خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
قلما يتصور أحد أن تعقد الدولة بما تواجه من أوضاع سياسية خاصة، والتعزية في خسارة رئيس الجمهورية، انتخابات رئاسية مبكرة من منطلق أن الدستور الإيراني كان قد تنبأ بكل الظروف. بحسب ما استهل “حميد شجاعي”؛ تقريره المنشور بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.
ملاحظتين على الانتخابات المبكرة..
وفي ضوء هذه الأوضاع؛ فقد دار الحديث سريعًا سواءً من جانب المؤسسات الرسّمية أو المرشحين أنفسهم عن التكهنات الانتخابية؛ حيث شهدت الأيام القليلة الماضية طرح أسماء مختلفة عن تيارات الإصلاح، والمحافظين، والاعتدال بل والعسكريين.
لكن من خلال ما ورد في باب الانتخابات، تُجدر الإشارة إلى ملاحظتين هامتين، بالنظر إلى دورها في التمهيد لإجراء انتخابات جيدة تمتاز بالمشاركة والمنافسة.
الأولى: مناقشة مشاركة الشعب في الانتخابات؛ وهي مسألة لا يمكن بأي شكل ممكن تجاهلها بسهولة. وربما لم تمضِ أيام قليلة على الانتخابات البرلمانية الثانية عشر وانخفاض الإقبال الشعبي على صناديق الاقتراع. لذلك لابد من توفر الأجواء خلال شهر لمشاركة مرشحين مختلفين، وتحفيز المواطنيين على التفاعل.
الثانية: مناقشة نوع نظرة وموقف السلطة من مسألة الانتخابات وكيفية مشاركة التيارات السياسية المختلفة. هل ستجري انتخابات الحد الأدنى، أم نشهد انتخابات ومشاركة حماسية.
المقطوع به أنه في حال جرى تبني نفس الاتجاه الانتخابي في العام 2021م، فسوف يتخلص عدد المرشحين في عدة أشخاص، وسوف يُختار رئيس الجمهورية من هذا العدد المحدود. لكن في حال كان الاتجاه قائم على مشاركة الحد الأقصى والمنافسة، فقد نأمل في انتخابات ملحمية ومشاركة مرشحين من تيارات مختلفة.
ويعتقد البعض في مشاركة جزء من المواطنيين الذين قاطعوا الدورات الانتخابية الأخيرة إذا كانت الأجواء أكثر انفتاحًا، والسماح بمشاركة وجوه سياسية مختلفة ومعروفة.
العقلانية، التعامل، والوعي..
ثمة خيارات كثيرة للانتخابات المقبلة؛ من الإصلاحيين على سبيل المثال “إسحاق جهانگیریو”، “محمد رضا عارف”، و”مسعود پزشکیان”، والأصوليين مثل: “محمد باقر قالیباف”، و”سعید جلیلي”، و”علي رضا زاكاني”، وبالطبع وجوه من تيار الاعتدال في الحكومة السابقة مثل: “محمد جواد ظریف”، و”محمد جواد آذري جهرمي”، و”عبدالناصر همتي”، بل طرح كذلك اسم: “محمود أحمدي نجاد”، لكن من الوجوه المعروفة الأقل انخراطًا في هذه الفوضى الإعلامية: “علي لاريجاني”.
وكان مستشار مقام المرشد قد تحدث كثيرًا قبل ذلك عن دوره في انتخابات 2025م. وإذا ننظر إلى المعايير المختلفة للرئيس القادم، فسوف نصطدم بمسألة هامة وهي التعامل، تلك الكلمة التي يمكن أن تكون أساس عمل رئيس الجمهورية مع سائر السلطات والأجهزة. لكن قلما نلمس هذا المعنى في الأسماء المذكورة؛ ولا سيما أصحاب الفرص الأعلى للترشح، وهي مسألة يرى البعض تبحر “علي لاريجاني” بها.
كما نُريد أن ننظر للموضوع من ناحية العقبة السياسية والفاعلية، ذلك أن “لاريجاني” عُرف بالعقلانية السياسية إلى جانب عدد من السياسيين الآخرين، ونظرة على موافقه خلال العقد الأخير على الأقل تثبُّت أنه شخصية مستقلة عابرة للأحزاب.
شخصية تُجيد السياسة، وهو معروف بالمخضرم السياسي، مُّلم بالفضاء الدولي، ومطلع كذلك على عمل الإدارات التنفيذية والعامة من خلال تقلده مناصب مختلفة مثل رئاسة البرلمان، وأمانة “المجلس الأعلى للأمن القومي”، ورئاسة “الإذاعة والتليفزيون” وغيرها، كما يحُّيط بمشكلات الدولة ويستطيع تنظيم هذه المشكلات عبرة الاستفادة من النخبة، والخبراء.
المسألة الأهم موقف “علي لاريجاني” من جميع التيارات السياسية، والاستفادة المناسبة من جميع الوجوه والشخصيات السياسية للقضاء على المشكلات التي تُعاني منها الدولة.
ويعتقد الكثيرون أنه يستطيع أن يقدم أداءً إيجابيًا جدًا في رئاسة البلاد، لأنه يعمل وفق العقلانية، والوسطية، والفاعلية، ويسّتفيد بغض النظر عن المواقف الحزبية من المتخصصين والنخبة في كل المجالات، ويستطيع أن يخلق قدر الإمكان حالة من الرضا في المجتمع.
والأهم أن “لاريجاني” يتمتع بتعامل جيد مع مؤسسات السلطة، ويستطيع الاستفادة من ذلك في تحقيق الأهداف التي ترمي للقضاء على المشكلات.
والآن علينا أن ننتظر موعد دخول هذا السياسي المخضرم في الانتخابات، ثم موقف “مجلس صيانة الدستور”.