واشنطن – كتابات / خاص
بعد خمسة عشر عاما من الغزو الأمريكي الكارثي للعراق، يحذر مهندس الدعاية المستخدمة في دعم تلك الحرب من إنها ستحدث مرة أخرى وهذه المرة مع إيران.
وقد ساعد لورانس ويلكرسون، الذي كان كبير موظفي وزير الخارجية السابق كولن باول على رسم صورة واضحة تقول أن “الحرب هي الخيار الوحيد”، وهو ما قاله باول في خطابه السيئ أمام الأمم المتحدة في مثل هذا الأسبوع من عام 2003، لكنه كتب الإثنين الماضي في صحيفة “نيويورك تايمز” مقالة يتهم فيها إدارة ترامب بالتلاعب بالأدلة والخوف من إيران بنفس الطريقة التي فعلتها إدارة بوش لزراعة التأييد الشعبي للإطاحة بصدام حسين.
أكاذيب الحرب على العراق
في مقالته التي حملت عنوان “أنا ساعدت في بيع الخيار الخاطئ للحرب ذات مرة. هذا يحدث مرة أخرى”، كتب: “بصفتي رئيس موظفيه ساعدت وزير الخارجية باول على رسم صورة واضحة مفادها ان الحرب هي الخيار الوحيد واننا عندما نواجه نظاما يحمل طموحات الهيمنة الاقليمية ويخفي اسلحة الدمار الشامل ويوفر ملاذا ودعم نشطا للارهابيين، ونحن ما لم نتصرف، فإننا نواجه مستقبل أكثر مخيفا “.
وعلى الرغم من إن “الأمم المتحدة وكثيرا من العالم لم يشتروا تلك الحرب”، يقول ويلكرسون لكن الأمريكيين فعلوها، وهو ما يدينه الآن.
وأوضح إن “هذا الجهد أدى الى حرب مع العراق، وهي حرب أدت الى خسائر فادحة في المنطقة والائتلاف الذي قادته الولايات المتحدة أدى إلى زعزعة استقرار الشرق الاوسط”، وهو المسار ذاته الذي تمضي الولايات المتحدة نحوه الآن مع إيران.
وقال “هذا لا ينبغي أن ينسى”، مضيفا “ان ادارة ترامب تستخدم الكثير من قواعد اللعبة لخلق انطباع كاذب بان الحرب هى السبيل الوحيد لمواجهة التهديدات التى تشكلها ايران”.
واختار ويلكرسون نيكي هيلي، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بسبب مواقفها الأخيرة ضد إيران. واتهمها بتقديم دليل مشكوك فيه على أن “إيران لم تمتثل لقرارات مجلس الأمن المتعلقة ببرنامجها للقذائف المسيرة في اليمن واطلاقها نحو السعودية”، مقارناً إياها مع الوزير باول. “مثل السيد باول، عرضت السيدة هالي صور الأقمار الصناعية وغيرها من الأدلة المادية المتاحة فقط لأجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة لإثبات قضيتها. لكن الأدلة سقطت بشكل كبير “.
واتهم ويلكرسون مزاعم هيلى حول إيران بانها تعكس بشكل جوهرى مزاعم باول حول العراق، محذرا من ان الحرب مع ايران ستكون مختلفة جدا. وقال انه “بلد يبلغ عدد سكانه 80 مليون نسمة، وعمقهم الاستراتيجى الواسع وتضاريسه الصعبة يجعله تحديا اكبر بكثير من العراق، سيكون هناك أكثر من 10 الى 15 ضعفا من حرب العراق من حيث الإصابات والتكاليف”. موضحا أن دول مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية تشكل “تحديات هائلة لأمريكا” أكثر بكثير مما تفعله إيران.
وانتقد رئيس موظفي الوزير باول إدارة ترامب، مستشهدا باستراتيجيتها للأمن القومي، “كلما اصبحنا نتجاهل التهديدات من الدول المصممة على انتشار أسلحة دمار شامل، كلما ازدادت هذه التهديدات وأصبحت الخيارات الدفاعية أقل”.
وقال ويلكرسون “ان فريق بوش – تشيني لم يكن بامكانه ان يقول انه افضل عندما كان يفكر في غزو العراق”، مستمرا في انتقاد ليس هيلي وادارة ترامب فقط بل السلطة التنفيذية بشكل عام، الكونغرس، ووسائل الاعلام “لقد رأينا ذلك من قبل: حملة مبنية على تسييس الذكاء وقرارات السياسة العامة القصيرة النظر لجعل قضية الحرب طبيعية، ويبدو إن الشعب الأمريكي أصبح معتادا على ذلك”.
كما أشار إلى الروايات الكاذبة لإدارة ترامب حول ان ايران عملت مع القاعدة لتقويض الولايات المتحدة (هل ننسى تدخل وكالة الاستخبارات المركزية الذي ساعد على وضع الأساس لتنظيم القاعدة في المقام الأول، وسياستها المتمثلة في تسليح المتطرفين في سوريا انتهت أيضا بتمكين الجماعة الإرهابية). وقارن هذا الإعلان الكاذب مع محاولات ديك تشيني لربط صدام حسين بالقاعدة خلال سنوات بوش.
واستمر المسؤول السابق في إدراج مجموعة متنوعة من الطرق التي تتبعها إدارة ترامب للدعم الذي لا أساس له للحرب على إيران واضاف “يجب ان ندرج الانذار الصادر عن الرئيس في كانون الثاني / يناير الماضي بانه يجب على الكونغرس” اصلاح “الاتفاق النووي الايراني على الرغم من حقيقة امتثال ايران. ضغط البيت الأبيض على مجتمع الاستخبارات الأمريكي لطهي الأدلة على عدم امتثال إيران؛ واختارت الإدارة النظر إلى الاحتجاجات الأخيرة في إيران باعتبارها بداية لتغيير النظام. وكما فعلت ادارة بوش من قبل، فان هذه الاحداث التي يبدو أنها قطعت تخلق سردا تكون فيه الحرب مع ايران هي السياسة الوحيدة القابلة للحياة “.
وبالنظر إلى أن إيران كانت منذ فترة طويلة جوهرة التاج في جهود الهيمنة الأمريكية، فإن ويلكرسون حذر من: “عندما أنظر إلى مسيرتنا نحو الحرب مع العراق، أدرك أنه من غير الواقعي القول بأن الحرب سوف “تدفع ثمنها بنفسها”، بدلا من تريليونات الدولارات؛ اننا قد نكون ساذجين ميؤوس منهم في التفكير بان “الحرب ستؤدي الى الديموقراطية” فالحقيقة إنها دفعت أوضاع المنطقة الى الهبوط نحو الحضيض.