خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ما إن اندلعت قضية “الجولان” السورية؛ التي احتشدت لها التصريحات المدينة والشاجبة الرافضة لإعتراف الرئيس الأميركي،” دونالد ترامب”، بتبعية “الجولان” السورية لـ”إسرائيل”، إلا أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، استغل هذه القضية استغلالًا قد يحقق أهدافه التي يرنو إليها، خاصة في الانتخابات المحلية التركية؛ ليتمكن من تحقيق نتائج مرضية ليفوز حزبه.
“إردوغان” أعلن، السبت الماضي، عن نيته بنقل ملف “الجولان” السوري المحتل إلى “الأمم المتحدة”، على خلفية تغريدة “ترامب”؛ بأن الوقت قد حان للإعتراف بالسيادة الإسرائيلية على “الجولان”.
وأكد الرئيس التركي بأن هذه التصريحات، من قِبل “ترامب”، تجر المنطقة إلى شفا أزمة خطيرة، وهو ما لا يمكن القبول به.
وعاد، أمس، في معرض حثه المواطنين على المشاركة في الانتخابات والتصويت لحزبه، “العدالة والتنمية” الحاكم، خلال تجمع جماهيري في ولاية “آدييامان” جنوب شرقي البلاد، ليعلن أن “تركيا” لن تقف مكتوفة الأيدي أمام قرار “ترامب” حول “الجولان” المحتل.
دفعت التصريحات والحرب الكلامية السابقة، بين “إردوغان”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، الجميع إلى التكهن حول الهدف من هذه التصريحات، وعن الفوائد والخسائر التي يحققها كل طرف من الأطراف المعنية.
يزايد على حماقة “ترامب”..
تعليقًا على ما يتبعه “إردوغان” من سياسات مستغلة لكافة المواقف، يقول “إسلام فكري نجم الدين”، الباحث في الشؤون الإقليمية، أن “إردوغان” كعادته يأتيه “الزهايمر السياسي” حين يريد أن يستغل موقف دولي لمصلحة نفسه ولمصلحة “تركيا”، فـ”إردوغان”، المحتل لـ”لواء الأسكندروني” السوري، منذ عهد “أتاتورك” كهدية فرنسية لتركيا، وهو من يحتل “عفرين” والشمال الشرقي السوري بزعم تطهيره من الأكراد أو الـ (بي. بي. كي)؛ ويدعم (جبهة النصرة) وتنظيم (داعش)؛ ويشتري النفط من (داعش) عن طريق ابنه؛ ويحاول أن يزايد ويستغل حماقة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ويدين قرار ضم “الجولان”، وهو يريد لتلك النقطة أن تكون محور مفاوضات بينه وبين “ترامب” في ظل توتر الأوضاع بين “الولايات المتحدة” و”روسيا”، ولا سيما الرفض الأميركي لصفقة (s-400) الروسية؛ وربط إلغائها بتسليم المقاتله الخفية (f-35) إلى “تركيا”، ورفض “إردوغان” التنازل عن إمتلاك (s-400).
لرفع شعبيته قبل الانتخابات..
وأضاف “نجم الدين”؛ أن “إردوغان” يرغب في رفع شعبيته الداخلية قبل الانتخابات الداخلية واستمراره في الحرب الكلامية ضد “بنيامين نتانياهو”، على (توتير) والإعلام الغربي، ليظهر “الخليفه التركي” بمظهر المعادي للصهاينة مع أن العلاقات التجارية “الإسرائيلية-التركية” لا تزال في أعلى مستوياتها.
وموضحًا؛ أنه يجب على الدول العربية كشف التدخل التركي في البلاد العربية، والعمل على تدعيم أواصل العمل العربي وعدم استغلال أحد للمشاكل العربية.
يرفع أسهم “نتانياهو” في الداخل الإسرائيلي..
من جانبه؛ يرى المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والخليج، الدكتور “نضال السبع السبع”، بأن الأمر لا يتعدى الحملات الانتخابية للمسؤولين، فقال: “الأمر الغريب هو أن السجال بين، رجب طيب إردوغان، ونتانياهو، يكون باللغة العربية، فليس من المنطق أن يكتب إردوغان تغريدته باللغة العربية، ويرد عليه نتانياهو باللغة العربية أيضًا، وكأنهم يريدون مخاطبة العالم العربي، عمليًا كلما هاجم إردوغان، نتانياهو، يقوم برفع أسهم الأخير ويدعمه انتخابيًا في الداخل الإسرائيلي، وكلما رد نتانياهو على إردوغان، ترتفع الأصوات الداعمة لإردوغان داخل المجتمع التركي، وجميعنا شاهدنا الاستخدام الرخيص من قِبل إردوغان لحادثة نيوزيلندا، على الرغم من عدم وجود أي ضحايا أتراك في تلك الحادثة”.
مضيفًا؛ أن الأمر اللافت أيضًا هو تدخل “إردوغان” في شؤون أراضي “سوريا”، وهو صاحب الدور الأكبر في إيصال “سوريا” إلى هذه المرحلة، من خلال دعمه للتنظيمات والعناصر الإرهابية خلال ثمان سنوات، فـ”إردوغان” يعزف على وتيرة “الجولان”، لأنه يدرك أن الداخل التركي يرى في “الجولان” وفي “القدس”، أراضي إسلامية.
“إردوغان” نفسه يحتل الأراضي السورية..
ويتابع “السبع”؛ “إردوغان” نفسه يحتل الأراضي السورية، ويهدد بإجتياح “شرق الفرات”، ويثير مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، “بالنسبة لي لا فرق بين الاحتلال التركي أو الإسرائيلي، وكلاهما يدعم التنظيمات الإرهابية، واللاعب الأميركي يشجع الطرفين على قضم المزيد من الأراضي السورية”.
حرب كلامية..
ويعتقد “السبع”، بأن السجال “الأميركي-التركي”، هو عبارة فقط عن “حرب كلامية”، ويوضح: “لا توجد أية مواجهة بين تركيا والولايات المتحدة، عمليًا، إردوغان، منذ عام 2011، وهو ينسق جميع عملياته الأمنية والعسكرية مع الأميركيين، وبعد قضية خاشقجي كان هناك تناغم كبير بين الطرفين، لا سيما إعلاميًا، وكل الأحاديث حول وجود أزمة بين الجانبين على صفقة المنظومة الروسية، (إس-400)، أو صفقة الطائرات، (إف-35)، ليس لها أي أساس من الصحة”.
تغيير القواعد السياسية..
في المقابل؛ أفاد الكاتب والباحث السياسي التركي، “فراس أوغلو”، بأن الأمر لا يتعدى أهمية الأراضي الإسلامية بالنسبة للرئيس التركي، موضحًا أنه يمكن أن تكون هذه التصريحات ذات فائدة انتخابية، لكنها لم تكن أبدًا لهذا الهدف، كونها لم تكن مرتبة، فجميع الأطراف ستحاول استخدامها لمصلحتها، لكن هناك قراءة إستراتيجية هي الأهم، فعندما توافق “الولايات المتحدة” على مثل هذا الشيء، فهي تمنح أراضٍ ليست لها، فمن ناحية هذا يؤدي إلى تغير في القواعد السياسية والقوانين الدولية حسب إرادة “ترامب”، ومن الناحية الإستراتيجية يؤدي إلى أن تصبح “إسرائيل” أكبر، وهذا لا يناسب “تركيا” أو أيًا من الدول الأخرى في المنطقة، وهنا يكمن لب وجوهر تصريحات الرئيس التركي.
ويؤكد على أن “تركيا” هي رئيسة “منظمة التعاون الإسلامي” الآن، وعليها أن تدافع عن الأراضي الإسلامية، إن صح التعبير، وفي حال لم تعترض “تركيا”، فهذا يعني أن جميع الأمور الأخرى ستوافق عليها، مثل “قضية القدس” و”فلسطين” وقضايا أخرى، وهذا الأهم في هذه الرسالة.
تركيا لا يمكنها مقارعة أميركا..
ويرى “أوغلو” أن هناك مشكلة بين الإدارتين، وأن “تركيا” غير قادرة على مواجهة “أميركا”. مضيفًا أن “الإدارة الأميركية جديدة بالأفكار، ولا يوجد لديها أية روابط أو قواعد تمشي عليها، وأعتقد بعدم إمكانية تركيا مقارعة دولة عظمى كالولايات المتحدة، ولكن تركيا لن تخضع لجميع الشروط، بل ستحاول أن تماهي بين الشروط الواقعية وغير المقبولة بالنسبة لها، فتركيا قالت أعطونا (الباتريوت)؛ وهم لم يعطوها، لذلك اشترينا منظومة، (إس-400) الروسية، ولا تلومونا، فهم يعلمون أن استقرار تركيا يتطلب تغطية نقاط ضعفها، وهو مهم جدًا لها، ومن هذه النقاط الدفاع الجوي، وعندها ستكون تركيا أكثر قدرة على الضغط عليهم”.