23 ديسمبر، 2024 8:54 م

أكاديمي إيراني يحاول كشف .. لغز “كُردستان سوريا” في الجيوسياسية الإقليمية !

أكاديمي إيراني يحاول كشف .. لغز “كُردستان سوريا” في الجيوسياسية الإقليمية !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

مسألة استقلال “كُردستان السوري”؛ من جملة الأزمات المستقبلية المحتملة بالشرق الأوسط في مرحلة ما بعد (داعش). وسوف تتسبب في توتر العلاقات السورية مع دول الجوار، التي تستضيف أعداد كبيرة من الكُرد.

وحصل أكراد “سوريا” على مساعدات “سياسية-أمنية” وأسلحة أميركية من منطلق ضرورة المواجهة ضد تنظيم (داعش) الإرهابي، والآن يسعون، بعد إنتهاء سيطرة التنظيم على مناطق شرق “الفرات”، إلى الاستقلال السياسي وإقامة منطقة حكم ذاتي شمال “سوريا”. بحسب “سيد محسن مصطفوي”؛ رئيس وحدة الصراعات والتعاون بالشرق الأوسط، بـ (مركز الشرق الأوسط للأبحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية) الإيراني.

الأمر الذي أثار ردود فعل تركية، والتي ترى في هذه المسألة تهديدًا لأمنها القومي. ويمكن تفسير التدخل العسكري التركي في الشأن السوري بالرغبة في الحيلولة دون هذا التطور الذي يُضاف إلى لغز الجيوسياسية الإقليمية.

سيد محسن مصطفوي

عقبات أمام الحكم الذاتي..

قد شرع “أكراد سوريا”، في آذار/مارس 2016، بتشكيل كونفيدرالية في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من “الجمهورية السورية”، وأعلنوا الحكم الذاتي في هذه المناطق بشكل عملي.

وتشكل هذه المناطق؛ حوالي ربع مساحة “الجمهورية السورية”. والمؤكد خضوع الكثير من مناطق “شرق الفرات” إلى الميليشيات الكُردية، منذ 2012، وبعد الأحداث المعروفة باسم “ثورة غرب كُردستان”؛ وفقدت الحكومة السورية بشكل عملي السيطرة على هذه المناطق. لكن هجمات تنظيم (داعش) الإرهابي على هذه المناطق حال دون تشكيل أحزاب سياسية متناغمة، وتركزت أولويات جميع أطراف الصراع على مكافحة التنظيم باعتباره خطرًا عاجلاً.

وفي نهاية 2013؛ أطلق الأكراد نظام الإدارة الذاتية غرب “كُردستان”، وشكلوا وحدات عسكرية عُرفت باسم “قوات سوريا الديمقراطية” أو “الجيش الديمقراطي السوري”، (SDF)، بهدف مواجهة تنظيم (داعش) الإرهابي والحكومة المركزية في “سوريا”.

وأنخرطت هذه القوات تحت “التحالف الدولي لمكافحة داعش”، وبخاصة “الولايات المتحدة الأميركية”. فقد كانت الوحدات الوحيدة المسلحة والمدربة وتعرف تضاريس المنطقة وتتمتع بالقدرة على هزيمة (داعش) في ميدان القتال.

وتمكنت “قوات سوريا الديمقراطية”، في آذار/مارس من العام الجاري، من السيطرة على مدينة “باغوز”، آخر معاقل تنظيم (داعش)؛ شرق “سوريا”، وإنتهت عمليًا مهمة هذه القوات في منطقة شرق “الفرات”.

وكان المتوقع، بعد إنتهاء العمليات العسكرية، أن تنضم القوات الكُردية في المناطق الآمنة إلى الحكومة السورية. إلا أن القوات الكُردية عقدت النية على استمرار التواجد بغرض تدعيم وتثبيت الموقع السياسية وإعلان الحكم الذاتي، وأبدت ميول للتقدم نحو مناطق غرب “الفرات”.

كونفيدرالية الشمال السوري..

وتتكون “كونفيدرالية الشمال السوري” من ثلاثة أقاليم منفصلة تشكل “الجزيرة” و”كوباني” و”عفرين”.

وإزاء التطورات الجديدة؛ سارعت “تركيا” إلى احتلال مناطق غرب “الفرات”، وتشكل أقاليم “عفرين” والجزء الأكبر من إقليم “كوباني”، عبر عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون”.

إزاء هذا الوضع يأس “أكراد سوريا” من النواحي غرب “الفرات”، وأكتفوا بمناطق شرق “الفرات” لتأسيس حكم ذاتي. وتضم هذه المناطق “إقليم الجزيرة” أو “الحسكة” السورية.

لكن اللغز “السياسي-الأمني” الحقيقي؛ إنما يرتبط بموقع الأكراد الجديد في المنطقة وعلاقاتهم مع الحكومة السورية. وهو ما يستدعي مناقشة الموقف الإيراني، والعراقي، والروسي، والأميركي، وبعض الدول العربية، وكيف تُكيف هذه الأطراف مصالحها الجيوسياسية مع الوضع الجديد ؟..

والواقع أن المحافظة على “كُردستان السورية” مهم وحيوي للمحافظة على وحدة الأراضي السورية ومستقبل الاقتصاد السوري. فهذه المنطقة غنية بالمصادر الطبيعية والمائية الواقعة في منطقة ما بين النهرين؛ وتضم عدد 10 سدود مائية كبيرة ومجموعة من الأنهار المهمة مثل “دجلة” و”الفرات”. فضلاً عن مدينة (الشدادي) الاستراتيجية الغنية بـ”النفط” وطاقة إنتاجية، 250 ألف برميل في اليوم، فضلاً عن القدرة العالية على إنتاج واستخراج “الغاز”.

أضف إلى ذلك، أن هذه المدينة كانت تنتج، قبل الحرب الأهلية السورية، نصف معظم المحصولات الزراعية السورية.

المخاوف “تركية-إيرانية”..

وبالتالي فإن إقامة حكم ذاتي كُردي آخر قد يتسبب في تبعات تدميرية على المنطقة. فإن “حزب الاتحاد الديمقراطي”، (P.Y.D)، وإن لم نعتبره الجناح السوري لـ”حزب العمال الكُردستاني” التركي، إلا أنهما يتشابهان إلى حد كبير جدًا. أضف إلى ذلك؛ أن “قوات سوريا الديمقراطية” هي في الحقيقة “وحدات مدافعي الشعب”، (Y.P.G)، ومعظم هذه القوات كانت ذات عضوية في “حزب العمال الكُردستاني”. وهذه القرابة أثارت حساسية “تركيا” للحيلولة دون تشكيل حكومة كُردية ذات إيديولوجية يسارية على حدودها الجنوبية.

كذلك بلا شك؛ سوف ينتفع (بيغاك)، الجناح الإيراني من تنظيم “العمال الكُردستاني”، من الحكومة الكُردية السورية. وبالتأكيد سوف يسوء “إيران” إقامة قاعدة جديدة لـ (بيغاك)، وبالتالي لن تقبل “إيران”، باعتبارها الحليف الاستراتيجي للحكومة السورية منذ بداية الحرب الأهلية، بانفصال جزء من الأراضي السورية وتشكيل إقليم حكم ذاتي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة