26 أبريل، 2024 10:21 ص
Search
Close this search box.

آخرهم بريطانيا .. حكومات العالم تمول عجز ميزانيتها من البدناء والمُدخنين

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – رضا خليل :

إن كنت بدينًا.. أقرضنى كى أرحل عنك. وإن كنت نحيفًا ومُدخن.. أدفع لى كى أرضى عنك. تلك هى السياسة التى قامت العديد من دول العالم، فى الأونة الأخيرة، بانتهاجها لمكافحة مشكلة السمنة والبدانة.

إذ لجأت تلك الدول، لزيادة الضرائب على المشروبات والوجبات السريعة التى تسبب السمنة، وذلك بدعوى مكافحتها وتمويل “البرامج الصحية” التى تعالج آثار تلك المشكلة.

غير أنها لاتعدو إلا مجرد وسيلة من جانب الحكومات، لتحصيل مزيد من الأموال للميزانيات الحكومية التى تعاني من العجز المزمن نتيجة للمشاكل الاقتصادية التي  تواجه العالم منذ الأزمة المالية فى عام 2008.

بريطانيا تفرض ضريبة علي “المشروبات السكرية”..

كانت بريطانيا هى آخر تلك الدول التي طبقت هذه السياسة, بعدما أعلن وزير ماليتها “فيليب هاموند”، منذ أيام، أن “المشروبات السكرية” ستشهد فرض ضريبة جديدة عليها في شهر نيسان/ابريل عام 2018، وذلك في إطار جهود الحكومة لمكافحة مستويات السمنة المرتفعة وتسوس الأسنان.

وتصل تلك الضريبة إلى حوالي 18 بنسًا لكل لتر، من كل مشروب سعة 100 مللي لتر، يحتوي على 5 جرامات من السكر، بينما ستفرض ضريبة قدرها 24 بنساً على كل مشروب سعة 100 مللي لتر يحتوي على 8 جرامات سكر.

وعرضت وزارة المالية البريطانية فى الثامن من آذار/مارس الماضي، على البرلمان مشروع ميزانية ، تعد الأولى منذ استفتاء المملكة على الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي.

كما وضعت  الحكومة البريطانية حداً أدنى لسعر علبة السجائر عند 7.35 جنيه إسترليني، في خطوة أشارت فيها أنها تهدف لمكافحة التدخين.

وقدرت الحكومة، وفقًا لشبكة الـ”سي. إن. إن” الأميركية، أن هذه الضريبة التي تأتي كجزء من الجهود المبذولة للحد من البدانة في مرحلة الطفولة، ستوفر نحو 520 مليون جنيه إسترليني سنويًا كإيرادات إضافية.

فيما  تشير بعض التحليلات إلى أن الإيرادات السابقة، ستحقق فى العام الأول فقط الذى ستفرض خلاله الضريبة، حيث أن شركات المشروبات تعمل على خفض نسبة السكر في مشروباتها خشية ارتفاع الأسعار والاضرار بمبيعاتها، إنها تعمل بشراسة لخفض نسبة السكر في منتجاتها.

وتوقع المكتب المسؤول عن الميزانية، أن تصل الإيرادات الضريبة لنحو 380 مليون إسترليني، فى حال قامت شركات المشروبات بخفض نسبة السكر فى منتجاتها.

ويقول وزير المالية “فيليب هاموند” أنه “مسرور” فى حال تحصيل الحكومة إيرادات أقل من  المتوقعة، كون هذه الضريبة ستدفع الشركات إلى تقليص نسبة السكر في المنتجات، حيث أن خفض استهلاك السكر يؤدي إلى نتائج صحية أفضل خاصة بالنسبة للأطفال.

وتعد بريطانيا من أعلى الدول المتقدمة التي تعاني من مشكلة البدانة خاصة بين الأطفال، حيث تشير الإحصائيات إلى أن ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و15 عاماً يعانون من زيادة في الوزن أو البدانة.

وقالت وزير الدولة للشؤون المالية “غين إليسون” إن “البدانة تكلف الخدمات الصحية البريطانية  مليارات الجنيهات الإسترلينية سنويًا”.

فيما أشارت تقارير طبية إلى أنه فى حال استمرار معدلات البدانة بمستوياتها الراهنة، فإن  الموازنة البريطانية ستحتاج إلى زيادة مخصصات التأمين الصحي 6 مليارات جنيه إسترليني حتى عام 2020.

ويؤكد القائمين على حملات الحد من استهلاك السكر فى المملكة، على أن الخطة الحكومية تعد “استجابة مهينة” لأزمة البدانة ومرض السكري في بريطانيا، وأن هناك خطر إفلاس الخدمات الصحية الوطنية ما لم يكن هناك تحرك جذري لحل المشكلة.

دول سبقت بريطانيا فى هذا القرار..

لم تكن هذه الضريبة البريطانية جديدة أو مبتكرة لأول مرة.. فالبرغم من أن بريطانيا تعكف على دراسة هذه  الضريبة منذ عام 2012، إلا أن كل من “بلجيكا، وفرنسا، والمجر، والمكسيك” قد سبقت المملكة المتحدة، فى فرض هذه الضرائب من قبل، حيث فرضت كل منها شكلاً من أشكال الضريبة على المشروبات التي يضاف لها السكر وكذلك على الوجبات السريعة.

وتعد الدول الإسكندنافية “الدنمارك والسويد والنرويغ” أولى الدول التي قامت بتلك الخطوة حيث فرضت ضرائب مشابهة منذ سنوات عديدة.

وسارت “المكسيك” على هذه النهج العام الماضى، رغم أن مستوى المعيشة في هذا البلد، أقل من تلك الدول بمراحل، لكن المكسيك تحتل المرتبة التاسعة على قائمة أكثر شعوب العالم بدانة، بمعدل يعاني نحو ثلث سكانها. من تلك المشكلة.

ويرجع ارتفاع معدل السمنة في المكسيك بشكل رئيس إلى تقديم الأطعمة المعالجة والدهنية والسكرية السائدة في الدول الغربية لعامة السكان في الآونة الأخيرة.

ويشار إلى أن المكسيك هي أكبر مستهلك لـ”الكوكاكولا” في العالم، ومن الواضح أن سكانها يشربون كميات هائلة من المشروبات الغازية.

أميركا واليابان يعالجون المشكلة بطرق آخرى..

نظرًا للنفوذ القوي الذى تتمتع به شركات المياه الغازية الأميركية، اختارت الولايات المتحدة، التى تحتل المرتبة العاشرة فى قائمة أكثر شعوب العالم بدانة، طريقًا آخر لمحاربة السمنة، حيث عهدت وزارة الزراعة الأميركية بشن حرب على البدانة عن طريق طلب العون من حليف غير متوقع، ألا وهي مطاعم الوجبات السريعة.

وذكرت الوزارة أن أميركا تخسر معركتها ضد البدانة، لذا يجب أن تبذل المزيد من الجهود لمساعدة المستهلكين على اتخاذ قرارات صحية سليمة.

ويعاني نحو ثلث الأميركيين من زيادة في الوزن أو البدانة رغم إقبالهم على نظم الحماية الغذائية للحد من الكربوهيدرات وغيرها من أنواع الطعام.

وبدأت صناعة الأغذية السريعة في تعديل قوائم الطعام بحيث تقل نسبة الدهون فيه وتعرض المزيد من أنواع المشهيات والفاكهة والوجبات المنخفضة السعرات.

بحيث يمكن للآباء الذين يشترون وجبات لأبنائهم أن يحصلوا على شرائح التفاح بدلاً من البطاطس المقلية والحليب بدلاً من المشروبات الغازية. كما طرح قسم الأطعمة المقلية في المطاعم شرائح بطاطس مقلية ذات سعرات حرارية ودهون منخفضة.

غير أن ولاية “فيلادليفيا” استطاعت فرض ضريبة على المشروبات الغازية في حزيران/يونيو الماضى لتصبح أول ولاية أميركية تطبق هذه الضريبة، التى حاربتها الشركات عدة شهور.

أما “اليابان” فتقوم حاليًا بإجراء التجارب على مشروب جديد خالٍ من السعرات الحرارية ومن السكر، يحتوي على خمسة غرامات من المواد النشوية التي توفر الألياف الغذائية المفيدة، ويدعى “كوكا كولا بلس”.

الدول العربية تواجه العجز بالضرائب أيضًا..

تحتل الدول الخليجية قائمة الأكثر 10 دولٍ تعاني شعوبها من السمنة فى العالم، حيث تحتل “الكويت” المركز الأول فى القائمة، التى صدرت فى عام 2016، بنسبة 42.8، بينما تأتي “المملكة العربية  السعودية” في المركز الثاني بنسبة 35.2%، بينما “الامارات المتحدة” في المركز السادس بنسبة 33.7%، فيما تحل “قطر” المركز الثامن بنسبة 33.1%.

لذا لجأت هذه الدول إلى فرض هذه الضريبة والتي سمتها بالضريبة الانتقالية، حيث أعلنت  وزارة المالية السعودية في بداية كانون ثان/يناير الماضي، أنها ستبدأ فى نيسان/ابريل الجاري فرض الضريبة الانتقائية على بعض السلع مثل المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والتبغ ومشتقاته.

وأوضحت الوزارة فى بيانها أنه سيجري البدء بتطبيق الضريبة بعد المصادقة على الاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية، التي أقرها قادة دول “مجلس التعاون الخليجى” فى قمتي المجلس عام 2015 و2016.

وأكدت الوزارة على أنه لم يصدر حتى الآن قرار بتنفيذ الاتفاقية بالمملكة، على أن يتم الإعلان عن تاريخ تطبيق الضريبة فى وقت لاحق بعد انتهاء إجراءات المصادقة النظامية. وأن التاريخ المستهدف للتطبيق سيكون فى شهر رجب هذا العام الموافق لشهر نيسان/ابريل 2017، وفق ما أعلن عنه سابقًا فى وثيقة برنامج تحقيق التوازن المالى.

ضريبة القيمة المضافة فى مصر..

أما بالنسبة لمصر التى تحتل المرتبة الرابعة فى قائمة الدول التي تعاني شعوبها من البدانة  بنسبة 34.6%، فقد أعتبر البعض ضريبة القيمة المضافة التي أقرها البرلمان فى آب/أغسطس الماضي، تشبه إلى حد كبير تلك الضريبة الخاصة بمكافحة السمنة.

حيث جاءت الزيادة التي حددها قانون الضريبة على المياه الغازية بقيمة 8%، كما طبقت نفس القيمة على “البيرة غير الكحولية”، فى حين جاءت الضريبة على “البيرة الكحولية” بقيمة 250%، وعلى النبيذ والمشروبات الكحولية والروحية بقيمة 150%.

فى النهاية.. يبدو أن العديد من دول العالم التي تعاني شعوبها من مشكلة السمنة، قررت السير فى هذا الطريق كحل بسيط لتلك المشكلة، غير أن ذلك الحل قد يكون غير مجدي، وأن الأمر كله مجرد وسيلة لزيادة الإيرادات الضريبية فى ظل ارتفاع عجز الموازنة لكل الدول التي تم ذكرها سابقًا.

لذا فنحن لا نزال عاجزين أمام تلك المشكلة، والتى تودي بحياة عشرات الآلاف من البشر سنويًا، وأننا نحتاج إلى تلك الحلول الجذرية التي تتعلق بتغيير نمط الحياة فى الطعام والعمل. فالسمنة مشكلة ضمن سلسلة مشكلات إجتماعية وصحية، تستوجب منا تغيير أسلوب المعيشة وفق رؤية وثقافة تختلف تمامًا عما نحن نسير عليه الآن.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب