10 أبريل، 2024 12:59 ص
Search
Close this search box.

أسوأ ما خلفته حرب العراق .. ‏

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب الحلل الاميركي ديفيد رود : يغمر البيوت الأمريكية هذا الأسبوع سيل من التغطية الاعلامية ‏والتعليقات التحليلية بل ومشاعر الندم عن الذكرى السنوية العاشرة لحرب العراق. ويذهب الليبراليون ‏إلى أنه لو كان تويتر موجودا لأوقف الغزو. أما المحافظون فيرون أن الروابط بين الرئيس العراقي ‏الراحل صدام حسين والارهاب تعرضت في واقع الأمر للتهوين.‏

وأبرز الدروس المستفادة من الحرب هو أن الغزوات البرية الامريكية تعمل على زعزعة استقرار ‏الشرق الأوسط بدلا من تحقيق استقراره. فقد قتل 100 ألف عراقي ولقي 4500 جندي حتفهم وبلغ ‏حجم الانفاق تريليون دولار كل هذا كان يجب أن يوقف ما أطلق عليه دانييل دريزنر الاستاذ بجامعة ‏تافتس “العسكرة الزاحفة للسياسة الخارجية الامريكية.” وبدلا من ذلك ازداد ضعف المؤسسات المدنية ‏الامريكية التي خذلتنا قبل في العراق.‏
وأول الأمثلة وزارة الخارجية. وقد أصاب دريزنر حين قال أن تضخم ميزانية وزارة الدفاع ‏‏(البنتاجون) في السنوات التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ايلول ترافقت مع زيادة نفوذها ‏في السياسة الخارجية الامريكية. وهو يقول ان عددا كبيرا من جنرالات الجيش الامريكي السابقين ‏شغلوا مناصب هامة في السياسة الخارجية.‏
وتباطأ هذا التوجه في الادارة الثانية للرئيس الامريكي باراك أوباما. لكن الميزانية وبرامج التدريب ‏والقدرة على التخطيط مازالت صغيرة بشكل مضحك اذا ما قورنت بما يخص الجيش. والمال يعادل ‏السلطة والنفوذ ومقعدا على المائدة في واشنطن. وكما قال لي صحفي سابق تخصص في مجال الأمن ‏القومي فإن المؤسسات المدنية الضعيفة تؤدي إلى تضاؤل الاستجابات المدنية الممكنة للازمات.‏
وفي أول خطاب له كوزير للخارجية حاول جون كيري وضع حجم الجهد المدني الامريكي في مكانه ‏الصحيح. فاستند إلى استطلاع حديث أظهرت نتائجه أن أغلب الامريكيين يعتقدون أن وزارة الخارجية ‏وبرامج المساعدات الخارجية الامريكية تستهلك 25 في المئة من الانفاق الاتحادي. وهي في واقع ‏الأمر تتلقى واحدا في المئة منها. (أما المؤسسة العسكرية فتحصل على نحو 20 في المئة).‏
ولم يحظ خطاب كيري بأي تغطية صحفية. وهاهي وسائل الاعلام التي تعد مؤسسة مدنية أمريكية ‏أخرى تخذلنا مرة أخرى مثلما خذلتنا قبل عشر سنوات. وهذاالأسبوع تتلقى وسائل الاعلام عن جدارة ‏صفعة لفشلها في أن تكون أكثر تشككا في التبرير المحوري لادارة الرئيس الامريكي السابق جورج ‏بوش في حرب العراق ألا وهو أسلحة الدمار الشامل التي اتضح أنها غير موجودة.‏
وفي الأشهر التي سبقت الغزو نشرت صحيفة نيويورك تايمز على صفحتهاالأولى سلسلة تقارير ‏اتسمت بالتهويل عن أسلحة الدمار الشامل أعدتها الصحفية جوديث ميلر. وفي الوقت نفسه تجاهل ‏المحررون في الصحيفة ووسائل اعلام أخرى تقارير جريئة نشرتها صحف شركة نايت ريدر كانت ‏تشكك في مزاعم الادارة عن أسلحة الدمار الشامل.‏
وبعد مرور عشر سنوات أصبحت ميلر شخصية أساسية في قناة فوكس نيوز الأخبارية واختفت سلسلة ‏نايت ريدر من الوجود. وتوصل تقرير مفزع نشره مركز بيو للابحاث يوم الاثنين إلى أن عدد ‏المحررين المتخصصين الذين يعملون كل الوقت بالصحف انخفض بنسبة 24 في المئة منذ عام ‏‏1989. وتوصل تحليل منفصل إلى ان نسبة العاملين بالعلاقات العامة إلى الصحفيين ازدادت من 1.2 ‏لكل واحد في عام 1980 الى 3.6 لكل واحد عام 2008.‏
ويرى البعض أن صعود نجم وسائل الاعلام الاجتماعية وصحافة المواطن يملأ الفراغ الذي خلقه ‏تراجع موارد الصحف. وقال ايريك بوليرت من ميديا ماترز هذا الاسبوع أنه كان من الممكن أن يرغم ‏تويتر الصحفيين على أداء مهمتهم بشكل أفضل قبل غزو العراق. وأشار إلى حالات حديثة اضطر ‏فيها بعض كتاب الاعمدة بالصحف المعروفة إلى الرد على سيل من الانتقادات على تويتر لمقالات ‏كتبوها.‏
وقال جوناثان لاندي أحد الصحفيين في نايت ريدر الذين لم تحظ كتاباتهم المتشككة في أدلة أسلحة ‏الدمار الشامل قبل الغزو باهتمام يذكر إنه ربما كان من الممكن أن تحدث وسائل التواصل الاجتماعي ‏فرقا. لكنه تردد في القول أنه كان من المكن أن يخرس تويتر البيت الابيض.‏
وأضاف في رسالة بالبريد الالكتروني “هل كان من الممكن أن تأخذ الادارة البلاد للحرب لو أن ‏النيويورك تايمز والواشنطن بوست والشبكات التلفزيونية قامت بما قمنا به من تحقيق صحفي؟ لا ‏أدري. لكن وسائل الاعلام الاجتماعي كان من الممكن أن تلفت الانظار بدرجة أكبر كثيرا لعملنا وربما ‏اقتدى بنا عدد أكبر من الصحفيين.”‏
يسترجع لاندي وهو زميل سابق وصديق قديم يعمل الان صحفيا في ماكلاتشي ما مضى من أحداث ‏ويوجه اللوم إلى وسائل الاعلام واجهزة المخابرات الامريكية. وقال “وسائل الاعلام الاخبارية العادية ‏كانت فظيعة في فشلها في أداء ما عليها مثلما كانت أجهزة المخابرات الامريكية في فشلها في ‏الحصول على معلومات دقيقة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية غير الموجودة.”‏
واليوم تهيمن المخاوف من “عراق آخر” على الجدل الدائر حول السياسة الخارجية الامريكية. والخيار ‏ثنائي. فمن الممكن أن ترد الولايات المتحدة على تهديد للسياسة الخارجية بغزو بري محفوف ‏بالمخاطر. أو ألا تفعل شيئا على الاطلاق. والمهلة قصيرة أمام المحاولات الدبلوماسية والاقتصادية ‏وغيرها من المحاولات غير العسكرية للتأثير على الأحداث في الخارج. وأي تدخل أمريكي سيزيد ‏الوضع سوءا ويخلق مستنقعا آخر.‏
وبالطبع يجب ألا تبدأ الولايات المتحدة غزوا آخر في الشرق الاوسط. لكن هذا لايعني أنه يجب عليها ‏ألا تتفاعل مع المنطقة على الاطلاق. فقد أظهر الربيع العربي في الواقع أن شعوب الشرق الاوسط ‏ترغب في الديمقراطية. وبالأخص يريد الشبان العرب حق تقرير المصير ووظائف والحياة الحديثة. ‏ولواشنطن مصلحة في الأخذ بيدهم لكنها لا تميل إلى ذلك وليس لديها من الوسائل غير العسكرية ما ‏يذكر لتحقيق ذلك.‏
وبعد مرور عشر سنوات على غزو العراق لا يزال دور وزارة الخارجية ضئيلا بالنسبة لوزارة الدفاع. ‏وقد أصبحت وسائل الاعلام الإخبارية ثلث حجم صناعة العلاقات العامة. ونحن مستمرون في الاعتقاد ‏أن القوة العسكرية وسيلتنا الأساسية في معالجة تحديات السياسة الخارجية. وفي أمريكا ما بعد غزو ‏العراق تحول نقاشنا في السياسة الخارجية الى خيار ثنائي “نغزو أم لا نغزو”. الخيارات المتاحة أكبر ‏بكثير. وليست الدول كلها العراق.‏
عن رويترز

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب