24 نوفمبر، 2024 7:12 ص
Search
Close this search box.

أقرب المرشحين لخلافة “خامنئي” .. والقوى المؤثرة في اختياره !

أقرب المرشحين لخلافة “خامنئي” .. والقوى المؤثرة في اختياره !

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

بين الحين والآخر يستعر الجدل حول من سيخلف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله “علي خامنئي”، الذي يبلغ من العمر الآن قرابة 80 عامًا، وهو يتولى المنصب، منذ عام 1989.

ويرى كثير من المراقبين أنّ دور “الحرس الثوري”، وكذلك “مجلس خبراء القيادة”، سيكون حاسمًا في تحديد هوية المرشد الأعلى القادم.

في ظل التكهنات العديدة، نشر (المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي)، هذا الشهر، دراسة أعدها الخبير الإسرائيلي في الشؤون الإيرانية، “راز تسيمت”، أماط فيها اللثام عن هوية الرجل صاحب الحظ الأوفر لخلافة “خامنئي”.

أقرب المرشحين..

بحسب الدراسة، التي أعدها “تسيمت”، فإن الأشهر الأخيرة حملت الكثير من الإشارات والدلائل على أن المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، “إبراهيم رئيسي”، والذي يترأس حاليًا سُدّة السلطة القضائية في “إيران”، هو أقرب المرشحين لخلافة “خامنئي”؛ في منصب “المرشد الأعلى”.

ومنذ تعيينه رئيسًا للمؤسسة القضائية، في آذار/مارس 2019، يبذل رجل الدين المحافظ جهودًا جبارة – مدعومًا على ما يبدو من المرشد الأعلى – لتعديل أسلوب أداء السلطة القضائية، وتحسين مكانته الشخصية أمام الرأي العام وتكثيف ظهوره أمام وسائل الإعلام، لا سيما بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي جرت في أيار/مايو 2017.

مسار وظيفي حافل..

شغل “رئيسي”، الذي وُلد في كانون أول/ديسمبر عام 1960، بمدينة “مشهد”، عددًا من المناصب القيادية في السلك القضائي، منذ أوائل الثمانينيات، من بينها منصب “المدعي العام” في “طهران”، و”رئيس هيئة الرقابة العامة” في السلطة القضائية، و”المدعي العام” للبلاد.

وفي عام 2016؛ عيَّنه الزعيم الروحي، “خامنئي”، في منصب “سادن العتبة الرضوية” في مدينة “مشهد”، والتي تمتلك صندوقًا قويًا يشرف على كثير من الأوقاف الإسلامية والممتلكات الضخمة والميزانيات الهائلة.

وبالإضافة إلى منصبه الحالي، كـ”رئيس للسلطة القضائية”، يعمل “رئيسي” أيضًا عضوًا في “مجمع تشخيص مصلحة النظام”، ونائب رئيس “مجلس خبراء القيادة”؛ المسؤول عن متابعة أداء قائد الثورة الإسلامية، بل وحتى الإطاحة به وتعيين خليفة له، إذا أرتأى المجلس أنه لم يعد قادرًا على مواصلة مهامه.

وفي الانتخابات الرئاسية، التي جرت في أيار/مايو 2017، خاض “رئيسي” المنافسة أمام الرئيس الحالي، “حسن روحاني”، لكنه تلقى هزيمة قاسية بعدما حصل على 16 مليون صوتًا فقط، مقابل أكثر من 23 مليون صوتًا حصل عليها، “روحاني”.

إصلاح المنظومة القضائية..

بعد وقت قصير من تعيينه رئيسًا للسلطة القضائية، أعلن “رئيسي” عزمه إجراء تعديلات من شأنها تسهيل سير التقاضي، معتبرًا “مكافحة الفساد” من أهم أولوياته.

وعلى الرغم من أن الفساد، في القطاعين العام والحكومي، يمثل ظاهرة متفشية في البلاد على مر السنين، إلا أن الانتقادات الجماهيرية في هذا الصدد قد تزايدت، خلال السنوات الأخيرة، مما يُحتِّم على كبار المسؤولين معالجة تلك المشكلة، ولو حتى على المستوى الإعلامي.

وفي هذا السياق؛ أعلن “رئيسي” نيته تقليل عدد الحسابات المصرفية المسجلة باسمه ونشر تقرير سنوي للرأي العام حول أنشطة تلك الحسابات المصرفية.

وجاء هذا الإجراء، من جانب “رئيسي”، على خلفية الاتهامات التي وُجِّهَت لسلفه في المنصب، “صادق لاريغاني”؛ لأنه كان يمتلك أكثر من 60 حسابًا مصرفيًا يتلقى من خلالها أموال المواطنين، وقد نوقشت تلك الاتهامات أمام المحكمة. وفي خطوة أخرى، قام “رئيسي” بعزل عشرات القُضاة الذين ثبت تورطهم في قضايا فساد. كما أمر “رئيسي” بتيسير إجراءات التقاضي، وتعيين آلاف الموظفين الجدد لتقليل زمن التقاضي والفصل في القضايا المعروضة على المحاكم.

“رئيسي” ومحاولات تلميع صورته..

في الوقت الذي يُجري فيه “رئيسي” إصلاحات عديدة في المنظومة القضائية، إذا به يسعى لتكثيف ظهوره الإعلامي وتلميع صورته أمام الرأي العام، وخاصة بعد فشله النسبي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي بدا خلالها وكأنه مرشح يفتقر إلى الجاذبية الشخصية.

وعلى الرغم من أن مهاراته كمرشح رئاسي قد تحسنت خلال الحملة الانتخابية، حيث حصل على الدعم العلني من جانب المؤسسة الدينية، إلا أن ذلك لم يساعده على حشد تأييد الجماهير العريضة.

وفي منتصف حزيران/يونيو 2019؛ كتب “رئيسي” منشورًا غير مألوف، على صفحته الشخصية في منصة (إنستغرام)، يدعو فيه المواطنين على التواصل معه من خلال حساباته الخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، وإبلاغه بمقترحاتهم من أجل تطوير المنظومة القضائية.

وقد لاقت تلك الدعوة ترحيبًا بالغًا، لا سيما من قِبَل الصحافة الإصلاحية التي أعربت عن أملها في أن يؤدي ذلك الإجراء إلى إعادة النظر في سياسة حجب شبكات التواصل الاجتماعي المُتبعة حاليًا في “إيران”، وكذا إلى تعزيز ثقة الجماهير في المنطومة القضائية.

وفي الشهر نفسه؛ نشرت وسائل الإعلام الإيرانية صورًا لـ”رئيسي”؛ وهو يتوجه إلى عمله مُستقلًا “مترو أنفاق العاصمة”، حتى يبدو عند الناس وكأنه واحد منهم، يعيش حياة متواضعة وبسيطة مثلهم.

وفي نهاية الشهر؛ استغل “رئيسي” مناسبة، “أسبوع السلطة القضائية”، التي يُحتفل بها سنويًا في “إيران”، لكي يحظى بمزيد من الظهور الإعلامي.

وللمرة الأولى في تاريخه، أجرى “رئيسي” لقاءً مباشرًا على شاشة التلفاز الإيراني، وفيه تناول بالتفصيل بنود الخطة التي وضعها لتحسين أداء المنظومة القضائية. وتشير تقارير وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن صور “رئيسي” انتشرت خلال ذلك الأسبوع، عبر لافتات الشوارع بجميع أرجاء “إيران”.

ماضٍ مثير للجدل !

تعكس تصريحات “رئيسي” العلنية؛ مدى الجهد الكبير المبذول لتعزيز مكانته لدى الرأي العام، باعتباره رجل دين راديكالي. علمًا بأن ماضيه المثير للجدل في سلك القضاء – خاصةً عندما كان يشغل منصب “نائب المدعي العام” في “طهران”، وقت تنفيذ الإعدامات الجماعية بحق السجناء السياسيين، عام 1988 – قد أثار ضده معارضة شديدة، خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لا سيما من جانب الدوائر الإصلاحية.

بل إن الرئيس، “روحاني”، نفسه قد تحدث تلميحًا عن ماضي، “رئيسي”، عندما صرح في خطاب ألقاه أمام أحد المؤتمرات الانتخابية، بأن المواطنين الإيرانيين ليسوا في حاجة أبدًا لعودة الحقبة التي استمرت 38 عامًا وشهدت قيام السلطات باعتقال الناس وإعدامهم.

دعم حرية الصحافة وحقوق المرأة..

في أيار/مايو 2019، عقد “رئيسي” لقاءً استثنائيًا مع رؤساء تحرير الصحف ومديري وسائل الإعلام الإيرانية، أكد خلاله على الأهمية التي يوليها لحرية الصحافة.

بعد ذلك بفترة وجيزة؛ التقى ببعض السيدات الناشطات في مجال حقوق المرأة، ووعدهن بسرعة الإنتهاء من صياغة مشروع “قانون لمكافحة العنف ضد المرأة”. وفي إحدى المقابلات التليفزيونية، أعرب “رئيسي” أيضًا عن دعمه لمساعي النهوض بالمرأة في السلطة القضائية، وخاصة في محاكم الأسرة.

كما أُمر بفتح تحقيق في حادثة وفاة السجين السياسي، “علي رضا شير محمد علي”، البالغ من العمر 21 عامًا، والذي حُكم عليه بالسجن لمدة 8 سنوات لنشره محتوى يدين المرشد الأعلى عبر منصات التواصل الاجتماعي. ولقد قُتل ذلك الشاب، في حزيران/يونيو 2019، بعد أن طعنه إثنان من السجناء الجنائيين المدانين بجرائم قتل.

جدير بالذكر؛ أن “رئيسي” لم يكف عن التعليق على قضايا السياسة الخارجية الإيرانية. إذ أيَّد موقف المرشد الأعلى الرافض لإجراء مفاوضات مع “الولايات المتحدة الأميركية”، كما أشاد بقوات “الحرس الثوري” بعد إسقاط الطائرة الأميركية، في 20 حزيران/يونيو الماضي، وأعرب عن دعمه لمساعي “إيران” لترسيخ وجودها في المنطقة.

يحظى بدعم “خامنئي”..

من الواضح؛ بحسب التقرير الإسرائيلي، أن “رئيسي” يعمل على تعزيز مكانته أمام الرأي العام، بدعم المرشد الأعلى، والدليل على ذلك هي المقابلة المُطولة التي جرت معه ونُشِرت على الموقع الرسمي التابع لـ”خامنئي”، في أواخر حزيران/يونيو الماضي.

ورغم أن توقيت النشر كان يرتبط بمناسبة، “أسبوع القضاء”، إلا أن إبراز أهمية تلك المقابلة ونشر صور “رئيسي” إلى جانب صور “خامنئي” على الصفحة الرئيسة للموقع، يُعد من الأمور الاستثنائية.

وقال “رئيسي”، في تلك المقابلة، إنه لم يوافق على تولي رئاسة السلطة القضائية إلا بعد إصرار المرشد الأعلى. ولقد تصدرت تصريحات “رئيسي” وسائل الإعلام الإيرانية، وربما كان الهدف من ذلك هو التأكيد على مدى قربه من “خامنئي” والدعم الذي يتلقاه منه.

قائمة سرية للمرشحين !

يرى “تسيمت”؛ رغم كل ذلك، أن الوقت ما زال مبكرًا لتقييم فرص “رئيسي” في الفوز بخلافة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وخاصة أن صراع الخلافة سيتأثر كثيرًا بتوقيت رحيل “خامنئي” عن المشهد السياسي.

لكن إلى جانب “رئيسي”؛ هناك أسماء أُخرى طُرحت خلال السنوات الأخيرة، مثل سابقه، “صادق لاريغاني”، والرئيس “حسن روحاني”، بل وحتى نجل الزعيم الإيراني، “مجتبي خامنئي”.

ولقد أكد مؤخرًا، رجل الدين البارز وأحد كبار أعضاء “مجلس خبراء القيادة”، وهو “محسن الأراكي”، أن هناك لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء تعمل داخل إطار المجلس وتحمل قائمة سرية تضم عددًا من المرشحين المحتملين لخلافة “خامنئي”.

وفاة “خامنئي” قد زعزة استقرار البلاد..

رغم أن مسؤولية تعيين خليفة المرشد الأعلى؛ تقع على كاهل “مجلس خبراء القيادة”، فمن المحتمل أن تسعى مراكز قوى أخرى، مثل “الحرس الثوري”، للعب دور في تحديد هوية المرشد القادم، للحفاظ على مصالحها في فترة ما بعد “خامنئي”.

وعلاوة على ذلك؛ لا يمكن استبعاد فرضية أن تؤدي وفاة “خامنئي” إلى تقويض استقرار النظام الإيراني، وقد تشكل تحديًا حقيقيًا لنظام “حكم ولاية الفقيه” المُطبق في “إيران” منذ “الثورة الإسلامية”.

وعلى أي حال؛ فإن قُرب “رئيسي” من المرشد الأعلى وخبرته في السلطة القضائية وفي إدارة الشؤون الاقتصادية لـ”صندوق العتبة الرضوية” بمدينة “مشهد” ومواقفه المحافظة، إلى جانب مساعية الحثيثة لتحسين مكانته أمام الرأي العام وتكثيف ظهوره في وسائل الإعلام، كل ذلك يجعله في هذه المرحلة من أقرب المرشحين لخلافة “خامنئي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة