خاص : كتبت – آية حسين علي :
بينما اعتبرها المرشد الأعلى الإيراني، “علي خامنئي”، مؤامرة تهدف إلى التفرقة بين “طهران” و”بغداد”، وقال عنها رجل الدين الإيراني، آية الله “إمامي كاشاني”، إنها خطة (أميركية-إسرائيلية) لإشعال التوتر في “العراق” من أجل عرقلة إحياء “أربعينية الحسين”، ورغم الاتفاق الذي جرى بين “تنسقية المظاهرات” و”رئاسة الوزراء” ويقضي بتعليق الاحتجاجات إلى ما بعد الحدث الشيعي الأعظم، إلا أن الانتفاضة لا تزال تمثل عامل قلق لدى “طهران”.
وشهد الشارع العراقي، منذ مطلع الشهر الجاري، انتفاضة واسعة شملت عدة ميادين عراقية، ورغم أن أغلبية المتظاهرين خرجوا من مناطق تسكنها أغلبية شيعية؛ إلا أنهم نددوا بالنفوذ الإيراني وبالفساد ورفعوا شعارات مناهضة لـ”إيران” وهتفوا: “إيران برّا برّا”.
قد يبدو الوضع غير مثالي، لكن على الأقل يمكن القول بأن الأوضاع باتت أكثر هدوءًا بعد اتفاق تعليق المظاهرات، إلا أن الحكومة العراقية في حالة تشبه الغليان، رغم أن فترة تعليق المظاهرات يمكن اعتبارها فرصة من ذهب على “عادل عبدالمهدي” استغلالها في عمل إصلاحات أو على أقل تقدير إتخاذ خطوات إصلاحية جادة تجعل من المظاهرات أقل حدة، لأن الشباب العراقي أصبح أكثر وعيًا ولن يقبل بالحلول المؤقتة التي لا تفضي إلى تحسينات حقيقية.
وفي ظل حالة الغضب التي أعلنها “شيعة العراق” تجاه النفوذ الإيراني في بلدهم، وُضعت الحكومة العراقية في أزمة، إذ تخشى من أن تتأثر فعاليات “أربعينية الحسين” بهذه الحالة، وكانت السلطات الإيرانية ورجال دين بارزين، عندما وصلت الانتفاضة إلى ذروتها، قد طالبوا المواطنين بإرجاء سفرهم إلى “العراق”، لحين هدوء الأوضاع ونصحتهم بالإنصياع لأوامر رجال الأمن للحفاظ على سلامتهم، وأغلقت معبر “خسروي” الحدودي، لكنها أعادت فتحه بعد أسبوع، أي الإثنين الماضي.
الإعلام الإيراني يهاجم الانتفاضة لصالح الأربعينية !
ربطت العديد من وسائل الإعلام الإيرانية الانتفاضة بمحاولات إفساد حدث “الأربعينية”، فذكرت وكالة (إرنا) للأنباء أن الأحداث في “العراق” تأتي مع قرب إحياء ذكرى “الأربعينية”؛ وهو ما يعني أن أعداء “إيران” يشعرون بالخوف، وصرح رئيس السلطة القضائية للتليفزيون الرسمي بأن المسؤولين عن الاضطرابات في “العراق” هدفهم تخريب إحياء ذكرى “الأربعينية”.
بينما ذكرت صحيفة (غام جم)، التابعة للحكومة الإيرانية؛ أن مظاهرات “العراق” فتنة سعودية ضد مراسم “الأربعينية”، مؤكدًة أنها ستقام بحضور ملايين الإيرانيين.
وتُعد “أربعينية الحسين” أحد أهم المراسم الدينية عند الشيعة، وتقام كل عام بعد مرور 40 يومًا على يوم العاشر من شهر “محرم” بالتقويم الهجري، وهو اليوم الذي قُتل فيه “الحسين بن علي”، ومن المنتظر أن يحتفل بـ”الأربعينية”، هذا العام، في 19 تشرين أول/أكتوبر الجاري، عند ضريح “الحسين” الذي يقع على بُعد 110 كلم جنوب “بغداد”.
إيران تُطمئن شعبها وتتحدى بالأربعينية..
مع قرب موعد الذكرى ظهر إصرار المسؤولين الإيرانيين على التأكيد على أن الأحداث لن تثني محبي “الحسين” عن الزيارة، بينما خرجت دعوات رسمية من رجال دين بارزين تشجع المواطنين الإيرانيين على التوجه صوب الأماكن المقدسة في “العراق”، وأكدت السلطات الإيرانية أنها سوف تقدم دعمًا عسكريًا لتأمين الزوار، بينما صدرت أرقامًا متضاربة بشأن أعداد الجنود الذين سوف يشاركون في عمليات التأمين، تراوحت الأرقام المعلنة بين 10 آلاف و7500 عنصر أمني، لكن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أفادت بأن تلك العناصر لن تعبر إلى الأراضي العراقية.
كما أوضح قائد قوات الدفاع الجوي الإيراني أنه سيتم رصد جميع الرحلات الجوية الإقليمية في سماء “العراق”، خلال الأسبوع الجاري، من خلال منظومات صاروخية ورادارية.
واستجابة للدعوات والتطمينات بدأ بالفعل آلاف الإيرانيين يتحركون صوب مدينتي “النجف” و”كربلاء”، حيث يقع الضريح المقدس، وذكرت وكالة (مهر) الإيرانية أنه حتى، يوم 11 تشرين أول/أكتوبر الجاري، وصل عدد الزوار الذين دخلوا الأراضي العراقية إلى 3 ملايين شخص، ويتوقع أن يستقبل “العراق” نحو 4 ملايين زائر، خاصة في ظل اتفاقية إلغاء التأشيرات المتبادلة بين “إيران” و”العراق”؛ ما قد يشجع المزيد من المؤمنين الشيعة على السفر إلى “العراق” لإحياء “الأربعينية”، بينما بلغ عدد من حضروا المراسم، في العام الماضي، نحو 1.6 ملايين شخص.
إيران تلعب على الوتر الحساس..
نشر المرشد الأعلى الإيراني وسم (#الحسين_يجمعنا)، إلى جانب عدد من التغريدات التي تؤكد على الصداقة بين الشعب العراقي والإيراني والعلاقات القوية بين البلدين، بينما علق المحلل السياسي العراقي، “صباح الخزاعي”؛ بأن “طهران” تراهن على سحق الانتفاضة من خلال “الأربعينية” عبر التحشيد الطائفي، لذا فإن “خامنئي” يحاول اللعب على الوتر العاطفي عند العراقيين الذين يكنون حبًا واحترامًا كبيرين لـ”الحسين” وآل البيت، وكانت “إيران” قد نصبت نفسها وصية على حب أهل البيت وربطته بالولاء.
وأشار “الخزاعي” إلى تصريح أطلقه أمين عام جماعة “حزب الله” اللبنانية، “حسن نصرالله”، قال فيه إن: “علي خامنئي هو حسين هذا الزمان”، لذا فإن: “خامنئي يجمعنا”، وشدد مقدم برنامج “بصريح العبارة” على فضائية (24 سعودي)، على أن المشاركة في زيارة “الأربعينية” لا يجوز تحت حراسة قوات مكافحة “الشغب” التي قتلت المتظاهرين.