خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
العلاقات بين “إيران” و”تركيا”؛ باعتبارهما جارتين قديمتين، تُشّبه الزواج الكاثوليكي الذي لا يقبل الانفصال. بحسب ما استهل “صلاح الدين خديو”؛ تحليله المنشور بصحيفة (آرمان آمروز) الإيرانية.
وتفصيل هذه العلاقات القديمة والإلزامية يُشّبه روايات القرن التاسع عشر الكلاسيكية؛ الغنية بالتقلبات والخيانة والانفصالات الصامتة.
وغضب الطرفين مؤخرًا هو من الحالات النادرة التي تصاعدت إلى مستويات علنية في وسائل الإعلام، وتبادل الردود الدبلوماسية.
الصبر الإيراني..
ويظهر التحليل السريع للموضوع أن التطورات في “سورية” هي العامل الرئيس وراء هذه الاضطرابات.
وكانت “الجمهورية الإيرانية” قد شعرت؛ قبل خمس سنوات، بخيبة أمل عميقة بسبب التدخل التركي الفعّال إلى جانب “إسرائيل”، لصالح “أذربيجان” في نزاع “قره باغ”. ومع ذلك، بُذلت جهود كبيرة لمنع هذه القضية من أن تؤدي إلى تدهور العلاقات بين الجانبين.
وحتى في التطورات اللاحقة، عندما سعت “أنقرة” و”باكو” إلى إنشاء ممر (زانغزور)؛ وما كان سيترتب على ذلك من اختناق “إيران” جيوسياسيًا، حافظت “إيران” على جانب الحذر الدبلوماسي على الرُغم من المعارضة النشطة، ولم تتخلَّ عن هذا النهج بأي شكل من الأشكال.
الجُرح السوري..
لكن القضية السورية بقيت جُرحًا لا يندمل، فقد كانت عائلة “الأسد”؛ في “سورية”، أحد الأعمدة الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وكانت بشكلٍ ما مثل الشقيق لـ”الجمهورية الإيرانية”. وخسارة الحليف الرئيس نتيجة تبعات العمليات العسكرية الإسرائيلية في “لبنان”، وانتهازية “تركيا”، أخرج “إيران” من موقعها الهجومي في الشرق الأوسط وجعلها في موقع دفاعي.
ومن الواضح أن “إيران” شعرت بالخيانة والتعرض للطعن من الخلف، وكان الجُرح أكثر فتكًا من “خيانة القوقاز”.
وتُمثل هذه المسألة، بالنسبة للنظام الحاكم الحالي في “سورية” وحليفه الرئيس؛ أعني “تركيا”، معركة بين الخير والشر ذات صبغة تاريخية ودينية واضحة. وبينما تسعى “طهران” للمحافظة على بعض أدوات نفوذها في بلاد “الشام”؛ من خلال بعض الأقليات العرقية والدينية، تعمل “تركيا” على إنهاء هذا النفوذ والتخطيط لمواجهة التحدي الإسرائيلي، الذي يُعد القوة المسيَّطرة الأخرى في “سورية”.
الخنجر الكُردي..
وربما يرتبط الاحتكاك بين “إيران” و”تركيا”، والذي أثار استياء “هاكان فيدان”؛ وزير الخارجية التركي، بالتوترات في المنطقة الكُردية في “سورية”؛ ويُعتبر الأكراد؛ (الذين استفادوا من دعم الولايات المتحدة حتى الآن)، نقطة ضعف “تركيا” في فرض السيّطرة الكاملة على “سورية”.
وتسّعى “أنقرة”؛ من خلال مبادرة سلام، لا تزال تفاصيلها غير واضحة، ودعوة نزع السلاح التي أطلقها؛ “عبدالله أوجلان”، زعيم “حزب العمال الكُردستاني”؛ (PKK)، السجين، إلى تحمل مسؤولية إدارة القضية الكُردية.
وقد تؤدي هذه العملية، في حال نجاحها، إلى توسيع نفوذ “تركيا” في “كُردستان سورية والعراق”، ومن ثم إزالة المخاوف الأمنية المتعلقة بتلك المناطق. وقد تتمكن، في الوقت نفسه، من تقليل التوترات الأمنية والسياسية في “كُردستان تركيا”، وحرمان المنافسين الإقليميين من أداة ضغط مهمة.
والحقيقة أن تاريخ المنافسة بين “تركيا” و””إيران”؛ على “كُردستان”، يمتد إلى ما قبل خمسمائة عام، وخسارتها حالت دون قدرة الصفويين الإيرانيين على توسيع إمبراطورتيهم في الحدود الغربية.
والآن يبدو أن تصعيد “فيدان”؛ يعكس بشكلٍ أساس قلق “تركيا” من احتمال تدخل “إيران” في هذا الصراع. وبالطبع، ترى “تركيا” أن يدها أصبحت أقوى في هذا النزاع، بعد عودة؛ “دونالد ترمب”، إلى “البيت الأبيض”، والذي تربطه علاقات شخصية وثيقة مع نظيره التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، لا سيّما بعد أن أعلن عداءه لـ”الجمهورية الإيرانية”، منذ البداية.