خاص : ترجمة – محمد بناية :
يتعين على “الفيدرالية الديمقراطية شمال سوريا”، (الكيان السياسي للأكراد في سوريا)، أن تنفي على الفور قرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بشأن ضم “مرتفعات الجولان” إلى “إسرائيل”، والتأكيد على سورية هذه الهضبة لعدة أسباب، حاول “صلاح الدين خديو”، الخبير الإيراني في الشأن الدولي، بمقال تحليلي نشر على موقع (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من “وزارة الخارجية الإيرانية”..
إحباط مخطط التقسيم..
كان من أولى تلك الأسباب التي ساقها الخبير الإيراني، أنه لا يليق بالأكراد، في الوقت الذي نهضت فيه “تركيا” و”الجامعة العربية”، (رغم العلاقات المقطوعة مع دمشق)، للدفاع عن وحدة الأراضي السورية، إثارة المنطقة تجاه “الأكرادفوبيا”.
وإزاء هذه “الفوبيا” لا يجب على الأكراد خسارة أي فرصة لبيان حقيقة أنهم ضحايا التقسيم؛ لا سبب فيها ولا أدل على ذلك من اتفاقية “سايكس بيكو”.
ولطالما أكدت “الفيدرالية الديمقراطية شمال سوريا”، مرارًا، على تعهداتها بالمحافظة على وحدة أراضي الدولة، ومن ثم لا يمكن إلتزام الصمت حيال إنتهاك السيادة السورية.
بعبارة أخرى؛ عليهم إثبات الإلتزام بالعهود، هذه المرة، حتى وإن كان هذا الموقف مخالفًا لسياسات الحليف الإستراتيجي، “واشنطن”.
محورية القضية الفلسطينية..
حل “القضية الفلسطينية” والخلافات “العربية-الإسرائيلية” بطريقة عادلة، هو المفتاح لخروج الشرق الأوسط من مرحلة الصراعات والدخول في مرحلة التنظيم الأمني الموجه نحو النظام الاقتصادي القائم على الوفاق والتناغم.
وتحديات إدارة “دونالد ترامب”، للمعايير بشأن إضفاء الشرعية على الاحتلال العدواني للأراضي المحتلة عام 1967، لا يحول دون السلام في الشرق الأوسط فقط، وإنما يهدد شرعية الأنظمة العربية أيضًا.
والعودة إلى عملية كسب الشرعية الفاشلة عبر النزاع “الفلسطيني-الإسرائيلي” سوف يؤثر على إضعاف عملية الديمقراطية بالمنطقة ودمجها في الاقتصاد العالمي. والتبعات السلبية لذلكم التحول سوف يظهر في شكل منح الشرعية لحكومات غير مسؤولة؛ كما في السابق وسوف تشكل الأكراد.
مبدأ القوة الأميركي وتبعاته..
السياسات الأميركية، إزاء احترام مبدأ سيادة الحكومات ووحدة أراضي الدول، تتسم بالرياء. والدعم الأميركي للحكومة العراقية، أثناء استفتاء أيلول/سبتمبر 2017، كان العامل الرئيس في فشل الأكراد.
فإذا تحولت سياسية منح الشرعية للاحتلال العسكري إلى مبدأ؛ فلا يمكن منع القوى الكبرى من استعمال القوة ضد الأطراف الأضعف.
وبالمنطق ذاته؛ لا يمكن انتقاد احتلال وضم “شبه جزيرة القرم” إلى “روسيا”، أو عدم منح الحكومة التركية الضوء الأخضر للتمتع بحق الماء والتربة، في “عفرين”، بالاحتلال طويل المدى أو التفكير في ضمها.
إن القبول بسياسة القوة في النزاعات الإقليمية؛ إنما يضر بالأكراد تمامًا لأنهم يقعون وسط مجموعة من الأطراف المنافسة الأقوى.
وأوضح نموذج على ذلك هو “أوكرانيا” و”غوغيا” اللتان تقعان، رغم التماهي مع الغرب و(الناتو)، تحت قهر سياسة القوة. والتبعات الطبيعية لمثل هذا الوضع هو العودة إلى النظم الإمبراطورية وعصور ما قبل “الحكومة-الشعب”، الأمر الذي يبدو بالنسبة للوضع الحالي “وضعًا طبيعيًا”.
سياسات اليمين الشعبوي..
الهدف الرئيس للرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، من تقديم “الجولان” على طبق ذهبي إلى “إسرائيل”، هو المساهمة في تحسين مكانة، “بنيامين نتانياهو”، الانتخابية؛ ومضاعفة فرصه في الحصول على منصب رئيس وزراء “إسرائيل” مجددًا.
وهو نوع من المنشطات السياسية التي تميز السياسيين الشعبويين لتيار اليمين على صعيد السياسات الداخلية والخارجية. وأوكسترا السياسيون الشعبويون لتيار اليمين الحاكم، في الدول الغربية وغيرها من الدول المهمة، مثل “روسيا” و”تركيا” وغيرهما، لم يلوث حتى الآن السياسة الدولية.
وما تيارات القومية، والمذهبية الراديكالية، والإرهاب، و”الإسلاموفوبيا”، والعنصرية وقضايا الهجرة وغيرها؛ إلا مؤشرات على زوال السياسة في دنيا الشعوبية اليمينية.
وتنحى “الولايات المتحدة” عن أداء دورها التقليدي الظاهري في الوساطة بين العرب و”إسرائيل” يقود المنطقة والعالم بإتجاه التشدد الديني والقومي. وتجارب اغتيال وعنف تنظيم (داعش) الإرهابي والعنصرية المتزايدة في الدول الغربية، إنما يضرب بجذوره للوهلة الأولى في الخلل المسؤول عنه السياسة الدولية.
لقد كان الأكراد، خلال الأعوام الماضية، أحد الأهداف الرئيسة للتشدد المذهبي، ومن الطبيعي أن يعبروا عن قلقهم إزاء تقوية مجالات هذا التشدد.
في الوقت الذي أعربت فيها دول، “روسيا” و”الصين” و”الاتحاد الأوروبي”، والعالمين العربي والإسلامي، عن معارضتهم لقرار “دونالد ترامب”، فإن موقف “أكراد سوريا” لن يتسبب لهم في تكلفة كبيرة.
أضف إلى ذلك؛ أن جميع أعضاء الهيئة الأميركية الحاكمة لا توافق على هذا القرار أيضًا، وكذلك من تصاريف القدر أن يعتبر جزء مهم من اللوبيهات الكُردية ناقد للرئيس “ترامب”.