خاص : كتبت – هانم التمساح :
برغم إبعاد مسؤولين عسكريين كبار عن مناصبهم؛ عقب التحقيق في مقتل 149 مدنيًا عراقيًا وجرح أكثر من 6000 آخرين، خلال احتجاجات ضد الفساد استمرت نحو أسبوع في أوائل تشرين أول/أكتوبر 2019، إلا أن أصابع الاتهام ما زالت شاخصة نحو شخصيات قيادية في (الحشد الشعبي) مقربة من “إيران”، مثل “أبوزينب اللامي”، القيادي في كتائب (حزب الله العراقي)، مدير أمن هيئة (الحشد الشعبي)؛ الذى كان عضوًا بلجنة التحقيق.. ومتهم آخر من طراز “اللامي”، وربما أكثر تأثيرًا في المجريات السياسية والأمنية في “العراق” وهو، “أبوجهاد الهاشمي”، مدير مكتب “عادل عبدالمهدي”، رئيس الوزراء، حيث يقول ناشطون وإعلاميون عراقيون إنه قام بدور رئيس في قمع المتظاهرين نظرًا لقربه من مركز صنع القرار في “بغداد”. بل هو الحاكم الفعلي الذي يحرك “عبدالمهدي” ذاته بتعليمات إيرانية.
“أبوجهاد الهاشمي”.. هل هو رئيس الوزراء الفعلي ؟
و”أبوجهاد الهاشمي”؛ اسمه الحقيقي “محمد الهاشمي”، يشغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، وهو منصب بدرجة وزير وفقًا للقانون العراقي، يتمتع شاغله بصلاحيات واسعة. وهو أحد أبرز الذين جمعوا ثرواتهم من فم الفقراء وقوتهم، بعد الغزو الأميركي 2003.
وقبل اندلاع موجة التظاهرات؛ وبالتحديد في حزيران/يونيو الماضي، طرح اسم “الهاشمي” كثيرًا في الأوساط العراقية، خاصة بعد تصريحات المفكر والكاتب العراقي، “غالب الشابندر”، التي قال فيها إن “أبوجهاد الهاشمي” هو الحاكم الفعلي في “العراق” وليس رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”.
وأكد “الشابندر”، في مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، في حزيران/يونيو الماضي؛ أن: “الهاشمي لديه إرتباطات قديمة بجهاز المخابرات الإيراني، (إطلاعات)، منذ أن التحق بفيلق بدر في ثمانينيات القرن الماضي”.
وينتمي “الهاشمي”، لـ”المجلس الأعلى الإسلامي”، الذي تأسس في “طهران”، في ثمانينيات القرن الماضي، وكان منتسبًا لـ (فيلق بدر)، الجناح العسكري للمجلس، والذي تحول فيما بعد إلى حزب سياسي تحت اسم (منظمة بدر). وعاد إلى “العراق” مع السيد، “محمد باقر الحكيم”، وأصبح مدير مكتبه ثم مدير مكتب “عبدالعزيز الحكيم”، ثم “عمار الحكيم”، قبل لأن يؤسس السيد، “عمار الحكيم”، (تيار الحكمة)؛ وقبل أن يختلفا، ويبقى “أبوجهاد” مع الحرس القديم من جماعة “المجلس الأعلى”، وهو على علاقة قوية جدًا بـ”قاسم سليماني”؛ وعلاقته مع “هادي العامري” تاريخية من أيام “إيران”، وقد أصبح “أبوجهاد” هو المفاوض الرئيس والممثل لكتلة (الفتح)؛ وهو من طرح اسم رئيس الوزراء لمنصبه، وكان السبب أيضًا في استبعاد “أحمد الأسدي”.
“الشابندر”؛ وصف “الهاشمي”، وقتها، بأنه: “السيف المسلط على رقبة، عادل عبدالمهدي، من قِبل إيران، كما أنه يفرض على رئيس الوزراء العراقي كل ما تطلبه طهران”.
ويتابع “الشابندر”: “عادل عبدالمهدي؛ ليس رئيسًا للوزراء، رئيس الوزراء الفعلي، أبوجهاد الهاشمي، الذي رُبي في أحضان الإطلاعات الإيرانية”.
وعلى الرغم من اعتراض الشخصيات السياسية والدينية على ترشيح “عادل عبدالمهدي”، رئيسًا للوزراء وقتها، وعلى الرغم من تحفظ أغلب قادة (الفتح) على ذلك الترشيح، قاتل “الهاشمي” من أجل حصول “عبدالمهدي” على المنصب، والهدف ليس حبًا بـ”عبدالمهدي”، وإنما طمعًا بمنصب مدير مكتب رئيس الوزراء أو الأمين العام لمجلس الوزراء.
علاقاته النسائية وعلاقته برجال الأعمال..
“الهاشمي” معروف في الأوساط السياسية العراقية، بعلاقاته النسائية الكثيرة؛ ومعروف عنه قربه من عشرات من رجال الأعمال، وهو من أسس اللجنة الاقتصادية لـ”المجلس الأعلى”، ويمتلك عقارات في “لبنان” و”لندن”، حيث يقيم ابنه، “زين العابدين”، الذي يدير أموال أبيه المنهوبة من “العراق” والمهربة للخارج.
فساد مالي.. وتمكين الميليشيات..
وقبل تسلمه منصب مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، أشرف “أبوجهاد الهاشمي” على التعاملات المالية في “المجلس الأعلى الإسلامي”، ويشير “الشابندر” إلى أن: “سبب انفصال رئيس تيار (الحكمة)، عمار الحكيم، عن المجلس الأعلى؛ يعود للخلافات مع أبوجهاد بشأن الموارد المالية الطائلة”.
وخلال التظاهرات وما رافقها من أحداث عنف بحق المحتجين؛ تصاعدت الدعوات التي أطلقها كُتاب وصحافيون وناشطون للحد من نفوذ “أبوجهاد الهاشمي” وحلفائه داخل الحكومة العراقية، التي حولت لأداة طيعة في يد “إيران” وميليشياتها المتغولة في “العراق”؛ حتى على حساب الجيش الوطني.
ودعا الكاتب والصحافي، “سرمد الطائي”، في تدوينه على (فيس بوك)، رئيس الحكومة، “عادل عبدالمهدي”، إلى “تطهير الحكومة من وجوه الميليشيات”، وقال: “لن نقف عند اسم، فالح الفياض، ولا أبوجهاد الهاشمي، وغيرهم وغيرهم”.
وبحسب تقرير لمجلة (فورين بوليسي) الأميركية؛ فإن تعيين “الهاشمي” في منصب مدير مكتب “عبدالمهدي” منح الميليشيات في “العراق” زخمًا كبيرًا، ورسخ هيمنتها داخل الحكومة العراقية؛ باعتباره حليفًا قويًا لـ”أبومهدي المهندس”، زعيم مليشيا (كتائب حزب الله) في “العراق”، المُدرج على لائحة الإرهاب الأميركية، والمرتبط برئيس (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”.
شكل خلية أزمة لقمع التظاهرات..
ويقول “مايكل نايتس”، الكاتب المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية لـ”العراق” و”إيران” ودول الخليج في معهد “واشنطن”، إن “أبوجهاد الهاشمي” هو أحد الأشخاص الذين شاركوا في تشكيل خلية أزمة في “بغداد”، في الثالث من تشرين أول/أكتوبر الجاري، كان الهدف منها قمع التظاهرات.
ويضيف أن الخلية ضمت مجموعة من قادة المليشيات العراقية وقادة أمنيين، مثل “أبومهدي المهندس”؛ ومستشار الأمن الوطني العراقي، “فالح الفياض”؛ وزعيم مليشيا (عصائب أهل الحق)، “قيس الخزعلي”، إضافة إلى ضباط من (الحرس الثوري) الإيراني، وفي مقدمتهم، “قاسم سليماني”.
وضمت الخلية، وفقًا لـ”نايتس”، مدير أمن (الحشد الشعبي)، “أبوزينب اللامي”، و”أبومنتظر الحسيني”، مستشار رئيس الحكومة لشؤون (الحشد الشعبي)، وقائد مليشيا (سرايا الخراساني)، “حامد الجزائري”، ورئيس مليشيا (كتائب سيد الشهداء)، “أبوآلاء الولائي”.
ويرى “نايتس” أن جميع الذين شاركوا في هذه الخلية ساهموا في إرتكاب جرائم ضد الإنسانية، ويجب أن تتم معاقبتهم، ومن بينهم؛ “أبوجهاد الهاشمي”.
شائعات سفر “الهاشمي” لإيران..
وتداول البعض شائعات بأن مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء، “أبوجهاد الهاشمي”، قد غادر إلى “إيران” بعد تورطه في إعطاء أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، حتى أن بعض المواقع الصحافية نشرت تلك الشائعة، التي تم نفيها، وقال مصدر سياسي مقرب من الحكومة، في تصريحات صحافية؛ أن مدير مكتب رئيس الوزراء، “أبوجهاد الهاشمي”، لم يغادر البلاد إلى “إيران”، وأنه يزاول عمله بشكل طبيعي ويشرف على اللجان المسؤولة عن تلقي طلبات المتظاهرين واللقاء بهم لنقلها إلى رئيس المجلس لتنفيذها.
وأضاف أن: “الهاشمي؛ وظيفته مدنية في مكتب رئيس الوزراء، ولا علاقة له بالأوامر العسكرية أو أي قرار بإطلاق النار الحي على المتظاهرين”.