9 أبريل، 2024 2:46 م
Search
Close this search box.

أثر على الغازات الدفيئة .. تفكك “الاتحاد السوفياتي” وراء ظاهرة التغير المناخي !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

مثل إنهيار “الاتحاد السوفياتي” مرحلة انتقالية فيما يخص الإنبعاثات الناتجة عن الدول التابعة له من الغازات الدفيئة التي تُعد المسؤول الأساس عن ظاهرة “إحترار الأرض”، إذ أدى تفكك الاتحاد، عام 1991، إلى تراجع الإنبعاثات بشكل ملحوظ بما يعادل كمية “ثاني أكسيد الكربون” التي إنبعثت نتيجة إزالة بعض المساحات المزروعة من غابات “الآمازون”، خلال 5 أعوام.

وتعتبر تركيزات الغازات الدفيئة مهمة للحياة على الأرض؛ إلا أن تغيرها هو المسبب الرئيس وراء ظاهرة “الإحتباس الحراري”؛ إذ تمتلك هذه الغازات خاصية إمتصاص الأشعة تحت الحمراء وإعادتها مرة أخرى إلى الأرض ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وتعود أسباب التراجع إلى عاملين أساسيين هما؛ الانخفاض المفاجيء في استهلاك اللحوم، في تلك المنطقة، نتيجة للأزمة الاقتصادية؛ وإهمال ملايين الهكتارات من الأراضي التي كانت مخصصة لزراعة الأعلاف، لكن هذا الإنهيار يعطي للعالم دروسًا للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي.

الاتحاد السوفياتي كان أداة إنتاج الغازات الدفيئة..

عندما وصل “ميخائيل غورباتشوف”؛ إلى رئاسة “الاتحاد السوفياتي”، عام 1985، كانت الأزمة شديدة الخطورة، لكن شعبه كان يستهلك كميات من لحم البقر تفوق استهلاك أي شعب آخر، بواقع 32 كلغم للشخص الواحد على مدار العام، بزيادة نسبتها 27% عن شعوب أوروبا الغربية، وأكثر بنسبة 300% من متوسط الاستهلاك العالمي السنوي.

ومن أجل توفير الغذاء للمواشي؛ اضطر “الاتحاد السوفياتي” إلى استيراد كميات هائلة من الحبوب من منافسته، “الولايات المتحدة”، إذ لم تكفيه ملايين الهكتارات المخصصة لزراعة الأعلاف والأسمدة الإصطناعية، وكان النظام الاقتصادي المركزي الشيوعي بمثابة أداة لإصدار أهم الغازات الدفيئة مثل؛ “الميثان، وثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروز”.

ويشير العلماء إلى أن تربية الأبقار، والنشاطات المتعلقة بها؛ من تسميد الحقول ونقل الأعلاف، ترتبط بشكل وثيق بزيادة نسب الغازات المسببة لظاهرة “الإحتباس الحراري”.

لكن كل شيء تغير بسقوط “الاتحاد السوفياتي”، لأن الدعم الحكومي توقف، بسبب عدم توفر عملات صعبة لشراء الحبوب من العدو الأميركي، وتوقف العمل وفقًا للنظام الاقتصادي المركزي بما في ذلك السيطرة على الأسعار والرواتب، لذا ارتفعت الأسعار وانخفضت الرواتب، وكانت النتيجة تدهور مستويات الحياة على نطاق واسع، كما تراجع استهلاك الشعب من اللحوم، من 32 كلغم سنويًا؛ إلى 14.3 كلغم، بحلول عام 2000.

تراجع الإنبعاثات نتيجة تفكك الاتحاد..

اكتشف فريق من العلماء الروس والألمان؛ أنه نتيجة لسقوط “الاتحاد السوفياتي” تراجعت الإنبعاثات من الغازات الدفيئة، خلال الفترة من 1992 حتى 2011، لتصل إلى 7.61 مليارات طن، أي ما يعادل ربع الإنبعاثات من غاز “ثاني أكسيد الكربون”؛ نتيجة إزالة بعض غابات “الآمازون” خلال نفس الفترة، وفي عام 2017؛ بلغت إنبعاثات الغازات الدفيئة الصادرة عن سكان العالم وأنشطتهم 37.1 مليار طن.

وذكر الباحث بمعهد “ليبينز” للتنمية الزراعية ومنسق الدراسة، “فلوريان شيرورن”، أنه: “عندما سقط الاتحاد السوفياتي؛ فإن الانتقال من اقتصاد منظم إلى آخر يخضع للسوق كان له عواقب وخيمة على قطاع الأغذية الزراعية في المنطقة، كذلك تسبب الارتفاع الشديد في الأسعار وعدم القدرة على الشراء في إنحصار استهلاك الشعب من اللحوم، وخاصة لحم البقر”.

وأضاف أنه: “أمام تراجع الطلب، وتقلص الدعم الحكومي للقطاع الزراعي انخفضت أعداد البقر والخنازير إلى النصف، وتسبب إنهيار قطاع الثروة الحيوانية في التخلي عن هذا المجال على نطاق واسع”. 

وبحسب ما نُشر في مجلة (إنفايرمنتال ريسرش ليترز-Environmental Research Letters) العلمية، فإنه تم إهمال زراعة 62 مليون هكتار من الأراضي التي كانت مخصصة لزراعة الأعلاف، أغلبها كانت في “روسيا” و”كازاخستان”، أي ما يعادل 50% من الأراضي المزروعة في “الاتحاد الأوروبي” أو ما يساوي مساحة شبه الجزيرة الأيبيرية، التي تضم “إسبانيا” و”البرتغال” و”جبل طارق”.

وتسبب تراجع مساحة الأراضي المزروعة، بالأعلاف المخصصة لتغذية الماشية، في نقص الإنبعاثات بواقع 4.15 مليارات طن من خلال الـ 20 عامًا التالية لتفكك “الاتحاد السوفياتي”، ومن جانب آخر، أدى إهمال الأراضي المزروعة إلى نقص 4.01 مليارات أخرى، وإلى جانب التأثير الدائم، أصبحت الأراضي التي كانت في السابق تصدر غازات مثل “النيتروغين” أسيرة لغاز “ثاني أكسيد الكربون”.

دول الاتحاد المنحل تسهم في زيادة الإنبعاثات خارج أراضيها..

بعدما كان “الاتحاد السوفياتي” مستوردًا أساسيًا للحبوب، خلال الثمانينات من القرن الماضي، أصبحت “روسيا”، وريثته، ثاني أكبر مستورد للحوم على مستوى العالم، بعد “الولايات المتحدة”، والآن تحاول البلدان التي كانت تابعة للاتحاد إنتاج إنبعاثات من “الغازات الدفيئة” خارج أراضيها، ورغم عودة مستويات المعيشة إلى طبيعتها؛ إلا أنها لم تستطع استعادة الإنتاج المحلي وأغلبية منتجات اللحوم، وحتى الآن تستورد هذه الدول 80% من لحوم البقر من دول “أميركا اللاتينية”، وبهذا فإن ما لا ينبعث منها تصدره دول أخرى بدلًا عنهم.

وذكر الخبير بمعهد بحوث البيئة في “ستوكهولم” بالسويد، “خابيير غودار”، أنه: “منذ بداية الألفية الثانية؛ إزدادت الإنبعاثات بدرجة طفيفة، نظرًا لارتفاع مستويات استهلاك السكان، إذ باتوا يستهلكون أكثر، وفيما يخص اللحوم أصبحت تعتمد على الصادرات التي تأتي، خاصة من أميركا الجنوبية، حيث يرتبط إنتاج اللحوم هناك بعمليات إزالة الغابات”، لذا فإن المشكلة ليست فقط فيما يخص زيادة الإنبعاثات.

وأوضح “غودار” أن: “الاستهلاك المعتمد على الاستيراد من أميركا الجنوبية يجلب معه تأثيرات على المناطق ذات التنوع البيولوجي الكبير، أو تلك التي يوجد بها تنوع إثنوغرافي أو مشكلات اجتماعية مرتبطة بالزراعة الأحادية”، في إشارة إلى الأراضي التي تخصص لزراعة محصول واحد.

ويرى “شيرورن” أنه يمكن تعلم مما حدث درسًا مهمًا؛ وهو أن: “إعادة هيكلة الأنظمة الاقتصادية والسياسية قد يسهم في تغيير نماذج التجارة الدولية بشكل كبير”، وفي هذه الحالة يحدث التغير في ظل سيناريو مختلف، مثل ما يتعلق بالإنبعاثات، وأضاف أن: “تتبع التأثيرات البيئية البعيدة عن المنتجات الزراعية من منظور أولئك الذين يستهلكونها يعد توجهًا جديدًا”، وما حدث مع “الاتحاد السوفياتي” يساعد على إعادة توزيع المسؤوليات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب