خاص : ترجمة – لميس السيد :
في فترة وجيزة لا تتعدى التسعين يومًا، تم تهجير حوالي مليون مدني من محافظة “إدلب” في شمال غرب “سوريا”، تبلغ نسبة 81% منهم من النساء والأطفال، وسط حملة عسكرية وحشية شنها “نظام الأسد” السوري و”روسيا” والميليشيات التي تدعمها “إيران”.
في الشهرين الأخيرين وحدهما، تم تدمير 72 مستشفى وعيادة طبية أو إجبارهم على الإغلاق، مما أدى إلى إزالة أكثر من 550 من موظفي الرعاية الصحية من الخدمة. تجمد سبعة أطفال على الأقل حتى الوفاة في الأسابيع الأخيرة، حيث أنتجت الحرب في “سوريا” أكبر أزمة إنسانية في حرب “سوريا”، التي استمرت تسع سنوات؛ مسفرةً عن أخطر حالات المعاناة الإنسانية في التاريخ الحديث.
صراع وجودي..
يقيم الآن ما يقرب من مليوني مدني في معسكرات الخيام أو في الحقول المفتوحة على طول الحدود مع “تركيا”، وهي بلد يضم بالفعل 3.7 مليون لاجيء سوري.
تؤكد صحيفة (تليغراف) البريطانية أن الصراع في “سوريا”، بالنسبة للرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، يمثل أزمة وجودية عبر حدوده، حيث يواجه ضغطًا داخليًا لتشجيع اللاجئين على العودة إلى “سوريا”، خاصة أن موجة جديدة من اللاجئين قد تقتل احتمالات إعادة انتخابه في المستقبل.
والأسوأ من ذلك بالنسبة لـ”تركيا”، أن الهزيمة في “إدلب” يمكن أن تُلحق ضررًا لا رجعة فيه بوجودها العسكري في أماكن أخرى في شمال “سوريا”، والذي يُعتبر داخليًا بمثابة رادع مهم للأمن القومي التركي من التهديدات الإرهابية التي يقودها الأكراد.
لهذه الأسباب وحدها، فإن لدى “تركيا”، وقيادتها السياسية، كل الاهتمام بالتدخل لوقف تقدم النظام السوري. وفي سبيل ذلك، نشرت “تركيا” حتى الآن قوات في “إدلب” أكثر من عدد الجنود الأميركيين في كل “سوريا”، إلى جانب عدد لا يُحصى من الدبابات والعربات المدرعة والمدفعية وقاذفات الصواريخ المتعددة والصواريخ (أرض-جو).
أسبوع حاسم..
كأكبر جيش دائم في (الناتو)، تمتلك “تركيا” قدرة عسكرية كافية تُمكنها من فرض تكاليف باهظة على قوات النظام السوري وإجبار الجهات الفاعلة، على الأقل، على وقف إطلاق النار.
لكن في الأسابيع الأخيرة، قتل النظام السوري 15 جنديًا تركيًا وسيطر على 13 من مواقع المراقبة العسكرية التركية، البالغ عددها 31 مركزًا داخل منطقة “إدلب” الكبرى. وكان رد “تركيا” الأكثر أهمية، حتى الآن، هو، ضمن الردود المباشرة أو عن طريق وكلاءها السوريين، إسقاط طائرتي هليكوبتر سوريتين بصواريخ (أرض-جو) متطورة.
ولأول مرة شنت القوات التركية، في صباح يوم الخميس الماضي، هجومًا بريًا واستعادت السيطرة على قرية إستراتيجية استولى عليها النظام مؤخرًا، لكن الغارات الجوية الروسية الثقيلة أجبرتهم على الانسحاب بعد ساعات فقط.
بعبارة أخرى، لا يزال رد “تركيا” حتى الآن غير كافٍ، لكن “إردوغان” أصدر موعدًا نهائيًا لانسحاب القوات السورية بحلول نهاية شهر شباط/فبراير الجاري، وبالتالي فإن “تركيا” قد تكون بصدد إجراء ردود فعل قوية، لذلك فالأسبوع القادم سيكون حاسمًا في تحديد ما يعنيه كل هذا بالنسبة لـ”سوريا وروسيا وتركيا وأوروبا” أيضًا.