وكالات – كتابات :
“ترامب كان يُريد المشاركة في الهجوم على الكونغرس”.. مازالت التفاصيل الصادمة تتكشف عن دور الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”، في عملية اقتحام “الكونغرس”، التي نظمها أنصاره، في 06 كانون ثان/يناير 2020، لمنع مشرّعي البلاد من التصديق على فوز؛ “جو بايدن”، في الاتتخابات التي جرت في نهاية عام 2019.
وأصبح هذا اليوم محطّ تحقيق مكثف من قِبل لجنة برلمانية تهدف إلى التحقيق في دور الرئيس السابق في الهجوم على “الكونغرس”، وسط تقارير تُفيد بأنه كان يُريد المشاركة بنفسه في الهجوم الذي نفذه أنصاره، وأنه كان سعيدًا بما يحدث.
تُركز المرحلة الأخيرة من تحقيقات اللجنة على الفترة التي استغرقت حوالي: 187 دقيقة في يوم، 06 كانون ثان/يناير 2021، وهي الفترة بين بداية الهجوم على “الكونغرس” الذي جرى بناءً على خطاب ألقاه “ترامب” ألهب مشاعر أنصاره وبين أول تغريدة دعاهم فيها للخروج من المبنى بعد أن صدمت مشاعر أعضاء “الكونغرس” الفارّين والمختبئين تحت الطاولات الأميركيين وأثارت السخرية في العالم.
في هذه الفترة التي تزيد عن ثلاث ساعات، يعتقد منتقدو “ترامب” أنه كان يأمل أن يتمكن أنصاره من إفشال عملية تصديق “الكونغرس” بقيادة نائب الرئيس؛ “مايك بنس”، على انتخاب منافسه؛ “جو بايدن”، وأن إمتناعه عن الدعوة لوقف الهجوم خلال هذه الفترة لم يكن ارتباكًا، بل كان ضمن خطة مدبرة لتنفيذ ما يمكن وصفه بأول انقلاب في تاريخ “أميركا”.
واللجنة التي تُحقق في هذه الأحداث مكلفة من “الكونغرس”؛ وهي وتضم سبعة ديمقراطيين وإثنين من الجمهوريين.
وتقول اللجنة إنها تُخطط لإظهار، دقيقة بدقيقة، كيف فشل “ترامب” في بذل أي جهد لدفع مثيري الشغب لمغادرة (الكابيتول)، أو محاولة مساعدة المشرعين، وكذلك نائب الرئيس آنذاك؛ “مايك بنس”، الذين أجبروا على الفرار من “الكونغرس” بعد أن اقتحمه أنصار “ترامب”، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة (سي. إن. إن) الأميركية.
مساعدوه حذروه من خطابه التحريضي قبل الهجوم !
في جلسات الاستماع السابقة، سعت اللجنة إلى ربط “ترامب” بالعنف في مبنى (الكابيتول)، وأظهرت كيف حذره مساعدوه من أن مزاعمه بسرقة الانتخابات لا أساس لها من الصحة، وأن هناك خطر اندلاع أعمال عنف، في 06 كانون ثان/يناير 2021.
ستحاول الجلسة الأخيرة للجنة، المقرر يوم الخميس، توضيح كيف أن “ترامب”: “رفض العمل للدفاع عن مبنى (الكابيتول) عندما اقتحمت عصابة عنيفة مبنى (الكابيتول)”، وفقًا لمساعدي اللجنة.
مثل جلسات الاستماع السابقة من المُرجح أن تعتمد اللجنة على شهادات الشهود الذين كانوا حول “ترامب”، في 06 كانون ثان/يناير، أو بالقرب منه في الجناح الغربي، من أجل سرد ما حدث من خلال كلمات الدائرة المقربة من “ترامب”.
تحدثت اللجنة مع العديد من الأفراد حول “ترامب”، في 06 كانون ثان/يناير، بمن فيهم ابنة “ترامب”؛ “إيفانكا ترامب”، ومستشار “بنس”، السابق للأمن القومي، الجنرال المتقاعد؛ “كيث كيلوغ”، والسكرتيرة الصحافية السابقة لـ”ترامب”؛ “كايلي ماكناني”، ومستشار البيت الأبيض السابق؛ “بات سيبولوني”.
يشكو نُقاد “ترامب” من إمتناع بعض موظفي “ترامب”، وبعض قادة الجمهوريين عن المثول أمام اللجنة، حيث لم يدلِ رئيس موظفي “البيت الأبيض”؛ في عهد “ترامب”، “مارك ميدوز”، بشهادته أمام اللجنة؛ (صوت مجلس النواب على احتجازه بسبب احتقاره للكونغرس لتحديه أمر الاستدعاء).
لكن “ميدوز” سلم بشكل انتقائي أكثر من: 2300 رسالة نصية إلى اللجنة، وتوفر النصوص رؤى رئيسة للرسائل المحمومة التي كان يتلقاها رئيس طاقم “البيت الأبيض” من حلفاء “ترامب” الجمهوريين في “الكونغرس”، وحتى ابنة “ترامب”؛ التي كانت تُحث الرئيس على التصرف والسيطرة على الموقف.
أسوأ ثلاث ساعات في تاريخ “أميركا”..
بدأت الدقائق: الـ 187؛ عندما أنهى “ترامب” خطابًا طلب فيه من مؤيديه السير إلى مبنى (الكابيتول)، حتى يتمكنوا من الضغط على المشرعين لإلغاء الانتخابات؛ أثناء اجتماعهم في جلسة مشتركة لـ”الكونغرس” للتصديق رسميًا على فوز الرئيس؛ “جو بايدن”.
وقال “ترامب”: “لذلك سوف نسير في شارع بنسلفانيا… وسنتجه إلى مبنى (الكابيتول)”. “سنُحاول أن نمنح الجمهوريين – الضعفاء – لأن الأقوياء لا يحتاجون إلى أي من مساعدتنا، سنُحاول منحهم نوع الفخر والجرأة الذي يحتاجون إليه”.
بعد: 187 دقيقة بالضبط، نشر “ترامب” مقطع فيديو على (تويتر). وقال في المقطع لأول مرة إن على أنصاره مغادرة مبنى (الكابيتول). كما أثنى عليهم وكرر حديثه حول سرقة الانتخابات، والتي كانت سببًا في إثارة الشغب في المقام الأول.
وقال “ترامب” في هذا المقطع: “أعرف ألمك، أعلم أنك مجروح”، “كانت لدينا انتخابات سُرقت منا، لقد كانت انتخابات ساحقة، والجميع يعرف ذلك، ولا سيما الجانب الآخر، لكن عليك العودة إلى بيوتنا الآن، يجب أن ننعم بالسلام، يجب أن يكون لدينا قانون ونظام، لا نُريد أن يتأذى أي شخص، إنها فترة زمنية صعبة للغاية”.
في الفترة بين إدلائه بالخطاب الذي حث مؤيديه على التوجه لـ”الكونغرس”، والتغريدة التي دعاهم فيها للمغادرة، غرد “ترامب” عدة مرات مشجعًا الهجوم، كما بدا أنه غير مكترث بما يحدث لأعضاء “الكونغرس”، أو حتى كان سعيدًا به، حسب شهود عيان.
وكان واضحًا أن ما يهمه من الأحداث أن يمتنع المشرعون عن التصديق على فوز “بايدن” بالرئاسة حتى أكثر من حياة حلفائه الجمهوريين.
قال أحد مساعدي “ترامب”، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنهم غير مخولين بالتحدث علنًا: “لم يطلب الرئيس ترامب من أنصاره مغادرة مبنى (الكابيتول) والعودة إلى منازلهم؛ إلا بعد نحو ثلاث ساعات، سيذكر الناس أنه كان هناك تقاعس عن العمل في البيت الأبيض”، حسبما نقلت عنه صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية.
وقالت النائبة الجمهورية؛ “ليز تشيني”، نائبة رئيس الحزب (الجمهوري)، إن الأدلة التي حصلت عليها اللجنة حول هذه الدقائق: الـ 187؛ تُقدم مثالاً واضحًا على تقصير “ترامب” التام في أداء الواجب طوال فترة التمرد.
قال الرئيس الديمقراطي للجنة، النائب “بيني طومسون”؛ من ولاية “ميسيسيبي”: “تم إخبار الرئيس بأن عليه أن يأمر أنصاره مباشرة بالعودة إلى ديارهم، ومغادرة مبنى (الكابيتول)، ولكن الأمر استغرق منه: 187 دقيقة للإدلاء بهذا البيان البسيط، هناك شيء خاطيء في ذلك”.
وسيرأس جلسة الخميس النائبة الديمقراطية؛ “إيلين لوريا”، والنائب الجمهوري؛ “آدم كينزينغر”.
وقال “كينزينغر”؛ في برنامج (واجه الأمة)؛ على شبكة (سي. بي. إس)، يوم الأحد: “الرئيس لم يفعل الكثير، ولكن كان يُشاهد التلفاز بإبتهاج خلال هذا الإطار الزمني”.
“ترامب” كان يُريد المشاركة في اقتحام “الكونغرس” !
بعد خطابه الذي شجع الهجوم على “الكونغرس”؛ صعد “ترامب” إلى موكبه، وحاول بغضب إقناع سائقيه بنقله إلى مبنى (الكابيتول)، وفقًا لشهادة من مساعد “ترامب” في “البيت الأبيض”؛ “كاسيدي هاتشينسون”، رفض حراسه، وأخبروه بأن المشهد خطير للغاية وغير مستقر.
بعد ذلك؛ شاهد “ترامب” التغطية الإخبارية التلفزيونية للفوضى التي تحدث في مبنى (الكابيتول).
وكان “ترامب” يُشاهد الأخبار: “بسعادة”، وفقًا للسكرتيرة الصحافية لـ”البيت الأبيض” آنذاك؛ “ستيفاني غريشام”.
في تلك اللحظات أبلغ مستشار البيت الأبيض؛ “بات سيبولوني”، رئيس موظفي البيت الأبيض؛ “مارك ميدوز”، بأن “ترامب” يجب أن يتدخل؛ وإلا “سيموت الناس”، رد “ميدوز” بأن “ترامب”: “لا يُريد أن يفعل أي شيء”، وأنه حتى يتفق مع مثيري الشغب الذين شوهدوا وهم يهتفون بشنق نائبه؛ “مايك بنس”، حسب وصف شبكة (CNN).
هاجم “بنس” في وقت كان أنصاره يُطالبون بشنقه..
نشر “ترامب” ثلاث تغريدات في هذه الفترة، انتقدت التغريدة الأولى؛ “بنس”، لرفضه قلب الانتخابات، وطلبت التغريدتان الثانية والثالثة من المشاغبين: “البقاء سلميين” و”احترام القانون”، لكن اللافت أن “ترامب” لم يأمر أنصاره بمغادرة مبنى (الكابيتول).
وقال نائب مستشار الأمن القومي السابق لترامب؛ “ماثيو بوتينغر”، إن التغريدة التي هاجم فيها ترامب؛ “بنس”، هي التي دفعته للاستقالة في يوم اقتحام “الكونغرس”.
وقالت نائبة السكرتيرة الصحافية السابقة لترامب؛ “سارة ماثيوز”، إن: “الوضع كان سيئًا بالفعل، لذا شعرت أنه كان يسكب البنزين على النار بهذه التغريدة”.
كما تحدث “ترامب”؛ عبر الهاتف، مع زعيم الأقلية الجمهورية في “مجلس النواب”، “كيفن مكارثي”، الذي يُناشد “ترامب” بأن يدعو الغوغاء إلى وقف الهجوم، لكن خلال المكالمة انحاز “ترامب” إلى المشاغبين، وقال إنهم يهتمون بالانتخابات أكثر من “مكارثي”.
لم يتحدث “مكارثي” بإسهاب عن محادثته مع “ترامب”. وأصدرت اللجنة البرلمانية مذكرة استدعاء إلى “مكارثي” وأربعة نواب آخرين، في خطوة غير مسبوقة في وقت سابق من هذا العام، ولكنهم لم يوافقوا على الإدلاء بشهادتهم أو تسليم الوثائق.
كما بعثت مجموعة واسعة من المشرعين الجمهوريين ومسؤولي “ترامب” السابقين وشخصيات إعلامية محافظة رسائل نصية خلال: الـ187 دقيقة، قائلين إن “ترامب” يجب أن يتدخل، ومن بين هؤلاء ابنه؛ “دونالد ترامب جونيور”.
مساعدوه ضغطوا عليه لدعوة أنصاره للانسحاب..
وكشفت تحقيقات اللجنة أن مساعدي “ترامب” ضغطوا عليه لكي يُطلق أول تغريدة دعا فيها أنصاره للخروج من “الكونغرس”، بعد أكثر من ثلاث ساعات من بدء الهجوم.
وقال مستشار “بنس” السابق للأمن القومي، الجنرال المتقاعد “كيث كيلوغ”، إنه شجع “إيفانكا ترامب” على التحدث مع والدها، في 06 كانون ثان/يناير، للتصرف، وإنها فعلت ذلك عدة مرات في ذلك اليوم، وفقًا لوثائق اللجنة.
سؤال رئيس آخر من المُرجح أن تبحث فيه اللجنة في جلستها الأخيرة، هو كيف كان “بنس” – وليس “ترامب” – هو الذي أمر “الحرس الوطني” بالتعامل مع أعمال الشغب.
في جلسة استماع، الشهر الماضي، تلقت اللجنة شهادة من رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال “مارك ميلي”، قال فيها إن “بنس”؛ هو من أعطاه: “أوامر مباشرة للغاية لا لبس فيها”، لدخول “الحرس الوطني” إلى مبنى (الكابيتول).
اللافت أن “ميلي” شهد أن “ميدوز” أخبره بأن يقول إن “ترامب”، وليس نائبه؛ “بنس”، هو من أصدر هذا الأمر. وقال “ميدوز” له: علينا أن نقتل الرواية القائلة إن نائب الرئيس يتخذ كل القرارات، “نحن بحاجة إلى إثبات سردية أن الرئيس لا يزال في السلطة، وأن الأمور ثابتة أو مستقرة”.
“ترامب” لم يكن يُريد إدانة الهجوم على “الكونغرس” في اليوم التالي..
بعد يوم واحد من مغادرة آخر المشاغبين لمبنى (الكابيتول) الأميركي، أي في يوم 07 كانون ثان/يناير 2021، طلب مساعدو “ترامب” منه إلقاء خطاب لإدانة الهجوم على “الكونغرس”، والمطالبة بمحاسبة من فعلوا ذلك.
ولكن “ترامب” قاوم على مدار ساعة خلال تسجيله الرسالة دعوات مساعديه؛ لأن يؤكد على محاسبة مثيري الشغب، بل إنه حاول وصفهم بالوطنيين، كما رفض القول إن الانتخابات قد حسمت نتيجتها لصالح “بايدن”، وفقًا لما نقله تقرير صحيفة (واشنطن بوست)، عن أفراد مطلعين على عمل لجنة التحقيق في “مجلس النواب” في اقتحام “الكونغرس”.
بعد هذا الجدل تم نشر الخطاب الذي سجل في 07 كانون ثان/يناير، واتهم فيه “ترامب”: “المتظاهرين الذين تسللوا إلى مبنى (الكابيتول) بتدنيس مقر الديمقراطية الأميركية”.
وأضاف أن من خالف القانون: “سيدفع الثمن”، وكان هذا أول انتقاد لهم رغم أن الرئيس السابق عاد للدفاع عنهم بعد ذلك.
“ترامب” تعمد الانتظار أملاً في نجاح المقتحمين وأدانهم بعدما هدد مساعدوه بعزله..
تُخطط اللجنة لتقديم استنتاج جريء في جلستها الثامنة والأخيرة، وهو أن “ترامب” لم يفعل شيئًا لوقف الهجوم، على الرغم من المناشدات المتكررة من قبل كبار مساعديه للمساعدة في إنهاء العنف، لكنه جلس مستمتعًا بمشاهدته ثم أدان الهجوم على “الكونغرس” على مضض – في خطاب مدته ثلاث دقائق مساء 07 كانون ثان/يناير – فقط بعد فشل الجهود لإلغاء انتخابات 2020، وبعد أن أخبره مساعدوه أن أعضاء حكومته يناقشون استغلال التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي لعزله من منصبه، حسب الصحيفة الأميركية.
وقالت النائبة “إيلين لوريا”؛ (ديمقراطية من فرغينيا)، رئيسة اللجنة: “الأمر لم يكن يتعلق بعدم كفاءته في القيام بدوره كرئيس، فلم يتجمد بسبب عدم قدرته على فعل شيء، بل لأنه أراد أن ينتهي اقتحام الكونغرس بمنع التصديق على فوز بايدن”.
وأضافت: “من الواضح جدًا أن مشاهدة هذا العنف كان جزءًا من الخطة”، حتى تتضح الأمور، وعندما تبين له أن مسار العنف كان غير ناجح، قرر التحدث ومطالبه أنصاره بالمغادرة.
كل ذلك يُشير إلى نتيجة واحدة، تعتزم اللجنة مناقشتها الخميس: “ترامب” أراد العنف، وهو مسؤول عنه، وعدم رغبته في المساعدة على إنهائه يرقى إلى التقصير في أداء الواجب وانتهاك قَسمه في المنصب، حسب الصحيفة الأميركية.
من جانبه؛ وصف متحدث باسم “ترامب” التحقيق في أحداث، 06 كانون ثان/يناير 2020، بأنه: “صرف الانتباه” عن: “إخفاقات” الديمقراطيين، مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لـ”الكونغرس”، في تشرين ثان/نوفمبر القادم.
والثلاثاء، نشر “ترامب” على منصة التواصل الاجتماعي المحافظة (تروث سوشيال)؛ أن لجنة التحقيق في الهجوم على “الكونغرس” هي: “احتيال وعار على أميركا، لا محاكمة عادلة، لا استجوابات، لا شهود يعارضون، لا شيء !”.