أقالة العشرات من الضباط .. وألارهاب اصبح شبحا

 أقالة العشرات من الضباط .. وألارهاب اصبح شبحا

حمّل مسؤول أمني دوائر الاستخبارات، مسؤولية موجة العنف التي تضرب البلاد منذ شهرين، والتي قال إنها تعجز عن كشف “العدو الذي اصبح شبحاً” وتصر على قراءة الملف الأمني بطريقة تقليدية لا تجاري التكتيكات التي تتبعها الجماعات الإرهابية.

وفيما كشف عن وجود قوائم أصدرتها وزارتا الداخلية والدفاع لإقالة وطرد عشرات الضباط ممّن قاتلوا الإرهاب في المناطق الساخنة، أكد ان هذه العقوبات التي طالت آمري افواج داخل العاصمة بغداد، أسهمت في زعزعة الروح المعنوية لـ”القوات المسلحة”. وابدى استغرابه بشأن استثناء ضباط الاستخبارات من أي عقوبة رغم انهم لا يقومون بتزويد الأجهزة الأمنية الا بمعلومات عامة “إسقاطاً للفرض”.

ويشهد العراق، منذ مطلع نيسان الماضي، تصعيدا امنيا واضحا، اعقب اجتياح القوات الامنية لساحة الاعتصام في الحويجة. واعتبر شهر نيسان الاكثر دموية منذ 2008 بعد سقوط اكثر من 2000 بين قتيل وجريح. وبحسب احصائية غير رسمية فان عدد القتلى تجاوز الـ300 شخصا منذ مطلع تموز الجاري. وكانت الامم المتحدة حذرت من اندلاع الحرب الاهلية في العراق مشيرة الى ان معدلات العنف خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة باتت تقترب من نظيرتها ايام العنف الطائفي في 2006 – 2008.
وتعليقاً على موجة التفجيرات الأخيرة، يقول مسؤول امني إن “الجماعات الإرهابية استطاعت تغيير تكتيكاتها فيما لا تزال الأجهزة الأمنية تتعامل بطريقة تقليدية”، مضيفا ان “ردود فعل اجهزة الامن باتت متوقعة، فالمواطن العادي يعلم اننا سنقوم بغلق الطرق وفرض طوق امني وتشديد السيطرات بعد كل خرق امني تشهده اي منطقة”.
ويوضح المسؤول الذي يحمل رتبة كبيرة وطلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات التي يدلي بها لـ”المدى”، ان “العدو اصبح شبحا نعجز عن كشفه وهذا يحتاج الى جهد استخباري مكثف يجاري اساليب الجماعات الارهابية في تنفيذ عملياتها”.
ويلفت الى ان “الجماعات الارهابية اعتمدت تكتيك التفجيرات الصباحية التي تستهدف دوائر ومؤسسات الدولة لاكثر من 5 سنوات لكنها لجأت مؤخرا للتفجيرات المسائية واستهداف التجمعات البشرية بعد نجاح الاجهزة الامنية بما يسمى الانذار الصباحي الذي يقوم بتأمين محيط الدوائر والمؤسسات قبل بدء الدوام الرسمي”.
وفيما ينتقد المسؤول المقرب من مكتب القائد العام للقوات المسلحة “غياب عنصر المبادءة والمباغتة لدى اجهزة الامن وعدم تغيير الخطط بشكل مستمر”، اكد “الحاجة الى إشراك المواطن في الجهد الاستخباري وعدم الاكتفاء بنصب السيطرات في الشوارع والساحات العامة”، مشيرا الى ان “الجماعات الإرهابية باتت تستهدف المقاهي والملاعب الشعبية في تكتيك جديد لم يخطر في حسابات أجهزة الأمن”.
وابدى المصدر الأمني الرفيع استغرابه من “إصرار القيادة الامنية على نشر عناصر الاستخبارات بزي عسكري في نقاط التفتيش وبشكل مفضوح”، داعيا الى “نشرهم بلباس مدني مع تفعيل شبكة للمخبرين المحليين وحث المواطن على رفع حسه الامني لانه المتضرر المباشر من اي خرق يحدث”.
ويشدد المسؤول على ان “دوائر الاستخبارات والامن الوطني والمخابرات هي المسؤولة بشكل مباشر عن رصد التحركات المشبوهة في المناطق السكنية وتزويد القطاعات العسكرية بها”، متابعا بالقول “ما يحدث حاليا ان مسؤولي القواطع الامنية يتم محاسبتهم عن اي خرق يحدث فيما يتم استثناء ضباط الاستخبارات من ذلك وهذا ما جعلهم يشعرون بتفوق على الاخرين”، مشيرا الى ان “اسلوب التفخيخ باستخدام مادة سي فور يصعب عملية كشفها في نقاط التفتيش لسهولة نقلها من منطقة الى اخرى، وهنا تقع المسؤولية على الجهد الاستخباري لمتابعة الحركات المريبة”.
ويتابع بالقول إن “ضباط استخبارات القواطع مشغولون بالإتاوات التي يفرضونها على اصحاب المطاعم والكراجات والنوادي الليلة في إهمال واضح لدورهم الامني الحساس”، مشيرا الى ان “بعض أحياء العاصمة بغداد التي تشهد خروقا امنية مستمرة لم يتم تفتيشها منذ اربع سنوات”.
وفي دليل على عدم وجود جهد استخباري فعال، يقول المصدر الامني الرفيع ان “إطلاق النار الذي اعقب فوز المنتخب العراقي للشباب في كأس العالم كشف ان جميع العراقيين يمتلكون السلاح، وهذا يدلل على ضعف عمليات الدهم والتفتيش او عدم إجرائها أصلاً”.
وعن أسباب “التراخي الاستخباري”، يقول الضابط الكبير ان “دوائر الاستخبارات لا تزود القوات المسلحة بالمعلومات اللازمة لانها لا تعمل، وان قدمت معلومات فانها غالبا ما تكون عامة وغير محددة وتكون بهدف اسقاط الفرض والتهرب من المسؤولية، وهذا ما يصعّب عمل المؤسسة العسكرية على الارض”.
ويلفت الى ان “دوائر الاستخبارات كانت تتحجج بعدم وجود تخصيصات مالية تمكنهم من مكافأة المصادر المحلية التي كانت تتقاضى 200 دولار عن كل معلومة يتم تمريرها للجانب الامريكي”، ويضيف “لكن الموازنة الحالية تضمنت تخصيصات للجهد الاستخباري الا ان ذلك لم يأت بنتيجة لحد الان”.
ويؤكد المسؤول الامني الرفيع، في حديثه لـ”المدى”، ان “القوات المسلحة تعيش هبوطا واضحا في معنوياتها لا سيما بعد معاقبة 20 آمر فوج في بغداد على خلفية سلسلة التفجيرات التي حدثت الشهر الماضي”، مشيرا الى ان “الضابط الذي تتم معاقبته واستبداله بمعاونين اقل كفاءة منه لن يستطيع استعادة توازنه النفسي حتى بعد انقضاء فترة العقوبة”.
ويضيف “هناك سبب آخر لهبوط الحالة المعنوية للقوات المسلحة وهو اصدار وزارتي الدفاع والداخلية قوائم تتضمن اقالة او طرد العشرات من الضباط حتى من دون حقوق تقاعدية”، مشيرا الى ان “بعض تلك القوائم تضمنت 100 اسم وهناك تسريبات عن قوائم اخرى في الطريق”.
وأوضح ان “الضباط المبعدين هم على اقسام بعضهم تم إبعاده لشموله باجراءات المساءلة والعدالة والبعض الاخر ابعد بسبب انتمائه للاجهزة الامنية في زمن النظام السابق، وقسم آخر تم ابعاده تحت بند الفائض عن الملاك او عدم الكفاءة”.
ويلفت المسؤول الامني الى ان “الابعاد شمل قادة وضباطا حاربوا الارهاب في مناطق ساخنة مثل ديالى وسامراء، فيما كان بعض المنتسبين للاجهزة الامنية السابقة يعمل في دوائر غير مؤثرة كالدوائر القانونية او امن الجامعات”، ويذكر المصدر ان “هناك تذمرا وترقبا واضحين لدى كبار الضباط خشية ابعادهم وان كل ما يريده هؤلاء العدالة في تطبيق اجراءات المساءلة لأنها تستثني حاليا ضباطا بعثيين يعملون في الأماكن الحساسة مثل مكتب القائد العام”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة