف ثم “تخيلوا” الإجابة من خلال ظاهرة تُخاطر نفسية مزعومة تُعرف باسم: “المشاهدة عن بُعد”.

وطلب منهم موظفو “مجلس الأمن القومي” الكشف عن تصميم غواصة سوفياتية جديدة في عام 1979.

وساعد البرنامج المئات من العمليات العسكرية وعمليات جمع المعلومات الاستخبارية الأميركية على مدار (23) عامًا. حيث حقق بعض النجاحات، والكثير من الإخفاقات، حسّب تقرير لصحيفة (الغارديان-The Guardian) البريطانية نُشر في عام 2003.

وأكد ملخص “وكالة استخبارات الدفاع” عن إنجازاتها في هذا الملف – الذي حصلت عليه صحيفة (واشنطن بوست) في عام 1995 – أن الوسّطاء الذين تمّولهم الحكومة ساعدوا في كشف النقاب عن برنامج غواصات سوفياتي كبير في عام 1979 وتميّيز وظيفة مبانٍ رئيسة في البلدان الأجنبية، من بين مهام أخرى، ويقال إن الفريق قد حدد هوية جواسيس في عام 1980، واستخدام عميل للاستخبارات السوفياتية؛ (كي. جي. بي)، في “جنوب إفريقيا” آلة حاسبة للجيب لنقل المعلومات، والتجسس على معسكر لـ”منظمة التحرير الفلسطينية”؛ في “ليبيا”.

وتصل المزاعم إلى أنه ساعد في العثور على صواريخ (سكود) في “حرب الخليج الأولى”، و(البلوتونيوم) في “كوريا الشمالية” عام 1994.

وعلى مر السنين تم توظيف أكثر من (20) من الوسّطاء. لقد كان عملاً مرهقًا، وانتهى الأمر بالبعض في مستشفيات الأمراض النفسية، وفقًا للصحيفة البريطانية.

“المركزية الأميركية” تتولى المشروع مجددًا..

واصلت “وكالة استخبارات الدفاع” الأميركية المشروع حتى منتصف التسعينيات، عندما بدأت في رفع السرية عن وثائقها الخاصة بأبحاث المشاهدة عن بُعد لتسّهيل المراجعة الخارجية للمشروع.

وقد طلب “الكونغرس” من “وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية أن تتولى مسؤولية البرنامج السري من (البنتاغون) في ذلك الوقت.

وفي حزيران/يونيو 1995، طلبت “وكالة المخابرات المركزية” من المعاهد الأميركية للأبحاث؛ (AIR) -وهي منظمة غير ربحية مقرها في “أرلينغتون” بولاية “فيرجينيا” مكلفة بتقيّيم وتقديم المساعدة الفنية في أبحاث العلوم السلوكية والاجتماعية – إجراء مراجعة خارجية لبرنامج (ستارغيت).

لتقديم مراجعة متوازنة للمصداقية العلمية للبرنامج، طلبت “مؤسسة المعاهد الأميركية للأبحاث”؛ من اثنين من الباحثين لهما وجهات نظر متعارضة حول علم التخاطر النفسي، كتابة تقرير بشأن “المشاهدة عن بُعد”.

وهما الدكتورة “جيسيكا أوتس”؛ وهي إحصائية تصفها المجلة الأميركية بـ”البارعة”، وهي الآن أستاذة فخرية في جامعة (كاليفورنيا)، التي تنظر إلى علم التخاطر كعلمٍ واعد؛ و”راي هايمان”، الحاصل على الدكتوراه، وهو عالم نفس مشهور، وأستاذ فخري في جامعة (أوريغون)، وهو من الناقدين والمشّككين البارزين في علم التخاطر، بما في ذلك “المشاهدة عن بُعد”.

أحد العلماء قال إن “المشاهدة عن بُعد” ظاهرة حقيقية وآخر غير متيقن !

تقول “أوتس”؛ لمجلة (Popular Mechanics): “لقد أرسلوا لنا هذه الصناديق المليئة بالتقارير والأوراق، وأخبرونا أن أمامنا صيفًا واحدًا لكتابة التقرير”.

قام كل من “أوتس” و”هايمان”؛ بمراجعة العشرات من تجارب برنامج (Stargate) بشكلٍ منفصل، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا البيانات من المجتمع العلمي الأوسع في ذلك الوقت.

وجدت “أوتس” أن الإحصائيات مقنعة، وتعتقد أن الدراسات قدمت دليلاً قويًا على أن “المشاهدة عن بُعد” هي قدرة بشرية موجودة.

“أحد الأشياء التي وجدتها؛ أوتس، أكثر إقناعًا هو أن النتائج التي شوهدت عبر الدراسات في المختبرات المختلفة كانت جميعها متشابهة جدًا”، إذ قالت: “وكان كل ذلك ذا دلالة إحصائية، لذلك من الصعب حقًا تفسّير ذلك بالصدفة، أو الغش”.

اتفق “هايمان” مع “أوتس” في هذا الجزء، لكن ذلك لم يكن كافيًا لإقناع “هايمان” بأن “المشاهدة عن بُعد” ظاهرة حقيقية.

إذ وجد ما اعتبره عيوبًا محتملة في الأساليب التجريبية، مثل استخدام نفس الشخص للحكم على القدرة النفسية في كل تجربة، وقرر أن النتائج التجريبية لم تكن متسّقة بدرجة كافية مع التجارب خارج البرنامج.

وقال إن التجارب تتكون إلى حدٍ كبير من مطالبة “المُشاهد” في إحدى الغرف بالتركيز على مجموعة من أربع صور معروضة في غرفة أخرى بعيدة عن الأنظار، واختيار الصورة “الهدف” الصحيحة. في حين أنه من المتوقع في المتوسط ​​أن يختار المشاهدون بشكلٍ صحيح بنسّبة: (25%) من الوقت، إلا أنهم في بعض الدراسات اختاروا بشكلٍ صحيح بنسّبة: (30%) من الوقت، حسّب ما ورد في التقرير الذي نُشر عن الدراسة في صحيفة (واشنطن بوست) عام 1995.

وعلّق “هايمان” قائلاً إن دقة البحث حول ظاهرة “المشاهدة عن بُعد” تم تقيّيمها من قبِل كبير محققي “وكالة استخبارات الدفاع”، وهو عامل ربما أدى إلى تحريف النتائج.

ومع ذلك؛ فقد كتب “هايمان” في التقرير النهائي: “يبدو وضع قضية الأداء النفسي أفضل من أي وقتٍ مضى. حيث يبدو أن النتائج المعاصرة؛ بالإضافة إلى مخرجات برنامج (Stargate)، تُشير إلى حدوث شيء يتجاوز السّقطات الإحصائية الغريبة”.

وقال “هايمان” إن ما يصل إلى: (06) من: “المشاهدين عن بُعد” خدموا في كشوف رواتب الحكومة في وقتٍ واحد خلال العقدين اللذين بدؤوا خلالهما برنامج (Stargate). ويُشير المصطلح إلى القدرة المفترضة لأولئك الذين يمتلكون مثل هذه القوى على وصف مشهد لم يروه من قبل، بمجرد التفكير فيه.

الاستخبارات الأميركية تقلل من قيمة البرنامج..

وبعد فحصهم للبرنامج، قال مسؤولو “وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية إنهم خلصوا إلى أنه لا ينبغي إنفاق المزيد من الأموال العامة عليها.

وكانت قيمة هذا الجهد؛ الذي كلف (11) مليون دولار من منتصف الثمانينيات إلى أوائل التسعينيات، غير مؤكدة، وفقًا لدراسة أجريت لصالح “وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية.

لكن مسؤولي (البنتاغون) المشاركين في برنامج الخارقين دافعوا عنه باعتباره مصدرًا مفيدًا أحيانًا للنصائح العسكرية القيمة.

وعلى الرُغم من كل الشكوك التي وردت في الدراسة التي أجرتها “وكالة المخابرات المركزية”، فإنها لم تسّتبعد تمامًا احتمال وجود هذه الظواهر.

وقالت: “لوحظ تأثير ذو دلالة إحصائية في التجارب المعملية الأخيرة”؛ التي تتضمن “المشاهدة عن بُعد”، لكنها أضافت أن التأثير ربما نتّج عن مشكلات منهجية”؛ أو عيوب الدراسة.

وقال “هايمان” و”أوتس”، إنهما اختلفا حول احتمال أن تكون “المشاهدة عن بُعد” تأثيرًا علميًا زائفًا. وقالت “أوتس”، إنها تعتقد أن جهود البحث العلمي: “كانت بالتأكيد جديرة بالاهتمام… هناك أدلة مقنعة على وجود ظاهرة حقيقية هنا”.

وعلى الرُغم مما قد يُنظر إليه على أنه مراجعة متفائلة، فإن برنامج (ستارغيت) لم يُعد موجودًا، وتقول الباحثة “كيمبرلي هيكوك”؛ إنه: “على حّد علمنا، لم تواصل حكومة الولايات المتحدة مثل هذا البحث”.

ويُفترض أنه تم إغلاق المشروع في عام 1995، ولكن استمر بعض الوسّطاء في العمل الحكومي؛ وقد ساعد أحدهم “مكتب التحقيقات الفيدرالي” – دون جدوى بشكلٍ واضح – أثناء مطاردة “أسامة بن لادن” في أواخر عام 2001، حسّب ما ورد في تقرير صحيفة (الغارديان-The Guardian) البريطانية الذي نُشر في عام 2003.

ويقول تقرير نُشر في موقع “وكالة الاستخبارات الأميركية”؛ (CIA)، في تعليق على أبحاث “المشاهدة عن بُعد” إن: “المعلومات المقدمة كانت غير متسّقة وغير دقيقة فيما يتعلق بالتفاصيل، وتتطلب تفسّيرًا شخصيًا كبيرًا. ولم يتم بأي حال من الأحوال استخدام المعلومات المقدمة لتوجيه العمليات الاستخباراتية. وبالتالي، فشلت المشاهدة عن بُعد في إنتاج معلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ”.

ولكن تقول “أوتس”؛ التي شاركت في التقيّيم المستقل لهذه الأبحاث: “أنا آسفة لانتهاء الأمر، لأنني أعتقد حقًا أن هناك الكثير مما يمكن اكتشافه هناك”.

وتختتم مجلة (Popular Mechanics) تقريرها بالقول: “لكن ربما لم ينتّهِ بعد. ربما يكون الأمر سريًا للغاية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب