14 يناير، 2025 10:11 م

من سورية والسودان إلى إفريقيا .. التصعيد الإقليمي يُزيد من مخاوف عودة التنظيمات المسلحة المتطرفة !

من سورية والسودان إلى إفريقيا .. التصعيد الإقليمي يُزيد من مخاوف عودة التنظيمات المسلحة المتطرفة !

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

وسط توترات متسارعة تشهدها المنطقة؛ تُعاد إلى الأذهان التهديدات الأمنية التي مثلتها التنظيمات المتطرفة في الماضي، إذ تصاعدت الأنشطة المسلحة في “سورية والسودان” في الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي أثار المخاوف من عودة هذه التنظيمات إلى الواجهة.

خلال الأيام الماضية؛ كثّفت (هيئة تحرير الشام)؛ “جبهة النصرة سابقًا”، في “سورية”؛ هجماتها في الشمال والغرب، مما أدى إلى السيطرة على مناطق استراتيجية مثل “حلب”. ومازالت الحرب دائرة في “السودان” دون توقف أو هدنة.

وفي تعليقه؛ يشُير الكاتب والباحث السياسي؛ “خير الله خير الله”، إلى أن هذه التطورات تعكس الظروف المواتية لعودة الجماعات المتطرفة، والتي غذّتها عوامل داخلية وإقليمية.

ويرى “خير الله”؛ أن النظام السوري يسَّاهم في تكوين بيئة ملائمة لهذه التنظيمات، نتيجة رفضه تنفيذ الإصلاحات الشاملة وقرارات “مجلس الأمن”، بما في ذلك القرار (2254).

الاستثمار في الفوضى..

من جانبه؛ يؤكد “محمد خير العكام”، عضو “مجلس الشعب” السوري، أن بعض الأطراف الدولية، مثل: “الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل”، تستثمر في استمرار الفوضى عبر دعم هذه التنظيمات، ما يجعل الحلول العسكرية وحدها غير كافية.

ويُضيف أن الأطراف التي تُعرقل إنهاء الحرب تستغل التطرف لتحقيق مصالحها، مشددًا على ضرورة اتباع نهج شامل يُعالج الجذور الفكرية والاجتماعية لهذه الظاهرة.

تحويل “السودان” إلى بؤرة للصراع..

في “السودان”؛ يبرز مشهد مختلف ولكن لا يقل خطورة، إذ كشف قيادي إخواني عن تدريب عشرات الآلاف من الشباب للقتال، ما ينُذر بتحويل “السودان” إلى بؤرة جديدة للصراعات المسلحة.

ويُشير الكاتب السوداني؛ “ماهر أبو الجوخ”، إلى أن التنظيمات المتطرفة التي سيّطرت على الحكم لعقود لا تزال تُهدد الأمن والاستقرار.

ويرى أن خطاب “عبدالحي يوسف”؛ أحد الشخصيات البارزة في المشهد السوداني، يهدف إلى تجنيد مقاتلين تحت ذرائع دينية وإشعال نزاعات جديدة، في الوقت الذي تسعى فيه هذه الجماعات لإفشال أي جهود نحو تأسيس حكم مدني ديمقراطي.

تدفق الأسلحة..

وفقًا للدكتور “حسان القبي”، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، فإن “تركيا” تُعدّ فاعلًا رئيسًا في دعم فصائل مرتبطة بالإسلام السياسي، خصوصًا في “إدلب”، حيث تُمنح هذه الجماعات حماية سياسية ولوجستية.

كما يُشير إلى أن تداعيات موجة الإسلام السياسي التي رافقت أحداث “الربيع العربي” أسهمت في تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى “سورية”، محذرًا من أن استمرار هذه الظاهرة سيؤدي إلى توسع نشاطات الجماعات المسلحة عبر الحدود.

تحديات واستراتيجيات المواجهة..

يرى الخبراء أن التصدي لهذه التنظيمات يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تشمل مكافحة الفكر المتطرف وتجفيف مصادر تمويل هذه الجماعات.

ويشدَّد “خير الله” على أهمية منع تشكيل: “أرضية خصبة” لهذه التنظيمات، بينما يدعو “أبو الجوخ” إلى التركيز على التصدي الفكري قبل المواجهة العسكرية، لتجنب استقطاب المزيد من الشباب.

في ظل هذه الأوضاع المتفاقمة؛ تبدو المنطقة أمام تحديات جدية تُهدد استقرارها. ويبقى التساؤل: هل تنجح القوى الإقليمية والدولية في مواجهة هذا التهديد، أم أن المنطقة تتجه نحو حقبة جديدة من عدم الاستقرار والفوضى ؟.

خطورة مناطق النزاع والفراغ..

من جهته؛ أوضح الدكتور “طالب إبراهيم”، أن مناطق النزاع والفراغ الأمني؛ تُعتبر بيئة خصبة لنشاط التنظيمات المتطرفة.

وأشار إلى أن: “الجماعات المسلحة في سورية، مثل (داعش) و(جبهة النصرة)، استغلت غياب الدولة المركزية لتحويل مناطق واسعة إلى ساحات نفوذ”.

وأضاف أن عودة هذه الجماعات ترتبط بعوامل مثل الأزمات الاقتصادية، الحروب الإقليمية، وفشل بناء نظام أمني قومي عربي مشترك، داعيًا إلى تعزيز التعاون العربي لمواجهة هذه التحديات.

السودان”.. “الإخوان” وتجديد النشاط..

وأشار مستشار مركز (الأهرام) للدراسات السياسية والاستراتيجية؛ الدكتور “عماد جاد”، إلى أن تنظيم (الإخوان المسلمين) يُحاول استغلال الانقسامات الداخلية في “السودان” لاستعادة نفوذه.

وأوضح أن: “البيئة السياسية المضطربة في السودان توفر مساحة لهذه الجماعات للتجنيد والتدريب”.

وأكد أن الإسلام السياسي، سواء المعتدل أو المتطرف، يظل وفيًا لإيديولوجياته التي لا تعترف بالدولة الوطنية، مشيرًا إلى تجربة (الإخوان) في “مصر”، وكيف تحولوا إلى جماعة عنف مسلحة بمجرد وصولهم إلى السلطة.

قُدرة الجماعات المتطرفة على الظهور..

وحول فكرة أفول نجم الإسلام السياسي؛ يُشير الكاتب الصحافي “محمد قواص”، إلى أن هذه الجماعات تمر بمرحلة انحسار نتيجة الضغوط العسكرية والسياسية عليها، لكنه حذر من استغلال القوى الإقليمية والدولية لهذه الجماعات لتحقيق أجنداتها الخاصة.

وقال: “الجماعات المتطرفة لا تزال قادرة على الظهور في أي وقت إذا استمرت حالة الفوضى في المنطقة.. الأجندات الخارجية التي تستخدم هذه الجماعات تُضيف تعقيدات جديدة للوضع”.

ضعف الفكر القومي العربي..

وحول تأثير القوى الإقليمية في تعزيز أو كبح نشاط الجماعات المتطرفة؛ أوضح الدكتور “إبراهيم”، أن ضعف الفكر القومي العربي وغياب الإيديولوجيات الجامعة أدى إلى فراغ إيديولوجي تستغله هذه الجماعات.

وأشار إلى أن: “التنافس بين القوى الإقليمية مثل: تركيا وإيران، يسَّاهم في استمرار هذه الأزمات، حيث يسّعى كل طرف لاستغلال الجماعات المسلحة لتعزيز نفوذه في المنطقة”.

بناء نُظم سياسية وتعزيز التعاون الإقليمي..

وعن اقتراحات مواجهة هذه التحديات؛ دعا الدكتور “عماد جاد”، إلى التركيز على بناء نظم سياسية مستقرة تُحقق العدل وتلبي الاحتياجات الأساسية للمواطنين، مما يحد من تجنيد الشباب في هذه الجماعات.

وأكد “محمد قواص” أن الحل يكَّمن في تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة التطرف والتصدي للأجندات الخارجية التي تستغل هذه التنظيمات.

ترفع معنويات الجهاديين في “العراق” و”لبنان”..

الخبير الأمني العراقي؛ “فاضل أبو رغيف”، وهو أحد أبرز من فكك الهيكل التنظيمي لتنظيمي (القاعدة) و(داعش)، قال في مقابلة مع موقع (الحرة) الأميركي، إن: “المفارز الخاملة لتنظيم (داعش) في العراق، ستحظى بشيء من التحفيز بعد الأحداث في سورية”.

وبالنسبة لـ”أبو رغيف”؛ فإن ما شهدته “سورية”، خلال الأيام الماضية، سيرفع من معنويات جماعات جهادية في “العراق ولبنان”، ودول أخرى.

لكن هناك من يرى أن: “المعارضة السورية”، هي فرصة للسوريين لإعادة الحياة إلى مدنُهم، في إشارة إلى “مساويء” النظام السوري الذي تسيَّطر عليه عائلة الرئيس؛ “بشار الأسد”.

فرصة لإعادة المهجرين..

“أسعد حنا”؛ مختص بالشؤون العسكرية والأمنية، يرى أن ما يحدث في “سورية”، هو نشاط لجميع الفصائل، وهو “فرصة” لإعادة ملايين المهجرين إلى بيوتهم في “حلب وحمص وحماة”.

وقال خلال مقابلة مع موقع (الحرة)؛ إن: “ما يحصل هو رسالة للعالم بأن النظام السوري غير قادر على الاستمرار، ولن تستقر سورية طالما الأسد موجود في السلطة”.

وينقل “حنا”؛ وهو باحث سوري، مشاهدات من “سورية”، ويزعم عدم وجود أي اعتداء من الجماعات المسلحة التي سيَطرت على “حلب” ومدن أخرى، على المرافق العامة أو المدنيين. “حتى المسيحيين في حلب، أكدوا ذلك وبقوا في بيوتهم تحت سيّطرة المعارضة”، وفقًا لادعاءه.

تجنيّد عناصر جديدة..

مراقبون يرون أن استغلال الجماعات الجهادية للوضع السوري؛ لا يقتصر على العمليات المسلحة فقط، بل يمتد إلى تجنيد عناصر جديدة. ويُعدّ الفقر والبطالة والنزوح الناتج عن الصراع المستمر بيئة خصبة لاستقطاب الأفراد، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية والدعم الحكومي.

ويُحذر “أبو رغيف”؛ من محاولات الجماعات الجهادية: “استمالة” الشباب بسبب الحاجة المالية، وضمهم إلى تنظيماتها، مما يُزيد من قوتها ونفوذها في المنطقة، على حد قوله.

وأظهرت التطورات الأخيرة في “سورية” أن خطر الجماعات الجهادية لم يتراجع بالكامل، بل ربما أصبح أكثر تعقيدًا نتيجة لتغير طبيعة النزاع في المنطقة.

إنتاج تموضّعات جديدة في الجغرافيا السورية..

وقال “فراس إلياس”؛ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة (الموصل)، المدينة التي شهدت إعلان: “دولة الخلافة”؛ بزعامة “أبو بكر البغدادي” عام 2014، إن: “تمكن هذه الجماعات من إعادة إنتاج نفسها، ضمن الخارطة العسكرية والميدانية في سورية، سيوفر لجماعات مسلحة أخرى ناشطة إلى إعادة إنتاج تموضعات جديدة في الجغرافية السورية”.

وأضاف أن: “تحركات هذه الجماعات، مرتبط بشكلٍ أو بآخر بدور الفواعل الإقليمية، روسيا وتركيا وإيران”.

وفي المقابل؛ مثلما هناك مخاوف من تمدَّد الجماعات الجهادية أو إعادة نشاطها، تبرز مخاوف بشأن الدور الإيراني والجماعات المسلحة التابعة لها في المنطقة، خاصة “سورية”.

ولعبت هذه الجماعات دورًا كبيرًا في الحرب السورية منذ عام 2011، ومكنت نظام “الأسد” من الاستمرار في حكم البلاد، رُغم الهزات العنيفة التي تعرض لها.

ويعتقد “أسعد حنا”؛ أن تُحفز الأحداث في “سورية” ما أسماها: “الجماعات المعتدلة” في دول النزاع، ويرى أن ما يحدث فرصة: “ذهبية” لإعادة الاستقرار للشرق الأوسط، خاصة مع قرب استلام إدارة “ترمب” السلطة في “الولايات المتحدة”.

مخاوف من الامتداد إلى “إفريقيا”..

لا تقتصر تداعيات الأحداث في “سورية” على المنطقة فحسّب، بل يمكن أن تمتد إلى “إفريقيا”، حيث تربط بعض الجماعات المسلحة هناك علاقات غير مباشرة مع التنظيمات الجهادية النشطة في “سورية”.

وفي أوقات سابقة؛ استفادت الجماعات الإرهابية مثل (داعش) و(هيئة تحرير الشام) من الانهيار الأمني في “سورية” لإعادة تنظيم صفوفها وتوسيع نطاق عملياتها. ورُغم الخسائر التي تعرضت لها في السنوات الأخيرة، لا تزال هذه الجماعات تمتلك خلايا نائمة وشبكات دعم في العديد من المناطق.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة