4 فبراير، 2025 9:48 م

مع (كتابات) .. السيد “جعفر الصدر” : نظام “صدام” كان نظامًا “شخصيًا ديكتاتوريًا” فلا يمكن أن نحمل حزبًا مسؤولية ما أقترفه ! (2 – 2)

مع (كتابات) .. السيد “جعفر الصدر” : نظام “صدام” كان نظامًا “شخصيًا ديكتاتوريًا” فلا يمكن أن نحمل حزبًا مسؤولية ما أقترفه ! (2 – 2)

  • دخولي إلى البرلمان كان خطأ واستقالتي منه تصحيح لذلك الخطأ
  • العملية السياسية داخل العراق ما بعد الاحتلال لا تستهدف بناء وطن أو دولة !
  • ينبغي أن يكون الدستور بلا ثغرات ومتوافقًا عليه من كل الشعب وليس حَمال أوجه
  • عزفت عن أي منصب سياسي في المستقبل ولو بقي المسؤول رهين المحاصصات فلن يقدم شيئًا للعراقيين !

خاص : حاوره في بيروت – هاشم الشماع :

في هذا الجزء الثاني من حواره مع (كتابات)، يروي السيد، “جعفر الصدر”، كيف دخل إلى العملية السياسية، وعندما شعر بأنه أخطأ واجه نفسه والناس بشجاعة، وإنسحب منها وعدّ استقالته منها تصحيحًا للخطأ، كما تحدث عن مشروع الشهيد “الصدر الثاني”.. وأوضح وجهة نظره نحو قضية إقصاء “البعثيين” وغيرهم من العملية السياسية، وكيف يرى تلك العملية ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق؛ ودور هذا الوطن بكل ما يحمله من ثقل تاريخي وموقع إستراتيجي حيال جيرانه إقليميًا.. وأمور أخرى كثيرة…

مشروع الشهيد الثاني..

(كتابات) : يحمل السيد “جعفر الصدر” إرثاً سياسياً وعلمياً وتأريخياً عظيماً وكبيراً.. بالإضافة إلى اسم يؤهله أن يكون علماً عراقياً متميزاً.. لماذا لم يفكر السيد “جعفر” أن يؤسس لمشروع خلاص في العراق ويضع بصمة، وإذا كان لديه مثل هذا المشروع المستقبلي.. فما هو ؟

  • إن مشروعي يقوم على دعم أي مشروع أو توجه أو فكرة تعود بالنفع والفائدة على شعب “العراق” وعلى الدين والمذهب، وإني أُفضل أن أُقدم خدماتي من خلال مشروع موجود على أرض الواقع، ولا أستطيع أن أبادر إلى تقديم مشروع معين ما لم تتوفر شروط ومقدمات عدة.. أولها قناعتي بالمشروع وأن يملأ وجداني، والأمر الآخر هو المشروعية الدينية له..

هذان الأمران وجدتهما بوضوح في مشروع السيد الشهيد “الصدر الثاني”، قدس سره، وأكرر، (بوضوح)، ولذلك أقدمت على هذا المشروع وعملت وأسهمت فيه بكل فرح وأنس، وكنت مستعداً أن أقدم أي شيء في سبيله.. كنت أشعر أن حركاتنا وسكناتنا وأعمالنا كلها في عين الله ولأجل رضاه سبحانه وتعالى، صراحة بعد السيد الشهيد لم ألمس أن هناك مشروعاً يلبي هذين الشرطين، والكثير من الإخوان والأصدقاء يناقشونني في كثير من الأحيان في هذا الجانب، فأقول لهم إذا تحقق هذان الشرطان فأنا مستعد للمضي في مثل هذا المشروع، وسأدعم أي مشروع قائم، ولكن يؤسفني أني لم تتولد لدي قناعة بأي مشروع مطروح، والمشاريع الموجودة حالياً فيها جوانب إيجابية وأخرى سلبية.. جوانب تقنعني وأخرى لا تقنعني وبعضها يمتلك غطاءً شرعياً، وبعضها الآخر لا يمتلكه، لكن المشاريع كثيرة، فهناك مشاريع قريبة إليَ وأخرى بعيدة عني، ولهذا قلت إنني، بعد غياب السيد، شعرت باليتم.

إنسحاب عاصف من البرلمان..

(كتابات) : دخلت، قبل مدة، المعترك البرلماني وكنت عضواً في مجلس النواب وحصلت في بغداد على 23 ألف صوت، وكان يتردد في الأوساط الإعلامية، ولدى المراقبين أن العراق، لو كانت دائرة انتخابية واحدة لكان السيد “جعفر الصدر” حصل على أصوات تفوق الآخرين، ولكنك، بعد مدة، قدمت استقالتك من البرلمان، وأحدث ذلك ضجة في الرأي العام العراقي، لماذا دخلت مجلس النواب ولماذا استقلت ؟

  • أعترف أن دخولي معترك السياسة، ومجلس النواب، كان خطأ واستقالتي كانت نوعاً من تصحيح الخطأ.

العملية السياسية فاشلة..

(كتابات) : هذا اعتراف من جنابك، وأتحدى أي سياسي، أن تكون له مثل هذه الشجاعة !؟

  • ربما كان لدخولي مصلحة من نواح عدة.. فهو أتاح ليَ الإطلاع، بنحو واضح وقريب، على العملية السياسية التي أنشئت أثناء الاحتلال واستمرت بعده، وأن تسمع ليس كما ترى، على الرغم من أن المدة التي بقيت فيها كانت قليلة؛ إلا أنني أستوعبت الكثير من داخلها ووجدت أنه لا توجد دولة تنشأ ولا هناك هم اسمه “العراق” و”الوطن” و”الشعب”، والجميع كانوا يسعون إلى تحصيل المنافع الشخصية؛ مع احترامي للقليل الذين يحملون هم الوطن، ولكن هؤلاء القلة لا يستطيعون أن يعملوا شيئًا أو يخلقوا شيئًا لوجود بنية عامة ونظام عام وتيار جارف يأخذ كل من يرى غير ما ترى الأكثرية في طريقه.. ويؤسفني أن العملية السياسية فاشلة ولن تستطيع أن تسير نحو بناء دولة المؤسسات ودولة القانون، كما يؤسفني أن هناك إخفاقات في كل مكان ويوجد إنقطاع بين الشعب وبين معظم السياسيين والمسؤولين.

الفكر لا يتحمل وزراً..

(كتابات) : أطلقت عبارة، بقيت في أذهان الناس خلال إحدى لقاءاتك الصحافية.. قلت يجب أن نفتح صفحة جديدة وأن يأخذ التسامح دوره ونبني البلد، وقد فسرها بعضهم بأنك تدعو إلى المصالحة مع “البعثيين”، فهل هذا ما كنت تريده من دعوتك حقاً ؟

  • البلد لا يمكن له أن يدار، أو أن يعبر إلى بر الأمان، ما لم يشارك جميع أبنائه في صياغة رؤية موحدة ومشتركة له وتصور عنه وما هو.. وهذه تستدعي مشاركة الجميع وعدم إقصاء أي طرف أو جهة، لا على أساس مذهبي ولا طائفي ولا عرقي ولا سياسي، أياً كان الذي يُقصى، ومن ينبغي أن يُقصى هو المجرم بحق هذا البلد؛ وهذا يجب أن يُشخص وتوجد آليات معينة للنظر في هذا الموضوع؛ لا أن يطبق التجريم بالمطلق في الصحف وفي الإعلام وتسقيط الآخرين، وإنما هناك آليات معينة من خلالها تشخص الإدانة وهو “القضاء” والتقدم بالأدلة لديه، وبالتالي يصدر القضاء قراره المناسب بحق المتهمين، سواء حكم عليهم بالإيجاب أم السلب. أما أن يُقصى فكر ويُقصى حزب ويُقصى إتجاه معين؛ فهذا “عقاب جماعي”، خصوصاً إذا طال هذا العقاب مئات الألوف أو الملايين من أبناء الشعب، فيصبح عند ذلك العقاب “جريمة”.. إذا كانت هناك ملاحظات على أفراد فيجب أن يقدموا إلى القضاء ليحاسبوا على وفق القانون.. لكن بعضهم يريد محاكمة فكر سياسي معين تبنته جماعة وأساءت استخدامه، والفكر لا يتحمل وزر ما عمله “صدام” أو نظامه، فنظام “صدام” في آخر عهده لم يكن نظاماً “بعثياً” ولا “طائفياً”، إنما كان نظاماً عائلياً شخصياً مقيتاً وديكتاتورياً، بل وحتى ليس عائلياً، لأنه نكل حتى بأفراد من عائلته أيضاً، فيصح أن نسميه نظاماً “شخصياً ديكتاتورياً”، فلا يمكن أن نحمل طائفة أو حزباً مسؤولية ما اقترفه “صدام”..

نعم.. قد تكون هناك سلبيات من بعض المنتمين إلى “البعث”، وهؤلاء يحالون إلى المحاكم لتبت في أمرهم، أما أن يحظر الحزب الفلاني في الدستور أو يجتث، فهذا غير صحيح، وحتى لو كان صحيحاً فإنه سيستخدم كأداة سياسية، ونحن ليست لدينا في مؤسسات الدولة، مع الأسف الشديد، من النزاهة ما يجعلنا منصفين في هذا الأمر، ولابد أن تحصل مساومات وتجاوزات، وسيكون هناك استغلال سياسي، لذلك نلاحظ أن هذا الموضوع لا يثار دائماً إلا قبل الانتخابات، وحتى لو كان هذا القانون منصفاً وعادلاً فلا توجد ضمانة لتطبيقه بنحو صحيح.. إن ملخص رأيي في هذه القضية؛ هو أن المجرم والسارق يُقصيان ويُبعدان، سواء كان هذا المجرم أو السارق إسلامياً أم علمانياً.. سواء كان من “حزب البعث” أم من غيره.. سواء كان له أقارب في “الحوزة” أم ليس لديه، والشخص النزيه الذي تُثبت نزاهته يجب أن يكون له فرصة ليسهم في بناء البلد.

صياغة بشرية..

(كتابات) : هل أنت من المعارضين لتثبيت هذه المادة في الدستور ؟

  • الدستور يسمح بالتعديل؛ وتوجد لجنة من الدورة السابقة لتعديل الدستور، ولكن للأسف لم تحرك ساكناً، والدستور يجب أن يُعدل في بعض مواده لوجود بعض الأخطاء والإشكاليات، وبالنتيجة فالدستور صياغة بشرية وكُتب في ظروف معينة وعلى عجل، ولا ننسى أن هناك شريحة واسعة من العراقيين لم توافق عليه، ومع هذا تم تمرير هذا الدستور.

دستورنا حمّال أوجه..

(كتابات) : هل تُفضل أن يكتب الدستور سياسيون أم فقهاء دستور ؟

  • الأهم أن يحظى الدستور برضا الشعب كله.. لكننا نرى الدستور الذي نتحدث عنه مرفوض من شريحة كبيرة من الناس له، ولنقل بصراحة إن السُنة رفضوه، ولم يكن هناك وقت لشرح مواد الدستور وتثقيف الناس عليه، وبعض دساتير العالم كُتب في بحر سنوات، وفي بعض الدول يطبقون دستورًا إنتقاليًا، تمهيدًا لكتابة الدستور الدائم، وما دمنا نُعد الدستور الحالي نافذًا فمن حقنا أن نسعى إلى تطويره، لكن المشكلة أن هذا الدستور الذي بين أيدينا غير مطبق، إلى الآن، ومؤسساته مهشمة وآلياته غير متبعة، بينما ينبغي أن يكون الدستور محكم النصوص جاد التنفيذ وليس فيه أي ثغرات ومتوافقًا عليه من الجميع ولا يكون حمّال أوجه.

التوافقات والمحاصصات لا تنفع..

(كتابات) : شاع أن السيد “جعفر الصدر” فكر أن يكون رئيسًا لوزراء العراق.. ما حقيقة ذلك ؟

  • عزفت، منذ البداية، عن المشاركة بأي منصب سياسي في المستقبل القريب أو المنظور، ورسالتي لأي شخص يرشح إلى منصب رئيس الوزراء أن يضع في ذهنه صيانة الدستور بصفة كاملة، ورعاية مؤسسات الدولة وإشراك الجميع في إدارة البلد والحزم في محاربة الفساد وإيلاء العراق الأهمية الأولى والأخيرة بغض النظر عن الجهة أو الطائفة أو الاعتبارات الأخرى التي أوصلته إلى السلطة، فإذا بقي المسؤول رهين التوافقات والمحاصصات وغيرها فلن يقدم شيئًا مميزًا ونافعًا للعراقيين.

ترميم بيت الوطن..

(كتابات) : علاقة العراق، اليوم، متدهورة مع بعض جيرانه، وخصوصاً “السعودية”.. ما هي الخطوات التي من الواجب إتباعها لتحسين علاقات العراق الأقليمية ؟

  • الخطوات الأساس تبدأ بإصلاح البيت العراقي وترميمه من الداخل وتقوية لحُمة العراقيين وتماسكهم وإحلال التفاهم والاتفاق في أوساطهم ليتوجهوا جميعَا إلى بناء بلدهم وتقديم صورة واضحة عن هوية العراق؛ لأنك عندما تفهم نفسك كعراقي تستطيع أن تعطي صورة واضحة للآخرين بدلاً من أن يكون هناك اختلاف في الداخل، لأن ذلك ينعكس على مدى احترام الخارج للداخل، وهذا يتطلب توحيد الرؤية ليكون للعراق صوت واحد يمثله في الخارج هو صوت المواطنة، وعند ذاك سيكون الانفتاح على الإقليم متوازنًا، غير أن الواقع السائد، الآن، أن العراق يعيش صراعات حادة بين القوى الدولية على أرضه، وهذه تنعكس على المنطقة ككل، وتاليًا تسمح بتأسيس المحاور التي لابد أن تنخرط فيها دول الجوار، وكان على سياسيي العراق النأي ببلدهم عن هذه الصراعات الإقليمية والتأكيد للآخرين أن تنوع المكونات في العراق لا تأثير له على وحدة الوطن والشعب، لكن ما يؤسف له أن سياسيينا عملوا خلاف ذلك.

……………………………………………

الجزء الأول من الحوار : 

مع (كتابات) .. السيد “جعفر الصدر” : عند المواجهة مع المؤامرة العالمية يجب أن تكون في تقية (1 – 2)

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة