في تزامن مع تصعيد التوتر على الأرض بين أثيوبيا والسودان كشفت تصريحات ماراثونية متتالية للفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في السودان عن الخلاف المكتوم الذي تسرب خلف الأبواب المغلقة بينه وبين النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو عندما قال البرهان : “النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، قام بأدوار كبيرة لا ينكرها إلا مكابر”، مضيفا: “قوات الدعم السريع جزء أصيل من القوات المسلحة وستبقى جزءا منها”.
وأضاف البرهان خلال خطاب ألقاه في الكلية الحربية في لقاء مع قوات درع الصحراء التي تتبع قوات الدعم السريع، أن المؤسسة العسكرية السودانية موحدة على قلب رجل واحد . لكن المفاجأة بعد هذا الخطاب هو صدور بيان ( مكتوب) بعد 6 ساعات فقط عن مكتب البرهان نشره موقع “سودان تريبيون” باللغة الإنجليزية فقط، قال البرهان فيه: إن نهاية الفترة الانتقالية ستشهد دمج كل القوات في جيش واحد، وحدد البيان هذا السقف الزمني بنهاية عام 2021 .
ولا تزال الشكوك تساور الكثيرين من المراقبين حول إمكانية قبول النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو فكرة دمج قوات الدعم السريع التابعة له في الجيش السوداني، بالنظر إلى أن هذه القوات ظلت منذ تأسيسها في أغسطس عام 2013 بأمر مباشر من الرئيس السوداني السابق عمر البشير مستقلة عن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، وهى القوات التي اختار لقيادتها تاجر الإبل القبيلي محمد حمدان دقلو المعروف باسم (حميدتي)، والذي لم يكمل تعليمه ولم يلتحق بأى كلية عسكرية أو معهد تابع للقوات المسلحة السوانية، ومنح البشير (حميدتي) في هذا الوقت رتبة العقيد قبل أن يتم ترفيعه إلى رتبة الفريق ثم الفريق الأول، وقام (حميدتي) بنفسه باختيار ضباط وعناصر قوته الخاصة من بين الموالين له من القبائل السودانية ومنحهم الرتب والدرجات العسكرية، وظلت هذه القوة حتى الان والتي يبلغ تعدادها عشرات الالاف بعيدة عن سيطرة القيادة العامة للجيش السوداني أو المؤسسة العسكرية السودانية. وحيث يرفض جنرالات المؤسسة العسكرية السودانية بقاء قوة الدعم السريع كنتوء بارز خارج عن سيطرة القيادة العامة للجيش السوداني .
وبخلاف ما يتعلق بقوة الدعم السريع فقد نفى البرهان نية الانقلاب على حكومة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، وهو النفى الذي يتكرر في كل مرة تتعرض فيه السودان لصعوبات اقتصادية، وحيث لا يتوقف قادة عسكريون وأعضاء في مجلس السيادة الحاكم في السودان من بين المكون العسكري عن توجيه انتقادات لأداء حكومة حمدوك في المجال الاقتصادي وتحمليه مسئولية انهيار قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي وكل ما يتعلق بالصعوبات التي تواجه الاقتصاد السوداني. واعتبر مراقبون أن إصرار المكون العسكري في مجلس السيادة على توجيه انتقادات مريرة لحكومة حمدوك المدنية قد يكون تمهيدا لانقلاب محتمل على الديمقراطية في السودان.