“أزمة سعر الصرف” .. العراق يتوهم إجراءات ترقيعية لتجاوزها !

“أزمة سعر الصرف” .. العراق يتوهم إجراءات ترقيعية لتجاوزها !

وكالات – كتابات :

في السابع من الشهر الماضي؛ قررت السلطات العراقية رفع قيمة سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار بنسّبة: 10 بالمئة، من نحو: 1470 دينارًا إلى: 1300 دينار للدولار الواحد، لكن بعد مرور أسابيع من القرار لا تزال أسعار سعر الصرف في السوق المحلية مرتفعة للغاية وبعيدة كل البُعد عن السعر الرسمي.

وتتجاوز أسعار سعر الصرف؛ فيما يعرف بالسوق الموازي، (الصيرفات الخاصة وتُجار العُملة)، حاليًا حاجز: 1550 دينارًا للدولار الواحد، مما جعل الكثيرين يُشّككون في إجراءات السلطات العراقية الرامية للسّيطرة على السوق.

ضد “إيران”..

بدأت أزمة العُملة العراقية؛ في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، عندما أقر “مجلس الاحتياطي الفيدرالي”؛ (البنك المركزي الأميركي)، في “نيويورك”، ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية.

هدفت الخطوة لوقف تدفق الدولار بشكلٍ غير مشروع إلى “إيران”؛ وممارسة مزيد من الضغط إلى جانب “العقوبات الأميركية” المفروضة على برنامج “طهران” النووي ونزاعات أخرى، مما يُصّعب على “طهران” الحصول على الدولارات.

بموجب القيود الجديدة، يتعين على البنوك العراقية استخدام منصة إلكترونية للإفصاح عن تعاملاتها وعن تفاصيل حول المُرسّل والمسّتفيدين؛ بحسب موقع (الحرة) الأميركي في تقريرٍ له.

ويمكن للمسؤولين الأميركيين الاعتراض على طلبات النقل المشّبوهة.

قرارات أميركية أحدثت فجوة في البنوك العراقية..

ويؤكد خبراء ومسؤولون ماليون إن هذه الإجراءات أحدثت فجوة؛ حيث لجأت البنوك، التي عزفت عن التسّجيل في المنصة الإلكترونية، إلى الأسواق الحرة في “بغداد” لشراء الدولار، ما أحدث عجزًا وتجاوز الطلب على العرض.

يقول الخبير الاقتصادي والأكاديمي؛ “عبدالرحمن المشهداني”، إن: “هناك مشكلتان رئيسّيتان تسّببتا في استمرار الأزمة، الأولى معاقبة بعض المصارف الأهلية وإخراجها من نافذة العُملة، والثانية تطبيق المنصة الإلكترونية التي يحصل فيها تدقيق على عدة مراحل”.

ويُضيف “المشهداني”؛ لموقع (الحرة)، أن: “عدم رغبة المصارف الخاصة العراقية في العمل وفق المنصة الإلكترونية أو التعامل مع متطلبات الاحتياطي الفيدرالي، تسّبب في رفض الكثير من الحوالات الخارجية”.

ويتابع أنه: “في مرحلة من المراحل بلغت نسّبة الرفض، سواء من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي أو البنك المركزي العراقي، نحو: 80 بالمئة من الحوالات المطلوبة لتمويل التجارة الخارجية”.

إجراءات ترقيعية..

ويُشير “المشهداني”؛ إلى أن: “سعر صرف الدينار لن يسّتقر قريبًا، على اعتبار أن الإجراءات الحكومية بعيدة عن حل الأزمة ولم تكن جدية”، واصفًا إياها بأنها أقرب ما تكون: لـ”الترقيعية” واستهدفت حل المشكلة: “مؤقتًا وليس بشكلٍ جذري”.

في أواخر كانون أول/ديسمبر الماضي؛ أقر “البنك المركزي العراقي” حزمة إجراءات لضبط استقرار سعر الصرف مقابل الدولار، من بينها، تسّهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال المصارف العراقية، وفتح منافذ لبيع العُملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور لأغراض السفر.

ودعا البنك التجار حينها للتعامل: “مع المصارف مباشرة وعدم اللجوء إلى الوسّطاء والمضاربين لتلافي تحميل اسّتيراداتهم عمولات ومصاريف لا موجب لها”. وأكد مسؤولون حكوميون عراقية في أكثر من مناسبة أن تحقيق الاستقرار في سعر الصرف لن يطول كثيرًا.

تقديرات خاطئة..

وفي تصريحات لاحقة؛ أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية؛ “مظهر محمد صالح” أن: “حزم البنك المركزي ستُسّرع مستويات تلبية الطلب على العُملة الأجنبية”، موضحًا أن الارتفاع في الأسعار في السوق الموازية: “مصطنع ومبني على معلومات زائفة يصطلح على تسّميتها بالضوضاء الملونة ولا يتطابق مع قوة الوضع المالي”.

لكن “المشهداني” يرى أن: “تقديرات البنك المركزي العراقي كانت خاطئة عندما تحدث عن عودة السعر الصرف وانتظامه خلال شهر من تطبيق السعر الجديد”. وتوقع أن: “يحتاج العراق ثلاثة إلى أربعة أشهر على أقل تقدير لتحقيق ذلك”.

يوم الثلاثاء الماضي؛ نقل موقع (شفق نيوز) الإخباري العراقي، عن محافظ البنك المركزي العراقي؛ “علي العلاق”، القول إن: “انخفاضًا بسعر صرف الدولار الموازي سيحصل خلال الفترة المقبلة”.

وذكر “العلاق” أن: “البنك المركزي أطلق حزمًا متعددة من الإجراءات، وأن الحزم التي انطلقت يتم التعامل معها بشكلٍ جدي للسيطرة على سعر صرف الدولار الموازي”.

لكن عضو “اللجنة المالية” في البرلمان العراقي؛ “جمال كوجر”، له رأي مغاير، إذ يرى أن: “الإجراءات الحكومية ليست كافية لتقليل الفجوة بين سعر السوق والسعر الرسمي”.

ويقول “كوجر”؛ لموقع (الحرة)، إن: “التفاوت كبير جدًا والخطوات الحكومية لم تؤثر كثيرًا على قيمة الدينار وهي غير مجدية لحد الآن”.

ويضيف “كوجر” أن: “الحكومة العراقية لم تتمكن من تذليل العقبات التي يواجهها التجار من أجل ضمان سرعة وصول حوالاتهم للمستفيد النهائي”.

أيضًا يتحدث النائب العراقي عن وجود: “عمليات فساد كبيرة في المصارف الخاصة، التي بدأت تتعامل مع أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة من أجل تقسّيم الأرباح المتحققة من الفرق بين السعريين، الرسمي والموازي”.

وسمح “البنك المركزي العراقي”؛ للبنوك وشركات الصيرفة الخاصة، بشراء الدولار بالسعر الرسمي وبيعه للتجار المسّتوفين للشروط بهامش ربح بسيط.

لكن الذي يجري على الأرض أن بعض البنوك تشتري ملايين الدولار من “البنك المركزي” بالتعاون مع بعض التجار، ومن ثم يبيعونه في السوق المحلية بهامش ربح يتجاوز مئتين وخمسين دينارًا للدولار الواحد، وفقًا لـ”كوجر”.

كذلك أشار “كوجر” إلى: “استمرار عمليات تهريب الدولار، بتواطؤ بين مستثمرين وتجار كبار وبعض المصارف”.

“كوجر” بيّن أن: “أعضاء اللجنة مالية جلسوا مع محافظ البنك المركزي ومسؤولين أخرين وأخبرناهم بهذه المخاوف، لكن لم يتم حلها لغاية اليوم”.

ويُرجح “كوجر”: “بقاء أزمة سعر الصرف تترنح بين التقدم خطوة والتراجع خطوتين للوراء”، مشددًا أن البلاد: “بحاجة لإجراءات حكومية قوية ورادعة من أجل السيطرة على الحدود لمنع التهريب”.

واتهم “كوجر”: “جهات سياسية متنفذة؛ بالوقوف خلف عمليات تهريب العُملة بالتعاون مع مصارف كبيرة تمثل واجهات لأحزاب وشخصيات سياسية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة