خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رغم إعلانها الانسحاب من شمال “سوريا” وتوقفها عن دعم “قوات سوريا الديمقراطية”، وهو الأمر الذي وصف بالخيانة من قِبل “واشنطن” لحليفها وبيعه بدم بارد للرئيس التركي، “رجب طيب إروغان”، إلا أنه أتضح بعد ذلك بوجود مخطط آخر لديها إتخذت (داعش) حجة وذريعة من أجله، ألا وهو حقول “النفط” السورية، هذا هو هدفها الحقيقي.
فقد أعلن وزير الدفاع الأميركي، “مارك إسبر”، أمس، أن “الولايات المتحدة” ستستخدم “قوات ميكانيكية” من عربات مدرعة قد تتضمن دبابات، للمساعدة في حماية حقول “النفط” السورية، ومنع مسلحي “تنظيم الدولة الإسلامية”، (داعش)، من السيطرة عليها.
ورفض الوزير، الذي يحضر حاليًا اجتماعًا لوزراء دفاع “حلف الأطلسي” في “بروكسل”، تقديم مزيد من التفاصيل عن المهمة العسكرية التي تأتي في أعقاب الانسحاب المفاجيء للقوات الأميركية من شمال شرق “سوريا”، “كُردستان سوريا”، مطلع هذا الشهر بأوامر من الرئيس، “دونالد ترمب”.
وقال “إسبر” إنّ القادة الأميركيين “يدرسون كيف بوسعنا أن نعيد قوات إلى المنطقة من أجل ضمان تأمين حقول النفط”، مؤكدًا بذلك بيانًا سابقًا لـ (البنتاغون).
وتابع قائلاً: “ستتضمن بعض القوات الميكانيكية – مجددًا لن أخوض في التفاصيل – لكن المهمة في سوريا ستظل ما بدأت المهمة في سوريا به: لقد كانت دومًا بشان هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية”.
تعزيز الوجود العسكري لحماية حقول النفط..
وكانت “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، أعلنت أمس الأول، أنها خططت لتعزيز وجودها العسكري في شمال شرق “سوريا” لحماية حقول “النفط” هناك من السقوط مجددًا بيد تنظيم (داعش).
وقالت الوزارة، في بيان، إن: “الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز موقعنا في شمال شرق سوريا، بالتنسيق مع شركائنا في قوات سوريا الديمقراطية، عبر إرسال دعم عسكري إضافي لمنع حقول النفط هناك من أن تقع مجددًا بيد تنظيم (داعش) أو فاعلين آخرين مزعزعين للاستقرار”.
في الوقت ذاته؛ كشف السيناتور الجمهوري، “ليندسي غراهام”، أن “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، تُعد خطة للتدخل العسكري في “سوريا”.
وقال السيناتور الجمهوري: “قادة عسكريون أميركيون يعدون خطة من شأنها منع تنظيم، (داعش) الإرهابي، من العودة للظهور في سوريا، ومنع وقوع النفط السوري في أيدي إيران أو التنظيم المتشدد”.
وجاءت تصريحات “غراهام”، للصحافيين، عقب تلقي “الكونغرس” إفادة من رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة في “البيت الأبيض”.
ويأتي التحوّل بالنسبة للقوات الأميركية في “سوريا”؛ بعد أن غرّد “ترامب”، أمس الأول: “لن نسمح أبدًا لتنظيم الدولة الإسلامية المعاد تشكّيله بالإستيلاء على هذه الحقول” الواقعة في محافظة “دير الزور”.
إرسال 30 دبابة وإبقاء 500 جندي..
من جهتها؛ ذكرت تقارير إعلامية أميركية، بما في ذلك مجلة (نيوزويك)، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تسمهم، أن (البنتاغون) يدرس إرسال نحو 30 دبابة (إبرامز) وعدد غير محدد من الجنود إلى “التنف”، وهي بلدة في شمال “سوريا”، تضم قاعدة عسكرية أميركية.
وقالت صحيفة (وول ستريت جورنال)؛ أن “البيت الأبيض” يدرس خيارات الإحتفاظ بـ 500 جندي أميركي في شمال شرق “سوريا” وإرسال المزيد من الدبابات لحمايتهم.
ووفق “البيت الأبيض”؛ فإن هناك حالة من الجمود للقرار السابق بسحب نحو 1000 جندي أميركي ممن تلقوا تعليمات بالانسحاب من “سوريا”، في وقت سابق هذا الشهر.
وفيما كانت القوات الأميركية تسيطر على حقول “النفط” السورية منذ فترة، أدى قرار سحب القوات الأميركية من شمال شرق “سوريا” فجأة لإثارة السؤال حول أمن هذه القوات المتبقية حول حقول “النفط”.
وكان “ترامب” قد قال إنه سيوافق على الإحتفاظ بـ 200 جندي في شمال شرق “سوريا”، بعد أن طالب في البداية بسحب جميع القوات الأميركية، بعد محادثات مع السيناتور، “ليندسي غراهام”، حول حماية حقول “النفط”.
وكان “ترامب” قد تلقى ردود فعل عنيفة من الحزبين، “الجمهوري” و”الديمقراطي”، بسبب قراره ترك الأكراد للدفاع عن أنفسهم بعد أن ساعدوه في محاربة (داعش).
عملية نبع السلام..
يُذكر أنه بدأت القوات التركية هجومًا عسكريًا تحت مسمى عملية “نبع السلام”، الأربعاء 9 تشرين أول/أكتوبر 2019 على شمال “سوريا”، وسط انتقادات ومخاوف دولية من أن يتسبب الإعتداء في إعادة إحياء تنظيم (داعش) الإرهابي؛ الذي دُحر مطلع العام الجاري على يد “قوات سوريا الديمقراطية”، المدعومة من “التحالف الدولي”.
وقوبل الهجوم بعاصفة من الإدانات الإقليمية والدولية، وأوقفت العديد من الدول الأوروبية تصدير الأسلحة إلى “تركيا”، على خلفية الهجوم الذي أدى إلى فرار العديد من عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي من مخيمات المنطقة.
وأسفر التدخل العسكري التركي، في الشمال السوري، عن فرار 785 عنصرًا من تنظيم (داعش) الإرهابي من الأجانب المعتقلين في مخيم “عين عيسى”.
استهداف اقتصادي لسوريا..
حول قرار انسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية، قال “محمد نادر العمري”، الكاتب والباحث السياسي؛ أن “الولايات المتحدة” لم تنسحب من “سوريا”، لكن يمكن القول أن: “قرار ترامب أعيد إحتوائه من قِبل صقور الإدارة الأميركية حتى من داخل حزبة الجمهوري، أو أن القرار ومن اليوم الأول لم يملك خطة للانسحاب بالأساس”.
وبيَن “العمري” أن نهج الإدارة الأميركية، المتبع اليوم، هو الاستمرار باستهداف سوريا “وكان ذلك واضحًا عندما ضغط ترامب على إردوغان للجلوس على طاولة المحادثات مع بنس والحصول على هدنة بهدف خلط الأوراق”، مشيرًا إلى أن القرار بحد ذاته يأتي في إطار “الاستهداف الاقتصادي لسوريا، حيث تسعى أميركا لفرض حصار اقتصادي جائر بهدف قلب أو تغيير رأي الشارع السوري من خلال استمرار سرقة النفط أو إعطائه لقيادات (قسد)”.
وسيلة ضغط على “قسد” لعدم التنسيق مع النظام السوري..
وأضاف “العمري” أن: “حجة منع وصل (داعش) إلى آبار النفط؛ هو أداة للتأثير على مليشيات (قسد) للضغط عليها لعدم التنسيق مع الحكومة السورية”.
وأشار “العمري” إلى التناقض الذي حدث، في الأمس، بين تصريحي الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”: “فلندع الأكراد يحمون النفط”، و”وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، مبينًا أنه أتى على خلفية “رفض العراق بقاء القوات الأميركية على أراضيه، ومنحهم إمكانية العبور فقط بهدف المغادرة”.
صراع جيوسياسي..
وحول أسباب وجود “أميركا” في “التنف”، قال “العمري” أن هذا الوجود يأتي في إطار الصراع الجيو سياسي “أولًا بسبب الصراع (الأميركي-الإيراني)، ثانيًا لقطع الطريق البري لمحور المقاومة الواصل بين طهران مرورًا ببغداد ودمشق إلى لبنان ولطمأنة الداخل الإسرائيلي، كما إعترف منذ يومين الرئيس الأميركي ترامب؛ بأن الأردن وإسرائيل طلبتا منه عدم الخروج من التنف”.
وأكد “العمري” أن التواجد الأميركي في “التنف” له أسباب سياسية وعسكرية، لكن بلباس إنساني، من خلال استثمار مخيم “الركبان”؛ “هناك عدد من الأهداف لهذا المخيم، استثمار أميركا الملف الإنساني لإيجاد شرعية لوجودها في قاعدة التنف أولًا، وثانيًا استثمار اللاجئين والضغط عليهم اجتماعيًا واقتصاديًا للإنضمام إلى مجموعات إرهابية، والأهم أن هناك جزء من مخيم الركبان يتواجد فيه تنظيم (داعش) قامت أميركا بنقلهم من الباغوز إلى المخيم وتريد إعادة استثمارهم”.