24 أبريل، 2024 6:16 م
Search
Close this search box.

أصبح مؤرقا لها .. ألمانيا تتوجس من سياسات ترامب الاقتصادية

Facebook
Twitter
LinkedIn

قلق من سياساته العامة.. بدا واضحاً في أوروبا حتى قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية وتنصيبه في البيت الأبيض في 20 كانون ثان/يناير 2017، بسبب تصريحاته التي وصفها كثير من المحللين بأنها تسير في عكس اتجاه السياسات الاقتصادية المتعارف عليها بين الدول المتقدمة.

إذ يرى المسؤولين الاقتصاديين في أوروبا الرئيس الأميركي الخامس والأربعين للولايات المتحدة “دونالد ترامب” يكاد يتخذ سياسات اقتصادية تقوم على الانغلاق وعزل أميركا عن امتدادها الخارجي، وأنه يتعامل بمنطق سوق العقارات الذي اعتاد عليه طوال حياته كأحد أهم رجال الأعمال في هذا المجال بأميركا، ولا يرى غير مصلحته القريبة وأي أموال قريبة دون النظر لعواقب السياسات والقرارات والتصريحات المتسرعة لرئيس أهم دولة في العالم على الاقتصاد العالمي.

انتقاد ألماني

فنجد وزير الاقتصاد الألمانية “بريغته تسيبريز” في نهاية آذار/مارس 2017، تنتقد ترامب بشدة وتصرح بأن سياسة “أميركا أولاً”، التي يتبناها الرئيس الأميركي لن تحقق أي نمو اقتصادي أو اجتماعي فيما يتعلق بالوظائف، وأن هذه السياسات لا تصلح في عالم التجارة والاقتصاد.

توحيد أوروبي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

الوزيرة الألمانية لم تقف عند حد نقد سياسات ترامب، بل طالبت أوروبا مجتمعة بضرورة إقناع الرجل بالعدول عن تفكيره الاقتصادي، مشددة على أن هناك دراسة لـ”منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” التي مقرها باريس تظهر أن التجارة المفتوحة ضرورية للازدهار الاقتصادي، وأنه لا يحق استخدام شعار “أميركا أولاً” في المناحي الاقتصادية لأنه يعزل واشنطن عن العالم، ربما يستخدم هذا الشعار في السياسة أو الأمن لكن الاقتصاد يحقق عزلة وخسائر على المدى البعيد.

ضرر بالاقتصاد العالمي

منذ إعلان ترامب عن نيته في التخطيط الاقتصادي لبلاده خلال فترة رئاسته لأميركا، أخذت ألمانيا على عاتقها مهاجمته، فبتاريخ 4 شباط/فبراير 2017، وتحت عنوان “مخاوف ألمانية من سياسات ترامب الاقتصادية”، تناولت تقارير اقتصادية ألمانية سياسات وخطط الرئيس الأميركي الجمهوري واصفة إياها بأنها تضر بالاقتصاد العالمي.

جرس إنذار

ونقل عن وزير المالية الألماني “فولفغانغ شويبله” قوله إن فوز ترامب يعد تنبيهاً لأوروبا، منتقداً طريقة تفكيره في إبرام الصفقات، لافتاً إلى أن العالم “لا يحتاج إلى حلول يخسر فيها طرف بينما يكسب الآخر.. ربما يختلف الوضع في قطاع العقارات – قاصداً ترامب – لكن العالم يحتاج إلى وضع يكون الكل فيه فائزاً”، واصفاً تصريحاته الاقتصادية بالاستفزازية.

الحملة الألمانية مستمرة تجاه ترامب، فقد رأت وزير الاقتصاد الألمانية “بريغيته تسيبريس” في الرئيس الخامس والأربعين لأميركا خطراً على التنمية الاقتصادية، خاصة أن لا أحد يتوقع أو يستطيع التنبؤ بما سيفعله في المستقبل وهو ما يؤدي إلى “الشلل”، والشلل خطير على أي اقتصاد في العالم، بحسب تصريح سابق لها في شباط/فبراير 2017.

رسائل غير مباشرة والتعويل على المعارضة

ألمانيا أرسلت رسائلها بشكل غير مباشر لترامب عبر تصريحات وزرائها لعدد من الصحف ووسائل الإعلام، ولا تخفي تعويلها على المعارضة الداخلية الشديدة له في الولايات المتحدة، كما أنها تدرك أن الرجل سيصطدم بالبرلمان الذي سيحتاج موافقة أغلبيته لتنفيذ ما يطمح به من سياسات، وهو ما يرى الكثيرون أنه سيخفق فيه في مراحل كثيرة.

الهجوم الألماني على ترامب ينطلق من مبدأ تسوق له برلين دائماً دولياً وهو ضرورة “وجود تجارة عالمية حرة”، فالعالم الآن برأي الألمان لابد له من الاعتماد على اقتصاد عصر العولمة والتشابك، وهو عنصر تجيده ألمانيا بل وتعد عصباً حقيقياً لمحركه.

خلف الكواليس

بالتأكيد إن قيادة الألمان للحملة الشرسة على ترامب اقتصادياً ليست من فراغ، فدائماً خلف الستار والكواليس ما هو خفي، فالمعلن هو الخوف على النظام العالمي الاقتصادي ومن حركة التجارة البينية بين الدول، لكن ما يهم ألمانيا هو حجم تبادلها التجاري مع أميركا.

مخاوف من سياسة غلق الباب

فالرجل الجمهوري قالها صراحة: “سنغلق الباب على أنفسنا.. أميركا أولاً”، وقال أيضاً إنه سيفرض ضرائب على كل المصانع الأميركية التي تصنع منتجاتها خارج بلاده، بل قال نصاً بعد انتخابه في كانون أول/ديسمبر 2016، في تغريدة “الولايات المتحدة ستخفض الضرائب على الشركات، لكن أي شركة تترك بلادنا لدولة أخرى وتفصل عمالتها وتبني مصانع لدول أخرى ثم تعتقد أنها ستبيع منتجاتها في الولايات المتحدة بدون عقاب أو تبعات فهذا خطأ”، متابعاً: “ستفرض ضرائب قريباً على حدودنا التي ستصبح منيعة قريباً قدرها 35% للشركات التي تريد بيع منتجاتها وسياراتها وأجهزة تكييفها، وما إلى آخره إلى داخل حدودنا مرة أخرى”، بالتأكيد مثل هكذا تصريحات أزعجت ألمانيا بالمقام الأول فهي إحدى أهم الدول في إنتاج السيارات والأجهزة الكهربائية والملابس الرياضية.

المستورد الأول من ألمانيا

وأهم ما يزعج الألمان ويدركون جيداً أنه سيؤثر عليهم اقتصادياً هو التهديد “الترامبي” لحجم صادراتهم لأميركا الذي ارتفع بشكل كبير خلال 2015 و2016، لتصبح واشنطن المستورد الأول من الألمان، إذ أنه منذ منتصف 2015 شهدت العلاقات التجارية بين واشنطن وبرلين تطوراً كبيراً وهو ما أعطى دلالات على احتمالية تغلب الولايات المتحدة على فرنسا في علاقاتها التجارية مع ألمانيا، وبالفعل جاءت الارقام المؤقتة لعام 2015 التي نشرها مكتب الإحصاءات الفيدرالي لتؤكد على أن فرنسا لم تعد الشريك التجاري الأول لألمانيا، للمرة الأولى منذ عام 1975، لتسبقها أميركا بشكل ملحوظ.

114 مليار يورو في خطر

فالصادرات الألمانية وجدت طريقها أسرع للولايات المتحدة، فخلال عام 2015 بلغت قيمة مبيعات الشركات الألمانية للولايات المتحدة 114 مليار يورو، مقابل 103 مليار يورو هو ثمن البضائع الألمانية التي وصلت إلى فرنسا، وهي مليارات لن تسمح ميركل أو غيرها من المسؤولين ورجال المال والأعمال الألمان أن يتسبب ترامب أو غيره في تراجعها، بل ربما تحرض ألمانيا الكونغرس الأميركي بالاستعانة بمن يتعاملون مع مصانعها للضغط على ترامب ومواجهة سياساته الاقتصادية المنغلقة.

المعلوم أن ألمانيا إحدى أهم الدول التي تعد عصب اقتصاد العالم، وأصبحت أميركا السوق الأول لصادرات الآلات والأجهزة الألمانية متجاوزة بذلك التنين الصيني، الذي طالما احتل المركز الأول في هذا القطاع.

اختراق السوق الأميركي

لقد بنيت السياسات الاقتصادية الألمانية منذ 2010 على ضرورة اختراق السوق الأميركي بقوة وتسويق جميع المنتجات للأميركيين، ومنذ 2015 استحوذت الصناعات الألمانية على اهتمام الأميركيين، حتى ظهر لهم آخر شخص يتمنون سيطرته على مقدرات الأمور في البيت الأبيض، فألمانيا تدرك جيداً أن تفكير ترامب يميل إلى الحد من الاستيراد أو فرض ضرائب مرهقة على المستوردين، وكذلك فإن فكره يعتمد على تشجيع المنتج المحلي والصناعات الأميركية وتعظيم شعار Made In U.S.A، وهو ما سيسبب خسائر كبيرة للألمان وغيرهم كالصين واليابان، لكن هل ينجح ترامب في مساعيه أم يواجه بلوبي اقتصادي يتحكم به رجال الأعمال في الكونغرس لن يسمح بتمرير أغلب قراراته.. خاصة إذا ما تعلقت بأباطرة الاستيراد والتصدير في أميركا؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب