خاص : ترجمة – د. محمد بناية:
اعتزال المسؤولين في المنزل هو للوهلة الأولى عبارة سلبية؛ لكن مطلوب أحيانًا. والتقليد المتبع أن المسؤول إذا أصبح وزيرًا يُدرك بكل الوسائل أن رئيس الجمهورية لا يمتلك الإرادة للتعاون معه؛ إما بسبب أداء هذا الوزير الضعيف، أو التعرض إلى ضغوط للتغيّير، ولذلك يُقرر الوزير الاعتزال في المنزل بهدف تغييّر وجهة النظر تلك.
والمجتمع لا يقبل بهذا السلوك، إذ من المتوقع أن يفكر الوزير أو المسؤول في القيام بدوره وخدمة الجماهير، لا الاعتزال في المنزل للحصول على مطالب فردية !.. بحسب ما استهل “مطهره شفيعي”؛ تقريره المنشورة بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.
إما أنا واثنين معي أو لا أحد !
آخر وزراء الاعتزال في المنزل؛ هو “جواد أوجي”، وزير النفط بالحكومة الحالية، حسّبما كشف “مالك شريعتي”؛ عضو لجنة الطاقة بـ”البرلمان الإيراني”؛ حيث قال: “قبل نحو شهر كان مكتب رئيس الجمهورية قد راسل وزير النفط مشّددًا على ضرورة إقالة اثنين من المدراء البارزين في الوزارة بغضون 24 ساعة، لكن (أوجي) قدم استقالته واعتزل في المنزل عدة أيام”.
بدوره أكد “هادي بیگي نژاد”؛ عضو لجنة الطاقة بـ”البرلمان الإيراني”، نفس الرواية وقال: “قبل فترة وصل إلى مكتب وزير النفط، رسالة من رئاسة الجمهورية تُطالبه بإقالة اثنين من المدراء بالوزارة، ثم تكررت الرسالة وفحواها ضرورة إقالة هذين الشخصين، وشعر السيد (أوجي) بالاستياء، لكن لم يحدث شيء وبقي الكل على رأس العمل”.
“ظريف” شعر بالغضب لأنه لم يكن يعلم..
هناك الكثير حول غضب؛ “محمد جواد ظريف”، وزير الخارجية بحكومة؛ “حسن روحاني”، وقد كتب هو نفسه في رسالة: “أتقدم بالشكر للشعب الإيراني العزيز والمسؤولين المحترمين على الـ (67) شهرًا الماضية، وأعتذر عن عدم القدرة على الاستمرار في الخدمة، وكذلك كل النقص والتقصير الذي وقع أثناء فترة عملي. فتلكن السعادة والرفعة من نصيبكم”.
والسؤال: ماذا حدث ؟.. يقول “إسحاق جهانغيري”؛ النائب الأول للرئيس الإيراني، آنذاك، تعليقًا على استقالة “ظريف” وجهله بتفاصيل زيارة؛ “بشار الأسد”، إلى إيران: “كنت قد تحدثت مرة أو اثنتين إلى اللواء (قاسم سليماني) وقد قرر في النهاية زيارة السيد (ظريف) في منزله. كان اللواء (سليماني) يعتقد في ألا يلعب دورًا في كيفية توصيل هذا الخبر إلى رئاسة الجمهورية. والحقيقة أن رئيس الجمهورية ومكتبه لم يكن على علمٍ حتى اللحظة الأخيرة بهوية الضيف. بالفعل كان معروفًا أن ضيفًا هامًا سيزور إيران وكانت هناك شكوك حول ثلاث شخصيات. والسبب أنه لم تكن هناك رغبة للإعلان حتى يصل (الأسد) طهران ويدخل مكتب المرشد الأعلى. وأخبرني رئيس الجمهورية بعلمه بالزيارة بعد وصوله إلى مقر رئاسة الجمهورية، ولم تكن هناك فرصة لإخبار أحد”.
ثم قرر “ظريف” العودة إلى العمل بعد الاطلاع على تفاصيل ما حدث.
استقالة الوزير الثري بسبب عدم وجود مال !
نشرت وكالة أنباء (فارس) للمرة الأولى، ادعاءات غضب واستياء “قاضي زاده هاشمي”؛ وزير الصحة بالحكومة الثانية عشر، وكتبت: “لطالما تحدث وزير الصحة عبر المنابر المختلفة عن عجز ميزانية مشروع تطوير الصحة، وطلب إلى منظمة التخطيط والميزانية زيادة المخصصات المالية، ومن ثم فقد ثارت الخلافات بين الطرفين وبلغت ذروتها بهجوم (محمد باقر نوبخت)؛ رئيس منظمة التخطيط والميزانية آنذاك، على وزير الصحة على هامش اجتماع الحكومة.. وقال: جرى سحب مبلغ: 03 آلاف مليار طومان من ميزانية البناء قبل موعد استحقاقها، وذلك بهدف سّداد مديونيات وزارة الصحة والتي يجب إعادتها، ونحن لن نقصر على الاطلاق”.
وقال مصدر مطلع إن هذا كان السبب الرئيس في غضب وزير الصحة واستقالته.
“نجاد” نفسه اعتزل في منزله..
ما يزال اعتزال “أحمدي نجاد”؛ الرئيس الإيراني الأسبق، مدة أحد عشر يومًا ماثلة في الأذهان، وذلك احتجاجًا على توصية المرشد الأعلى ببقاء؛ “حيدر مصلحي”، في منصبه كوزير للمخابرات بالحكومة العاشرة، وذلك بعد قبول الرئيس “نجاد” استقالته؛ حيث كشفت وسائل الإعلام عن مقاطعة رئيس الجمهورية اجتماعات الحكومة.
وعقب تصعيد الأصوليين من الهجوم على “نجاد”؛ قرر المشاركة في اجتماعات الحكومة مجددًا.
وقال “محمد رضا باهنر”؛ نائب رئيس البرلمان آنذاك، أن الرئيس كان يعتزم الاستقالة، لكنه اقتنع بالنهاية أن يستمر في القيام بعمله.
وقد كان اعتزال “نجاد” في المنزل بمثابة منعطف خطير في حياته السياسية، أدى إلى أفول نجمه.