أزمة قادة ومصالح خارجية تضع العراق على مفترق طرق

أزمة قادة ومصالح خارجية تضع العراق على مفترق طرق

يترقّب العراقيون نتائج عمليات العد والفرز لأصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي جرت الأربعاء الماضي، علما أنه من المتوقع ألا تعلن قبل أسابيع النتائج النهائية لأول انتخابات تشريعية منذ الانسحاب الأميركي نهاية 2011، وثالث انتخابات منذ اجتياح 2003. وتبدو لائحة رئيس الوزراء نوري المالكي الأوفر حظا للفوز بأكبر عدد من المقاعد، رغم أن مراقبين يشككون في إمكانية أن تفوز لائحته بغالبية هذه المقاعد وعددها 328 مقعدا.

في غمرة الفوضى السياسية والأمنية، التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، وبعد 3 سنوات من هذا التاريخ سنحت لمعارض صدّام حسين نوري المالكي فرصة تاريخية، ما كانت لتتحقّق في ظروف مغايرة، وأصبح الشيعي الموالي لإيران، رئيسا للوزراء في العراق.
حصل المالكي على هذا المنصب بعد انسحاب إبراهيم الجعفري، رئيس حزب الدعوة الإسلامية، وتراجعه عن ترشيحه للمنصب بعد معارضة شديدة من الكتل السنية والكردية له. ليبدأ المالكي منذ سنة 2006، مشواره المليء بالأزمات والمشاكل والتجاذبات السياسية. وهو اليوم يخوض صراعا مع الأغلبية الشعبية ومع خصومه السياسيين ليبقى رئيسا لحكومة العراق للمرّة الثالثة على التوالي، في خطوة يرى خبراء وساسة عراقيون ودوليون أن عواقبها ستكون وخيمة على العراق.
يحتدم الجدل في العراق اليوم حول الولاية الثالثة لرئيس الوزراء نوري المالكي. فهنالك شبه إجماع وطني ظاهري بين القوى السياسية المعارضة على تغيير المالكي في الحكومة، في المقابل هنالك إصرار من ائتلاف دولة القانون الحاكم والقوى المناصرة له مذهبيا أو مصلحيا على إبقاء المالكي على رأس السلطة التنفيذية.
ويزعم أنصار المالكي أن دولة القانون فازت بأغلبية أصوات الناخبين، فيما يقول خصومه العكس ويؤكّدون على أنه من المبكر تحديد الفائز لأن صناديق الاقتراع خارج العراق لم تصل بعد، كما أن عمليات فرز الأصوات في الداخل لم تعلن رسميا الأرقام الأخيرة، وهو ما أكّدت عليه المفوضية المستقلة للانتخابات، مشيرة إلى أنه لا توجد أرقام رسمية حتى الآن وما يتم تداوله مجرّد توقّعات ضمن برامج وخطط سياسية.

متطلبات تشكيل الحكومة
ويتطلب تشكيل الحكومة وتنصيب رئيس الوزراء بحصوله على ثلثين من أصوات البرلمان أي ما يفوق 165 نائبا. وكان “ائتلاف دولة القانون” حصل في الانتخابات النيابية الماضية على 89 مقعدا وتطلب الأمر التحالف مع عدد من الكتل السياسية الأخرى الشيعية، منها “كتلة المواطن” التي يتزعمها عمار الحكيم، و”التيار الصدري” الذي يتزعمه مقتدى الصدر و”حزب الفضيلة” الإسلامي و”كتلة بدر ” التي يتزعمها وزير النقل الحالي هادي العامري و”تيار الإصلاح” الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري ليشكلوا تحالفا انتخابيا يحظى بالأغلبية التي تمنحه حق تشكيل الحكومة وتنصيب رئيس الوزراء.
على وقع التفجيرات وعمليات إرهابية ذهب ضحّيتها ما يقارب الألف عراقي، خلال شهر أبريل فقط، عاش العراقيون على وقع الحملات الانتخابية التي انتهت بتحدّيهم للوضع الأمني الخطير وتوجّههم الأربعاء الماضي إلى مراكز الاقتراع لاختيار 328 نائبا من بين أكثر من 9 آلاف مرشح في 107 قوائم تتضمن 37 ائتلافا من 71 اتجاها سياسيا.
ومنعت الأوضاع الأمنية المتدهورة في مدينة الفلوجة والكرمة بمحافظة الانبار (غرب) من افتتاح مراكز الاقتراع بعد أحكام سيطرة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الشهير بـ”داعش” والمرتبط بتنظيم القاعدة، عليها قبل نحو 4 أشهر. وتعد الانتخابات التي عقدت الأربعاء هي أول انتخابات برلمانية يشهدها العراق منذ انسحاب القوات الأميركية أواخر عام 2011. وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أن ما يقرب من 60 بالمئة من العراقيين صوتوا في الانتخابات.
ويقول مراقبون إنه في حال فوز نوري المالكي فإن ذلك سيكون أقرب إلى ما حدث سنة 2010، حيث وقع التلاعب بالنتائج، مشيرين إلى أن فوزه سيكون بداية فعلية للحرب الأهلية في العراق، حيث أن نسبة كبيرة من الطيف السياسي والشعبي ترفض تجديد الولاية لرئيس الوزراء، وهو ما صوّت عليه نواب البرلمان في وقت سابق، بأغلبية بلغت حوالي 180 صوتا، رافضين أن يبقى أي رئيس للحكومة في منصبه لثلاث دورات متتالية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة