7 أبريل، 2024 10:40 م
Search
Close this search box.

وضع نساء العراق الاسوأ تحت هيمنة الاحزاب الدينية 

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت سؤدد الصالحي وايزابيل كولزك: بعد عام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق أبلغ جورج بوش الرئيس الأمريكي آنذاك حشدا من الناس في واشنطن أن “كل النساء في العراق أفضل حالا لأن غرف الاغتصاب والتعذيب أغلقت إلى الأبد”.

لكن بعد مرور عشر سنوات ستخالف كثير من العراقيات هذا القول. وعلى الرغم من أن قلة من الناس يفتقدون الحكم الحديدي لصدام أو الحروب والعقوبات التي جلبها للعراق فقد تأثرت النساء بصورة أكبر بالعنف الذي ابتلي به كل العراقيين تقريبا.
وزادت حالات العنف الأسري وممارسة الدعارة وقفزت معدلات الأمية وترملت آلاف النساء أو تركن في مهب الريح. وينتقد كثير من النساء الزعماء السياسيين الذي تولوا مقاليد السلطة في العراق بعد الاطاحة بصدام حسين وكذلك تنامي الاتجاهات المحافظة اجتماعيا التي قضت على دورهن في الحياة العامة.
واحتل العراق الذي كان يوما في صدارة الدول التي تحترم حقوق النساء في المنطقة المركز 21 بين 22 دولة عربية في استطلاع أجرته مؤسسة تومسون رويترز وشمل 336 من خبراء قضايا التمييز بين الجنسين ونشر الثلاثاء.
ويشمل الاستطلاع الذي أجري في أغسطس آب وسبتمبر أيلول الماضيين أسئلة عن العنف ضد النساء والحقوق الانجابية ومعاملة النساء داخل الأسرة واندماجهن في المجتمع والمواقف من دور النساء في السياسة والاقتصاد.

الاتجاه المحافظ
أصيبت ابتسام (40 عاما) بقضيب حديدي بينما كنت تفر من القصف خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة واضطرت للخضوع لجراحة لاستئصال الرحم. وخلال أحداث العنف الطائفي التي أعقبت الغزو خطفت ميليشيا شيعية زوجها وقتلته.
تقول ابتسام “لو لم تقع الحرب في 2003… على الأقل كان زوجي سيبقى على قيد الحياة ولم أكن لأعيش في مثل هذه الظروف المهينة”. وتعمل ابتسام حاليا في مزارع للتمر قرب منزلها في شرق بغداد لتعول ابنتيها الصغيرتين.
تجلس سناء مجيد الأم لطفلين في غرفة المعيشة في منزلها في بغداد وتتذكر “العصر الذهبي” خلال السبعينيات حينما كانت تذهب للحفلات وقاعات العروض الفنية والمطاعم وكانت حرة في ارتداء ما تشاء.
وصدمها الواقع الجديد للعراق عام 2005 حينما نزلت من سيارة أجرة لتدنو منها مجموعة من الرجال في ملابس سوداء ووبخوها لارتدائها ملابس غير مناسبة وأمروها أن تذهب لمنزلها وتغطي شعرها.
تقول مجيد التي ترتدي الآن عباءة سوداء وحجابا “بدأت الأحزاب الاسلامية تسيطر على العراق وكان هذا هو أسوأ كابوس تواجهه النساء العراقيات في حياتهن… سرقت الأحزاب الدينية والميليشيات الحياة الحرة من النساء العراقيات”.
وكان أول تشريع سعى القادة الجدد للعراق إلى تغييره هو قانون الأحوال الشخصية الذي يكرس لحقوق المرأة في الزواج والميراث وتعدد الزوجات وحضانة الأبناء وهو القانون الذي كان ينظر إليه دوما على انه الأكثر “تقدمية” في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من فشل هذه المحاولة الأولى لا تزال تتواصل المساعي الرامية لتعديل القانون وفقا للشريعة الاسلامية وإحالة الفصل في شؤون الأسرة لأيدي السلطات الدينية.
وذكر ناجي العلي أستاذ دراسات المرأة في المجتمع في كلية الدراسات الشرقية والافريقية في لندن أنه أحيانا تستخدم النساء بصورة رمزية لرفض النظام السياسي السابق.
وقال العلي الذي شارك في تأليف كتاب “أي نوع من الحرية؟ النساء والاحتلال في العراق” إن “هناك زيادة في الاتجاهات الاجتماعية المحافظة فيما يتعلق بالنساء”.
وأضاف “أعتقد أن على المرء أن يستوعب هذا في سياق رد الفعل على النظام السابق وأيضا رد الفعل تجاه الامبريالية الغربية. بشكل عام كان ذلك مدمرا”.

التهميش في الحياة السياسية
بدأ تآكل وضع المرأة بالفعل قبل 2003 حينما فرض المجتمع الدولي عقوبات على العراق بعد غزو صدام للكويت عام 1990.
ومع اصابة الاقتصاد بالشلل لم تتمكن الحكومة من تحمل تكاليف خدمات مثل اجازات الوضع ورعاية الأطفال التي مكنت النساء من دخول سوق العمل في اطار محاولات صدام لتحويل العراق لدولة صناعية.
تقول مجيد “بعد الاطاحة بصدام كان لدي احساس بان الأيام الخوالي ستعود”، وأضافت “سيرفع الحصار وهو ما منحني آمالا عريضة بأن أعود امرأة حرة من جديد”.
وداعب ذاك الأمل خيال الكثير من النساء بعد الغزو. ونجحت النساء اللاتي تعرضن للتهميش في الحياة السياسية في عهد صدام في الحشد لتخصيص ربع مقاعد البرلمان لهن.
لكن الحصة المخصصة للمرأة (الكوتة) لم تترجم إلى مساهمة فعالة حسبما تقول العديد من النساء اللاتي يتمتعن بعضوية في البرلمان، وأشرن إلى أن معظم عضوات البرلمان لم يفعلن أكثر من مجرد التصديق على قرارات زعماء الأحزاب التي ينتمين إليها وكلهم من الرجال.
تقول المحامية علياء نصيف جاسم “المرأة ليست فعالة في العملية السياسية أو في عملية صنع القرارات الحكومية بالرغم من المشاركة الواسعة للنساء في الحياة السياسية بعد عام 2003”.
وفي أول حكومة تتشكل بعد الغزو شغلت النساء ست حقائب وزارية لكن العدد تراجع الآن إلى حقيبة واحدة لشؤون المرأة وهي وزارة شرفية إلى حد كبير بميزانية هزيلة وعدد قليل من الموظفين.
وتقول المحامية صفية السهيل “صدقوني.. إذا ما كانت الثقافة والتقاليد والعقلية العراقية ستقبل أن يتولى رجل هذا المنصب لما منحه الرجال لامرأة”. والسهيل واحدة من 21 امرأة فزن بعدد كاف من الأصوات مكنهن من الحصول على مقاعد في البرلمان غير تلك المخصصة للنساء. وتأسف السهيل لأن النساء حرمن من الحصول على مقعد واحد في اللجان البرلمانية الرئيسية مثل لجان الأمن والدفاع والمصالحة.
وداخل البرلمان تصطدم جهود النساء لتحقيق التعاون بين الفصائل السياسية المختلفة بالنزاعات بين الشيعة والسنة والأكراد وهي النزاعات التي أصابت العملية السياسية في العراق بالشلل.
تضيف السهيل “في هذه الدورة البرلمانية لم تتمكن النساء حقا من العمل معا…هذا الصراع بين الأحزاب والكتل السياسية ينعكس على العضوات من النساء أيضا”.
لكن يد الغزو كانت حانية على النساء في منطقة كردستان شمال العراق واللاتي تحملن العبء الأكبر لحكم صدام لكن أوضاعهن الآن في ازدهار.
وتمكنت المنطقة شبه المستقلة من أن تنجو بنفسها من الاضطرابات العنيفة التي ابتلي بها باقي أنحاء البلاد وأصبحت منذ ذلك الحين ملاذا للكثير من النساء والرجال العراقيين العرب على حد سواء.
وحظيت حكومة كردستان بالاشادة عام 2011 حينما أقرت قانونا يجرم العنف الأسري وجرائم الشرف وختان الإناث لكن نشطاء وجماعات لحقوق النساء يقولون إنه لا يزال هناك المزيد من الجهود المطلوبة في هذا الصدد.
وفي بغداد تقول مجيد إنه يجب على النساء ألا يستسلمن. وتضيف “يجب ألا تكف النساء في العراق عن محاولات استعادة حريتهن…اعتقد أن علينا أن نواصل التعبير عن رأينا إن لم يكن من أجل أنفسنا فلخاطر بناتنا”.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب